أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميل الشبيبي - (البدون)إشكالية إنسانية وليست عرقية















المزيد.....

(البدون)إشكالية إنسانية وليست عرقية


جميل الشبيبي

الحوار المتمدن-العدد: 4659 - 2014 / 12 / 11 - 12:40
المحور: الادب والفن
    


في حضرة العنقاء والخل الوفي هي الرواية الخامسة والعشرون في سجل
الروائي المبدع إسماعيل فهد إسماعيل،الذي واكب تحولات الذات في عمق أزماتها الروحية والوجودية ،واستشرف إشكالات الحياة والمصير والغربة ،عبر شخصيات إشكالية تحمل جنسيات عربية وأجنبية ،وفي روايته الجديدة هذه وابتداء من عنوانها نلحظ عمق وشمولية وجهة نظر الروائي إسماعيل فهد إسماعيل الذي يتخطى القوانين الوضعية الظالمة باتجاه القيم الإنسانية التي تنظر للإنسان نظرة كونية بعيدا عن العرق والدين والوضع الطبقي ، وهو يؤكد نظرته هذه في معظم رواياته التي كان الهاجس الأساس فيها أسئلة هذا الإنسان المصيرية حول ذاته بالعلاقة مع الآخرين .وقد اتضح ذلك منذ روايته الأولى (كانت السماء زرقاء) التي حملت تداعيات الذات وهي تواجه غربة مزدوجة حياتية ووجودية ، وفي هذه الرواية يستكمل ، غربة مواطن كويتي يصر على هويته ومواطنته ويدافع عنها ولكنه يجبر على غربة أبدية تضعه على هامش الحياة مهددا في أية لحظة بالطرد من وطنه.
ويحفز العنوان (في حضرة العنقاء والخل الوفي) على تأويلات شتى أساسها هذا الثلاثي العجيب وغير المتجانس ( الغول) والعنقاء) (والخل الوفي ) وهما من المستحيلات في التراث الشعري العربي وقد تمثل في البيت الشعري الشهير :
أَيْقَنْتُ أَنَّ الْمُسْتَحِيلَ ثَلاَثَةٌ * الْغُولُ وَالْعَنْقَاءُ وَالْخِلُّ الْوَفِي
وإذا كان البيت الشعري ،يؤكد يقينية شاعر مجرب استحالة وجود الغول والعنقاء والخل الوفي مجتمعين مع بعضهم ، فأن رواية إسماعيل فهد إسماعيل الأخيرة ، تعدل من تشاؤم ذلك الشاعر ،وتسرد على مسامع الجيل الجديد من المتلقين فصولا طويلة وممتعة عن حياة العنقاء المتمثلة في شخصية (المنسي بن أبيه)السارد والشخصية الرئيسة في الرواية ، والمتحكم الوحيد في ظهور الأصوات الواقعية والمتخيلة في فضاء الرواية ،وعبر سرد فصولها الطويلة ، في حين يتمثل الخل الوفي، في الأسماء اللامعة في سماء الكويت المعاصرة : المخرج المسرحي صقر الرشود ، القاضي صلاح الفهد ، المسرحي عبد العزيز السريع ،الفنان سليمان الياسين ،مبارك سويد ، رسام الكاريكاتير ناجي العلي والروائي إسماعيل نفسه ...هذه الأسماء الواقعية سعت إلى خوض نضال يومي عسير في غمار حياة شاقة ،لإلغاء قانون جائر مكتوب على الورق منذ بداية تاريخ الكويت المعاصر، يهمش حياة الآلاف من الكويتيين بالولادة والانتماء والمعاناة ، ويضعهم في الهامش المنسي ، هم وعوائلهم ، ومما يزيد من مرارة هذه الحياة انها تعصف بالجيل الجديد من الشباب والشابات من فئة ( البدون) بالتهميش والإلغاء وضياع الفرص والرواية تتوجه إلى هذا الجيل بتجسيد معاناة آبائهم واعتذاراتهم لأنهم لم يستطيعوا أن يفعلوا شيئا لهم ، وان جريرتهم الكبرى أنهم أتوا بهم إلى حياة شاقة يعرفون مرارتها ولكن ...
