أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - الدولة البوليسية : ان الشكل الاكثر بشاعة للقهر هو استغلال اجهزة الدولة بشكل رديء وخسيس في تصفية الحسابات مع المعارضين للظلم والفساد















المزيد.....



الدولة البوليسية : ان الشكل الاكثر بشاعة للقهر هو استغلال اجهزة الدولة بشكل رديء وخسيس في تصفية الحسابات مع المعارضين للظلم والفساد


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 5038 - 2016 / 1 / 8 - 18:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



تقدم المجتمعات النامية صورة جديدة لدولة تتسم في اغلب الاحيان بصفات خاصة مثل التقلبات الشديدة ، وببأس الاجهزة ، والتقسيم الميكانيكي للسلطة ، وسطحية العلاقة مع المجتمع ، وسيطرة العنف في العلاقات السياسية ، وغياب آلية تبدل السلطات وانتقالها وتحديد الصلاحيات وضبط الاصول ونتظامها ، حتى تبدو كما لو كانت مؤسسة غريبة عن البيئة التي تعيش فيها ، مُستلبة ايضا في ذاتها وغير قادرة على تحقيق الوظائف التي تتعلق بها كدولة .
ويترافق القمع الاقتصادي المباشر على صعيد دائرة الانتاج ، بالقمع السياسي على صعيد الدولة ، وتحل علاقة العنف داخلها وفي تعاملها مع المجتمع محل علاقة الشرعية . وينعكس ذلك على وظيفتها وعلى بنيتها في الوقت ذاته . وكل ذلك يجعلها عاجزة عن حيازة موقع مستقل لها ولنشاطها المتميز تجاه الطبقات او التشكيلات السياسية والقوى الاجتماعية الاخرى . وعجزها هذا عن الاستقلال عن الفئة الاجتماعية التي تتحكم بها ، او عن المصالح التي ’يعبّر عنها النظام ، يجعلها في الوقت ذاته بعيدة عن المجتمع ككل وغريبة عنه . فهي لم تعد وسيلة بلورة الاجماع القومي ، بل اداة من ادوات بناء العصبية الحاكمة ، ومن ثم قاعدة لتفكك عقد القومية و الوطنية .
اما السلطة او الحكومة التي تنبع عنها ، فإنها تنحل بفقدانها لعناصر تكوينها الاجتماعية والسياسية والقانونية والمناقبية ، الى قوة محضة تؤكد ذاتها بالغلبة ، وتمكن فريق اجتماعي من فريق آخر ، ولا تنطوي على اي عنصر من العناصر المادية والمعنوية التي تبرر وجودها و( تجاوزاتها ) كأداة توازن وتنسيق وتنظيم وكصلاحيات ادارية . إنها توظف ما تحظى به من الاجماع في الصراع الاجتماعي لتكوين المراتب والطبقات ، اكثر مما تهتم بحل المشاكل التقنية ، والسياسية ، والإدارية المتعلقة بسير المجتمع ، ككل وبالعمل والإنتاج . ومن هنا فإن تقدم تكوين الطبقة او النخبة التي ترتبط بالدولة كطبقة مسيطرة ومالكة ، يقابله بشكل دائم ضعف متزايد في التنظيم ، وانهيار الانتاجية والتحكم بالتقنيات . وهكذا كلما تفاقم تماثل الدولة مع النخبة السائدة الهجينة زادت فوضى الانتاج وفقد المجتمع عنصر تنظيمه الاساسي .
ولا بد في هذه الحالة من ان تتطابق الدولة كمؤسسة عامة وكسلسلة من الاجراءات والأصول والقواعد المنظمة ، مع الحكومة وما تمثله من اشخاص وسياسات ظرفية ومحدودة . وينتفي التمييز بين المجتمع المدني والمجتمع السياسي ، فيختلط العام بالخاص ، وتختلط الغلبة بالإجماع ، والقوة بالانصياع ، وتدور الصراعات الاجتماعية متجردة من اي قواعد او مبادئ ’منظّمة . ومن هنا تفقد الدولة شرعيتها كمصدر لسلطة نابعة من المجتمع ، اي خاضعة في النهاية له ، وقائمة فوقه ، اي مستقلة نسبيا عن كل فريق سياسي فيه ، ولا تأخذ شرعيتها المؤقتة والمحدودة إلا من شرعية الفريق الممسك بها ، وانفتاح او انغلاق سياساته الاجتماعية . ان الدولة لم تعد موجودة بشكل مستقل عن الجماعات الحاكمة .
هذه العلاقة الجديدة بين الدولة والمجتمع ، وبين الدولة والحكومة ، تقدم شروطا ملائمة لنمو سياسة ارادية لا تأخذ بالاعتبار التوازنات الاجتماعية الفعلية ، بل تقوم على ضرب هذه التوازنات وتحطيم المعارضات الحقيقية المختلفة . ان استمرار هذه السياسة يدعو هو ذاته الى بروز سلطة شخصية او اصطناعها ، سلطة قادرة على تحمل مسؤولية القرار من جهة ، وضمان وحدة السلطة او الغلبة داخل الدولة من جهة ثانية . ولا بد لتبرير خضوع مجموع الحكومة او الجماعة الموجودة في الحكومة اولا لهذه السلطة الفعلية ، ثم خضوع المجتمع ككل للجماعة الفعلية الحاكمة ثانيا ، من جعل السلطة الشخصية المسيطرة سلطة مقدسة ، وهذا يتطلب تطوير ايديولوجية عبادة الشخصية المسيطرة من جهة ، وتحطيم كل الشخصيات او القوى او المنظمات التي يمكن ان تنافس في شرعيتها وفي علاقتها مع الجمهور او مع الجماعة الحاكمة ، المكانة المتميزة والمتفوقة للشخص الاول الماسك بزمام السلطة الفعلية . وهذه العلاقة هي مصدر الحكم الثيوقراطي الاوتوقراطي مثل حكم الملالي في ايران ، او النازية والفاشية في المانيا وايطاليا ، او حكم ستالين في الاتحاد السفيتي السابق ، او نظام المخزن المغربي . ففي المغرب يعطي نظام البيعة ، وهي ليست بيعة الشعب ، بل بيعة الموظفين ورؤساء الجيش وأحزاب المخزن ، والنيو – مخزن للحاكم كأمير وليس كملك ، سلطات مطلقة ، غارقة في الاستبداد باسم التفويض ألإلهي ، داخل اقطاعية الحق ألإلهي ، حيث يتجرد السكان من صفة مواطنين ، وليصبحوا رعايا عبيدا عند الحاكم بأمر الله وليس بمقتضى الدستور . ان الحاكم على هذه الشاكلة ، ليس ثمرة ارادة شخصية مسيطرة ، بقدر ما هو وسيلة تصطنعها الجماعة الحاكمة الفعلية ، مثلا ( فؤاد الهمة ، الشرقي ضريس ، عبداللطيف الحموشي ، الماجيدي .. الخ ) ، لتأمين خضوع المجموع لها من جهة ، وكبديل عن ذوبان آليات ووظائف الدولة المؤسساتية من جهة ثانية ( اصبح الجيش من خلال الجنرال الهرم عروب ، وفي الغياب المستمر والطويل للملك ، خاضعا لفؤاد الهمة باعتباره مستشار الملك وباعتباره صديقه الحميم ، وخاضعا للمربع البوليسي المستفرد بالحكم وبالسلطة حيث يوظفهم للاعتداء على الناس ، ولممارسة الفساد من بابه الواسع ) .
