أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عايدة توما سليمان - معنى العمل في السياسة تغيير الواقع القائم وبناء الجديد















المزيد.....

معنى العمل في السياسة تغيير الواقع القائم وبناء الجديد


عايدة توما سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 4801 - 2015 / 5 / 9 - 17:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"فهمت في نشأتي أنه من بين جميع الأماكن في العالم هذا هو وطني ولا وطن لي سواه"


كي نكون أصحاب وصاحبات رؤيا حقيقية، على خيالنا أن ينبت من أرض الواقع الصلبة، وفي الوقت ذاته أن نحافظ على تفرّعه لاحتمالات تشذّ عن هذا الواقع. واقعنا هو واقع صعب، واقع يدوس على البشر ولا يراعيهم، واقع دامٍ.





أقف أمامكم اليوم بشعور ثقيل بالمسؤولية يرافقه أمل كبير بأن أستطيع تمثيل مبادئي سوية مع تمثيل قضايا النساء والرجال، الرفاق والرفيقات، العرب الفلسطينيين واليهود الإسرائيليين، العمال والعاملات وكل الجمهور المؤمن بدرب السلام، المساواة والعدل الاجتماعي. هذه الوقفة هنا تؤثر فيّ كثيرًا في مسيرة إكمالي لدرب كبار من كانوا أعضاء هذه الهيئة من حزبي- الحزب الشيوعي والجبهة الديمقراطية- الراحلون توفيق طوبي وماير فيلنر، توفيق زياد وإميل حبيبي، وتمار غوجانسكي ومحمد بركة ورفاق آخرون أتمنى لهم طول العمر.
أفخر بالوقوف هنا، وكلمات رفيقاتي في النضال ضد العنف وجميع أشكال القمع والاضطهاد تدوي في رأسي، نساء عربيات ويهوديات قويات: نحن سنكون هناك معك من على منصة الكنيست، وصوتك سيكون صوتنا.
سألني العديد من الصحافيين الذي أجروا مقابلات معي في الأشهر الأخيرة: لم قرّرتِ الآن الانخراط في السياسة؟
كأن السياسة تبدأ وتنتهي في الكنيست وكل ما سبق ذلك غير محسوب، كأن في الواقع الذي نعيش فيه هناك حاجة لأن نفسر لم علينا الانخراط في السياسة. ولدت لبيت كادح، ابنة سادسة من بين سبع أخوات، أبي، سامي، كان عامل بناء، وأمي، ألكساندرا، تعمل في بيتها؛ عربية فلسطينية مواطنة في دولة إسرائيل؛ امرأة وأم، وأعمل منذ سنّ العاشرة من أجل لقمة العيش.
هل بهذا إجابة كافية لمَ يجب العمل في السياسة؟ أليست هذه الطريقة المثلى لإدراك أن الشخصي هو السياسي والسياسي هو الشخصي؟
فهمت في نشأتي أنه من بين جميع الأماكن في العالم هذا هو وطني ولا وطن لي سواه. كبرتُ وفهمت أنه يتم تشويه لغتي الجميلة والغنية والتي أصبحت غريبة في وطنها، ويُعمل على تغييبها وطمسها. فهمت أنّي أنا التي تربيّت في بيتي على أن كل إنسان هو عالم بأكمله وأن حدودي هي السماء – إن اجتهدت وعملت– فهمت أنني لست مواطنة متساوية في الدولة، وأن هناك عدة حواجز في الطريق للتحليق في السماء.
شاهدت معاناة شعبي، الشعب الفلسطيني، تحت الاحتلال الإسرائيلي، وكبرت في ظل حرب تليها حرب لم أردها أبدًا، وفهمت أن حكومات إسرائيل المتعاقبة تحتجزنا، عربًا ويهودًا سوية مع ما تسميه "أمننا" رهائن لسياسة مدمرة عدوانية تخدم مصالح لا تمت لنا بصلة.
فهمت مع مر السنوات أن أبي الذي يكد ويعمل جاهدًا طوال اليوم، ليس وحيدًا وأن هناك العديد من أمثاله، الذين يقاتلون على كسب لقمة العيش بكرامة. كبرت وفهمت أيضًا أن هناك عائلات معدودة ثرواتها تتعدى كل منطق ومبلغ قد أتخيله. لطالما زعزعتني هذه الفجوات وأكثر ما يثير غضبي أن للفقر في هذه الدولة وجها طبقيا وآخر قوميا، وإلا فكيف بالإمكان تفسير أن %40 من الأطفال العرب هم فقراء؟
يميل الكثيرون لأن يدركوا الظلم كقضاء وقدر، بالمقابل يميل آخرون لأن يلقوا بذلك على المُستضعفين والمهمّشين وتذنيبهم بضعفهم ووضعهم. يبين هذا الأمر جليًا في الخطاب العام حول احتمالات إنهاء الاحتلال وجرائمه وعن حرمان الجماهير العربية من حقوقها، وأيضًا عن الخطاب حول حقوق ومكانة النساء في المجتمع.
حقيقة أن %78 من النساء العربيات خارج دائرة العمل، و-%40 من النساء العربيات الأكاديميات معطّلات عن العمل – ليس قضاءً وقدرًا بل هي نتاج سياسة قمع جندري وقومي وطبقي للنساء عامةً وللنساء العربيات خاصةً. في واقع ما زالت تعاني النساء فيه من العنف ويُتهمن لوقوعهن ضحية للتحرّش أو الاعتداء الجنسي، هذا الواقع هو نتاج ثقافة القوة الأبوية العسكرية – ثقافة آن الأوان لتغييرها.
إن العمل في السياسة –بنظري– هو العمل على تغيير الواقع، العمل على تحقيق رؤيتنا وبناء واقع جديد، وهي الرغبة في تغيير الواقع المشوّه. كل هذا كان دائمًا المحفّز لنشاطي، كما اللهفة المتواصلة لإحقاق العدل وضمان كرامة الإنسان، إحقاق قيم المساواة المدنية والقومية للجميع من جهة، والنفور من القمع، العنف، العنصرية، التمييز، الاحتلال والحروب من جهة أخرى – كل هذه كانت محفّزات لنشاطي طوال مسيرتي وصولًا إلى الكنيست وهذا اليوم.
كي نكون أصحاب وصاحبات رؤيا حقيقية، على خيالنا أن ينبت من أرض الواقع الصلبة، وفي الوقت ذاته أن نحافظ على تفرّعه لاحتمالات تشذّ عن هذا الواقع. واقعنا هو واقع صعب، واقع يدوس على البشر ولا يراعيهم، واقع دامٍ.