حاضر مرير ومستقبل غائم
يتجه زمن الخطاب الروائي من الحاضر إلى المستقبل ، ويبدو حاضر السرد مجدبا لا يحمل شيئا من التغيير ، فهو اجترار لعالم ساكن لا جدوى من الصراخ في أرجائه أو حتى التوسل ، فهو بنية مغلقة على ناسها ويبقى المنسي منسيا في تلافيف هذه الحياة ، وبهذا المعنى فان خطاب الشخصية الرئيسية في الرواية ، يتوجه إلى مستقبل لا يعرف تفاصيله لكنه مؤمن أن خطابه لابنته زينب سيصل إليها، وان المستقبل وان طال حضوره سيأتي بالأحسن والأفضل .
ومن مفارقات هذا الحاضر أن الشخصية الرئيسة فيه تشعر شعورا عميقا بالهوية ، وتشتغل في فضائها ، غير أن ما يحيط بها يشعرها بالغربة المريرة والهوان الذي يحيط بها ويبدد كل أمل في تغيير حياتها نحو الأفضل أي نحو الانتماء ، ومن المفارقات الأخرى التي تجسدها شخصية المنسي بن أبيه انه ( كويتي بالولادة )وانه ( غالبا ما يغفلون اسمي ينادونني ابن أبيه ، لا غضاضة ان يصير منسي منسيا فعلا : الغضاضة في الدلالة ..)فدلالة (ابن أبيه) تعني انه لقيط ( كتب التاريخ تؤكد ذلك ص) لكن ذلك يمثل على وفق قانون الجنسية المعمول به كسبا وليس عارا ف( اللقيط أي لقيط مولود هنا يتمتع بحق اكتساب الجنسية الكويتية إذا بلغ الثامنة عشرة )ولهذا فهو يرى نفسه (أنا كما أراني لست مؤهلا لان ، ولا حاجة بي أن...اكتفيت أراقب عبر مسافة آمان كافية )
المنسي بن أبيه على وفق تصنيف ( الخل الوفي) كويتي بالولادة أو كويتي بالريحة ،وفي كلا الأمرين فهو على وفق القانون الكويتي لا يتساوى حتى مع اللقيط الذي يعطيه القانون حق اكتساب الجنسية عند بلوغه الثامنة عشرة. ...
يسرد المنسي بن أبيه فصول حياته المريرة إلى ابنته التي لم ولن يرها ابتداء من ماض مسور بالفقر والتهميش وحتى الفصل الثاني الذي سماه الروائي (فصل أخير )حيث يبلغ الكلام منتهاه بما يسمى (القول الفصل ، هذا الفصل لا حول ولا قول له ...).
وفي هذه الرواية يعمد الروائي إسماعيل فهد إسماعيل إلى تعرية كل الحجج التي تجعل من مواطنين يحملون صفة الأهلية الكاملة للمواطنة الحقة في صف (البدون) وهي صفة جائرة ومشبعة بعقلية العرق الصافي في مجتمع هجين ، تفرضها عقليات متخلفة عن دينها وإنسانيتها وتجعل منها قوانين ساكنة ومتحكمة بحركة حياة متجددة ومتخطية للكثير من الأعراف والقوانين ...
تمثيل الواقع أسطوريا
والعنوان باعتباره عتبة مهمة في العمل الروائي ،يكتسب هنا أهمية استثنائية عندما يرفع رتبة الشخصية الواقعية التي تحمل اسم المنسي بن أبيه إلى مصافي الأسطورة مستفيدا من أسطورة طائر العنقاء في التراث العالمي والعربي ، فهو طائر وحيد ، لا ينقرض أو يموت بل يجدد نفسه بنفسه حين يحترق ومن رماده ينبثق عنقاء جديد ، فائق الشبه بالقديم يعود من فوره لمكانه الأصلي في بلد الشرق البعيد.
ويسميه العرب عنقاء مغرب أي صار غريبا .
والمنسي ابن أبيه يشبه هذا الطائر الأسطوري في غرابة وجوده ، ووحدته القاسية ، وقابليته على البقاء ،والتجدد ، وبهذا المعنى يتماهى الروائي إسماعيل فهد إسماعيل ببطله إلى منزلة الأسطورة ، على الرغم أن هذا التماهي عصي على الفهم ،لكنه مجسد في الواقع المعيش ،وخلال ذلك يبدو المنسي بن أبيه إنسانا مؤسطرا لاستحالة أن نجد مكانا في حاضر الأمكنة الإنسانية المعاصرة يتنكر لأبنائه بعدم منحهم ورقة صغيرة تثبت الانتماء إليه ، في حين يستطيع هذا الكائن أن يحصل على وثيقة انتماء في أي مكان من هذا العالم المتمدن على الرغم من عدم ولادته فيه او عدم ولائه وانتمائه إليه ، وما يؤكد استحالة وجود مثل هذا المكان الذي يتنكر لمواطنه القويم -المنسي بن أبيه كنموذج مجسد في الرواية - في أرجاء هذه المعمورة الواسعة أن مذكرات المنسي بن أبيه تبدأ عام ألفين وعشرة نزولا إلى بداية سبعينات القرن العشرين ،أي في عام من أعوام يتنفس فيه عالم البشر هواء العولمة التي جعلت هذا الكون الشاسع قرية صغيرة، وبنفس هذا البرهان سيكون ( المنسي بن أبيه (عنقاء) تعيش في عالم يتنفس هواء هذه المواصفات .