ان عملية تكوين هذه السلطة تخضع هي ذاتها الى تطور انحلال التشكيلة الاجتماعية المحلية الذي ينجم عن دخول نمط انتاج جديد ، وهو هنا نمط الانتاج الرأسمالي ، وما يجره من اعادة ترتيب لمواقع الطبقات والمراتب الاجتماعية ، ووظائف النخب المختلفة ، وما ينطوي عليه ذلك من تحول في توزيع الثروة وسريان المعارف .
وإن تمكُّن نمط انتاجي جديد ، يفترض تكوين طبقات لم تكن موجودة من قبل ( اليساريون الذين ارتموا بدون مقدمات في حضن المخزن ) ، او تقوية مواقعها إذا كانت موجودة ، تجاه طبقات اخرى ، كما يفترض تعديلا في مراكز النخبة الهجينة ومهامها ، وكل ذلك لا يمكن ان يحصل دون اعادة توزيع الثروة والمعرفة . وحتى تتحقق هذه العملية لا بد من تعليق الدستور ، اي من طرف يسمح بتجاوز كل القواعد والأصول المتبعة من قبل ، أكان ذلك باسم مبادئ جديدة ، ام بدون ذلك . إذن هناك حقبة من اللاّتحديد ومن " الحرية " المطلقة التي تشبه حرية حياة الغابة ، هي التي تتيح تغييرا اساسيا في المواقع والمراتب .
ان الحكم المطلق هو الذي يخفي بمظهره السياسي التحكمي ما يحدث على صعيد المجتمع ، صعيد انتقال الثروة والمعرفة ، من انفلات كامل من كل قانون ومن كل محاسبة ، ومن كل تنافس مشروع وتزاحم لا حد لهما . ان العناصر والقوى التي تستفيد من هذه الحقبة وتسيطر عليها ، هي تلك التي تسلك سلوك الحاكم المطلق على صعيد المجتمع ، وتتجرد من كل شريعة او قانون او اخلاق . اما القوى الاخرى التي بقيت متمسكة لاستفادتها من النظام السابق او لخوفها من نتائج السباق القائم ، بالقيم والعادات والأخلاق والمبادئ ، اي بقاعدة للفعل والسلوك ، فإنها تجد نفسها تفقد اكثر فأكثر مواقعها وتنهار مصالحها .
ان الحكم المطلق بالمغرب ، لا يعبر عن تعاظم قوة وهيبة الدولة وقانونها ، بل هو يعكس ضعف الدولة المتعاظم ، وزوال دورها وفعاليتها الاجتماعية في المستقبل المنظور ، وبالتالي بروز قانون واحد للممارسة الاجتماعية ، هو العنف المجرد من كل قانون ( قمع وضرب الاساتذة والأطباء وكل من يرفع راية الاحتجاج ، ويرفض الركوع والخضوع ) . وعندئذ كل دراسة للسياسة على صعيد الدولة لا معنى له إلا بقدر ما هي وسيلة لتحليل تقنين العنف وإدارته وأدواته ومخلفاته السلبية .
وآليات العنف تختلف حسب الميدان الذي يتحقق فيه انتقال المراكز والمناصب وصكوك الملكية والقوى الشرائية ...لخ ، فهو ليس القتل دائما وبالضرورة رغم انه لا يزال موجودا ، وهو لا يصل الى هذا السلوك الحدي إلا عندما تبدأ الفئات التي تتعرض له بالمقاومة وترفض الاستسلام له . والعنف يمكن ايضا ان يكون فكريا ، كما يمكن ان يكون سياسيا او اقتصاديا . انه حرمان فئة او طبقة او جماعة من التعبير بشكل او بآخر عن نفسها ومصالحها وشخصيتها ، او فرض تعبير ايديولوجي اجباري عليها ، او اكراهها على التعبير عن نفسها من خلال شكل ايديولوجي لغوي او فكري معين ، وهو ايضا حرمانها من حق التعبير السياسي المنظم او المستقل ، وإجبارها على الانخراط في تنظيم او العمل بدون اي تنظيم ، وهو كذلك نزع الملكية بطرق احتيالية ، او فرض شروط جديدة على التمتع بها ، او التلاعب بالآليات المصرفية من قروض واعتمادات لدعم فئة ضد اخرى ، او فرض القوة او الضريبة التي تتيح لفئات اخرى تحسين مواقعها على حساب غيرها ، او التحكم بسياسة الرواتب والأجور والمكافئات والعلاوات والمنح والمهمات .
ومن ذلك نفهم ان وظيفة العنف الاجتماعي ، هي دائما تغيير الواقع والمراتب والأدوار الاجتماعية لمختلف القوى المكونة للمجتمع . وقد يؤدي هذا التغيير الى تكوين فئات جديدة ، وقد يكون مجرد اعادة اقتسام للثروة والمعرفة ، فهو مبدأ الثورات العادلة كما هو مبدأ تكوين الطبقات الجديدة .
ولفهم حدود هذا العنف وغاياته لا بد من تحليل صيرورة التحول القائمة اليوم في العالم الثالث ، وهي في نظرنا صيرورة تاريخية مرتبطة بتوسيع نمط الانتاج الرأسمالي المشوه ، وبما يقتضيه هذا التوسع من تكوين طبقة اجتماعية تضمن نمو العلاقات الجديدة ، وتحملها في فعاليتها الاجتماعية كطبقة رأسمالية ، اي مرتبطة بعملية تراكم واستثمار ودورة راس المال . لكن هذه الوظيفة لها خصائص متميزة هنا عمّا كان لديها في بداية تكون النظام الرأسمالي ، إذ ليس من المطلوب ان تعيد الطبقة الرأسمالية بالمغرب تراكم راس المال كما حدث لسابقتها الغربية ، بل تحقيق استهلاك هذا الرأسمال وتصريفه ، إما على شكل استهلاك مباشر ( شراء حاجات تلبي الرغبات المادية او حاجات الأبّهة الاكثر من الكمالية للملك وحاشيته واسرته ) ، او غير مباشر ( شراء آلات ومعدات ومصانع تلبي حاجة الرأسمال في المركز الى التراكم ، لا حاجة المجتمع الفعلية حيث تقام هذه المنشئات مثل الاستحواذ على مصادر الطاقة ) .
وان تطور نمط هذا الاستهلاك يطور معه باستمرار آليات اعادة التوزيع الجديدة ، ويتطلب تركيزا متزايدا للثروة والمعرفة في ايدي الاقلية الاقطاعية و الاجتماعية المندمجة اكثر في دورة الرأسمال العالمي مثل الهولدينغ الملكي ، بينما يخلق من الجهة الاخرى اغلبية اجتماعية ’مستبعدة تدريجيا وكليا عن دورة الثروة والمعرفة الوطنيتين . ويمكن القول هنا ، أن تفتت الدولة والقانون ، واستفحال العنف وسيطرته على كل مناحي الحياة الاجتماعية ، يرتبطان بالدرجة الاولى بأشكال تطور هذا الاستهلاك ، وأنماط التوزيع غير المتكافئ المتزايدة . والطبقة المسيطرة تتطابق وتتماثل مع الدولة بقدر انهيار القاعدة القانونية لهذه الدولة ، وبقدر سيادة آلية العنف ، وهذا التطابق ينطوي هو نفسه على تحول الطبقة المسيطرة من طبقة متميزة متعددة الاطراف ومختلفة التكوينات ، اي منقسمة على نفسها ، الى طبقة – نخبة – يقرب فيما بينها تطابق المصالح ، ويدعم وحدتها عداء المجتمع بأغلبيته لها .
