أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - قصة الدشداشة والعقال وما جاء في الأخبار حولهما














المزيد.....

قصة الدشداشة والعقال وما جاء في الأخبار حولهما


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 4752 - 2015 / 3 / 18 - 13:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



بعد أيام على تصريحات مستشار الرئيس الإيراني، التي اعتبر فيها العراق عاصمة لإمبراطورية إيران ، خرجت وكالة أنباء إيرانية بمواقف غير مسبوقة لرئيس تحريرها، حسن هاني زاده، هاجمت بقسوة الدول العربية ومن وصفتهم بـ"العربان" ودعت العراق للوحدة مع إيران لأسباب طائفية وتاريخية، وحضت العراقيين على ترك "العروبة المزيفة الجاهلية وتراب الذل العربي" وتغيير ملابسهم بعيدا عن "الدشداشة والكوفية".
حقا أنا لست من أنصار الدشداشة والعقال, كزي وطريقة ملبس , ولكن موقفي هذه بالأكيد لا يتعدى مساحة الذوق والرؤيا المعاصرة لشكل الثياب وقضايا الأناقة ومجمل العلاقة مع البيئة والمناخ.
حينما كنت في العراق, وحتى حينما كانت الكهرباء بخير, كنت اتمنى لو إنني أستطيع أن البس الدشداشة, في شهري تموز وآب على الأقل, لكي اضمن دخول بعض الهواء البارد إلى بعض المناطق الحساسة الممنوع عنها بفعل تصميم البنطلون المغلق حتى كعب الحذاء. وأتذكر انني وعلى الرغم من جهاز التبريد زنة الطنين في غرفة العلاج الصغيرة, كنت أترك المريض بوجع سنه وأهرع بالقرب من ذلك الجهاز فاتحا قميصي على مصراعية لكي أتزود ببعض هواء الجنة ثم أعود إلى ذلك المريض مثل محكوم بالأشغال الشاقة.
هذا كان في بغداد, أما اذا تحدثنا عن البصرة حيث ولدت وترعرعت, فكل قطعة من الثياب, وحتى الدشدائة نفسها هي بمثابة عقوبة للبصري. وأظن أن نزول آدم إلى الأرض في مدينة القرنة وبالذات عند ملتقى شط العرب مرتبط إلى حد ما بالبيئة, إذ لم يكن معقولا أن ينزل جدنا آدم وجدتنا حواء في منطقة باردة كما خلقني ربي, وإلا لكانوا قد اصيبوا بالإنفلونزا والزكام مباشرة ولما إستطاعوا ان يمارسوا فورا مهنة الإنجاب لكي يملئوا الأرض صبيانا وبنات.
ولأن طقس البصرة كان حارا ورطبا فإن نزول جدنا, كما خلقه ربه على أرض القرنة بالذات لم يكن بمعزل عن معلومة جوية ضمنت له ان يكون بعيدا عن مفاجئات الطبيعة. وحينما قرر جدنا السكنى الدائمة على أرض الشجرة التي سميت بإسمه, حيث تزوج دجلة و الفرات لكي ينجبا شط العرب, أظنه لم يجد حينها أفضل من الدشداشة لكي يستر بها ما خفي بعد ذلك عن الناظرين ويضمن في الوقت نفسه دخول الهواء إلى مناطق تحتاج حقا إلى التهوية.
وحتى حينما قرر بعض أحفاده تجريب حظهم في ديار مجاورة, فإن أبانا إبراهيم مثلا, الذي سار من أور نحو مكة ظل أمينا على الدشداشة التي ورثها عن جده آدم, ومثله ظل السيد المسيح وكذلك النبي موسى الذين ترسمهم الصور جميعا بالدشداشة التي قد تختلف بالطول والزركشة ولا تختلف في الشكل العام.
اما مع الأحفاد الذين نزحوا بإتجاه الخليج, فأظنهم كانوا قد تمنوا أن يعودوا إلى لباس جدهم الأول, عراة إلا من ورقة توت, لولا حياء منعهم من ذلك وأجبرهم على الحفاظ على الدشداشة كزي موحد, مع التفنن في نوع القماش والتطريز وشكل الياخة والجيوب..
وحينما بدأ موسم الهجرة نحو المناطق الباردة المجاورة كإيران وتركيا وأفغانستان كان متوقعا أن يلجأ أحفاد أبينا الأول إلى إستبدال الدشداشة بأشكال من الثياب تكفل لهم منع الهواء البارد من العبث باجسادهم متى ما يشاء, وصار عيبا أيضا ان يصعد الواحد منهم إلى مكان مرتفع, كجبل وتل, وهو يضع دشداشته في فمه ويترك جسمه عرضة للنظر المجاني.
ولذلك كما أعتقد تم تطوير الدشداشة وكانت البداية من خلال طي أسفلها على بعضه لكي تتطور تديجيا إلى شراويل إيرانية وكردية وتركية وأفغانية, وربما بدأ العربي أيضا في بداية فروسيته ميلا حقيقيا نحو تطوير الدشداشة بحيث تتيح له حرية الركوب على الفرس برشاقة أو السقوط منه على أرض المعركة بدون فضائح.
أما قصة العقال فيقال أن العربي الذي بدا هجرته في الصحارى رأى ان يغطي رأسه بقطعة قماش تقيه من ضربات الشمس ثم شد ذلك القماش على رقبته لكي لا تسقطه الريح من على رأسه, ثم وبعد أن وصل إلى واحة أو مدينة قرر أن لا يتخلى عن غطاء الرأس ذاك, بل انه إهتدى إلى تجميله وتثبيته على رأسه في نفس الوقت عن طريق إستعمال إكليل من غصن الزيتون الذي ربما تطور منه بعد ذلك العقال نفسه.
وهكذا بإمكاننا أن نتعرف على مراحل نشوء الدشداشة والعقال ورأينا كيف انها لا تعبر عن ثقافة عيب لا في شكلها الأصلي ولا في الأشكال التي صارت عليها ومنها شراويل اخوتنا الأكراد والإيرانيين والأتراك والأفغان.
واعود للقول إنني بطبيعة الحال لست من أنصار الدشداشة لكني بالتأكيد لست ضدها, ولست أنوي ان اجعل منها هوية تاريخية قومية ووسيلة مبارزة شكلية مع ثقافات الآخرين, كما أن تمسكي بها لن يزداد كردة فعل. لكني مع ذلك أقترح على ذلك العنصري الفارسي الطائفي أن يكون أكثر نباهة لأنه في حقيقة الأمر قد اساء للشيعة قبل غيرهم حينما حاول ان يجردهم بسذاجة من مشتركات وطنية وإنسانية مع بقية أخوتهم من العراقيين ظنا منه أن الدشداشة والعقال الذي يتشرفون على وضعه على رؤوسهم إنما هو تعبير عن تاريخ يجب ان يتبرؤا منه



