|
الإسلام بين خياري التحريف أو الإنقراض .
صالح حمّاية
الحوار المتمدن-العدد: 4656 - 2014 / 12 / 8 - 21:28
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هل هي مفارقة أن يهاجم الشيخ "ياسر برهامي" شيخ مشايخ الدعوة السلفية "البابا فرانسيس" بتهمة هدم المسيحية برغم أن برهامي نفسه يقول أنها ديانة باطلة و محرفة ؟ شخصيا لا أعتقد ، فبرهامي هنا لا يحاول سوى حماية اعتقاده الأصولي الذي جُند للدافع عنه ، ففرانسيس وبتوجهه نحو تقبل التطور و التصالح مع العلم إنما هو يخون المبادئ التي اعتاد برهامي على التعامل معها ، لهذا فبرهامي ولحماية دينه الذي يدين به ، فهو يهاجم تحريف المسيحية التي يقوده فرانسيس حتى لو كانت المسيحية بنظره محرفة من الأساس .
إن المشكلة التي يواجهها ياسر برهامي حاليا مع ما يقوم به فرانسيس هو في أن فرانسيس يتخلى عن الثوابت التي ألفها برهامي في الدين المسيحي ، فبرهامي ( و الإسلام عموما ) نعم يرى المسيحية محرفة و يهاجمها ، لكن في النهاية يبقى أن الإسلام يستفيد من المعتقد المسيحي بشكله السابق (نقصد هنا تحالف المسيحية والإسلام ضد العالم المعاصر ) لهذا فالبابا فرانسيس و بمسعاه نحو تطوير الديانة المسيحية وجعلها ديانة تتقبل العالم المعاصر ، فهو بنظر برهامي وكأنما يخون الميثاق الغير مكتوب بين المسيحية و الإسلام ، فالإسلام إذا فقد دعم المسيحية فهو سيكون معزولا ووحيدا في حربه على الحداثة والتقدم ، لهذا فبرهامي وحين نراه يهاجم فرانسيس دفاعا عن المسيحية ، فهذا لا يعني أن برهامي يخاف على المسيحية من التحريف ، أو أنه يهتم لمعتقد المسيحيين ، بل الأمر أنه سعي لنصرة الإسلام ، فلكي يستطيع الإسلام الصمود في العالم المعاصر فعلى المسيحية أن تبقى متحجرة ، و من هنا نحن نرى برهامي يحاول استحضار الحمية الدينية لتأليب المسيحيين الكاثوليك على البابا فرانسيس ، حيث هو يضن أن المسيحيين قد تأخذهم الحمية على دينهم من التحريف وعليه سيثورون على خيارات البابا ، لكن ما يغفله الشيخ برهامي هنا ( و هو ما يغفله عموم المسلمين في الواقع ) هو أن فرانسيس حين يفعل ما يفعل فهو لا يقوم بهذا إلا من أجل المسيحية ، لهذا فليس من المتوقع أن نرى ثورة من المسيحيين الكاثوليك على باباهم ، لأنه كبابا لا يسعى سوى لخدمتهم .
إن المسلمين عموما وفي قضية الدين ، هم يرون أن اللاتحريف في الدين ميزة ، فمن أبرز ما يدين به المسلمون الأديان الأخرى هو القول أنها محرفة ، لكن الحقيقة أن المسلمين ولو انتبهوا لوجدوا أن التحريف في الدين ليس نقيصة ، بل هو ميزة ، فاليوم وفي ظل عالم متغير في الأفكار و الأطروحات فعلى جميع الأشياء (ومنها الدين ) أن تتغير لتواكب هذا التطور ، لهذا فالمسيحية وحين يعمل البابا فرانسيس على تحريفها ، فهو لا يسعى سوى لحمايتها ، فلكي تستمر المسيحية فهي عليها أن تحرف ، في المقابل فالإسلام الذي بقي متحجر فهاهو يجني ويلات تحجره ، ولا غرابة اليوم أن نجد الإسلام في هذه الوضعية الحرجة من تهم بالتخلف و الإرهاب والهمجية ، فكل هذا نتيجة لتحجر الإسلام في أنماط فكرية من العصور المتخلفة ، في المقابل فالمسيحية التي حرفت لتواكب التطور ، فهاهي اليوم أقل تعرضا للإنتقاد ، و أكثر إنسجاما مع العالم المعاصر .
حاليا يمكن القول أن الإسلام أمام مفترق طرق جوهري في مسيرته ، فحاليا لم يعد بالإمكان محاربة حتمية التحريف في الدين على غرار ما جرى في العصر المعتزلي ، فالتيار اليوم الذي يمثله العالم المعاصر أكثر عنفا من أن يقاوم ، لهذا فإما يتقبل المسلمون اليوم خيار تحريف دينهم كما يفعل المسيحيون ويدخلوا لنادي الحضارة (وحين نقول تحريف فنحن نقصد تحريف عميق وجذري لإصلاح مشاكل الدين الإسلامي ، وليس كما يجري الآن من بعض الإصلاحات الشكلية التي يقوم بها بعض دعاة التنوير كعدنان إبراهيم وإسلام بحيري ) وإما هم سينقرضون كما إنقرضت الأديان البائدة التي لم تتطور .
#صالح_حمّاية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما فعله الجنس بالمسلمين .
-
في مديح الدياثة .
-
الدياثة كشرط من شروط الحضارة .
-
ما خسره المسلمون بتجريمهم للحب .
-
المسلمون أمة لا يمكن أن يكون لها أخلاق .
-
أخلاقنا الإسلامية المنحطة .
-
المسلمون أمة نفاق .
-
المسلمون أمة ضد العقل .
-
حول -اللامنطق الإسلامي- .
-
اللامنطق آفة المسلمين المركزية .
-
الإرهاب الإسلامي مشكلة المسلمين أولا و أخيرا .
-
المسلم إرهابي نظريا وليس عمليا .
-
وصم المسلمين بالإرهاب بديهي وطبيعي .
-
ولن تدخلوا نادي الحضارة حتى تغيروا ملتكم .
-
صدقت يا غنوشي .
-
الحانات و بيوت الدعارة أفضل من المساجد .
-
ما خاب قوم ولوا أمرهم إمراة .
-
أمركة داعش لن تبرئ الشريعة .
-
الشريعة فُضحت و أنتهى الأمر .
-
دفاعا عن الدين المغلوط .
المزيد.....
-
الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين
...
-
مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج
...
-
حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين
...
-
قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا
...
-
العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي
...
-
مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى
...
-
مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
-
الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد
...
-
لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة زبدين في مزارع شبعا
...
-
تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون
...
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|