ففي المرحلة الاولى ومن توسع النمط الرأسمالي في التشكيلات الاجتماعية التقليدية ، يؤدي التناقض بين مصالح النخب القديمة والجديدة الى خلق ميزان قوي يعمل نسبيا لصالح الاغلبية الاجتماعية ، ويمنع اتحاد جميع اطراف النخبة ضد المجتمع . ويقتضي حل هذا التناقض الحفاظ على الحد ادنى من الدولة ، اي من صعيد اجتماعي قانوني وأخلاقي تخضع له كارهة او بإرادتها جميع الاطراف . وتتراكب في هذه المرحلة الاشكال القديمة للإجماع الوطني الايديولوجي ، والاعتراف المتبادل السياسي ، والتسوية الاقتصادية مع الاشكال الحديثة ، وتفضي الى قيام تراتب مقلق للطبقات و الفئات الاجتماعية المهتمة . ان المرتبية الاجتماعية تفقد هنا ولا شك مصدر نموها وإعادة تكوينها ، لكنها تظل تفعل مع ذلك ، وتنظم تحويل الثروة والمعرفة بشكل تدريجي الى الطبقات الجديدة .
لكن ما ان تضعف النخبة التقليدية وتفقد وزنها الحاسم في الساحة السياسية ، حتى يصبح من الممكن تحطيم القشرة القانونية التي بقيت تعيق حتى الآن الانتقال السريع للثروة والسلطة والمعرفة الى النخبة الجديدة . هذه القشرة هي بالضبط الدولة القانونية التي تتخلى عن مكانها لصالح دولة هي اولا او اخيرا ادارة لوسائل العنف الشامل .
ويمكن القول ان الدولة التابعة تتسم في مرحلتها الاولى بالهيمنة النسبية للفئات التقليدية على الصعيد السياسي ، في حين ان عملية خلق النخبة الجديدة تنزع سالفتها شيئا فشيئا كل المواقع الاقتصادية . وفي هذه الحالة يتخذ العنف شكلا سياسيا ايديولوجيا بالدرجة الاولى ، في حين أنّ تحول الثروة والسلطة يبقى ضمن ما يسمح به ميزان القوى في الساحة ، ولا يأخذ الاغتصاب والنهب هنا في هذه المرحلة شكلا سافرا وعاما .
ان الدولة تظل هنا ساحة لصراع مجموعات ضغط مختلفة ، لكنها لم تصبح بعد طبقة / دولة . ونمو البيروقراطية العسكرية فيها ينم عن صعوبة الوصول الى تسوية بين مجموعات الضغط هذه ، وبداية تفكك آليتها كمؤسسة عامة . ان الاستنتاج السياسي العلمي الذي وصلنا له من خلال هذا التحليل ، هو ان الدولة في المغرب ، في ما بعد الدولة الاستعمارية لا تُعبّر عن سيطرة طبقة واحدة ،وإنما عن مصالح ثلاث طبقات ، هي البرجوازية المحلية ، والبرجوازية الدولية ، والملاّك العقاريين . وهذا يقود الى القول بان الدولة تتحول هنا الى جهاز توسط بين هذه الطبقات ، مما يعطي للبيروقراطية العسكرية دورا متعاظما يؤكد حيادية الدولة بالنسبة لها . الم يقل الحسن الثاني لقادة الجيش اتركوا السياسة واهتموا بالثروة ؟ . وفي الواقع تنطوي الدولة المغربية في داخلها على عنصر تنسيق وتوسط لا بد منه لضمان سيطرة مجموع الطبقة او الطبقات الحاكمة ، وإن سيطرة البيروقراطية العسكرية يعكس في الدولة التابعة عجز الطبقات العليا عن توحيد سلطتها الخاصة دون اللجوء الى العسكر . وما تقوم به البيروقراطية العسكرية ، التي تصبح فئة اجتماعية جديدة بين الفئات الحاكمة ، ليس هو في الواقع توحيد كلمة وسلطة الفئات السائدة ، وإنما الحفاظ على هذه السلطة رغم تناقضاتها في وجه الفئات والطبقات الاخرى المنتجة والمعارضة .
وبسبب ما تتمتع به البيروقراطية العسكرية من قدرة على القمع الذي يصل الى التصفية والقتل ، واستخدام العنف المفرط او التلويح به عند الحاجة الملحة ، فهي تأخذ اكثر فأكثر دورا اساسيا في الدولة التابعة الى المرتبطين بها . وهكذا تتطابق الدولة مع الطبقة ، ويتطابق الانتاج مع العنف ، لكن يجب الحذر عند استعمال كلمة البيروقراطية العسكرية ككلمة مطابقة لكل انواع الحكم الديكتاتوري المطلق . ان دولة العنف والقمع والاغتيالات لا تقوم دائما وبالضرورة على الطغيان العسكري ، وإن كانت لا تستطيع الاستغناء عنه .
وبقدر ما تصبح المكانة التي تحتلها طبقة او فئة اجتماعية معينة في الدولة ، هي التي تحدد وضعيتها الاجتماعية ، وغالبا ايضا ، وضعيتها الاقتصادية ، فإن الصراع على السلطة يصبح العامل الذي يشترط ويتحكم بكل فعالية اجتماعية فكرية كانت ام مادية . وتبدو الدولة عندئذ كمجرد رافعة للطبقات وللنخب المتجددة ، وهذا ما يفسر الهشاشة الكبيرة للحياة السياسية في البلاد من جهة ، وسيطرة هذه الحياة المفرطة على كل نواحي النشاط الفردي والاجتماعي . وليس الاحزاب السياسية هنا إلاّ طفرات سياسية تعيش على هامش الحزب الاساسي الذي هو الدولة ذاتها ، وليس لهذه الاحزاب خارج اطار تعايشها او تنافسها مع الدولة اي حياة ثقافية سياسية اجتماعية مستقلة ، وخاصة ان الجدل الاجتماعي يظل هنا بالدرجة الاولى جدلا سياسيا ، مما يفقر المجتمع من الابداعات النظرية والعلمية والتقنية ، ويعطي لصراع الطبقات والبرامج الاجتماعية شكل الصراع بين الدولة والشعب ، وهذا يمنع الوصول الى اي تركيب او تسوية
ان الاستثمار السريع لميزان القوى ، وتوظيف اقل المكاسب في تحسين الصورة ، او المواقع الاقتصادية لإفراد وفئات النخبة الهجينة ، لا تعكس هذا الجدل الاجتماعي المسدود فقط ، ولكنها تبين ايضا المنطق الداخلي للنظام ككل : منطق الكسب والصعود السريع .ان وتيرة البحث عن التحقيق السريع والمردود الفوري هذه ، تجعل النظام السياسي المغربي ، يعيش بأكمله بمنطق ما قبل تاريخ المجتمع ، اي نظام فيودالي قروسطوي ينتمي الى ما قبل العصور الحجرية ، حيث تتركز سمات العبودية بشكل بارز .
