أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - العقل التبريري ينتج مجتمعات مريضة














المزيد.....

العقل التبريري ينتج مجتمعات مريضة


مروان صباح

الحوار المتمدن-العدد: 4915 - 2015 / 9 / 4 - 08:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



مروان صباح / عندما سُئل رسول الله ، محمد عليه الصلاة والسلام ، أجاب باختصار ، نعم ، المسلم يسرق ، الي آخر الحديث ، أي أن المسلم يصنع كل شيء سوى أمر واحد ، هو الكذب ، تستوقفني مجتمعاتنا التى صنفت بالنامية ، وهو ، وصف مؤدب لدول متخلفة ، فحجم التبرير فيها عالي ، وقد يكون امتياز ، امتازَ به العربي دون الآخرين ، لأنه كما أظن ، ينمو كما ينمو أي عضو أخر ، بل هو مخرج سهل من أي أزمة ، يكتسبه المرء منذ الصغر ، يكبر معه ويتحول إلى سلوك ، طالما ، يفتقد إلى معالجات علمية ، خصوصاً ، إن كانت المجتمعات يسود فيها القهر والإهدار ، لكن ، ما يجهله الإنسان ، أنه ، بهذا السلوك ، قد حكم على نفسه بالهروب من أي مسؤولية مدى الحياة ، وهذا ، لا يكون إلا اذا كان الخوف والقمع ، هما ، مسيطران على النمط العام الذي يحول صاحبه إلى كاذب كبير ، وحسب التجارب الفردية والجماعية ،وأيضاً ، تجارب الماضي ، فالكذب حسب التصنيفات ، هو ، فيروسي ونوعه وبائي وسريع الانتشار ، ما إن يتمكن من مجتمع معين يحوله تدريجياً إلى غاب ، حيث ، تكشف لنا الأيام ، بأن الكذب ليست صفة بشرية بقدر ما هي حيوانية ، لهذا ، فأن الأفعى تكذب كي تلدغ ، أما الإنسان إن كان سارقاً وفي ذات الوقت يتحسس الصدق طريقاً ، لا يبرر سرقته ، بل ، مجرد القبض عليه متلبساً ، يعترف ، وهذا الاعتراف هو شكل من أشكال الاعتذار ، الذي يضع المرء أمام محاسبة ذاتية قبل أن يُقدم في المرة القادمة على فعل شيء مشابه يضطره إلى العودة للاعتذار ، فليس معقولاً ، أن يبدأ وينهي الإنسان حياته وهو يبرر كل ما يصنعه أو ما لا يصنعه .

كيف ممكن للمرء ، على الأقل ، تجنيب نقل هذه العدوى لمن هو مسئول عنهم تربوياً ، إن فَشِلَ في التوقف عن ممارسة التبرير أو الكذب أو حتى تقنين منهما ، فالمرحلة التأسيسية للأطفال ، تُعتبر ، الأمر الفاصل والحجر الأساس في تحديد هوية الطفل وشخصيته وسلوكه الذي سيستمر عليه طيلة الحياة ، وهذا ، ما يؤكد بالفعل ، أن العقل وحده ، بالرغم ، من أهميته البالغة ومرجعيته المستوجبة ، إلا أنه ، لا يكفي أن يكون المرجع الوحيد ، فمن القضايا التى جعلت الإنسان أن يبرر كل شيء ،بالطبع ، الشهوات ، وهي القادرة على اقتياد العقل في لحظة ضعف ، فالعقل تماماً كالعين ، لهما وظيفتين ، فالعين على سيبل المثال ، اذا كانت تصنف ، بمستوى جيد ، تظل دائماً وأبداً ، تحتاج في غرفة مظلمة إلى ضوء ، فهو الوسيط بينها وبين المرئي ، وهكذا ، العقل التبريري ، عندما يعتمد كلياً على ذاته دون الاحتكام إلى القوانين ، يكون قد احاط بنفسه بجملة أوهام تحولت تدريجياً إلى أكاذيب ، وبالتالي ، تحتاج إلى تبريرها لاحقاً ، بل ، لن تتوقف المسألة عند هذا الحد ، لأن ، مسألة التبرير تحول الإنسان إلى عقل مفتون ، قد سماه التاريخ ، بالعقل الطغاويت ، وهنا لا يقتصر هذا المصطلح على الحاكم ، بل . يشمل ايضاً ، الأفراد ، خذ عندك ، دول الاستعمار ، تاريخياً ، تحلت سياستها الخارجية بصفتين ، هما الكذب والتبرير ، احتلت دول وأعطت تبريرات كاذبة ، لكن ، قدمها العقل بطريقته التبريرية ، حتى المومس ، لها من التبرير ما يكفي لإقناع من حولها ، بأن ظروفها القاسية اضطرتها للجوء لمهنة الدعارة ، وهنا ، يصنف هذا العقل بالذكي ، لكنه في المحصلة ، خبيث يضر ولا ينفع .

