أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - شيزوفرانيا-تناقضات فى الكتابات المقدسة–جزء13















المزيد.....


شيزوفرانيا-تناقضات فى الكتابات المقدسة–جزء13


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 4942 - 2015 / 10 / 1 - 15:14
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


- الأديان بشرية الفكر والهوى والتهافت (64) .
- تناقضات فى الكتابات المقدسة – جزء (13) .

عندما نقول أن الأديان إنتاج فكر بشرى فلا يكون قولنا هذا إدعاء أو تجنى بل حقيقة يمكن تلمسها بدون عناء بدءاً من دراسة الأساطير والقصص التى تنسجها وتتدعى فيها بوجود كائنات ميتافزيقية خرافية كإله وشيطان وجن وعفاريت وملائكة دون أن تقدم أى إثبات على وجودها بالرغم من عظم وشيوع القصص المَروية من خلال ميديا هائلة تروج لها .. كما لا تكتفى بشرية الأديان عند حجم القصص الخرافية بل تقذف لنا بحجم لا بأس به من المغالطات المنطقية والعلمية التى يفضحها العقل الحر والعلم الحديث وهذا يعنى أننا أمام تصورات ورؤى إنسان قديم عن الوجود هكذا كانت حدود معرفته وتصوراته , كما يضاف إلى ذلك أن الأديان قدمت منظومات تشريعية وسلوكية وفكرية تتعاطى مع واقعها وتؤطر لمجتمعها لا تتناسب مع أنساق مجتمعاتنا الحديثة .
فى ظل هذه التضاريس الواضحة المعالم نستطيع أن نؤكد أن الأديان نتاج فكر بشرى له رؤيته وخيالاته وتصوراته وعلاقاته الخاصة لم تفلت من تحقيق رؤية سياسية إجتماعية غلفت نفسها بالمقدس فيكون الإله والطقس رمز الهوية لتحقيق مصالح سياسية نخبوية وقومية تظهر بجلاء فى بعض المعتقدات كما فى التراث العبرانى والإسلامى ليهيأ لك أن المشروع السياسى هو حجر الزاوية الذى تم البناء عليه ليؤسس ما يُعرف بالدين .
سنضيف فى هذا البحث ملمح أخر يُثبت أن الأديان نتاج فكر بشرى لم يفلح بساطة وتواضع مُسطريه الإفلات من التناقض لنجد الإختلاف كامن بين نصوصه حيث الشئ وضده حاضر , والغريب أن الأمور تفتقد لأى درجة من التركيز العقلى فى تدوين النصوص لتصل إلى تضارب الأخبار والأحكام والتقريرات فما يقوله هنا كحكم أو تقرير أو شكل خبرى سردى تاريخى أو أمر ورؤية إلهية يناقضه فى موضع آخر ليحق لنا القول أن الحالة الذهنية لمؤلف النص قد أصابها الزهايمر .
سنتناول النص الدينى فى الكتب المقدسة لنُبرز التناقضات فى كتاباته ولن يكون سبيلنا الإتكاء على نصوص غامضة أو مبهمة تستنتج التناقض , فالتناقض من الفجاجة والوضوح تجعله لا يقبل أى تأويل أو مرواغة فهى تصريحات إلهية تصرح بشئ فى موضع وتنفيه فى موضع آخر.. سأعرض فى هذا الجزء الثالث عشر مجموعة إضافية من هذه التناقضات والتضاربات التى تميل للتخبط لتصيب أى عقل موضوعى بالحرج .
شيزوفرانيا هى إمتداد لسلسلة مقالاتى " زهايمر - تناقضات فى النصوص المقدسة " وقد نشرت منها حتى الآن 12 جزء ويرجع إنصرافى عن زهايمر إلى شيزوفرانيا إلى أن المضمون واحد وإن كانت معنى شيزوفرانيا أكثر رحابة حيث الأمور لا تكتفى بالنسيان , كما أن زهايمر نالت تنويه من بعض الزملاء أنها يجب أن تكتب الزهايمر نسبة إلى إسم العالم المكتشف لهذا المرض بينما كان مقصدى هو حالة مرض الزهايمر التى تعنى النسيان وفقد التركيز لأسقطه على حال النصوص المقدسة المتناقضة مع بعضها فهنا يذكر حكم وتقرير وفى موضع آخر يتناقض مع هذا الحكم ليذكر حكم آخر .
دعونا نرى دفعة اخرى من التناقضات فى النصوص المقدسة ولننسبها لشيزوفرانيا أو لزهايمر فلا يهم فهناك حالة من التيه والإنفصام والنسيان اعترت كاتب النص فأنتج تناقضات هائلة .

