أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي عبد الرضا - ولكن من هي الحكومة التي يقصدونها ؟















المزيد.....


ولكن من هي الحكومة التي يقصدونها ؟


علي عبد الرضا

الحوار المتمدن-العدد: 4849 - 2015 / 6 / 26 - 09:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ولكن من هي الحكومة التي يقصدونها ؟
قد يبدو السؤال غريبا نوعا ما. ولكن دعونا ننظر بتروي الى المواقف التالية :
عندما يتكلم المسلمون الشيعة في العراق عن الحكومة فأنهم وبوضوح جلي يستهدفون الحكومة وكأنها مقصورة فقط على السياسيين الشيعة. وهم لا يوفرون أي كلمة من كلمات اللعن والشتم والسباب والسخرية والتهجم وغيرها من مخزون قاموس اللغة ( العراقية ) الغني الى حد اللعنة بهذه المفردات.
المسلمون الشيعة يحملون السياسيون الشيعة، كل أعباء ووزر الأخطاء الجسيمة والقاتلة واللا أخلاقية التي ترتكب في كل ساعة ودقيقة وليس بحساب الأيام والأسابيع والأشهر والسنوات المعهود في هذه الظروف، وليس أي احد أخر من سياسيي المكونات الأخرى وبشكل خاص سياسيي المسلمين السنة وسياسيي الأكراد الداخلين ضمن بنية الحكومة بكل مفاصلها وتركيبتها ومستوياتها المختلفة.
ولا ينفرد الشارع المسلم الشيعي بذلك النقد والتهجم العلني والحاد والمفرط بل انه يشمل بشكل واسع ومميز تقريبا كل سياسييه وممثليه السياسيين المنتخبين وحتى بعض من يسمون انفسهم مراجع دينية صرخية وغيرها والوراثية العائلية أو بعض ممثليها تنغمس في ذلك.
ويتوجس الشارع المسلم الشيعي وسياسييه وممثليه المدنيين والدينيين من الخوض أو التعرض للإداء الخاطئ والخطير جدا في أحيان كثيرة جدا التي يمارسها المسؤولين السياسيين وممثلي المكونات الأخرى. فهم يتحاشون دوما توجيه النقد السليم والمفيد والبناء لأداء الوزراء والمسؤولين الحكوميين ومن هم اعلى منهم أو اقل منهم من أفراد المسلمين السنة بشكل خاص وكأنهم خط احمر لا يجوز الاقتراب منه وبالمطلق. وترتفع أصوات السياسيين الشيعة مطالبة وبكل قساوة وفضاضة لإسكات كل الأصوات المنتقدة معللين ذلك بحراجة الظرف ( الزمني ) والتحديات ( الأمنية ) والحاجة الماسة والملحة ( للوحدة ) وتثار هنا كسبب وجيه ومعتبر من وجهة نظرهم أهمية المحافظة على ( الَلَحمَةَ ) الوطنية والتي يقصدون بها خطأ لجهلهم المفرط بـ ( اللًحمَة ) الوطنية. وهناك فرق واضح كما يلاحظ القارئ اللبيب.
فالسياسيين من المسلمين السنة وممثليهم وقادتهم المدنيين والدينيين ورؤساء عشائرهم وقبائلهم وقراهم وخيامهم وبعرانهم المنتشرين، يتحسسون جدا وبشكل مفرط للغاية وبتشنج وعصبية وتعصب بالغ من أي نقد وان كان تلميحا بسيطا بريئا هدفه تصحيح الأمور وليس الجور على احد ابدا. وهم يرفضون أي تعرض لممثليهم من أصحاب الكراسي الوزارية والهيئات العليا للدولة والجالسين بمجلس النواب، ومن هم اعلى من ذلك ومن هم ادنى من ذلك بقليل أو كثير. فأنهم أساتذة جهابذة في الزعيق : بـ مظلومية أهل السنة العرب العراقيين الأصلاء وبالتهميش المستهجن والإجرامي للمسلمين السنة والإقصاء المبرمج والممنهج والمخطط له من دولة تقع الى الشرق من الحدود العراقية وتتم على يد الغرباء من الفرس المجوس الصفويين المحتلين لأرض العراق، المفردة لهم وبالمطلق والتشريع الإلهي ومنذ ما خلق رب العباد ادم وحواء ويقال أن ابنهم القاتل هو فارسي مجوسي صفويّ ( ! ) وان ابنهم ( المقتول ) مسلم سني عربي أصيل بدويّ عًمَرِيّ الهوى والدين والمسلك والمعتقد.