يقول المنسي بن أبيه (انا كويتي نسبة لامي لكن هذا وحده لا يكفي ، أراقب صبية كويتيين يماثلوني سنا ، هل يصح لي ضمان مستقبلي أسوة بهم (....)الأمر أشبه باقتراب من نقطة الصفر حيث ضياع الفرصة إلى الأبد )وهذا الهاجس سيبقى ملازما له ، حين يبقى مراوحا في نقطة الصفر حتى نهاية الرواية ،الأمر الذي يرفع رتبته إلى مصافي أسطورة العنقاء التي لا نجد مثيلا لها في جنس الطيور الواقعية والأسطورية ،فطائر العنقاء صفر بالنسبة لعالم الطيور ،ويزداد الأمر غرابة واستحالة حين يغيب الخل الوفي المجسد في الشخصيات الثقافية الكويتية ،لتكتمل الدائرة المغلقة التي بشر بها الشاعر العربي باستحالة وجود العنقاء والخل الوفي ..
تقنية صندوق الذاكرة
يقترح المنسي بن أبيه على نفسه صنع صندوق (يسع أوراق فولسكاب )ينقش عليه اسم ابنته زينب التي لم يرها وهو ينوي توريثه إياها بعد أن (أدون ما يساعدك زينب على معرفة أبيك لدرجة الحضور الفعلي ، سواء كنت في الغياب او في حكمه ص)، ومن خلال هذه التقنية التي يبتكرها الروائي إسماعيل فهد إسماعيل ، يتسنى لشخصية المنسي أن يستدعي تفاصيل متنوعة من حياته على وفق زمن مفتوح ،وحرية مطلقة بالاختصار أو الاستطراد متخذا من النداء بصيغة (يا زينب )لازمة تضبط إيقاع سيرته الذاتية ،باتجاه المجهول الذي تمثله ابنته زينب ، وأيضا باستخدام الكاف كصيغة خطاب مباشر معها ،مؤشرا على مروي له مشخص في الرواية ، زينب الشخصية الغائبة من فضاء الرواية .ومن مزايا صندوق الذاكرة ،قدرته على التلقي في أي وقت او أية معلومة ، وهو بصمته الأزلي ،يعطي السارد الشخصية إمكانية البوح بكل ما يريد لغياب الرقيب ،الأمر الذي يسمح للسارد أن ينسى أو يحذف ما يشاء منها ،ويبدو من سرد الأحداث أن السارد ، يقف في منطقة الحياد ،لا يتخذ الموقف الذي يناسب رد فعله على الأحداث فرد الفعل كثيرا ما يكون على شكل تعليق ساخر او موقف متسامح ، من شخصيات أساءت له وعمدت إلى تصفيته كالدكتور سعود مثلا ،وهو في سلوكه المحايد او الساخر من نفسه يشبه الحمار الذهبي في إحدى الروايات وهو يراه في حلمه القصير مصغيا إلى الراعية ايزيس التي وعدته (انا هنا لأحسن إليك وانعم عليك فاترك بكاءك وشكواك وانبذ الحزن الآن يبزغ يوم سعادتك بفضل عنايتي فأصغ إلى ما آمرك به ستتخلص حالا من جلد هذا الحيوان ص)لكن ذلك لم يدم طويلا فبعد أن أنهت حديثها (تلاشت في نفسها)...وعندما يحاول ابن أبيه العودة إلى النوم يدخل في حلم ثان يصاحب فيه زوجته وخلال الحلم تغيب الزوجة ليجد نفسه يهرول وراءها (ولا مناص من الركض ص)و ( أنا والعدو صنوان متآلفان)والمؤلف يعيد إلى الذاكرة تفوهات بطل روايته الأولى ( كانت السماء زرقاء )(اركض ، اركض أن حياتي سلسلة من الركض ...)وهي معادلة تشي بحياة شاقة أساسها الركض غير المجدي .