- كلام الله لا يتبدل ولكنه يتبدل .
يُفترض أن كلام الله لا يتغير ولا يتبدل بحكم أن الإله كلى القداسة والحكمة والمعرفة المنزهة عن الخطأ , وهذا ما أقر به القرآن فى عدة مواضع بقوله فى الأنعام6: 34 (لا مبدل لكلمات الله) وفى الكهف18: 27 (لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا ) وفى ق50: 29 ( ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد ) ولكنه فى النحل16: 101 يقول أنه يُمكن أن يبدل( إذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر) كما يذكر فى البقرة2: 106 ( ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ) والنسخ هو الإلغاء والتغيير والتبديل .

- آيات القرآن مُحكمات ولكن فى موضع آخرى غير محكمات .
يفتخر المسلم أن آيات القرآن محكمات وفق هود11: 1 ( كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ) بالرغم أن المسلم يعجز هو وعلماءه وفقهاءه عن تفسير آياته لتجد التخبط والتناقض فى التفسير والتأويل وحتى لا يكون قولنا هذا مجرد إدعاء , فالقرآن نفسه يعلن عن ذلك فى سورة آل عمران 7:3 ( هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات ) فالبعض متشابه غير محكم .

- هل القرآن بَيّن أم عسير الفهم .
يردد المسلم ان القرآن بلسان عربى مبين وذو معنى واضح ومفهوم لا غموض فيه ولا إلتباس ليتكأ على آيات من القرآن تؤكد ذلك ففى يوسف12: 1 ( الر تلك آيات الكتاب المبين ) وفى الحجر15: 1 (الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين) فهذا إقرار بأن القرآن مُبين بالرغم أنك لن تجد أحد يستطيع تفسير "ألر" التى تبدأ بها الآيتان .!!
هل لنا أن نقول أن تبيان القرآن مخالف للحقيقة فمعظم المسلمون لا يفهمونه وفقاءهم وعلمائهم يختلفون فى تفسيره وهذا يفسر حيرة المسلمين بين فتاوى العلماء والشيوخ المختلفة والمتناقضة , بين من يحلل , ومن يحرم , ومن يفتى , وكل يستند إلى آيات القرآن علاوة على الحروف المبهمة في فاتحة كثير من السور والتى لا تجد تفسيرا حتى الآن . وحتى لا يكون كلامنا إدعاء سندع النص القرآنى ذاته يُفصح عن غموضه وعدم وضوحه وبيانه ففى آل عمران 3: 7 ( وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم ) وفى الأعراف7: 53 ( يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل ) .

- إرسى على بر .. الأمثال لكل الناس أم للعالمين فقط .
يقول القرآن فى الحشر59 :21 ( تلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون ) أى أن الله يلقى بالأمثال للناس حتى يتفكرون فيها ولكنه فى العنكبوت29: 43 جعل إدراك الأمثال خاصة بالعلماء فقط ( تلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون ) لتلاحظ إلا كحرف حصر وإستثناء , ولكن قد يقول قائل إنها للناس كافة ولا يعقلها إلا العلماء وهذا تحايل غريب , فبداية هو طلب أن يفكر فيها الناس فما معنى التفكير سوى التعقل فيها .. ثانيا هذا ينال من قول قرآن عربى مبين لكل البشر بإطفاء الغموض عليه فالعلماء الوحيدون الذين يعقلون فقط وفق آية العنكبوت .