الحكومة في عيون المسلمين السنة وسياسييهم وقادتهم ورؤساء عشائرهم وقبائلهم، هذه المفردة اللغوية تعني فقط وبشكل إطلاقي مثير، الأحزاب والقوى السياسية والمدنية والدينية للمسلمين الشيعة الذين ينظرون، أي المسلمين السنة، اليهم بنظرة احتقار واستنكاف شديدين وتقزز مريع. ولا يتوانون أن يطلقوا اقذع الكلمات والصفات على المسلمين الشيعة واعتبارهم بمستوى عقلي منحط من الذكاء والفهم والوعي والإمكانية بما يجعلهم غير مؤهلين لتسلم أي مواقع سلطوية ناهيك عن إدارة شؤونهم بأنفسهم بحكم تدني مستواهم العقلي مقارنة بالمسلمين السنة البدو الأصلاء، ما يفرض كمحصل حاصل ما يقول به المسلمين السنة من عدم أهلية المسلمين الشيعة وبالمطلق من الدخول في هيئات الإدارة العراقية العتيدة.
امر أخر يوجب ذكره هنا هوان كل ممثلي المسلمين السنة من السياسيين و القيادات المدنية والعشائرية والقبلية والدينية، قد توحد خطابها في مواجهة المسلمين الشيعة وهو بكل خطوطه العامة وتفصيلاته وتدقيقاته عدائي بشكل مفرط ( للمعدان ) ! وهم متوحدين في خطابهم تجاه الأكراد وغايتهم في ذلك الحصول على انحيازهم لهم في سبيل إعادة ماكنة الحكم القمعية الى أياديهم مرة أخرى مقدمين لأجل ذلك تعهدات وتنازلات جسيمة وخطيرة وللتاريخ فقد نجحوا في الكثير من تقربهم الى الكرد، وانحياز الكرد لهم في المعركة الفوقية المنفصلة بالتمام والكمال عن الشعب العراقي في تقسيم المناصب والمغانم والفرهود العام السائد في بلادنا.
هذا هو النداء الأول : العداء لاهل السنة والجماعة !
هذا هو الذي ( يخفي ) بوقاحة مريرة وعصبية نتنة موقفهم الرئيس : لا شيعة بعد اليوم !
وعلى هذا السياق نرى ( أن الشارع المسلم الشيعي وسياسييه وممثليه المدنيين والدينيين ) يحاذرون جدا من التطرق الى الخروقات الفاضحة والممارسات المضرة والمخربة والتجاوزات الخرقاء الصادرة من ممثلي وسياسيي ومسؤولي المكون الكردي، مهما كانت تحمل من مخاطر جمة ومهولة لكل ( الشعب ) العراقي بكل مكوناته. وتطرق أسماعنا بقوة عجيبة نداءات عدم تناول هذا الموضوع بحجج أن البلد في خطر.