وينعكس ذوبان الدولة في تزايد انعدام الاجماع ، والعجز عن انجاب قيم مشتركة موجّهة ، هي معيار كل نزاع ومبدأ وضع حدّ له في الوقت ذاته ، وينعكس كذلك في تحلل السلطة من ضوابطها القانونية والمعنوية ، وفي تحولها الى قوة خالصة تترجم فورا الى منافع في الحياة اليومية ، او الى مكاسب معنوية . فالمسئول لا يكتفي بالحصول على المسؤولية ، ولكنه مدفوع الى اذلال الآخرين والتنكيل بهم ، ليحقق سلطته في شكلها الاكثر فجاجة وقبحا ، وصاحب الثروة لا يقبل إلاّ بالتظاهر بها وتحويلها الى استهلاك مباشر . ان دولة العنف والقهر والظلم والتمييز هي ايضا دولة العنصرية والمظهرية والاستعراض .
اما حل الصراعات الاجتماعية ، فلا تخضع هنا لا لتسوية سياسية كحصول ارادة واحدة عملية ، ولا اجماع شرعي ، ولكنه يتحقق بالتصفية السياسية ألبسيطة ، او حتى التصفية الجسدية ، للفئات والقوى والعناصر ، الاضعف في حلقة الصراع . وتقترب هذه التصفية في احسن حالاتها من الصورة القانونية القديمة للاستعباد الذي وسم في الماضي المجتمع العبودي . ان الشكل الاكثر قوة ونجاعة للاستعباد ، هو حرمان الآخر من الحقوق الثقافية منها والسياسية او الاقتصادية ، او استغلال ادوات الدولة وأجهزتها بشكل رديء وخسيس في تصفية الحسابات مع المعارضين للظلم والاستبداد ، او استغلالها في تحقيق ثروات بدون طرق قانونية . ان هذا الحرمان يمكن ان يأخذ صورا مختلفة اليوم ، لا تنفي الايديولوجية الانسانية الشائعة حول المساواة ، ولا تجابهها مباشرة : وأول هذه الصور هي تثبيت الامتيازات بقوانين او بقرارات مثل التمديد لمقرب رغم بلوغه سن التقاعد او تعيينه في منصب لا يستحقه فقط لأنه من العائلة او الاحباب او المقربين ( اخ المدعو الشرقي ضريس الوزير المنتدب في الداخلية المسمى عمر ، رغم انه لا يتوفر على الشهادة الابتدائية عينه رجل سلطة قايد ثم باشا ، وعينه مندوبا ( مديرا ) لوزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية بجهة مراكش تانسيفت ، وللعلم فان الشخص عمر كان خياطا بمدينة الصويرة ) ، وهذا هو عين الفساد والاستهتار بالدولة في اوجهه القبيحة .
ان ظهور الدولة / الطبقة ، غالبا ما يرتبط بنوعية تمفصل النظام السياسي المراتبي الحديث ( الطبقات ) ، بالنظام المراتبي التقليدي ، او القديم الايديولوجي او العشائري . ومن الممكن للطبقة الجديدة ان تلبس ثوب العشيرة دون ان تفقد منطق عملها كطبقة ، او ان تتخلى عن نمط عصبيتها البدوية المتشبعة بثقافة ( الزريبة – حظيرة الاغنام والماعز ) وتضامنها كعشيرة متخلفة ومريضة ومُعقدة تعيش خارج التاريخ والأعراف ونواميس الكون . ويساعد على هذا الافراز الشاد القبيح تحرر الدولة التابعة من كل القيم والمبادئ ذات الطباع الكوني او الانساني ، فتصبح الطبقة الجديدة مجموع مصالح مشخصة وملموسة ، اما العشائرية ( الزريبة المليئة براحة الماعز والأغنام ) ، فتتحول الى لحمة عصبية تمكن المجموعة او الطبقة من العمل كوحدة اكثر انسجاما وفاعلية في حربها ضد بقية المجتمع . ومن الصعب ان يجري هذا التطابق بين المجموعة والعشيرة البالية خارج اطار السلطة ، وبدون وساطة وجهاء الدولة الجديدة . إذ بهذا الوسيط النافد وحده ، يمكن قسر المصالح وتقريب المواقع ( السياسية الايديولوجية ) من المواقع الاقتصادية . وعندئذ يستطيع الرئيس او الملك او الحاكم المطلق ان يكون رئيسا للدولة ، وبدون ان يشعر بسبب المقالب وقلة التجربة ، يكون زعيما صوريا لعصبية بدوية غارقة في النهب والاختلاسات العامة ، ومتطابقة مع عصبية الدولة . في هذه الحالة تصبح الدولة مركز تلاقي وتطابق ثلاثة انظمة مرتبية اجتماعية : نظام التراتب الجماعي ( بادية – مدينة – اقاليم فقيرة وغنية ) ، ونظام الطبقات ، و نظام الطوائف او المراتب الثابتة الذي نجد عليه مثالا حدّيّا في الطوائف الهندية والإفريقية والعشائرية السعودية .
ان هذا التلاقي بين اقليم ، وطبقة ، وطائفة في حجر الدولة ، يحل التناقض الجوهري بين الانظمة الثلاثة . وما ينجم عنه من تهديد لوحدة السلطة ، ولصيرورة توليد سلطة مستقلة سياسية . فإذا انعدم هذا الالتحام او التقمص الثنائي او الثلاثي ، في ظروف مجتمع يتميز بدورة استهلاكية ، ولا يؤمّن اعادة الانتاج المتساوي للعصب او الطوائف في شكل طبقات حديثة ، كانت للسلطة منابع مختلفة ومتعارضة تفضي بالضرورة الى استمرار الصراع ، وتمنع من تكوين طبقة سائدة ، ومن تحررها الكامل وسيطرتها على الدورة الاستهلاكية . والنظام الدولي يسعى بالعكس الى تنظيم هذه الدورة وتوحيد وكلاءه في العالم الثالث والعالم العربي ، بحيث يصبح من السهل التعامل وتحقيق دورة راس المال . ثم ان آلية العنف لا يمكن ان تكتمل بدون الغاء او ازالة المصادر المتعددة للسلطة . ان منطق النظام الاجتماعي يفرض هنا بالضرورة اندماج السلطة واختلاط مصادر تكوينها الايديولوجية والسياسية والاقتصادية ، وهكذا تصبح الدولة والحكومة ( الاحزاب ) والعصبية الحاكمة شيئا واحدا ، بحيث ان العلاقة بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية وحتى السلطة القضائية تختفي تماما . كما انه ليس لتطور هذه الدولة التابعة اية علاقة بتطور الدولة الرأسمالية من دولة مطلقة في مرحلتها الانتقالية الاولى ، الى دولة ليبرالية مشوهة في عصر الراسمالية الحرة ، ثم الى دولة تدخلية في عصر الرأسمالية الاحتكارية . ان ما يبدو هنا باستمرار كخط عام ، هو انحطاط السلطة ذاتها بأشكالها المختلفة التنفيذية والتشريعية والقضائية ، وبطرق تآلف عناصرها ، آلة قوة خالصة . وهذا الانحطاط الذي يعني ايضا ذوبان الدولة وتلاشيها ، يسير بشكل مواز في تقدمه ، لتقدم الانفجارات والتمردات الجماعية الشعبية ، والمثل السائد إذن هنا ، هو تحول الديكتاتورية الكلاسيكية الى طغيان واستبداد فردي ليس له اليوم في المغرب مثيل في التاريخ .