- هل نزل القرآن متفرقاً أم دفعة واحدة أم حسب المناسبات .
وفق القرآن فأن نزوله جاء فى شهر رمضان وتحديدا فى ليلة القدر وفق البقرة 2: 185 (شهر رمضان أنزل فيه القرآن هدى للناس) وآية القدر97: 1 ( إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ) ولكن هذا يخالف كل الآيات التى فى القرآن التى تعاملت مع الحدث ولنرجع إلى أسباب التنزيل لنجد أن آيات القرآن جاءت متواكبة مع الأحداث لتعطى الحكم والنهج فكيف يقال أنه نزل دفعة واحدة فى ليلة القدر .
دعونا نمر على بعض الأيات كأمثلة ففى المجادلة58: 1( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير) فلتتأمل أن الله متجاوب مع مايحدث فى اللحظة , كذلك فى الانفال8: 66 ( يأيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبون مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبون ألفا من الذين كفروا الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبون مائتين)ولتتوقف أمام قوله : " الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا " فالمعرفة تمت حينها وليست فى ليلة القدر وعلى أثرها جاءت الآية .
كذلك فى آل عمران3: 181( لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق ) فالله سمع وتجاوب مع قولهم بالإستنكار ولتتوقف أيضا أمام كلمة "سنكتب " التى تعنى أنه سيدون لاحقا , وفى البقرة2: 187 ( حل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم ... علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم ) فالله أحل الرفث إلى النساء بناء على علمه بحالهم فالآية جاءت تحلل بناء على مشهد فكيف يقال أنه نزل دفعة واحدة فى ليلة القدر من رمضان ولك أن تقرأ فى أسباب التنزيل للواحدى لتجد أن الآيات جاءت مواكبة لحدث ومعالجة لها وهذا يعنى أنها جاءت وفق مناسبة وليست فى كتاب مسطور منذ الأزل .

- ابليس طُرد من الجنه أم لا .
لن نعتنى بالمشهد الملئ بالفنتازيا والتناقض عن عصيان إبليس والصفقة التى تمت بينه وبين الله ولكن سنرصد أمر طرده من الجنه لنجد فى موضع آخر أنه مازال موجوداً حاضراً فى الجنه , فالله طرد إبليس من الجنّة حين رفض السجود لآدم بقوله فى الأعراف:13 ( قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا " فَاخرج إنك مِنَ الصاغرِين " ) وفى الحجر:34-35 (قَالَ فَاخرُج مِنهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ , وَإِن عَلَيكَ اللَّعنَةَ إِلَى يَومِ الدِّينِ ) وقوله لآدم: ( وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ) . ثم فجأة تحل الشيزوفرانيا لنرى إبليس قد عاد إلى الجنة بعد طرده منها ليغوى آدم أو قل أنه لم يبارحها , لنجد فى سورة البقرة أن الله قد نسى أنه طرده ( فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين ) وفى طه120 (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبلَى ) فهل طرده أم لا أم إختبأ ابليس ولم يفطن الله لمكان إختباءه . !

- نتقى الله حق تقاته أو ما إستطعنا .
فى آل عمران3: 102 يأمر الله المسلمين أن يتقوه حق تقاته ( يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) ولكنه فى التغابن64: 16 يتنازل عن التقوى الكاملة ويطلب التقوى بقدر المستطاع ( فاتقوا الله ما استطعتم وأسمعوا وأطيعوا وأنفقوا ...) كذلك آية البقرة2: 286 تؤكد ان الله يطلب التقوى بقدر الإستطاعة (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) .
إذن فى آية آل عمران يطلب الله من الإنسان أن يتقيه كما يحق التقوى لله وفي آية التغابن والبقرة يطلب التقوى على قدر الإستطاعة فكيف نجمع بين النقيضين .