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- همسات بصوت مرتفع
- أهم من التحليق في الفضاء المشي على الأرض
- عن معركة تحرير تكريت أتحدث
- ضد الدولة .. مع الوطن
- جريمة المتحف .. من ذبح العراقيين إلى ذبح العراق
- داعش تطهر العراق من أصنامه
- يوم تنجح العملية ويموت المريض
- وهل سيحلها الزاملي .. عن قصية ضياع نينوى أتحدث
- علمانيون ولكن ضد العلمانية (2)
- مطلوب رأس الإعتدال
- حول جريمة شابل هيل وطريقة التعامل معها
- علمانيون ولكن ضد العلمانية
- ليس دفاعا عن الإسلام .. ولكن !
- هل داعش لوحدها من يتآمر على الإسلام
- العلمانية عراقيا .. حاجة بقاء وليست حاجة تطور فقط
- بمناسبة عودة وفد التعزية العراقي للسعودية غانما مُصَّفَرا
- الجواهري عظيم رغم أنف السياسة وكذلك عبدالرزاق عبدالواحد (2)
- الجواهري عظيم رغم أنف السياسة وكذلك عبدالزاق عبدالواحد
- بين السماء والأرض .. حكاية الوطن الضائع
- حينما يكون الخلل في الإعتدال لا في التطرف


المزيد.....




- هل العودة لياسمين عبد العزيز ممكنة بعد الانفصال؟ أحمد العوضي ...
- شاهد ما يراه الطيارون أثناء مشاركة طائراتهم في العرض العسكري ...
- نتنياهو منتقدا بايدن: سنقف لوحدنا ونقاتل بأظافرنا إن اضطررنا ...
- البيت الأبيض: نساعد إسرائيل على ملاحقة يحيى السنوار
- أبرز ردود الفعل الإسرائيلية على تصريحات بايدن حول تعليق شحنا ...
- الخارجية الروسية تعلق على اعتراف رئيس الوزراء البولندي بوجود ...
- زيلينسكي: جيشنا يواجه -موقفا صعبا حقا- في المناطق الشرقية
- -حزب الله- يعرض مشاهد من عمليات عدة نفذها ضد الجيش الإسرائيل ...
- هل من داع للقلق في الدول العربية بعد سحب لقاح أسترازينيكا؟
- بنوك مودي في الهند تنفق 400 مليار دولار ليفوز بدورة ثالثة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - قصة الدشداشة والعقال وما جاء في الأخبار حولهما