كل هذا يفسر تدهور دور الاحزاب السياسية ، ومكانتها في البلاد ، ونشوء الفصائل المسلحة المختلفة ، والمليشيات المتعددة المهام التابعة للدولة ، وهي جيوش حقيقية موازية بكل معنى الكلمة ، من جهة ، وجماعات العنف الراديكالي والمتطرف والإرهاب الشعبية ، في مواجهتها من جهة اخرى . وكلما تطابقت الدولة مع الفئة التي تتحكم بها ، وتحولت الى اجهزة قمعية محضة ، انهار اطار الشرعية والعمل السياسي ، وظهر الصراع الاجتماعي صراعا شاملا لا وجهة محددة له إلاّ تدمير رموز المقاومة الشعبية ، ومرتكزاتها بالنسبة للدولة ، وتحطيم كل ما يرمز للسيطرة او للحكم من عناصر مدنية او سياسية او عسكرية بالنسبة للطرف الثاني . ان التدمير المتبادل هو النتيجة الطبيعية والمنطقية لحرب ليس لدى اي فريق امكانية حسمها ، او ايقافها دون تحمل تضحيات جسيمة لا يمكنه قبولها . ان الوصول الى هذا التصعيد المتزايد للعنف ، لا يصدر عن الغاء السياسة وحسب ، ولكنه يعيش ايضا على الاعتقاد الخاطئ ، بأن سد قنوات العمل السياسي للجماعات المعارضة ، يمكن ان يزيل قاعدة نمو القوى المعارضة بمختلف تشكيلاتها الراديكالية او الوسطية او الاصلاحية ، والحال ان الغاء السياسة كنشاط اجتماعي هو الخطوة الاولى نحو فتح باب الحرب القادمة .
ان العنف اللاّقانوني لا يشكل خطرا على النظام لما يحمله من امكانات تنمية المعارضة ، بل ربما ساهم في ابعاد جزء كبير من الجمهور عنها ، ولكنه لا يخيفه ، لأنه يهدد قاعدة شرعيته المستندة الى القوة والعنف ، كما لو ان تحدي قانون لا شرعي يصبح بحد ذاته مصدرا لشرعية القانون الجديد . ان العنف التحتي يطمح على ما يبدو الى حرمان عنف الدولة والعصبية المتخلفة من ان يتأصّل كعنف شرعي مقبول ، وما لم يطرأ تغير ملحوظ على بنية المجتمع ذاته ، وعلى بنية الدولة والعصبية المؤقتة الماسكة بالسلطة في علاقتها بالجماعة التي تتحكم بها ، فليس من الممكن الخروج من حلقة العنف هذه .
وقد اشار باحثون كثيرون الى عدم الاستقرار الذي تعيشه الدولة التابعة وهشاشة مؤسساتها ، وذلك ليس نتيجة لعمق الصراع الطبقي فيها ، ولكن بالعكس ، لأن النزاعات تأخذ فيها شكل نزاعات مباشرة على السلطة ، ومنافسة مستمرة على المناصب . وتبقى التغيرات لهذا السبب سطحية تمس الممسكين بالسلطة والحكم ، دون ان تمس البنيات الفعلية للدولة وللسياسة . ومع ذلك فان الاستقرار الذي نعم به المغرب ( الربيع العربي ) ، هو دليل ومؤشر على عمق التناقضات التي تعمل في هذه البلاد وتشقه شقا عموديا بين مجتمعين لا لقاء بينهما ، النظام المخزني ، والشعب بمختلف عرقياته العروبية والامازيغية والصحراوية . انه استقرار لم يلغ التنافس على المناصب ، ولكنه عممه على جميع الاصعدة في الوقت الذي سمحت فيه لكل صاحب منصب ان يجعل من نفسه مخلوقا على شاكلة السلطان وصورته (فؤاد الهمة ) . ان تحول الدولة الى عشيرة وعصبية يعمل هو ذاته على تحويل الصراع الاجتماعي الى صراع عشائري وعصبوي ، وفي المقابل يجعل من الثورة تمردا وانتفاضات دائمة ، لأنه يمنع الوصول السريع الى تسوية . فمبدأ الحرب العشائرية هو الغزو ، ومبدأ الصراع الاجتماعي هو تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية .
ولاشك ان هناك فرق بين الدولة التابعة في المرحلة الاولى لتطور النظام الرأسمالي في بلدان المحيط ، وبينها في المرحلة الثانية . ففي المرحلة الاولى الزراعية التجارية تبقى الدولة مرتبطة بوظيفتين اساسيتين لا تفترضان تغير كل النظام السياسي القديم ، وهما توريد المواد الاولية للمركز ، وفتح السوق المحلية للبضائع والرساميل الاجنبية الباحثة عن منافذ لها ، او عن معدلات ربح اكبر . وفي هذا الطور ، يمكن ان يحصل نوع من التركيب بين نظام المراتب التقليدي ، ونظام المراتب الحديث ، فتقوم الطبقة العقارية ذاتها من خلال الدولة بوظائف الرأسمالية ، وتتكفل بإدارة اعمالها كحليف خارجي . وفي هذه الحالة لا تلعب الدولة ( الحديثة ) ، إلا دور التأليف بين العصبيات البدوية المختلفة والمتولدة عمليا خارجها مما يسمح بتطعيم الدولة ب ّ برلمان " يسمح لكل طرف من اطراف النخبة الهجينة التقليدية المرتبطة بأقاليمها ، او طوائفها بالحفاظ على تميزه وصوته الخاص من جهة ، وبحل النزاعات داخل صفوفها كفئة حاكمة من جهة ثانية .
وفي الطور الثاني الذي يواكب المرحلة اللاحقة التي هي الاستقلال ، وينعش الامل بالتقدم الصناعي ، وبالتصنيع ، تجنح الدولة والبيروقراطية المتزايدة التأثير الى الاستقلال عن النخبة القديمة ، وخلق سلطة سياسية خاصة بها . وتبدو هذه السلطة في فترتها الاولى مستقلة وقائمة في استقلالها على معاداتها لتنافس العصب القبلية التواقة والمتلهفة الى الحكم والعشائر والأقاليم والجهات ، اي طامحة الى ان تصبح سلطة واحدة وموحدة . ومن هذه السلطة يبدأ التركيز على الايدولوجيا الجديدة المستلهمة لأفكار الوطنية والوطن ، ويرتبط ذلك بظهور نظام تعليم عام رسمي وجيش وطني مستند الى الخدمة العسكرية الاجبارية ، مما يؤكد السعي نحو الاندماج الوطني القومي ضد الانفصام العصبوي .
