|
هل نجد في التراث دواء لعلّتنا ؟ !!!
خليل الفخري
الحوار المتمدن-العدد: 4694 - 2015 / 1 / 18 - 21:50
المحور:
الادب والفن
ما بين أيدينا من تراث الأولين يشكّل معينا لن ينضب ؛ يتجدد مع الحاجة و الزمن بحكم كينونته لصيقا بحياة الأنسان و مسيرته خلال عقود مرّت و تجارب عاشها و تعايش معها . انّ هذا الكمّ الهائل من خلاصة تجارب الآباء و الأجداد و حصيلة افكارهم و رؤاهم بين ايدينا ؛ يضعنا أمام مسؤولياتنا مع تساؤل كبير و عريض ؛ هو ماذا سنقدم لأجيال المستقبل ؟ وهل في مقدورنا ان نتجاوز حالة العقم التي نعيشها اليوم ؟ و نتخلّص والى الأبد من انانيتنا و حقدنا و لغة الأنا و ادعاء ما ليس بمقدورنا عليه ؟ فتعمل الأربعة معا من أجل غد مزهر أخضر يتفيأ ظله الأحفاد و ينهلون من معينه عذبا و رقراقا . صحيح ؛ لقد تكسّب بعض أولئك بعصارة أفكارهم و رحيق روحهم لأن طبيعة الحياة و ظروف المعيش ضمن وضع اقتصادي لا يسمح الاّ في نطاق محدود لكثيرين بأن يجدوا موردا يسد نفقات و تكاليف عيشهم ؛ دون أن يرهنوا أنفسهم كلّية أو يجيروها بالمطلق لصالح الحاكم أو الخليفة ، كما يفعل بعض اليوم بعض ساستنا و برلمانيونا دون حياء أو خجل و بذلك فأنهم يبرهنون على فقرهم الأخلاقي و قصور ثقافتهم و جهلهم الأعمى ؛ لأنه وفي الأزمات وأوقات الشدّة يتبدّى للعيان جوهر المرء ، ويفصح عن نقاوته و حسن أصوله . يشكل التراث و تركة الأجداد وما وقعت أيدينا و وصل أسماعنا خلاصة تجارب عاشها الأوائل ، و تلك بدورها مورد ماء ، و نبع لن يجفّ ما أحوجنا اليه دوما و أبدا ، فقد وجدتني أختار اثنتين من كل هذا الكمّ الهائل ؛ في النص الأول نلمس و بوضوح جهل الحاكم و عيّه وقد ساقته المقادير و الدهاء السياسي و شراء الذمم و الضمائر بالمال العام دون رادع من ضمير أو خوف من الله الى سدّة الحكم ؛ وهو هنا أحوج ما يكون لمن يتعكّز عليه ، و في ظلّه يستتر ، و كثير من هذا يحتل الواجهة و الصدارة و يبتّ في امور هو عيّ و جاهل في أسهلها . و النصّ الآخر انما هو صورة لذكاء الفرد و فطنته و حسن المناورة لديه ، و اقناع الطرف الآخر بالحجة و بالدليل . قيصر الروم و معاوية بن أبي سفيان بعث هرقل الروم ، الى الخليفة معاوية برسالة جاء فيها : ( أخبرني عمّن لا أب له ، و عمّن لا عشيرة له ، وو عمّن سار به قبره ، و عن بقعة طلعت عليها الشمس مرّة واحدة و لم تطلع عليها ولا بعدها ، و عن ثلاثة أشياء لم تخلق من رحم ، و ابعث اليّ في هذه القارورة بأصل كلّ شيئ .) . فلم يجد معاوية مخرجا مما هو فيه ؛ سوى أن بعث بالرسالة و القارورة الى الصحابي عبد اللّه بن عباس - رضي الله عنه – فقال هكذا : أمّا من لا أب له ، فهو عيسى – عليه السلام - ، و أمّا من لا عشيرة له فهو آدم - عليه السلام – و أمّا من سار به قبره فهو يونس – عليه السلام -، و أمّا البقعة التي طلعت عليها الشمس مرّة واحدة فبطن البحر حين انفلق لموسى – عليه السلام – و قومه .و أمّا ثلاثة أشياء لم تخلق من رحم ؛ فهي : كبش ابراهيم ، و ناقة صالح ، و حيّة موسى - عليه السلام - . و أخيرا ملأ القارورة ماء ، و قال : هذا أصل كلّ شيئ .) الأعرابي و القسمة ذكر الجاحظ أنّ أعرابيا كان ينزل البصرة قال : قدم أعرابي من البادية ، فأنزلته ، و كان عندي دجاج كثير ، و لي امرأة و ابنان و ابنتان منها ، فقلت لامرأتي : بادري واشوي لنا دجاجة و قدّميها الينا ، نتغداها ، فلما حضر الغداء جلسنا جميعا ، أنا وامرأتي و ابناي و