تم، في الأشهر الأخيرة، اتخاذ خطوة استثنائية في السياسة الإسرائيلية، أربعة احزاب اجتمعت سوية لإعطاء السلام والمساواة والعدل الاجتماعي أملًا وفرصةً. قررنا في القائمة المشتركة وبالرغم من الواقع المُعكّر وبالرغم من محاولات الإقصاء تغيير الأدوات، وبناء، من صلب هذا الواقع – احتمالات استثنائية في المشهد العام.
لي الشرف اليوم أن أقف أمامكم وأكون صوت ناخبين قرروا التقدّم من هامش الهامش والوقوف في منتصف وقلب السياسة الإسرائيلية، في مركز جدول الأعمال الجماهيري والمدني وفي لب المستقبل.
لي الشرف أن أمثل جمهورًا تدفق يوم الانتخابات إلى الصناديق لأنه تحمّل المسؤولية على مستقبله ومستقبل سائر المواطنين هنا. لي الشرف أن أمثل اليهود والعرب الذين ما زالوا يؤمنون أنه بالإمكان بناء بديل ديمقراطي مبني على المساواة، بديل يعترف أولًا بحق الشعوب أن تعيش حرة وبحق الشعب الفلسطيني بالتحرر من الاحتلال وحقه بإقامة دولته المستقلة في حدود الـ67 وعاصمتها القدس الشرقية.
دون التخلّص من جذر غالبية المشاكل – الاحتلال، ودون خلق مفهوم جديد لمصطلح "الأمن" – مفهوم يشمل توجّهًا إنسانيًا وليس عسكريًا فقط – مفهوم يضمن الأمن الشخصي من العنف والإجرام، ويضمن الأمن الاقتصادي والصحي – لن نتقدّم لأي مكان.
تصدّرت في الأيام الأخيرة قضية احتجاج الأثيوبيين العناوين الرئيسية للإعلام. أشك في أنها كانت قد تتصدّرها إن لم تمارس الشرطة العنف ضد هذه الاحتجاجات. أنا، من نافل القول، ضد العنف بجميع أشكاله وخاصة العنف المؤسساتي الشرطوي، وصدقوني لدي ما أرويه لكم عن تجربتي الشخصية بهذا الصدد، إنما ولأسفنا الشديد هذه المظاهرات تشهد بشكل واضح جدًا على هرمية القمع والعنصرية في الدولة.
أن تكون جزءًا من الأغلبية اليهودية في إسرائيل لا يؤمّن لك الحماية من العنصرية. أن تكون شريكًا في الهيمنة الصهيونية أو مستغَلًا من قبل الحكومة في حربها ضد التكاثر الطبيعي لدينا، نحن العرب، أو ما تسميه "الموازنة الديمغرافية"، أو أن تكون جزءًا من آليات قمع لشعب آخر – لا تحميك ولا توفر لك الحصانة ضد العنصرية.
نحن المشرعين ومنتخبي الجمهور، مطلوب منا أن نقف بقوة أمام مظاهر العنصرية وظواهرها البشعة في المجتمع وفي أروقة السلطة – كان ضحيتها أيًا كان.
كجزء من الأقلية العربية التي تعاني من العنصرية والتمييز، وكامرأة عانت من التمييز على أساس الجنس، أعد بالعمل من أجل تغيير هذا الواقع والعمل، مثلما عملت حتى اليوم، من أجل حقوق الجماهير العربية، للمساواة المدنية والقومية التامة، من أجل كل طفل فقير، ومن أجل كل عامل مُستَغَل، من أجل حق الشباب والشابات في المساواة في التشغيل والتعليم،ومن أجل حق الجميع في المسكن وبالطبع حق الأزواج الشابة العربية في بناء بيوتها على أراضيها دون تهديدات بالهدم والخوف من فقدان المنزل والحلم بحياة عائلية.
أنا امرأة تفهمُ أن أحدًا لا يستطيع أن يسلبني حريتي وقدرتي وحقي في النضال من أجل عالم أفضل، فعلت ذلك في السياسة الشعبية، في النشاط المجتمعي المكثف وسأواصل نشاطي هناك إضافة للسياسة التمثيلية هنا من على هذه المنصة وآمل بناء تعاونات مشوّقة ومثرية.
لكل من آمن بي وبالقيم التي أمثلها؛ لكل من دعم وشجع وكان شريكًا أو شريكة في النضال، أقدم شكري وتقديري ومحبتي.
وللإنسان الوحيد والمميز، زوجي جريس، الذي آمن بي من كل قلبه الرحب، أعدك بالوفاء لحلمنا وحلم بناتنا بمستقبل أفضل لنا جميعًا.