وهذه الدولة هي من كل الوجوه اكثر قوة وانتشارا وهيمنة من الدولة السباقة ، فهي تدخل في جميع مناحي الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية ، وعندما تتحول من جديد الى اداة تخدم مصالح فئة اجتماعية محددة ، او تصبح هي ذاتها اطارا لتنظيم هذه المصالح وتوسيعها حسب منطق دورة راس المال الدولي ، لأنها تابعة ، فإنها تبدو بحق من اعظم ما انتجه التاريخ من الدول التعسفية ، فتجمع القهر الفكري الى القهر السياسي ، وتدمر السلطات الخاصة والمستقلة ، وتجعل من سلطتها الذاتية ومصالحها سلطة / وطنية / ومصالح / عامة / . فيصبح على الشعب ان يخدم هذه المصالح التي ليست مصالحه ، ويدافع عنها ، ويخضع لها طوعا او كرها ، ويكرس نفسه وإمكاناته لتطويرها . ونلاحظ هنا كيف تتضافر آثار المرحلة الاستعمارية مع آثار المرحلة اللاحقة ، ومع آثار المرحلة اللاحقة لها . فبعد تدمير مصادر السلطات القديمة في المرحلة الاولى ، وحرمانها من التطور والتكيف مع النظام الحديث التابعة له ، عجزت المرحلة الثانية عن القيام بالتغييرات الضرورية التي يمكن ان تجعل من التراتب الاجتماعي الجديد ، بعيدا عن الانقسام الاقوامي والعصبوي ، وبقوة كافية ، المنبع الوحيد للنشاط السياسي الحديث .
اذن بدل ان تستبدل الدولة ( الحديثة ) السلطات التقليدية الخاصة بسلطة واحدة وطنية ، اصبحت هي ذاتها مصدر تراتب اجتماعي جديد ، وسلطة قهرية استبدادية خاصة . ومن هنا ، تتراكب الصراعات الطبقية مع الصراعات العصبوية ، وتفقد الدولة لآلية تميزها واستقلالها عن النزاعات المحلية ، فيأخذ الصراع طابعا مزدوجا : طابع الصراع الطبقي وطابع الصراع العشائري العصبوي القبلي ( القبلي بفتح الباء ) . و إن تكوين الدولة المركزية لا يعني هنا تجاوز الانقسامات التي ينطوي عليها المجتمع ، ولكنه يفيد في دعم الفئة الاجتماعية او العشيرة او القبيلة العصبية التي تنجح في الهيمنة على الدولة ، وربما ان هذه الهيمنة هي انقلاب من تحت الطاولة حسم مع منافسين غير مرغوب فيهم باسم الحاكم الملك الذي اضحى خاتما مطواعا في يد زمرة العصبية القبلية تستخدم اسمه في نشر الفساد والنهب ، وممارسة الاستبداد بكل انواعه الرديئة المقززة للذاكرة ، وللمفاصل السياسية والمعرفية ، كما هي معروفة في علم السياسة وفي العلوم السياسية .
ان نضال النخبة الحديثة او قسم منها في سبيل دولة حديثة مركزية لا يتناقض في الممارسة العملية النضالية مع بناء دولة عشائرية ، بل هو الاداة الرئيسية لتحويل العشيرة المتخلفة ذهنيا وسياسيا وثقافيا الى دولة حاكمة ، او لبناء عشيرة الدولة ، وسبب ذلك هو ان المشاركة في السلطة الفعلية وليس الشكلية ، هي التي تعطي فرصة السيطرة على الاقتصاد وليس العكس . ومن هذا المنظور تشبه الدولة الوطنية الناشئة من بعض وجوهها الدولة التقليدية ، إذ ان الموقع في جهاز الدولة هو الذي ما زال يحدد المكانة الاجتماعية وشكل العلاقة مع الاقتصاد والقدرة المادية والسياسية .
ومن الطبيعي ان تزداد هذه العملية قوة مع ازدياد مصادر التمويل الخارجي (ديون ، قروض ومساعدات ) ، حيث تتحول الدولة الى توزيع الريع او المعونات الخارجية ، في حين ان الاعتماد المتزايد على مصادر الاستغلال الذاتية او الداخلية ، يجعل النخبة الحاكمة حساسة الى حفظ علاقات اكثر ايجابية مع الطبقات المنتجة .
ان فئة قليلة من المجتمع النامي او التابع قادرة على الدخول في دورة راس المال الدولي ، وهي تتناقض بتزايد تركيز راس المال وتطور انماط الاستهلاك العليا . وان استمرار سير هذه الدورة لصالح المركز العالمي يقتضي تأمين مرور الاموال بأقل ما يمكن من التكاليف ، ومن مخاطر التوزيع في البلاد التابعة . وإضافة الى ذلك ، يجر تيار الدورة هذا ، الاذى والخراب والتدمير على كل النظام الانتاجي المحلي ، بما يحطم فيه من علاقات توازن ، بين الارباح والأجور ، وتكاليف الانتاج والأسعار وغير ذلك . فهو في ذات الوقت يخلق نخبة تعيش في العصر الرّيعي ، ومجتمعا يرتد في نمط حياته الى العصر الحجري . وليس من الممكن الحفاظ على العلاقة القائمة هذه بدون تحويل الدولة والسلطة الى جيش احتلال بمعنى الكلمة ، ولهذا غالبا ما يأخذ النضال ضد الاوضاع هنا شكل النضال ضد الدولة ذاتها ، وليس ضد نظام حكم الحاكم فقط . ففي الكثير من الاحيان ، يخيم على المجتمع مناخ العصيان الدائم والمستمر .
ان ما نعيشه هنا هو صيرورة بداية انهيار الدولة القائمة رغم ، او بسبب ما وصلت اليه من قوة وصلابة وتماسك ، جعلها اداة لاستعباد المجتمع ، لا قاعدة لتنظيم حرياته وأمنه ونشاطاته الاقتصادية والمعرفية والثقافية . وبدون تشكيك او مواربة ، فانه على طبيعة القوى الاجتماعية الصاعدة ونوعية صلاتها بالمجتمع ، وتحررها من دورة راس المال الدولي التابع ، يتوقف نجاحها في اعادة الاعتبار لهذه المؤسسة العامة ، او زوال الدولة نهائيا والانتقال الى حقبة وسيطية جديدة ، وإقطاعية حديثة .
إذن يتبين بالمغرب ، هناك ثلاثة عناصر اساسية في تكوين الحكم السياسي : هناك الدولة وهناك الحكومة و هناك الشعب .
فبالنسبة للدولة قد يكون على رأسها حاكم ملك يمارس الحكم المطلق ، وهو يكون كذلك اذا كان يعي ويدرك وعن بينة واختيار ، انه يمارس هذا النوع من الحكم الذي عايشته اوربة خلال القرون الوسطى . في هذا النظام يقوم الملك بتشخيص واختزال الدولة وليس فقط نظام حكمه في شخصه حيث : انا الدولة – الدولة انا . ان هذا النوع من الحكم الذي شخصه حسني مبارك ومعمر القدافي وشخصه الراحل الحسن الثاني ، ويشخصه اليوم محمد السادس، يجعل الحاكم يتصرف مزاجيا وليس عقليا ، فهو يتخذ قراراته ليس على نتائج التحليلات والدراسات التي تقوم بها المعاهد المختصة ، بل ان الحاكم يتخذ قراراته بناء على مزاجه الذهني ، اي ولو ( طارت معزة ) ، لذا فهذا الحاكم هنا ، هو الكل في الكل ، فهو المنفذ والمشرع والقاضي .. لخ انه كل شيء . انه وحده الدولة التي تصبح في ملكه ، والكل يتذكر يوم سافر مبارك الى روسيا الاتحادية وطالب من فلاديمير بوتين الذي تولى الرئاسة مرتين ، وأوشكت الولاية الثانية على الانتهاء ، ليستمر في الحكم ما دام يتوفر على مقدرات وصحة جيدة . لكن بوتين اجابه بكياسة حين ارجع القضية الى الدستور الذي ينصص على ولايتين رئاسيتين ، ولا ينص على ابدية التعلق بالحكم الذي انتقل في مسرحة شرقية الى الرئيس ميدفديف .
