أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - تمرّد... وكتابُ التاريخ














المزيد.....

تمرّد... وكتابُ التاريخ


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4820 - 2015 / 5 / 28 - 18:00
المحور: المجتمع المدني
    


لديكَ في تكوينك الذهنيّ المدهش أداةٌ لا تتوقف عن العمل اسمُها "المِخيال" lʼ-;---;--imaginaire. أول من اكتشفه من البشر كان أرسطو، الفيلسوف الإغريقي الفذّ، ومنحه اسم: "فانتاسما" Phantasma. فيما بعد، أخذه عنه فلاسفةُ العرب مثل ابن رشد وابن سينا والفارابي وأسموه: “فانتازيا”. وشرح أرسطو تلك الأداة الذهية في كتابه الجميل: "النَفْس"؛ قائلا إن الفانتاسما بالنسبة للنفس العاقلة والمفكرة، تشبه الأحاسيسَ عند غياب المحسوسات. ولهذا لا عقلَ يفكر دون فانتاسما، أو مخيال.
الآن، اغمضْ عينيك، عزيزي القارئ، وشغّلْ تلك الأداةَ العبقرية في عقلك، وتخيلْ: الإخوان، مازالوا في الحُكم حتى يومنا هذا. مرسي العياط مازال يُهرتل في خُطبه المستطيلة التي لا تنتهي على شاشات التليفزيون بالساعات الطوال، والأيام. يهرفُ بما يُمليه عليه مرشد الإخوان محمد بديع، الذي يتخفّى وراء الكاميرات في نقاب امرأة. العياط يشير بإصبعه السبّابة في وجوهنا ليتوعدنا بالويل والثبور وعظائم الأمور. يُخطئ في النحو والصرف مُصِرًّا على تشكيل نهايات الحروف، ولا يتبع القاعدة الذهبية: "سكِّن تسْلمْ". يزعم حفظَه القرآن الكريم، لخداع البسطاء، وحين يحتكم إلى آية قرآنية يُخرجها من جيبه مكتوبة على ورقة، فيخطئ في قراءتها. خيرت الشاطر يحتكر كل مؤسسات مصر ويشرّد ملايين العاملين ليُعيّن بدلا منهم أبناء الأهل والعشيرة الإرهابيين. أعضاء مكتب الإرشاد يملأون المحليات والمحافظات والمدارس والوزارات ويدمرون أوصال مصر، ويسومون الشعب سوء العذاب. قناة مجلس الشعب تُعذِّبُنا كل يوم ببشر بعضهم يغطُّ في النوم العميق، وبعضهم يقظٌ ينظف أصابع قدميه أمام الكاميرات بسبّابته وإبهامه. مصر يحكمها دستورٌ يبيح استنهاض الرقيق الأبيض والزنا بالطفلات الصغيرات تحت مسمى الزواج من أجلاف تخطو السبعين من أعمارهم. أم أيمن وأقرانها على شاشات التوك شو يصرخون في وجوهنا: مرسي رسولٌ من الله لهدايتكم أيها الشعب الكافر، ونحن أسيادكم، وقريبًا نؤدبكم بجيش من "الحرس الثوري"، ونعتقل مثقفيكم وعلماءكم في سجن يشبه سجن “إيڤ-;---;--ين" بطهران، كما أدّب الخوميني شعب إيران المثقف. قناة الناس مازالت تعجُّ بالإرهابيين الذين يسبوننا ويكفروننا ويأمرون بهدر دمائنا ويحرضون الدهماء على قتلنا وينعتوننا بـالداعرين والدعارات، وألسنُ البذاءة والمراهقة والانحطاط تقطر بكل ناقص ومُسيء وركيك وبذيء كما ألسن وجدي غنيم وخالد عبد الله وأبي إسلام ومحمود شعبان وغيرهم من هالوك المتأسلمين. مصرُ تتفتت وتتوزع أراضيها على أهل الإخوان وعشائرهم في غزة ويُنفق ما تبقى من خيراتها لتمويل العمليات الإرهابية في سائر دول العالم. مازالت عيناك مغمضتين، والظلام يدثّر روحَك وبصرَك، والغدُ لا يشي بأنه قادمٌ.
الآن، افتح عينيك وسعَهما، والقي بنظرة خارج شرفتك. وطنُك حرٌّ وأبناء جماعة الإرهاب في أماكنهم الطبيعية، وثمة عصفور يجوبُ الأفق فوق سماء مصر يعدُ بأن الغدَ آتٍ بالخير، وإن تأخر، ويطلب منّا أن نعمل ونكدّ ونخلص ونتعلم ونتثقف لكي نُعجّل بالغد الطيب.