*نص الخطاب الأول للنائبة توما سليمان في الكنيست



#عايدة_توما_سليمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفاشية هناك وهنا... هي ذاتها
- افكار على هامش الحرب على غزة
- العاصفة التي نحب أن نحب
- عملية خطف... لقضية الأسرى!
- نحو مؤتمر الحزب الاستثنائي: بشجاعة وصراحة.. ومن خلال تحدي ال ...
- في الثامن من آذار: نحمي قيمنا الثورية ونمنع ابتذال النضال
- ذهنية الاحتلال لن تكون مرجعية تحرّرية
- معركة السلطات المحلية: معركة على وجه ووجهة مجتمعنا
- أفكار في النكبة
- مقاطعة مسيرة العودة... بداية صراع أم اعلان هزيمة
- قراءات أولية في الائتلاف الحكومي: حكومة المستوطنين والليبرال ...
- يوم الارض، عبر وتداعيات
- أنا لست... نسوية
- تبقى المنارة والبوصلة
- النقد المجتمعي والنسوي للصلحة العربية
- الصفقة 38 - خلفيات ، أسباب وتداعيات والاهم أسئلة مفتوحة ...
- جثة تبحث عن هوية
- ما لم تفهمه يحيموفيتش حتى الآن..
- أيلول - هل نحن مستعدون؟
- اللُّعب بالسياسة باسم -النقاوة القومية-


المزيد.....




- زيلينسكي يقيل المسؤول عن أمنه الشخصي بعد إعلان إحباط مؤامرة ...
- الرئيس الصيني يعتبر زيارة المجر فرصة لنقل الشراكة الاستراتيج ...
- جنوب أفريقيا تستضيف مؤتمرا عالميا لمناهضة -الفصل العنصري الإ ...
- الاحتلال يقتحم مدنا وبلدات بالضفة ويعتقل طلبة بنابلس
- بعد اكتشاف بقايا فئران.. سحب 100 ألف علبة من شرائح الخبز في ...
- رئيس كوريا الجنوبية يعتزم إنشاء وزارة لحل أزمة انخفاض معدل ا ...
- مصادر تكشف لـCNN ما طلبته -حماس- قبل -توقف- المفاوضات بشأن غ ...
- ماذا قال الجيش الإسرائيلي بشأن تعليق الأسلحة الأمريكية والسي ...
- -توقف مؤقت- في مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة.. ومصادر توضح ال ...
- فرنسا: رجل يطلق النار على شرطيين داخل مركز للشرطة في باريس


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عايدة توما سليمان - معنى العمل في السياسة تغيير الواقع القائم وبناء الجديد