قد يكون كذلك على راس الحكم ، حاكم يوصف من قبل معارضيه بالحاكم المطلق ، رغم انه في سلوكه وفي قرارات نفسه ليس كذلك ، ولكن هذا الوصف والنعت ُيطلق عليه لكون الزمرة المرتبطة والمحيطة بها ، تمارس الحكم المطلق والاستبداد ، وتتصرف مستغلة اسمه في ممارسة القهر السياسي والفكري والاقتصادي والاجتماعي ، وممارسة النهب والاختلاسات ، واتخاذ القرارات في المسائل الحساسة دون الرجوع الى الشعب المفروض فيه انه هو مصدر جميع السلطات ( فؤاد الهمة ومن معه ) . ان السؤال هنا : هل يعي الحاكم تصرفات الزمرة العصبية القبلية البدوية ( ثقافة الزريبة ) ، ام انه ولأسباب ما يجهل ما يصدر من الزمرة من قرارات اضرت كثيرا بالمصالح العليا للدولة وللشعب . وهنا اذا كان الحاكم غير المطلق يتعايش مع الزمرة المطلقة ، فهل فوضها ممارسة هذا النوع من الاستبداد ، ام انه ، اي الحاكم ، هو ضحية اكاذيب وفبركات للتقارير المغلوطة والكاذبة ، حيث تعمل الزمرة ما امكن على جعل الحاكم يعيش الوهم والإيهام وفوبيا الشعب ، وهو ما تكون زمرة العصبية القبلية ، وبسبب اخطاء قاتلة ارتكبها المعارضون ، قد نجحت فيه حين سرقت الحاكم الطيب وأبعدته عن الشعب الذي اضحى فزّاعة له ، بل لقد لعبت الزمرة العصبية المافيوزية بانقلاب الدارالبيضاء في 16 مايو 2003 دورا في تهريب الملك من ضفة الشعب الى ضفتها . وهنا يمكن لكل من يحمل جنسية البلد الذي تقبض فيه زمرة العصبية القبلية على السلطة ، ويؤدي الضرائب ، ان يتساءل عن الجهة التي تقرأ مختلف التقارير التي ترد الى ديوان الحاكم ، ومن هي الجهة التي تتخذ القرارات في المواضع الحساسة والقضايا الاستراتيجية التي تكون قد اضرت بالبلد وبالشعب . والخطورة هنا ، إذا كان الحاكم المطلق يختزل ويجسد الدولة في شخصه : انا الدولة – الدولة انا ، فإن الخطورة في نظام الحاكم الآخر ، هي ان زمرة العصبية القبلية تجسد وتختزل الحاكم في شخصها وليس في القوانين والمؤسسات ، اي : انا الحاكم – والحاكم انا ، ما يعطيها صلاحيات اكثر في البطش والنهب والاختلاسات ، وخاصة عندما يكون شيطانها شخص خبيث ، رديء ، خسيس ، وكذاب آثم ( من اين لك هذا يا لص يا محتال يا المدعو الشرقي ضريس ) .
ان الحكومة في المغرب لا تعالج كوحدة ( وحدات ) قانونية كما يجري به العمل في الانظمة العريقة في الديمقراطية . ان الحكومة هنا تختزلها مثلا زمرة العصبية القبلية في الاحزاب السياسية رغم موتها منذ سبعينات القرن الماضي ، ورغم افتقارها الى كل شرعية او مشروعية تاريخية او شعبية ، بل ان الاحزاب ، سواء تلك التي تشارك في الحكومة او تلك التي تنتظر في قاعدة الانتظار ( دخل الى الحكومة ، خرج من الحكومة ) ، هي معاول لذا زمرة العصبية القبلية تخدم اجندات الزمرة ، ولا تخدم مصالح الكتلة الناخبة التي انتخبتها ( لا نقول مصالح الشعب التي يتم التدمير باسمه رغم ان الاغلبية المطلقة تقاطع الانتخابات وكل الاستحقاقات ) ، ومن ثم يصبح وضع ( الحكومة ) الاحزاب المكونة لها ، من جهة وقاية للزمرة العصبية القبلية مما قد يحصل من ردود فعل احتجاجية ، ومن جهة خدمة مصالح الزمرة الممسكة بالحاكم كخاتم في اصبعها تحركه بما يخدم اغراضها ومصالحها ، ولا يخدم مصالح الحاكم الذي تتخذ القرارات باسمه ، ولا في مصلحة ( الشعب ) الكتلة الناخبة التي صوتت لتلك الاحزاب ، ومن ثم فأي فشل لا تتحمله الزمرة العصبية القبلية الموجهة والمتحكمة في (الحكومة ) ، بل تتحمله الاحزاب التي هي معاول تنفيذية لذا زمرة العصبية القبلية . لذا فعندما تريد الزمرة العصبية القبلية ، ونظرا لأنها تمارس النهب والاستغلال وتعتدي على الناس ظلما ، اتخاذ قرارات في مواضع حساسة وملتصقة بالشعب وليس بالحكومة ، فإنها تختزل الشعب في هذه المكونات السياسية ، فتكون مصادقة و موافقة هذه الاحزاب على مشروع الزمرة العصبية القبلية ، هو موافقة شعبية لمشروع الزمرة . هكذا تتحكم الزمرة في الاقتصاد ، في المعرفة ، وفي كل نشاط الحقل الاجتماعي ، ومن ثم فهي تحرص دائما ان تبين للحاكم ، أن استمرار وجوده على راس الحكم ، يرجع فيه الفضل الى الزمرة ، وليس الى الشعب الذي كان متعلقا بالحاكم . لذا فهي لا تتورع ان تملئ الساحة الوطنية ببعض الخرجات التي تثير الرعب والخوف في نفسية الحاكم ، حتى يستمر في التمسك بها ، وتستمر هي استبدادها ونهبها باسم ممارسات مشبوهة . واذا اردنا اعطاء بعض الامثلة المبنية على الوهم والإيهام وفوبيا الشعب ، القيام ببعض الخرجات المعلومة ، او تنظيم لقاءات مع بعض الدوائر الاجنبية لتسليط الضوء الخافت على اعمال الزمرة ، او نشر ثقافة التخويف مثل تنظيم الحواجز العسكرية او الامنية او المخابراتية على مشارف ومداخل المدن ، وكأن البلد يعيش انقلابات عسكرية او ثورة مسلحة او ثورة شعبية ، او ان هناك محاولات لقلب نظام الحاكم المغلوب على امره الذي يجهل مرامي الزمرة العصبية القبلية .