وفي الحلم تمحى الحدود في السرد ، ويتداخل الحديث المباشر بغير المباشر ، الحوار بالتعليق على الحدث ، الزمن الماضي بالزمن الحاضر ، كل في صياغة جديدة حتى على لغة الروائي نفسه الذي يخرج على مألوف كتابته بشكل مفارق :
(سمعتها تسألني :متى نصل . لو أصدقتها الرد قلت لها لا اعرف بديل ذلك طمنتها. قريبا .اشتدت حركة الرياح في الجوار .هل أتعبك الركوب.أتعبني الصمت.للأحلام آلية خاصة بها ،(...) ( لا تجزعي ها انا قادم اليك .اركض.لا غابة ،لا أصوات جنادب،لا اثر لسينما السيارات ، من الذي ضلل الآخر أنا أم الطريق (...)أنا إزاء جدار اسود يميل إلى اخضرار فيروزي يضاهي لون النفط الخام ، تراني حدست سبب انبعاث الرائحة المدوخة .أين أنت . استغاثتها الملتاعة تكرس شعوري بالفجيعة .أنا هنا في الجوار أسفل هذا الجدار ، تحريته باحثا عن موقع يسمح بالصعود لم اسائلني ...)في هذا المقطع الطويل نسبيا نحاول فيه التعريف بهذه القدرة الكبيرة للروائي إسماعيل فهد إسماعيل على إدامة حلم تتداخل فيه الرغبة في اللقاء مع الحبيبة او الزوجة وكوابيس الأحلام وهي تنأى عن مسارها الأليف لتدخل في منعطفات مكانية وزمانية ، لا حدود لها ولا ضفاف ، وخلال ذلك يبدو سرد الحلم متآلفا مع لغته المتشضية في هذه الصفحات ،حين تمحى الفواصل بين الحوار وبين الإجابة على الأسئلة وبين تفاصيل الحلم والخروج منه والتعليق عليه ثم العودة اليه في الوقت نفسه .
في الحلم يتجلى الوصف المتناثر للأمكنة وحركة الزمن كل ذلك في آن واحد ،وخلال نفس اللحظة يتم تحديد زمن الحلم واليقظة .والأحلام كما يقول منسي بن أبيه (نوعان منام ويقظة ، الناس شاكلتنا لا يحلمون يقظة ..)وبهذا المعنى فأن حلم اليقظة يمثل انتهاكا لقوانين الواقع المعيش نسبة لابن ابيه ومن على شاكلته، لأنه يحمل بذور أمل لحياة مختلفة ،تلك الحياة التي أسسها منسي وعهود في الخارج ، لكنه حالما عاد وجد أن القوانين (المنظمة للشأن السكاني المأخوذ بها بعد سنوات قليلة منعت المأذونين الشرعيين من تحرير عقود زواج البدون)ويعلق المنسي على ذلك بان المولود بدون وثائق ثبوتية هو بدرجة الصفر لأنه خارج السجلات الرسمية و(المعضلة المحيرة موتانا ممنوعون عن استصدار شهادة وفاة )وبسخرية سوداء بالغة يقول (لا اعتراض على الموتى والأحياء مطالبون أن لا يموتوا رحمة بذويهم).
المكان ذاكرة ممحوة
تتجسد غربة الشخصية الرئيسة في الرواية ، من شبحية الأمكنة العامة ، على الرغم من أن حياة المنسي امتدت فترة طويلة ، لكن ذاكرته التدوينية لم تسجل سوى عينات محدودة من الأمكنة التي عاش فيها ، واغلبها أمكنة مغلقة محدودة الفضاء والشخصيات ،مما يؤشر على غياب الألفة مع المكان ، وعندما يقع فضاء الوطن في قبضة الاحتلال ،تنشط شخصية المنسي بن أبيه في التحرك والانتقال وسط مظاهر الخوف والرهبة من قبل جنود الاحتلال لكنه يمارس حياته بعبثية ،واضحة ضد هذا الوجود ، مؤكدا شعورا داخليا بأنه يعيش على ارض وطنه إزاء هؤلاء القادمين من خارجه ، كما أن مواقفه السلبية السابقة قد اتخذت أفقا آخر ، بانخراطه في قافلة المدافعين عن وطنه ، فيقوم بأفعال كثيرة يمكن أن تؤدي به إلى الموت ، وفي مثل هذه الأجواء الخطيرة يجد المنسي نفسه مواطنا ،(شملتني حيرتي ،هنا ناسي بلدي يحتاجني المصيبة معدن الرجال (... ) متى نبدأ العمل ...) .ويجد نفسه وهو يحمل هويته الجديدة الموقعة من القاضي صلاح الفهد أي بلسان المقاومة (هنا أنا طوال خمس وثلاثين سنة عمر الواحد في كنف دولة مستقلة ذات كيان معترف به بقيت محروما من أية وثيقة انتماء رسمية ، مع مصادرة الولة كلها مع غياب سلطتها يولد كيان ثان من رحم الكارثة ، المقاومة الكويتية (.....) وسط هذه الفوضى العارمة (...)تخصص المقاومة فسحة محبة ترعى ناسها دون النظر للوائح معتمدة منظمة رجل القانون صلاح الفهد سماني كويتيا).