هذه الحرية هي ثمرة عبقرية الشعب المصري الذي رفض الاحتلال والتفكك والانصياع لحفنة من اللصوص سُرّاق الأوطان والهويات والثورات والثروات. لكن هذا الشعب الثائر الذي رفض الطغيان والمهانة كان ينتظر "طليعة" تُنظّم صفَّه العريض وتنتخب من روزنامة التاريخ يومًا يحتشد فيه ويُشعل غضبتَه في وجه الطاغوت الجاسوس. تلك الطليعة تمثّلت في مئات من حركات القوى الثورية العديدة التي دعمت مجموعة من الشباب النيّر الذي ابتكر وثيقة تطالب بعزل العياط وأزلامه من الحكم، وإجراء انتخابات رئاسية جديدة تليق باسم مصر العريق. واختاروا لتلك الوثيقة اسم "تمرد". وكانت 30 يونيو 2013، وكان 3 يوليو، وكان الدستور الجديد المحترم، وكان انتخاب الرئيس السيسي، وكانت مصرُ المدنية التي تتأهب للنهوض من كبوتها.
هذا هو التاريخ الذي حدث ونعرفه جميعًا، نحن من عاصر تلك الأيام ومن ساهم في كتابته. وذاك كان الخيال الافتراضي الأسود، الذي ضخّه في عقولنا مخيالنا، لو، لا سمح الله، لم تكن تلك الوثيقة، ولا أولئك الشباب، ولا هذا الشعب الحرّ المحترم.
حينما جاورتُ أولئك الشباب أبناء حركة "تمرد" على منصّة الاتحادية لألقي كلمتي يوم الأحد 30 يونيو، شعرتُ أنني أجاور شعبَ مصر كاملا متمثلا في ثلاثة من شباب مصر: محمود بدر، محمد عبد العظيم، حسن شاهين، لأواجه ملايين المصريين من الحشود التي ملأت شوارع مصر الجديدة جوار القصر الرئاسي الذي أهانه مرسي وحاشيته، مثلما حاولوا أن يهينوا اسم مصر، الذي لا يُهان.
يومها طالبتُ صانعَ القرار القادم بمنح وسام "قلادة النيل" الرفيعة لأولئك الشباب الذين ابتكروا تلك الفكرة العبقرية التي كانت الشرارة الأولى في تحرر مصر من الطاغوت الإخواني البغيض. الفكرة التي ستظلُّ نقطة مشعّةً في جبين مصر التي لا تفتأ تفخر بأبنائها البررة الذين رفضوا ذلّها وأفولها.
فكيف نستكثرُ على كتب التاريخ المدرسية أن تذكر أولئك الشباب بسطر وصورة، لكي يعرف النشء الطالع، الذي لم يشهد ما شهدنا، حقيقة ما حدث، فيعلّمه لأولاده وأحفاده من بعده، حين يُدثّرنا الترابُ ويطوينا النسيانُ، نحن صُنّاع الحدث؟!
يقول القرآن الكريم في سورة الأعراف: “قد جاءتكم بيّنةٌ من ربكم، فأوفوا الكيلَ والميزانَ ولا تبخَسوا الناسَ أشياءهم، ولا تُفسدوا في الأرضِ بعد إصلاحها ذلكم خيرٌ لكم إن كنتم مؤمنين.”



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بذورٌ فاسدة
- انتحارُ الأديب على بوابة قطر
- حزب النور وحلم التمكين الداعشي
- سلّة رمان ..
- حكاية حنّا وعبد السلام
- هل تحب الغُراب؟
- “بَسّ- اللي فيها كل العِبر
- هل قرأ وزيرُ العدل -أفلاطون-؟
- ميكي يجيدُ العربية
- والله وبكّيت فاطنة يا عبدُ الرُحمن
- سَحَرةُ الكُرة … وفرسانُها
- النسخةُ الأجمل منك... في المرآة
- المايسترو صالح سليم
- لستُ يهوديًّا ولا مسيحيًّا ولا مسلمًا
- هل جئتَ في الزمن الخطأ؟
- أصول داعش في جذور مصر
- هاني شاكر، الطائر الحزين
- غدًا تتحرر سيناء
- الراقدةُ في غفوتِه
- العروس


المزيد.....




- مقر حقوق الإنسان في ايران يدين سلوك أمريكا المنافق
- -غير قابلة للحياة-.. الأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد ت ...
- الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس ...
- مكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان: مقتل ما لا يقل عن 43 في ال ...
- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا
- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - تمرّد... وكتابُ التاريخ