اما الشعب ، فهو لا ’يؤخذ ككتلة جماهيرية مؤثرة وفاعلة ، بل ان الزمرة العصبية القبلية المافيوزية والظالمة والمعتدية ، تختزل الشعب في الاحزاب الفاقدة لكل شرعية او مشروعية شعبية ، ومن ثم يصبح الناطق باسم ( الشعب ) ليس الحاكم ممثل السيادة الوطنية ، ولا ممثلي الشعب الحقيقيين ، بل الاحزاب التي هي معاول لذا الزمرة العصبية القبلية ، ومن ثم فان خضوع ( الشعب ) الكتلة الناخبة للأحزاب التي تكون قد صوتت لها في الانتخابات ، هو خضوع للزمرة العصبية القبلية التي تلعب دور الوسيط بين الحاكم المطلق ، وبين الشعب الذي يعاني من قرارات الزمرة العصبية القبلية المتسمة بالاستبداد والقهر المادي والمعنوي والمعرفي ، وبالنهب ونشر الفساد بأشكاله المختلفة . ومرة اخرى ( من اين لك بهذا ايها اللص المحتال يا المدعو الشرقي ضريس ) .
اذا كانت الكتلة الناخبة ، وهي اقلية تضفي مسحة على الانتخابات ، فإن اغلبية الشعب تعيش تائهة وبدون بوصلة ، وغارقة في مشاكلها اليومية التي تسببت لها فيها زمرة العصبية القبلية . ان هذا الكم الهائل الضائع والمحروم من ابسط شروط المواطنة التي هي المساواة ، واقتصار الثروة والامتيازات على الاقلية الناهبة والمرتبطة بجماعة الزمرة العصبية القبلية ، يجعل المغرب الذي يعاني من وضع شاد مشابه ، مرشح ومعرض لهزات ستكون لها تبعات خطيرة على النسيج الاجتماعي للدولة ، وهو وضع سيساهم في نشر لغة التطرف والتمرد على الدولة او على الحاكم الذي عليه ان يقطع مع دكتاتورية الزمرة العصبية القبلية الفاسدة ، اي ان يصحح الوضع بالانحياز الى جانب الشعب والجماهير الضامنة الحقيقية لنظام حكمه ، وليس الاستمرار الى الزمرة التي سرقته من الشعب ، وتمارس الاستبداد السياسي والمالي باسمه .
الى جانب هذا ، هناك فئة من الشعب تستنكر هذا الوضع وتطالب بالإصلاح المبني على المحاسبة والقطع مع الافلات من العقاب . ان هذه الفئة من الشعب ، وان كانت تحاول اضفاء شرعية شعبية على تحركاتها ، إلا ان اغلب مواقفها هي محاباة للزمرة العصبية البدوية القبلية ، ومن ثم فهي لا تعدو ان تكون غير مكمل للأحزاب المكونة للحكومة ، والتي هي في الحقيقة معاول بيد الزمرة العصبية القبلية ، وخطابها مهما بلغ من الشدة ، فانه يبق للاستئناس مع اضفاء نفحة ( ديمقراطية ) على تصرفات الزمرة المافيوزية .
يبق في الاخير جماعة من الشعب خارجة عن هذا التناقض غير المفهوم ، تحاول ان تشكل البديل الاصلاحي او الجذري او الثوري ، او ما الى ذلك من الاوصاف . ان خطاب هذه الجماعة ، وان كان يحك على الجرح ، إلا انه يبق دون تأثير وسط الطبقات التي يدعي التكلم باسمها والدفاع عنها ، بسبب الجمود الايديولوجي من جهة ، وبسبب تباعد المواقف بسبب الشخصنة ، وبسبب الامية المتفشية في المجتمع .
اذن ما العمل لمعالجة هذا الخلل بين السلطات الثلاثة الموجودة بالبلاد العربية ؟
انه للخروج من نفق الضباب وحجب الرؤيا ، يجب ان تكون الصورة واضحة كاشفة ، وحتى تكون كذلك يجب القطع مع كل اشكال الاستبداد والدكتاتورية ، أكانت دكتاتورية الحاكم المطلق – انا الدولة – الدولة انا ، او أكانت دكتاتورية الزمرة العصبية القبلية المافيوزية -- الحاكم انا – انا الحاكم ، او دكتاتورية الحزب او التنظيم – البروليتارية - ، او كانت دكتاتورية الفقيه المتزمت – - ، او كانت دكتاتورية اهل الحل والعقد – فاشية وقروسطوية آل سعود وطالبان والقاعدة وداعيش . ان التفسير العملي لهذه الاطروحة ، هي ربط ممارسة الحكم بالمسؤولية والحساب ، وإلا فان القرارات التي تتخذها زمرة العصبية القبلية ، ومن خارج القوانين والمؤسسات الحقيقية ، تكون قرارات فوضى ، والدولة التي اتخذت تلك القرارات باسمها تكون دولة غاب . اذن للوصول الى هذه الغاية لا بد من تركيز المساواة والعدل المفقودين ، ولابد من اقرار الديمقراطية ولو طال السير والسفر والمسير .



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المؤتمر الرابع عشر لجبهة البوليساريو
- تحليل : في استحالة ثورة شعب مخزني اكثر من المخزن
- فشل القصر الملكي في تدبير ملف الصحراء
- محكمة العدل الاوربية تلغي الاتفاق التجاري حول المواد الفلاحي ...
- فشل زيارة المبعوث الشخصي للامين العام للامم المتحدة السيد كر ...
- الى الجلاد المجرم الجبان المدعو عبداللطيف الحموشي المدير الع ...
- تهديد البوليساريو بالعودة الى الحرب
- بين رسالة بانكيمون وخطاب العيون ورقة حمراء في وجه الملك
- المنع من مغادرة التراب الوطني او اغلاق الحدود
- من اغتال الشهيد المهدي بن بركة
- إمّا جمهورية تندوف ، وإمّا الاستفتاء وتقرير المصير
- تداعيات اعتراف مملكة السويد ب - الجمهورية الصحراوية -
- محاكمة البيضاء
- اسباب التطرف ودواعيه
- تحليل للنظام السياسي المغربي
- أي صراع نخوض ؟
- حملة تضامن دولية مع الصحفي المغربي علي لمرابط المضرب عن الطع ...
- رسالة مفتوحة الى : - جيش التحرير العربي الصحراوي -
- نشوء الطبقات الاجتماعية
- رسالة الى - الشعب الصحراوي - - الشعب العربي في الصحراء - - ا ...


المزيد.....




- الرئيس الإيراني: -لن يتبقى شيء- من إسرائيل إذا تعرضت بلادنا ...
- الجيش الإسرائيلي: الصواريخ التي أطلقت نحو سديروت وعسقلان كان ...
- مركبة -فوياجر 1- تستأنف الاتصال بالأرض بعد 5 أشهر من -الفوضى ...
- الكشف عن أكبر قضية غسل أموال بمصر بعد القبض على 8 عناصر إجرا ...
- أبوعبيدة يتعهد بمواصلة القتال ضد إسرائيل والجيش الإسرائيلي ي ...
- شاهد: المئات يشاركون في تشييع فلسطيني قتل برصاص إسرائيلي خلا ...
- روسيا تتوعد بتكثيف هجماتها على مستودعات الأسلحة الغربية في أ ...
- بعد زيارة الصين.. بلينكن مجددا في السعودية للتمهيد لصفقة تطب ...
- ضجة واسعة في محافظة قنا المصرية بعد إعلان عن تعليم الرقص للر ...
- العراق.. اللجنة المكلفة بالتحقيق في حادثة انفجار معسكر -كالس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - الدولة البوليسية : ان الشكل الاكثر بشاعة للقهر هو استغلال اجهزة الدولة بشكل رديء وخسيس في تصفية الحسابات مع المعارضين للظلم والفساد