فالسياسيين من المكون الكردي وممثليهم وقادتهم ورؤساء قبائلهم وصخورهم وبغالهم المنتشرين والمتمددين والقاضمين شيئا فشيئا من الأراضي ( العراقية ) وجعل الأمر ( فرض الواقع على الأرض شاء من شاء وأبى من أبى ) وهم لا يخفون ولا يتهربون من الاعتراف بأنهم يتعاونون مع ( الشيطان ) وبكل رحابة صدر وغرور واستعلاء مبين لأجل تحقيق ( أمانيهم المشروعة والمحقة والعادلة والغير قابلة للنقاش وكل ما يتضمنه حقهم القومي المطلق بدولة منفصلة وبأي ثمن كان وبالتحالف مع أي كان شرط أن يدعمهم ) والمفجع هنا حقا انهم بدأوا باستغلال الخلاف بين المسلمين السنة والمسلمين الشيعة النابع أصلا من تعصب المسلمين السنة على أن يكون الحكم لهم وبالمطلق ورفضهم لتسنم أي من المسلمين الشيعة لأي منصب يجعله في موقع الأمر على الفرد المسلم السني وعلى جميع المستويات الحكومية والإدارية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتوظيف هذا الخلاف المرّ وغير السليم ابدا والمتعارض مع كل قناعة عقلية ومنطقية في محاكمة الأمور، لأجل تحقيق المزيد من ( المكتسبات ) على الأرض وما فوق الأرض وما تحت الأرض من غنائم. فهم يتحالفون مع المسلمين السنة وبكل علنية وصفاقة وصلافة تامين ويعقدون معهم الصفقات الخطيرة الأبعاد والمديات على حساب مشاركتهم مع المسلمين الشيعة والمسلمين السنة في كل مستويات السلطة والحكم.
وانه لمن اللازم أن أشير الى أن ممثلي وسياسيي وقيادات ورؤساء عشائر وقبائل الكرد يتقنون بشكل مدهش الحديث عن مظلوميتهم وهذا امر حسن جدا ومقبول. ولكن ما يثير السؤال أن كل المفردات التي يستعملونها نجدها متطابقة وبشكل فريد ومتميز وإعجازي مع الخطاب المولول المأساوي الرتيب والمحكوم بمفردات ضيقة والتي أجادها ويجيدها وما زالوا الصهاينة من اليهود. وهذا ليس شتيمة أو تهمة أو تعرض أو مسّ بالمكون الكردي، بل هو تقرير لواقع حال مرير. ومن الأنصاف الإشارة الى أن المسلمين السنة قد أتقنوا هذا النوع من الخطاب بفترة زمنية قصيرة ومذهلة واصبحوا من المبدعين في لَوك مفرداته كما يفعل المكون الكردي.
والمثير للاسى والغضب الشديدين أن سياسيي وممثلي المكون الكردي قد انغمسوا في لعبة قذرة دنيئة باحتضانهم ورعايتهم لألاف من البعثيين الفاشيين والعسكريين الصداميين الذين كانوا من الد أعداء الشعب الكردي. لقد وفروا لهم الإقامة الأمنة وسهلوا لهم وبكل السبل والطرق إمكانيات إدارة أعمال العداء الوحشية ضد المسلمين الشيعة وشن الهجمات الإرهابية البشعة ضد السكان الأمنين في الوسط والجنوب العراقيين.
سياسيي وممثلي المكون الكردي قد حققوا نجاحات متميزة في أداء ( كورالهم – جوقهم ) بتحديد من تكون الحكومة ومالوا في ذلك وبشكل مطلق في الآونة الأخيرة وخاصة ما بعد 10 حزيران 2014 الى صف المسلمين السنة في الزعيق المصم للآذان بجور وظلم وتعملق و ( طنطلـ ... ـت ) المسلمين الشيعة وممثليهم. لا مناص أمامنا إلا الإقرار بان المكون الكردي ممثلا بقياداته الأساسية المختلفة قد نجحوا بتحقيق نجاحات فاقت كل أحلامهم السابقة وما ناضلوا لأجله عقود طويلة من الزمان. لقد تمددوا الى أبعاد تؤمن لهم عمقا استراتيجيا دفاعيا ولا يبدو ابدا انهم قد اكتفوا بذلك الى الآن بل انكل ما نلاحظه هو استمرار في التوغل لحسابات سياسية كبيرة وخطيرة ومؤذية لتحصين مواقعهم في النزاعات المقبلة.
هذا هو النداء الثاني : العداء للشعب الكردي !