طالما ، المجتمعات يسودها فلسفة ، الاختزال ، أي بتعبير آخر ، مثل ، الكذب ملح الرجال ، والحياة قصيرة خذ منها ما تستطيع ، اترك غرائزك تستمتع بما تصل اليه ، يعني ، بتبسيط شديد ، المعادلة ، هي ، تطاول على الآخر ، بالتأكيد ، هي أفعال ناتجة عن فلسفة العقل التبريري ، وإذ ، اخذنا مثالاً آخر ، نجد أن الجريمة ، وهنا ، الجريمة ليس بمفهومها المقتصر على القتل ،فقط ، بل ، نعني بشكل أوسع ، فعندما يختلس المرء أو يرتشي أو يتعدى على حقوق الغير ، جميعها ، هي ، جرائم تقع بحق الآخر بشكل مباشر أو غير ، لكن أيضاً ، ما يُدهش فعلاً ، تلك الأساليب التى تستحضر عندما الإنسان يريد تغطية كذب ما أو فعل ما ، فهو ، كما معلوم ، كائن مفكر ، متسلح بالمنطق ، لكن ، أي منطق ، بالطبع ، منطق الشهوات والغرائز ، حيث يستخدم عقله كي يدافع عن ما اقترفه من باطل دون الاحتكام إلى المعايير الأخلاقية ، بل ، يوظف المنظومة بأكملها لصالح رغباته ، مستخدماً ، طرق شتى تجعله ، يذوب احتراقاً مقابل تبريرها .

مع مرور الزمن يكتشف المرء ، بأن النمو ليس مقتصر على العمر ، فالصدق والكذب ينموان كما ينمو الموت مقابل الحياة ، بصمت ، وطالما ، اشتق المرء طريقه بواحدة منهما ، فهو مؤهل أن يدافع عن اختياره بكل ما أوتي من منطق وعقل ، حيث ، يتحول مع الزمن ، على الأخص ، إذ ، كان الكذب اختياره ، إلى عقل تبريري لا يؤمن سوى بالزيف والتدليس ، لهذا ، هناك مجتمعات تسمى صحية وأخرى مريضة .
والسلام
كاتب عربي



#مروان_صباح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هيهات أن يجيب الرئيس بوتين عن مصير الضفة الغربية ..
- كيف نعيد الثقة بأنفسنا
- ننتهي من ضجيج حتى نجد أنفسنا بين ضجيج أشد وأنكى
- حماس بين البدائل وحتمية الفشل
- نور الشريف والمشهد الأخير
- المرحلة الثالثة من المشروع الإسرائيلي في الضفة
- تحدي أهوج لشهر رمضان
- من بيع السلاح والنفط إلى علاقة اقتصادية أقوى توجت بإدارة مست ...
- قطعان ينتظرون الذبح
- من ابتكارات الحداثة غسل الماء قبل الشرب
- إبادات قانونية وأخرى اجرامية
- القضاء السويدي يبعث من جديد رسالة جديدة للقضاء العربي
- غونتر غراس
- لو كان الأوكسجين والماء قرار بشري ، لكانت المأساة اكتملت ...
- الكتاب والحذاء
- محاصرة مصر وتلغيم أمنها القومي
- تحويل الشهيد إلى بئر بترول
- إليسا تُعيد طوقان من قبره
- بين النفخ والتضخيم ،ضاعت الشعوب
- تعاون يكشف عن حجم وأهمية العلاقة القائمة .


المزيد.....




- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...
- مقتل عراقية مشهورة على -تيك توك- بالرصاص في بغداد
- الصين تستضيف -حماس- و-فتح- لعقد محادثات مصالحة
- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - العقل التبريري ينتج مجتمعات مريضة