- هل يحاسب الله على ما فى أنفسنا أم لا يكلف الله نفسا إلا وسعها .
فى سورة البقرة: الآية: 284 ( لِلهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير ) تعنى ان الله سيحاسب البشر بما يخفون في صدورهم وما لا يعلنون عنه أى على نواياهم حتى ولو لم يفعلوا فهكذا حكم وسيستم الله فى الحساب ولكن هناك آية أخرى مخالفة تماما لهذا التوجه ففى البقرة:286 ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ) فكل نفس بوسعها وما اقترفت وليس بما يدور فى ضميرها ونواياها . فما هو الحكم الإلهى هل يحاسب على النوايا وما يخفيه الإنسان فى صدره وضميره أم التكليف وفق السعة والمقدرة والإقتراف ؟
من هنا يحق لنا السؤال : الله عالم الغيب فألم يكن يعلم بصعوبة ذلك الطلب مسبقا؟ وهل حديث يبطل اية قرانية ولماذا تتنزل آية قرانية ليبطلها حديث ثم يليها آية أخرى بعد عدة ساعات تؤكد الحديث , ولتلاحظ أن الآية الأولى 284 من سورة البقرة والآية الثانية 286 من نفس السورة أى مدادها لم يجف بعد .!!
سنحاول إيجاد تفسير لهذا التناقض حتى لا يقال أننا نتصيد الأخطاء فقط ولكن هذا التفسير سيكون مؤلماً لأنه سيثبت بشرية النص ومزاجيته ,
فعندما تلى محمد آية " وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخفوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله وجد الصحابة هذه الآية مرهقة صعبة التنفيذ لتشكل مشقة فى الإمتثال لها فإحتجوا للرسول بعد سماعهم تلك الآية , فجثوا على ركبهم وبكا منهم البعض وأقروا بعدم مقدرتهم على ذلك المطلب أن يوقفوا حديث النفس , فقال لهم الرسول بعد أن طلب منهم ان يقولوا سمعنا واطعنا قال( إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم ) ثم نزلت آية اخرى لاحقا تبطل سابقتها ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا ).
أراه تفسير منطقى وفقا لأسباب التنزيل والسيناريو الذى تم , ولكن هذا يعنى أن محمد يؤلف الآيات , فالآية التى لاتجد صدى لدى الجمهور يتم نسخها وإستبدالها بآية أخرى لينة ترضى مزاج الصحابة , ولتلاحظ أن الحديث جاء سريعاً ناسخاً لآية البقرة 284 ليعقبها آية . !

- هل يُغفر لقتل المؤمن أم لا .
من الطبيعى والمألوف أن يحظر القرآن وينهى عن قتل المسلم فلابد أن يحافظ الإسلام على مجتمعه ليدع شهوة وجرم القتل تتحقق فى الآخرين ومن هنا نهى القرآن فى سورة النساء4: 92 عن قتل المسلم متعمداً ليعلن عن جزاءه فى النار وإستثنى فقط القتل الغير عمد فعقابه تحرير رقبة ( وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن يقتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة... ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما ) .ولكنه ناقض هذا فى الحجرات49: 9 فسمح بقتل المؤمن عمداً ( إن طائفتين من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله ) .
واضح ان التناقض بَيْن فهو ينهى عن القتل العمد ولكن يأمر ويحلل القتل العمد من خلال " فقاتلوا التي تبغي" , أما الحديث فجاب ضلفها كما يقولون فقد جعل القاتل والمقتول فى النار وضاعت قصة من يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم فجاء قول محمد ( إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار قالوا يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول قال لأنه كان حريصاً على قتل صاحبه ) .
إذا كان لنا ألا نكتفى بإبراز التناقض فقط لنطرح تفسيرا وتحليلا فنقول أن النص الإسلامى نص إنفعالى يتعامل مع الأحداث بإنفعالية وعصبية وليس بمبدأ وفكر ونهج ثابت .

- هل الإيمان والضلال قدر ومكتوب أم خيار إنسانى .
تناولت فى مقالات عديدة آيات وأحاديث تؤكد أن إيمان الإنسان وكفره وهدايته وضلاله هى أمور بيد الله بتفرد , فمن يريد الله غوايته وتضليله وإفتانه ليكون مصيره النار وليملأ به الجحيم فسيتم هذا رغماً عن أنف الإنسان ولأقدم هنا بعض الآيات التى لم أعرضها فى مقالاتى السابقة ففى التغابن64: 2 (هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن والله بما تعملون بصير) وفى المائدة5: 41 ( ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا ) وفى الأنعام6: 107(لو شاء الله ماأشركوا وما جعلناك عليهم حفيظا ) وفى هود11: 34 ( لا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون) . وفى البقرة 284 (فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ﴾-;- .
لأمانة البحث علينا أن نذكر بعض الآيات التى صدرت مفهوم أن الهداية والإيمان والضلال خيار إنسانى ففى الكهف18: 29 ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) وفى يونس10: 108 ( قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها) . ولكن النصوص هكذا ستقع فى التناقض والتخبط بين إرادة الله فى التضليل والإغواء وإرادة الإنسان , فما الحل أمام تلك المعضلة .