هذا هو ما ( يخفي ) كرههم المؤلم لكل ما هو عربي جراء الأعمال الإجرامية البربرية التي مارسها إخوانهم في العقيدة الدينية ( الإسلامية السنية ) عليهم وعلى مسلمين أخرين ( من عقيدة إسلامية مختلفة ) يشكلون الأكثرية المطلقة من قوميات أخرى ومن بينها مكون كردي مورست بحقه اشنع أعمال الإبادة البشرية والظلم والجور.
لا مناص من ذكر أن المسلمين الشيعة، أو بشكل ادق واكثر صدقية : ممثليهم وسياسييهم المنتخبين والمفروضين والصدفيين، يتصرفون بشكل اخرق ومنذ تهشم بنية التسلط السياسي والأمني والقمعي عليهم من قبل المسلمين السنة والذي دام لقرابة أربعة عشر قرنا من الزمن. لا مناص من ذكر انهم يتعاملون مع أجزاء السلطة التي حصلوا عليها بعد الأخذ والرد في ( حمامات ) تقسيم الكراسي والمغانم البائسة بين مكونات الشعب العراقي الثلاث الرئيسية. انهم وبحق يمارسون : ( الفرهود ) بشكل سافر وقح وفج في الوقت الذي كان الكثيرين يأملون منهم أن يظهروا ممارسة عقلانية عادلة مسؤولة منصفة وأخلاقية وانضباط عالٍ تليق باتباع ال البيت ص والتزام بالقوانين والشرع الديني.
لا يكتمل الأمر بذكر هذا ولكن من الملح جدا ذكر الوجه الأخر للعملة والتعامل بكل نزاهة وشفافية وصدقية وأخلاقية : إن ممارسات ( الفرهود ) كانت تعم بدرجات متفاوتة كل المناطق الواقعة تحت إدارة المكونين السياسيين للمكون الكردي منذ ما قبل 1991 وبشكل اشد وابغى ما بعد هذا التاريخ والى يومنا هذا. فكل محاولات ممثلي وسياسيي المكون الكردي للظهور بمظهر حضاري نوعا ما معتمدين أسلوب ترديد نفس المقولات الببغائية الممارسة بشكل مريع في بلدان الديمقراطيات الغربية والإسرائيلية بشكل خاص. هذا الفرهود ( الكردي ) جرى ويجري مستفيدا من العاصفة الترابية الهوجاء التي هبت على بلدنا مع مجيء الاحتلال الأمريكي وبروز العداء الشرس لمسلمي السنة ضد مسلمي الشيعة والتي يرفضون فيها القبول بتقزيم حجمهم السياسي السلطوي الى الحد ( الحقيقي الواقعي ) الملموس على الأرض والمعبر عنه في نتائج الانتخابات العديدة.
وانه لمن الصائب جدا الإشارة الى إن المسلمين السنة ، والمقصود هنا ممثليهم وسياسييهم وقادتهم ورؤساء عشائرهم وقبائلهم، مارسوا بشكل حاذق النهب ( الفرهودي ) لكل ممتلكات النظام الفاشي البعثي المجرم ما قبل 2003. ولقد غنموا مغانم عظيمة لا يستهان بها تمثل في قيمها ميزانيات دول عديدة مجتمعة. وكانوا سباقين في ( الفرهود ) تحت غطاء ( العجاجة الغبراء ) التي انهمرت على كل الأرض العراقية مع مجيء الاحتلال المجرم لبلدنا.
