|
جِنيّةُ الشجر
فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن-العدد: 4673 - 2014 / 12 / 26 - 17:55
المحور:
الادب والفن
-- -;- أطيرُ بين الشجرْ أقطعُ المحيطاتِ والوديانَ والصحاريَ وفي سَلّتي أُخبِّئُ قرابينَ من شموسٍ وأمطار.
أرفعُ الغيماتِ فوق رؤوسِ المُتْعبين، وتحتَ أقدامِ القُساة أنثرُ الموسيقى والحِنّاءَ علَّ نبتةً خضراءَ رهيفةً تورقُ في القلبِ الجامدْ.
إنْ مرَرْتُ فوق جَنَّةٍ قطفتُ وردةً، ليشبُكَها شاعرٌ في جديلةِ حبيبتِه، وإن مرَّ بي قبرٌ ألقيتُ عليه زهرةً لتدُّلَّ امرأةً حزينةً على ضريحِ حبيبِها.
أنا جِنِيَّةُ الشجرِ البتولْ أدُقُّ أوتادي حيث يلتقي العشّاقْ لكنني لا أسكنُ خَيمتي، بَلْ أتخفّىَ بين أوراقِ الشجرْ لأتنصَّتَ على الأحِبَّة عسايَ أعرفُ من أين تضرِبُهم سهامٌ تخرجُ من قوسِ الطفلِ المشاكسْ.
اليومَ حططتُ رِحاليَ بين أغصانِ أوكالبتوس تميلُ بجذعِها على صفحة "الهادي" حيث ناداني صوتُ شاعرٍ يبحثُ عن ليلاه.
ليلى تركتِ الشاعرَ بعدما كتبَ الشِّعرَ في عينيها وملأ الصِّحافَ بحروفِ اسمِها ل ي ل ى …. كان يتسلّقُ كلَّ نهارٍ أعالي الجبلْ ينحتُ على هيكلِه وجهَها العربيَّ حتى نَحُلَتْ أظافرُه.
مدَّ اللهُ يدَه ليؤديَ طقسَه اليوميّ: يقطفُ من جسدِ الشاعرِ زهرةً، وزهرةً من جسدِ الحبيبة، فتورقُ الزهرتانِ بُرعمةً جديدةً تزيّنُ حدائقَه ويضوعُ شذاها، في ضِياعِ العاشقين.
جفلَتْ ليلى وخبّأتْ زهرتَها العاقرَ عن يدِ الله، فمنحها الشاعرُ زهرتَه ومسحَ على جبينِها ثم مزَّقَ قلبَه ليرتوي عودُها من دمِه قصائدَ وحواديتَ وأغانيَ.
ارتوتْ ليلى ولم تقل: شكرًا! بل وخزتْ قلبَه النازفَ بخِنجرِها ثم لملمتْ أشياءَها ومضتْ
…. إلى أين مضت؟ إلى حيثُ تمضي الليالي قبل شروقِ الشمسْ ولا يعُدْن.
الشجرةُ تبكي الشاعرَ المغدورَ ونسماتٌ تخاتلُ فتَسقُطُ الأوراقُ دمعًا، حَفيفُها صدَّعَ الصمتَ الذي يدثِّرُني فأنبأ عن مخبئي!
يرفعُ المُحْتَضَرُ عينيه نصفَ مغمضتينْ فيلمحُ ظِلِّيَ وأنا أحملُ مِخلاتي وأطيرْ.
سيدني/ (31) سبتمبر 2013
---
من ديوان (الأوغاد لا يسمعون الموسيقى) تحت الطبع دار ميريت للنشر والتوزيع
#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صباح الخير يا تونس
-
الأسطى داعش يسكن سيدني
-
مبارك في محكمة -ماعت-
-
لقاء الرئيس السيسي بالأدباء والمثقفين
-
ماذا ينقص ثورتنا؟
-
كوني زوجة عظيمة لرجل عظيم
-
البودي جارد
-
عودة الرقيق الأبيض على يد داعش
-
لغة السلف
-
أنا الجبرانية الجميلة
-
الإخوان ظاهرة صوتية
-
كأننا نتعلّم (4) رفاهية الرسوب
-
فايزة أبو النجا
-
الأوركسترا المصري
-
-ماهي- الجميلة والذكور الثلاثة
-
صباح الخير يا صبوحة
-
الذي رفض أن يكون إنسانًا
-
الركضُ تحت المطر
-
كأننا نتعلّم! (2) احتراق التلاميذ!
-
-مؤشر السعادة- المصري
المزيد.....
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
-
باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح
...
-
مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل
...
-
لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش
...
-
مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
-
مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|