|
المسلمون و الفهم السلبي لله .
صالح حمّاية
الحوار المتمدن-العدد: 4683 - 2015 / 1 / 6 - 17:27
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
على مدار التاريخ البشري ( أو على الأقل الحديث منه ) كان هناك دائما ذلك الصراع حول وجود الخالق من عدمه ، حيث تجادل الناس بين مؤيد لوجوده ، و بين معارض له ، وبرغم كثرة هذه الجدالات حول الخالق (الله في التصور الإسلامي) إلا أني اعتقد شخصيا أن المعنى الحقيقي لله كمفهوم قد فقد ، فالله و إذا نظرنا له من الناحية التاريخية فهو ليس مسألة وجود وعدم ، فالله لم يكن في جوهره كائن يحرك ويفعل و يتحكم لنسأل عن وجوده ومكانه ، بل الأساس أن الله كان حالة روحية داخل الإنسان ، حالة من الإيمان و الأمل مرة تجيب على أسئلته الوجودية ، ومرة تدفعه للتقدم ، لهذا فالله لا يجب أن ينظر له بهذا المنظور المادي الصرف ، بل يجب أن يفهم في إطار الإنسان الذي بحث عن الدعم في حياته البائسة في القرون السحيقة ، فالإنسان وفي وحشة البراري القاسية قديما كان تقريبا معزولا من أي دعم ، لهذا فهو و من أجل الصمود و الإستمرار قد بحث عن الله كفكرة تساعده و تدعمه ، لهذا فحين نعود لمفهوم الله لنتعامل معه ، فالأحرى بنا أن لا نتصور الله كشخص سريالي يعيش في السماء السابعة ثم نبحث عن وجوده أم لا ، بل الأحرى هو أن نفهم الله كحالة روحية نكون فيها موقنين بقدرتنا ، و بنجاحنا ، فنحن علينا العمل وعلى الله التوفيق .
من هذا المنظور إذن ولو عدنا للتصور الإسلامي لله لوجدنا أن المسلمين بعيدون عن هذا الفهم تماما ، فتقريبا مفهوم الله عند المسلمين هو المفهوم المقلوب عن ما يفترض به أن يكون ، فهم اليوم لا ينظرون لله كحالة روحية تساعدهم على العمل وعلى التقدم ، بل هم يرون الله كشخص يجب عليه أن يفعل لهم المعجزات و أن يكون أباهم الذي في السماوات ، وهذا طبعا أمر خرافي ، فالله لم يساعد ، ولن يساعد احد بطريقة مادية ، لان الله أصلا مجرد شعور بالأمل ، ومنه فالأساس في الفعل فهو فعل الإنسان ذاته ، أما الله فهو مجرد قوة داخلنا تمدنا بالعزم لفعل ذلك الفعل ، و هنا ولو نلاحظ فالمسلمون يفتقدون هذا التصور تماما ، فهم لا يستلهمون الله لتحفيزهم وتقوية عزيمتهم كما يفترض ، بل هم يفهمون الله ككائن من الواجب عليه دعمهم ، وهذا طبعا أدى بهم إلى الانحطاط و التقهقر ، فالفهم السلبي لله ، أدى إلى أن الإيمان به تحول إلى أمر مضر بالمسلمين ، وهذا كما أرى أمر يختلف حتى على ما دعا إليه النبي محمد نفسه ، فالنبي محمد وحين نتفحص كيف فهم الله في سيرة حياته فنحن لا نجده يرى الله بأي طريقة مادية ، بل دائما النبي محمد كان يتحدث عن الله كحالة من التصور الروحي الداخلي ، فقول على غرار "ان الله لا يغير حال قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " هو دليل على أن النبي محمد لم يؤمن بالله ككائن ملموس ، فلو كان يؤمن بالله كقوة لها قدرة الفعل لكان أنتظر الدعم من الله لتغيير حال المسلمين ، لكن النبي محمد يدرك أن الله مجرد أمل في الإنسان ، لهذا فهو طالب المسلمين وليس الله أن يغيروا ما بأنفسهم وهذا لأنه يعني أن الفعل بالأساس فعل الإنسان لا فعل الله ، وكذلك الأمر حال غزوات النبي ، فالنبي لم ينتظر من الملائكة أن تحارب بدل عنه ، بل هو جيش الجيوش ، واعد العدة ليحارب ، والله لم يكن بالنسبة له سوى الحافز الذي حفز به المسلمين لكي لا يخشوا الهزيمة ويقبلوا على القتال .
و من هنا إذن وحين نعود للتصور الإسلامي الحالي لله ، فيمكن القول أن المسلمين قد فقدوا الشيء الوحيد المفيد في الإيمان ، فالإيمان بالله كان المفروض أن يكون كحافز ، لكن المسلمون اليوم حولوه إلى وثن تلقى عليه الهموم بلا عمل ، لهذا فاليوم وحين نرى حال المسلمين البائس فهذا كله بديهي ، فالمسلمين قد فقدوا المفهوم الصحيح لله في ديانتهم ، وعليه فحتى الإسلام الذي قد خدمهم سابقا ، هاهو اليوم ينقلب وبالا عليهم لأن المفروض كان العمل وجعل الله كحالة توفيق ، لكن المسلمون الآن حولوا الله إلى كائن حي حقا ، وعليه فقد سقطوا في نفس ما كان المفروض أن يثوروا عليه وهو حال تجسيم الله في صنم ثم توسل المنفعة و الخير منه ، وهو طبعا ما يعتبر أمرا خرافيا تماما .
#صالح_حمّاية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اللهم أحفظ الكفار و المشركين .
-
اللهم أهلك العرب و المسلمين .
-
حول العنصرية إتجاه المسلمين .
-
تضامنا مع المناهضين للإسلام .
-
في إنتظار المحاكمة الهزلية .
-
التحقيق المضاد الذي فضحنا .
-
كان يجب أن تموت معهم يا كمال .
-
حتمية نهاية الإسلام الأصولي .
-
لا إصلاح للإسلام إلا بنقضه .
-
الأزهر متسقا مع نفسه .
-
الإسلام بين خياري التحريف أو الإنقراض .
-
ما فعله الجنس بالمسلمين .
-
في مديح الدياثة .
-
الدياثة كشرط من شروط الحضارة .
-
ما خسره المسلمون بتجريمهم للحب .
-
المسلمون أمة لا يمكن أن يكون لها أخلاق .
-
أخلاقنا الإسلامية المنحطة .
-
المسلمون أمة نفاق .
-
المسلمون أمة ضد العقل .
-
حول -اللامنطق الإسلامي- .
المزيد.....
-
اتفرج الآن على حزورة مع الأمورة…استقبل تردد قناة طيور الجنة
...
-
خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض
...
-
تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل
...
-
“toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة
...
-
فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي
...
-
المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات
...
-
“العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج
...
-
الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق
...
-
أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم
...
-
رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا
...
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|