( لا يهم ! قد نختلف في تقييم ما حدث في العام 2003 فالكثيرين من المتضررين من الحكم القمعي الوحشي المجرم يعدون ما حصل تحررا، أو على اقل القليل إزالة للقمع السني على المسلمين الشيعة. فحكم حزب البعث قد ( تحول ) من الشكل العلماني المزيف والخادع للكثيرين ليسفر عن وجهه الكالح الطائفي المقيت البدوي الهمجي. فالأكراد قد تخلصوا من القمع البعثي الفاشي ما بعد انتفاضة أذار في العام 1991 ليقعوا تحت قمع سياسييهم العشائريين المتلفعين بالزي الكردي المهيب، فليس من مجال للتطاول عليّ في مسألة العداء للبعث الفاشست، فانا شخصيا قد فقدت والدي الشهيد وإخوتي الشهداء الستة على يد جلاوزة هدام البلاد والعباد. ولكني ما زلت اصر أن الاحتلال قد جلب لبلدنا وشعبنا المآسي العظام، وهذا اللغط والنقاش حول الاحتلال والتحرير سيبقى الى سنوات طويلة جدا واعتقد جازما إن كثيرين سيندمون على موافقتهم على الاحتلال، كشكل مقبول لإنهاء حكم القمع البعثي الوحشي التجويعي المروع للبشر، بديلا عن الاستمرار في الإصرار على نهج منهج المقاومة الشعبية للجلاوزة البعثيين الطغاة وإسقاط حكم القمع والتسلط وإقامة مجتمع الإنصاف والتنمية. فالنظام كان مترنحا، وهذا ما يشهد عليه كثيرون، وكان للمقاومة الشعبية أن تخلق قادة أصلاء ذوي أخلاقية إنسانية عالية، قادة كانوا سينهضون بالعباد والبلاد الى ما تطمح له النفوس ويرتضيه الشعب )
مفهوم الحكومة عند المسلمين الشيعة، وهذا امر مثير للتمعن والتأمل العميقين، قد انحصر في ممثلي وسياسيي المسلمين الشيعة وأحزابهم. هذه الكتلة السكانية العظيمة التي بقيت تطمح للحصول على متسع، أي كان حجمه لبعث أحزانهم العظيمة وندائهم السرمدي : يا حسين ! لنلاحظ جيدا أن المسلمين الشيعة ومن ما بعد 2003 ورغم كل محاولاتهم لإدخال بعض الفرح والبهجة في نفوسهم من خلال إقامة احتفاليات أعياد ميلاد أئمتهم، إلا انهم وللأسف الشديد بقوا محصورين في ( قمقم ) حزنهم العظيم والصادق لفقد أئمتهم.
وانه لمن المثير للاسى انه لا تظهر الى الأن أي أفاق لتغيير ذلك، ويبقى الامل متقدا بفضل الانتصارات الخارقة التي يحققها الحشد الشعبي، المتشكل بعد الفتوى الخطيرة للمرجع الديني السيد السيستاني والذي في أكثريته المطلقة يتكون من المسلمين الشيعة، هذه الانتصارات يشدخها بشكل مأساوي وعميق بعض الممارسات لأعداد قليلة جدا مندسة داخل الحشد. المدهش جدا والمثير حقا أن هؤلاء البواسل في الحشد الشعبي يحققون المعجزات رغم أن أغلبيتهم المطلقة قد تركوا أهاليهم وعوائلهم وأطفالهم بدون أي معيل وما زالت الحكومة ( ما المقصود بالحكومة هنا : إنها بالحتم الجزء الشيعي منها فقط ) لا تصرف لهم أي رواتب أو إعانات أو مساعدات أو تخصيصات أو مكافئات، إلا يحق لنا القول أن الجياع اذا ما وثق بهم وأعطوا قدرا من المسؤولية فأنهم سيجترحون المعجزات رغم الم الجوع الذي يعتصرهم ويعتصر أهاليهم من جهة ومن الجهة الأخرى يرغد السياسيون من كل الأطياف برغد العيش الباذخ المنفلت من كل عقال ونطاق بشكل سافر مستفز للنفوس.
ويظهر للجميع الاختلافات العميقة ما بين الأحزاب الممثلة للمسلمين الشيعة والصراعات المحتدمة بين أطرافها على عكس ما نراه من توحد في خطاب مكون المسلمين السنة ومكون الكرد أو الكورد باتجاه المكونات السياسية الأخرى. وامر طريف للغاية أن يدعو احد أعضاء الحكومة عن مكون سياسي شيعي بالدعوة الى التنازل عن الكثير من ( مواقع المسؤولية ) وتسليمها الى المسلمين السنة لتطييب خاطرهم، هذا يذكرني بما اقدم عليه رئيس الوزراء السابق في بداية حكمه من تقديم ( مكرمات رئيس الوزراء ) الطرافة تكمن في أن القوم يعتقدون أن ما بأيديهم هو أملاك شخصية ولهم كل الحق التصرف بها كما يروق لهم.