- هل شركهم بإرادتهم أم بإرادة الله .
يخبرنا القرآن عن سؤال الله للمشركين يوم القيامة عن سبب إشراكهم به فيقولون ان الله هو السبب في ذلك إذ لو شاء لهم عدم الإشراك لما أشركوا. وهذا منطق متسق مع المنطق الديني القائل بأن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء والآيات السالفة الذكر ، ولكن الله يعيب عليهم هذا القول ويتهمهم بالكذب (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آَبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) الأنعام148 . ولكن يبدو أنه نسي ما قاله في هذه السورة فنراه يقرر بكل ثقة في آية أخرى من نفس السورة ماعابه عليهم فيقول (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ ) الانعام107 . فهو يقر صراحة بأنه السبب في إشراكهم، فنحن هنا أمام أحد أمرين: إما أن تكون مشيئة الله سبباً في إشراكهم كما قالوا ويكونون بهذا صادقين في كلامهم , أو أن يكونوا كاذبين في هذا الزعم ويكون القرآن مخطأ بتكذيبهم أو أننا أمام حالة شيزوفرانيا .!

- المنافقين فى النار ولهم عذاب أليم ولكن شوية المنافقين دول بره .
شن القرآن حملة شعواء ضد المنافقين ليلعنهم ويبشرهم بعذاب أليم ففى التوبة9: 68 ( وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم ) وفى النساء4: 138 ( بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما ) ويحذر الله المؤمنين من الإنسياق لشرك الأباء ليأمر بعدم طاعتهما ففى العنكبوت29: 8 ( ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما ) وفى العنكبوت29: 10 يحذر القرآن من التفريط فى الايمان نتيجة أذى (ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ) وغيرها من الآيات التى تلعن المنافقين وتنبأ عن حالهم فى الجحيم الأبدى وتحث على عدم التفريط فى الإيمان والإنسياق للكفار , ولكن الله حسب المزاج أو قل وفق الحالة السياسية ليتنازل عن كلامه ففى النحل16: 106 ( من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من اكره وقلبه مطمئن بالإيمان لكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ) فالله يتنازل عن لعناته للمنافقين أى المتذبذبين الأفاقين المتلاعبين ويسمح لمن ينافق ويعلن الكفر وهو فى حالة إكراه وخوف أن يتخلى عن إيمانه ويسب الله ودينه ورسوله مظهراً الكفر ولكن قلبه مفعم بالإيمان !! فأليس هذا قمة النفاق والإنتهازية وعدم ثبات المبدأ فماذا بعد أن ينكر المؤمن إيمانه فألم يأمر بعدم الرضوخ لشرك الأباء وما معنى الإيمان إذا كان يتم خلعه والإستهتار به , ولكن الأمور تتجلى عندما نضعها فى سياقها السياسى البرجماتى ولا عزاء لإيمان ولا يحزنون .

- أفيدونا هل شفاء الصدور من كلام الله أم من القتل .
كلام ومواعظ الله تشفى الصدور ففى يونس10: 57 ( يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة ) فإذا كان مقبولاً أن يكون كلام الله لشفاء الصدور , فمن الغريب أن قتال الكفار والمشركين وتعذيبهم شفاء لصدورالمؤمين وصرف غيظهم ففى التوبة9: 14 ( قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم...) فكيف يتم الجمع بين النقيضين فهل كلام الله لإشفاء الصدور أم قتل الكفار وكيف تستقيم المقارنة إذا إعتبرنا أن الإثنين هما السبيل لشفاء صدور المؤمنين , فهل كلام الله فى نفس الكفة مع القتل والتعذيب !.. يمكن القول أن آية سورة يونس تميل للمثالية فى تعظيم الإله , وأن آية التوبة أطلقها محمد ليمنح مقاتليه لذة الإنتقام والقسوة وتنفيس رغباتهم الوحشية .

- هل القرآن يسيئ لمحمد أم ماذا .
الله فى القرآن يذكر أن الشياطين تنزل على الأفاكين الكاذبين ففى الشعراء221:26 (هل أنبأكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم ) وفى الحجر42:15 (إن عبادي ليس لك عليهم من سلطان إلا من اتبعك من الغاوين ) وهذا يعنى أن من يغويه الشيطان هم من أتباعه كذلك فى ابراهيم22:14 ( وقال الشيطان... ما كان لي عليكم من سلطان إلا إن دعوتكم فاستجبتم لي ) كذلك يُنسى الشيطان محمد (وأما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين) الانعام68:6 . لنصل للإشكالية التى تسئ للنبى وتجعله من الغاوين , فالله شل قدرة الشيطان عن غواية البشر إلا من إتبعه من الغاوين , والشيطان ليس له سلطان إلا من استجابوا لدعوته . والشيطان يُنسى محمد , والشياطين تُلقى آيات على محمد كقصة الغرانيق العلى فينسخها الله أى يلغيها ثم يحكم آياته وفقا لما جاء فى الحج 22 :52 ( وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته ) . فما هو الموضوع بالضبط .