في هذا المقطع تبلغ الرواية ذروتها بهذه المزاوجة الحية بين الواقعي ممثلا بشخصية القاضي صلاح الفهد التي لعبت أدوارا مؤثرة في مسيرة إقرار العدالة في الكويت الحديث وبمواقفه ضد الاحتلال العراقي بالتعاضد مع مجموعة مثقفين متعالين على كل أشكال العسف والتهميش والإذلال أمثال صقر الرشود سليمان الياسين وغيرهم وبين الخيالي الذي يمثل هذا النسيج الروائي البديع التي يديم تواصله الروائي إسماعيل فهد إسماعيل ،بلغته وتقنياته المبتكرة وخبرته الطويلة في معالجة إشكالات الحياة العربية المعاصرة .
ويزداد الموقف حرجا من الموقف المتفرج على فئة البدون باعتبارها إحدى الإشكالات المحيرة في سماء الكويت الحديثة حين نلحظ أن الكويت ضمن تاريخها القريب تخطت وكسرت العديد من القوانين والأعراف التي تحد من حرية الإنسان تجاه فضاء الحرية الذي يشع القا في كل المجتمعات المعاصرة ،في العالم .
سيبقى المتلقي لهذه الرواية الكبيرة ، معلقا بين تفوهات المنسي بن أبيه وهو يحيا بفرح غامر حلم المساواة مع أخوانه في الوطن بالهوية التي منحته إياها المقاومة الكويتية رمزا على دفن الماضي الأليم وفتح صفحة جديدة للمواطنة والانتماء ، وبين حاضر السرد الذي تكرسه نهاية الرواية حين يجد المنسي بن أبيه نفسه ساكتا (أبدا )تحت سماء لا اثر فيها للغيوم بالمرة ،وهي نهاية متشائمة لم يرد مثلها في كل روايات إسماعيل فهد إسماعيل العديدة فنهايات كل رواياته مفتوحة أبدا على فضاء جديد ،مما يثير سؤالا بحاجة إلى إجابة :هل يمكن أن تكون رواية العنقاء والخل الوفي تاريخا وماضيا لواقعة اجتماعية – إنسانية أصبحت ضمن سجلات التاريخ لمحنة فئة البدون في الكويت بشكل خاص .؟؟!!



#جميل_الشبيبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تساؤلات الأنثى في عالم ذكوري
- السجن فضاء قصصيا
- البحث عن هوية في فضاء بديل (رواية عجائب بغداد ن ...
- الفيلة تطير فوق نفايات المدن
- في رواية جاهلية ليلى الجهني تتحرى سجلات إذلال الأنثى في الحا ...
- حافات الدانتيلا ذاكرة يقظة من تاريخ الأسى
- الجنون و الحجر الصحي الدائم بديلا للحياة
- عالم خارج هموم الذات
- أنثى مفخخة
- من أشكال التجريب في السرد الروائي العراقي
- قراءة في رواية مدينة الصور
- من بحوث المهرجان الثاني للشاعر كاميران موكري – السليمانية
- ذاكرة جيل الحرب تفتح نافذة على :
- الروائي إسماعيل فهد إسماعيل ونزعة التجديد في تقنيات السرد ال ...
- قراءة في ديوان اغاني موسم الجفاف
- مجازات وصور مبتكرة من عالم الطفولة
- موعد النار واسئلة الوجود المحيرة
- التطبيق على تقنية ( المشهد ) في القصة القصيرة /عربة تحرسها ا ...
- قراءة في قصيدة عاشقة الليل
- في جماليات النص الروائي


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميل الشبيبي - (البدون)إشكالية إنسانية وليست عرقية