هذا هو النداء الثالث : الفرهود الشيعي !
هذا هو ما ( يعلن )، على خلاف الاثنين الأخرين، مدى هيجان النفوس لأخذ نفس ولو واحد، ومهما كان حجمه، بعد أماد تاريخية طويلة جدا من كتم الأنفاس المؤلم والمروع والممزق لكل المشاعر الإنسانية للمسلمين الشيعة، وكل سياسييهم وممثليهم وأحزابهم. لقد انفجرت كل رئات المسلمين الشيعة المعايشة للعزاء الحسيني السرمدي في كل أيام الزمان، من ما بعد التغيير الذي أتى على أعقاب الاحتلال الأمريكي للعراق في 2003. فالمقتول في عين المسلمين الشيعة من ولد ادم وحواء، بعد طردهم من الفردوس الى الجحيم الأرضي، هو الحسين بن على والقاتل هو ابن معاوية ابن سفيان، هذا بحق ما نسبره في نفوس القوم اذا ما أتيح لنا تدارس مشاعرها العميقة الوجدانية. مفهوم جدا أن من الخطأ الفادح في هذه المعادلة جعل القاتل والمقتول أخوة. الأمر ليس في هذا. المسألة تتعلق بأي مسار للإسلام أراده أبناءه، هذه المأساة التي حتمت وبالمطلق انقسام الإسلام الى تيارين : الإسلام الدنيوي وإسلام الآخرة !
نعود الى تسطير الأمور :
الحكومة عتد المسلمين السنة هي مجموعة من الشخوص غير الأكفاء والمتدنين عقليا من مكون سكاني له عقيدة إسلامية تختلف عن عقيدتهم، وفي اغلب الحالات فأنهم يكفرونهم وعلنا أمام الملأ. لا تملّ نفوسهم ولا تكلّ جهودهم من اجل إقصاء مجموعة المتخلفين عن الحكم وأعادته الى أياد ( متمرسة ) على إدارته تدعمهم في ذلك اكثر من ثلثي بلدان الجوار ومليار واكثر من النفوس المسلمة السنية.
الحكومة عند الأكراد هي مجموعة من السياسيين، من مكون سكاني كبير كان يعطف عليهم في كل عقود الزمان التي كانوا يعانون فيها من الظلم والجور والأذى والاضطهاد، لا يفهمون الف باء السياسة ومن الممكن خداعهم واللعب على عقولهم الصغيرة. هذا واقع حال الملموس الحي من التعاملات الحسية الظاهرة والمخفية.
الحكومة عند المسلمين الشيعة هي غنيمة تلاقفوها كما تلاقف بني أمية الحكم وغردوا في حينها :
ليت أشياخي ببدر شهدوا ...
جزع الخزرج من وقع الأسل
قد قتلنا القرم من ساداتكم ...
وعدلنا ميل بدر فاعتدل
فأهلوا واستهلوا فرحا ...
ثم قالوا يا يزيد لا تسل
لست من خندف إن لم أنتقم ...
من بنى أحمد ما كان فعل
لعبت هاشم بالملك فلا ...
خبر جاء ولا وحى نزل
قد يقول كثيرون أن هذا حكم قاسٍ ومجحف وضار بقضية المسلمين الشيعة ! لكل الحق في الاعتراض ! ما علينا إلا الاحتكام الى وقائع الأمور والأحداث والسياسات والممارسات.