ابنتاي و الأعرابي ، قال : فدفعنا اليه الدّجاجة فقلنا له : اقسمها بيننا ، نريد ان نضحك منه ، فقال : لا أحسن القسمة ، فأن رضيتم بقسمتي قسمتها بينكم ، قلنا : فأنّا نرضى ... فأخذ رأس الدجاجة فقطعها فناولنيه و قال : الرأس للرأس و قطع الجناحين و قال : الجناحان للأبنين ، ثمّ قطع الساقين عاريتين فقال : الساقان للأبنتين ، ثمّ قطع عجز الدجاجة ، و قال : العجز للعجوز ، و قال : الزّور للزائر ... قال : فأخذ الدجاجة بأسرها و سخر بنا . فلما كان من الغد قلت لامرأتي : اشوي لنا خمس دجاجات ، فلما حضر الغداء قلت : اقسم بيننا . قال : انّي أظن أنكم وجدتم 1 في أنفسكم ، قلنا : لا ، لم نجد في أنفسنا ، فاقسم ، فقال : أقسم شفعا أم وترا ؟ قلنا : أقسم وترا ، قال : أنت وامرأتك و دجاجة ثلاثة ، ثمّ رمى الينا بدجاجه ، ثمّ قال : و ابناك و دجاجه ثلاثة ، ثمّ رمى اليهما بدجاجه ، ثمّ قال : و ابنتاك و دجاجه ثلاثة ، ثمّ رمى اليهما بدجاجه ، ثمّ قال : أنا و دجاجتان ثلاثة ، و أخذ دجاجتين و سخر بنا . قال : فرآنا و نحن ننظر الى دجاجتيه ، فقال : ما تنظرون لعلّكم كرهتم قسمة الوتر 2 ، لا يجئ الاّ هكذا ، فهل لكم في قسمة الشفع 3 ؟ قلنا : نعم ، فضمّهن اليه ، ثمّ قال : أنت و ابناك و دجاجة أربعة ، و رمى الينا بدجاجة ، ثمّ قال : العجوز و ابنتاها و دجاجة أربعة ، و رمى اليهن بدجاجة ، ثمّ قال : أنا و ثلاث دجاجات أربعة ... و ضمّ اليه الثلاث ، و رفع يديه الى السماء و قال: اللّهمّ لك الحمد ، أنت فهمتنيها ...
1-وجدتم : حقدتم و غضبتم 2-الوتر : الفردي . 3-الشّفع : الزوجي
الناصريه – خليل الفخري
#خليل_الفخري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
للّه العزّة في الأعالي ، وفي النّاس المسرّة ، و على الأرض ال
...
-
حكم الطائفة طريق يفضي الى العدم .!!!
-
صناعة الأصنام في العراق !!!
-
حكم الطائفة البغيض ؛ هو المسؤول عن الدم العراقي المراق !!!.
-
البطاقة التموينية هي الدّاء و العلّة . !!!
-
قصّة قصيره - في ىحم الليل يولد تاريخ البشرية
-
في رحم الليل يكتب الشجعان تاريخ أوطانهم
-
هل يقتفي العراقيون خطى الشعب التونسي ؟ !!!
-
حكايات من التراث
-
ماذا سيقول الأجداد في الأحفاد لو عادوا إإإ
-
لن يبقى من العراق سوى الحجارة ، ان استمرّ الحال !!!
-
فيروز !!! تداعيات أعياد الميلاد 2013 و العراق ينأى !!!
-
حريق العراق ؛ سوف يلتهم الجميع . !!!
-
سيندم الجميع و لات ساعة مندم !!!
-
فيروز ليل الترقب و الصمت بين الرغبة و التشهي
-
العراقيون أمام خيارين ، انتظار المهدي المنتظر أو العمل من أج
...
-
العراق ، خطوتان الى الوراء و خطوة ثالثة الى الوراء كذلك !!!
-
ابو سميه ، عينه على الدالنوب و قلبه في العراق .
-
أمّي
-
حتى لا ننفخ في رماد ... !!!
المزيد.....
-
فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
-
وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف
...
-
-الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال
...
-
-باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
-
فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
-
مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
-
إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر
...
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز
...
-
الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|