- الشورى الإسلامية ولكن لا خيار مع قضاء الله ورسوله .
يتغنى الإسلاميون بأن الله أمرهم بالشورى ليعتبروا هذا بمثابة إعتماد للديمقراطية ففى الشورى42: 38 ( فأعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر ) ( والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ) وفى ال عمران3: 159( فأعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر ) .
قبل أن نطرح آية أخرى تتناقض مع الآيات السابقة لتبددها فلا تبقى فيها حجر على حجر حرىّ أن نقول أن تلك الشورى الإسلامية ليس لها أى علاقة بالديمقراطية , فالشورى بين المؤمنين المسلمين فقط فلا وجود لاى عنصر آخر أن يبدى رأيه , ولمن يهوى البحث فى الفقه الإسلامى فالشورى غير ملزمة للحاكم .
نأتى لما يناقض سورة الشورى42: 38 ففى الأحزاب 33: 36 ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعصى الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا ) فليس هناك أى خيار لمسلم أو مسلمة فيما يقضيه الله ورسوله ولتلاحظ إشراك النبى فى القضاء مع الله ولكن لندع هذا فى بحث "ألوهية نبى " لنعتنى بسؤال أين الشورى بعد ما يقضيه الرسول , ثم فلنسأل سؤالا عن تطبيق هذا فى عصرنا , فالرسول غير موجود ليقضى فى الأمور , فإذا قال قائل أن القضاء لأهل العقد والحل الممثلين للرسول فلا تعليق بعدها حيث شرعنت التفرد والكهنوت والديكتاتورية .

أرى أن سبب هذه التناقضات والتخبطات ترجع لعوامل كثيرة فهى أولا رؤية بشرية رسمت الإله والأحكام وفق تخيلاتها وتصوراتها ولم تخلو الأمور من هوى الفكر والمزاج وفعل السياسة ليرافقها عدم التركيز ليحق لنا أن نسأل : هل يوجد أحد مازال متشككاً فى أن الأديان بشرية الفكر والهوى والتهافت بل يفتقد مؤلفيها لشئ من التركيز الذهنى .

دمتم بخير.. وعذرا فلم أفلح فى عدم إزحام المقال بالمواد فهكذا إعتدت أو قل أن هناك الكثير فى جعبتى يحتاج التفريغ وإنجازه سريعا .
-"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته" - حلم الإنسانية القادم فى عالم متحررمن الأنانية والظلم والجشع .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عاوز أعرف – مشاغبات فى التراث 8
- إستنساخ التهافت-الأديان بشرية الفكر والهوى والتهافت
- الماركسية السلفية وعلاء الصفار
- إستنساخ آلهة البدواة-الأديان بشرية الفكر والهوى والتوحش
- فضائح وشجون ومخاطر على سواحل أوربا
- منطق شديد التهافت ولكن إحترس فهو مقدس
- إنهم ينفقون على الجن بسخاء-لماذا نحن متخلفون
- منطق الله الغريب - مشاغبات فى التراث 7
- أبشركم بإله ودين جديد .
- كيف تؤلف لك دين جديد -جزء ثانى
- كيف تؤلف لك دين جديد - جزء أول
- سؤال فى تأمل-خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم
- تغييب السبب الرئيسى إما جهلاً أو خجلاً
- تهافت البلاغة – مشاغبات فى التراث(6)
- تصعيد ثقافات وليس صراع حضارات-فى نقد نظرية صموئيل هنتنجتون
- وهم الوجود(1)- نظرية البحث عن علاقة .
- عالم معندهاش دم ولتحذر غدرهم وخيانتهم
- نظرية ورؤية فى فهم الوجود والحياة والإنسان
- لا هى أخلاق ولا يحزنون-الدين عندما ينتهك انسانيتنا
- تأملات فى فكر ونفسية الإعتقاد – لماذا يؤمنون


المزيد.....




- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - شيزوفرانيا-تناقضات فى الكتابات المقدسة–جزء13