كل المسلمين الشيعة الذين كانوا وما زالوا يعتبرون انفسهم في غبن تاريخي عظيم كانوا يتوقعون من بعد إزالة حكم الفاشست البعثيين أن يأتي حكام منهم في صفاتهم يشكلون النقيض الصادق والحي للحكم السابق القمعي الفاشي الظالم. لقد أملوا بحكام يستهدون في مقالهم وعملهم بسيرة آل البيت ص، ولكن تعالوا ننظر الى ماذا حصلنا عليه ! الرجاء التروي في اطلاق الأحكام والاتفاق أو المعارضة، دعونا نتأمل واقع الأمور بلا تجاذبات سياسية أو عاطفية أو عصبيات غبية استعلائية تكبرية لا عقلانية. لنحتكم الى العقل والمنطق فنحن نتناول مسألة على درجة عالية من الخطورة والجسامة والتي تمس حياة كل فرد عراقي في داخل البلد أو خارجه، والى سنين مديدة قادمة تتجاوز في تأثيراتها الخطيرة أحفاد أحفادنا. فتصليح الأخطاء السياسية في المنهج والممارسة قد اثبت التاريخ مرة بعد أخرى وبقساوة موضوعية بالغة تتطلب إهدار حيوات عديدات تقع على كواهلنا جميعا أعباؤها.
ليفهم الجميع انه لا مهرب لاحد من محكمة التاريخ القاسية الباردة المشاعر والأحكام غير المنحازة في أخر المطاف وان اللعنات تلحق بكل من تسبب بأذى وأساء وافسد واعتدى وطغى وتجبر وتكبر ... يجب أن يفهم الجميع انه ليس هناك من مجال للهرب من الحساب والعقاب، ابدا وبالمطلق !
الامل الأعظم باعتقادي يبقى في ثلاثة أشكال من الحشد نحن بحاجة ماسة اليها :
الحشد الشعبي ضد الإرهاب والعدوان الخارجي ولأجل الحفاظ على الأمن والأمان والاستقرار للجميع. وهذا افضل ما تحقق لشعبنا على امتداد قرون من الزمان، هذا ما سيعطينا قاعدة نبني عليها مستقبلنا وتاريخنا الذي سيملئ وبالحتم بالمفاخر والبسالة والإقدام والانتصارات، لا، فقط، بأحزاننا الصادقة، انه المعبر الذي سيحول أحزاننا الى منطلقات لتحقيق الانتصارات والأمجاد لشعبنا.
الحشد الأخلاقي ضد الفساد والإفساد والخيانة والسرقات والتخريب وكل مظاهر وممارسات الاعتداء على الدستور والقوانين النافذة وإقرار مقولة : لا إفلات من الحساب والعقاب ! لا للخيانة الوطنية !
الحشد الوطني من اجل البناء والتنمية وإرساء قاعدة راسخة رصينة تمتد لأفاق التطور الى ما ابعد من خمسين عاما قادمة.
أن تلازم هذه الحشود مع بعضها على أهمية كبيرة من الخطورة. فلا من نجاح لحشد شعبي ضد الإرهاب والعدوان والمجموعة الحاكمة في أكثريتها المطلقة ترتع في الفساد والإفساد والتخريب والسرقات والخروقات القانونية. ولا من نجاح إلا بتأمين الجبهة الداخلية وتعزيزها وتقويتها وتطهيرها من الخونة والمخربين وكل من يعمل على إبقاء البلاد في تخلف وانحطاط. أن الحياة تفرض على أجيالنا التي اكتوت عميقا بأنظمة القمع الوحشية وسياسيي الخراب والتخريب والخيانة الوطنية أن نحمل الوزر الأعظم من التضحيات وان الحياة ستمجد أجيالنا على إيثارها وتضحياتها الكبرى لأجل إرساء أسس سليمة لحياة الأجيال من بعدنا بأفضل مما كنا نتمناه لأنفسنا !
بالحتم ، انا لا اهدف الى الاعتداء على أي احد، وبالحتم انا لا اهدف الى استفزاز احد، فأنا في غنى عن ذلك، كل ما اهدف اليه وأتطلع له بحمية عالية هو : الحصول على حكومة للبلاد يتحلى أفرادها، وكل من يخدم في الخدمة العامة للشعب، بأعلى درجات الأخلاقية والعقلانية والمنطقية والإنسانية، الالتزام بمنظومة عظيمة من مكارم الأخلاق، فهذا ما تطمح اليه كل النفوس السليمة، الحكم مهما زينّا أوصافه فأنه سيضل وبالحتم المطلق أداة للقمع بكل ما تعنيه الكلمة، انه قمع لكل من تسوّل له نفسه الاعتداء أو التطاول على الدستور والقوانين السائدة والتي يجب أن تكون مقرة من الشعب باستفتاءات يشارك بها الجميع بلا استثناء.
قبل أن اختم : ماذا اذا حال العلمانيين الذين يدعون انهم لا يميلون الى أي دين أو طائفة أو عرق أو قومية ؟ وماذا عنهم ؟ المؤلم بحق أن افضل فصائلهم واقدمها سياسيا وأكثرها تضحية ( على الرغم من أن نسبة التضحية ما زالت موضع جدل عميق ) قد انزوت وهي تشير الى عقوق الشعب معها، وان الشعب كالصخرة الصلدة لا ينفع معها أزاميل ومطارق الثوار ! ومؤلم حقا انغماسهم في سياسة التحالفات المريبة مع أعداء حقيقيين للتغيير الثوري المنشود. وباقي العلمانيين ما هم إلا البعثيون السابقون المتحسرون على زوال حكمهم. لا من مستقبل للعلمانية أراه في بلدي إلا للعلمانية التي تهتدي بالعقلانية المنطقية والأخلاقية السامية والإنسانية.
ختاما : لكل من يتابعون ( محاولاتي ) كتاباتي المتواضعة فاني اقدم لهم صادق اعتذاري لتأخري في تقديم الأجزاء الأخيرة من مجموعة مقولات نشرت أجزائها العديدة سابقا، وبالرغم من العديد من المعوقات التي تحد في إنجازي لالتزاماتي الأدبية الأخلاقية تجاه ابدا يومنا الحالي !
الدكتور علي عبد الرضا طبله
26 حزيران 2015



#علي_عبد_الرضا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يومَ استشهدَ العراق بكل قامته ... وحوار عراقي بالمدّس
- حوار قصير عن الخلاف الطائفي في المجتمع العراقي
- ليش نسكت ...
- خلاف طائفي ام سياسي وما العمل ج 7 - التقسيم وبعد ج 6 - الباب ...
- خلاف طائفي ام سياسي وما العمل ج 6 - التقسيم وبعد ج 5 - الباب ...
- خلاف طائفي ام سياسي وما العمل ج 5 - التقسيم وبعد ج 4 - الباب ...
- خلاف طائفي ام سياسي وما العمل ج 4 - التقسيم وبعد ج 3 - الباب ...
- نفاق مدعيّ نبذ الطائفية
- خلاف طائفي ام سياسي والتقسيم مقال مشترك - الباب الاول
- التقسيم ... وبعد ؟ الجزء الأول
- التقسيم ... وبعد ؟ الجزء الثاني
- خلاف طائفي ام سياسي ... وما العمل ؟ الجزء الثالث
- خلاف طائفي ام سياسي ... وما العمل ؟ الجزء الثاني
- خلاف طائفي ام سياسي ... وما العمل ؟ الجزء الأول
- { انه لو كان هنالك مرجعا سنيا في العراق لما بقي شيعي واحد في ...
- { لا شيعة بعد اليوم } الجزء الثاني من ثلاثة أجزاء
- { لا شيعة بعد اليوم } ... { انه لو كان هنالك مرجعا سنيا في ا ...
- { انه لو كان هنالك مرجعا سنيا في العراق لما بقي شيعي واحد في ...
- المطلوب قرار فريد من نوعه غير مسبوق ج 3 من ثلاثة اجزاء
- فهم الصراع الوجودي شرط لحسمه ج 2 ثلاثة اجزاء


المزيد.....




- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي عبد الرضا - ولكن من هي الحكومة التي يقصدونها ؟