أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميل الشبيبي - قراءة في ديوان اغاني موسم الجفاف















المزيد.....

قراءة في ديوان اغاني موسم الجفاف


جميل الشبيبي

الحوار المتمدن-العدد: 3045 - 2010 / 6 / 26 - 15:15
المحور: الادب والفن
    


يصف الشاعر عبد الرزاق حسين بعض قصائد مجموعته الجديدة (أغاني مواسم الجفاف الصادر في 2010) بأنها ( عمقت الإحساس بالخيبة واللاجدوى ،ومحت ما تبقى من خطوط الحلم الباهتة ...) ، وإذا تأملنا هذه الجمل المركزة عن تجربة الشاعر في ديوانه الجديد سنرى إنها تشير إلى حقيقة يعرفها معظم أدباء البصرة تتعلق بحياة هذا الشاعر وشعره .
فالشاعر عبد الرزاق حسين من شعراء جيل الخمسينات ، و شخصية أدبية فاعلة في الوسط الأدبي والثقافي ، فهو من أوائل المحررين الثقافيين في صحف البصرة ابتداء من عام 1953 ولغاية تقاعده عام 1976 ،كان مثالا للشاعر والأديب الذي اخلص لرسالة الأدب والشعر وعمد منذ ذلك التاريخ إلى تشجيع الأدباء البصريين شعراء وقصاصين ونقاد ، بقراءته الجادة لنتاجاتهم ونشر الكثير منها في الصفحات الثقافية التي يشرف عليها ، وفي هذا المجال يتذكر شعراء البصرة وقصاصوها ممن أصبحت أسماؤهم معروفة في نهاية ستينيات القرن العشرين وسبعينيات ذلك القرن كيف أسهم الشاعر عبد الرزاق حسين في بلورة وإنضاج تجاربهم الشعرية والقصصية وكيف كان سببا من أسباب شهرتهم وذيوع أسمائهم ،وربما أن بعضهم يحتفظ بأعداد من جريدة الثغر البصرية التي نشرت أولى نتاجاتهم الأدبية ، لكن العديد منهم بعد أن أصبح معروفا ومشهورا تنكر لهذا الشاعر فلم يذكروا اسمه عندما اخذوا يتحدثون عن تجاربهم وكأنهم نشاؤا فجأة دون عناية من احد! يضاف إلى ذلك أن اتحاد الأدباء والكتاب في البصرة الذي كان الشاعر عبد الرزاق حسين احد مؤسسيه بعد ثورة 14 تموز ، لم يتذكره حتى في دعوته إلى مهرجانات المربد التي تضج بالأسماء الجديدة والقديمة ، ولم يطبعوا له ديوان شعر واحد على حساب شركة اسيا سيل التي قدمت للاتحاد مشروعا لطبع كتب الأدباء البصريين ، وكان من المفترض أن تبادر الهيأة الإدارية للاتحاد بمفاتحة الشاعر لطبع احد دواوينه ضمن هذا المشروع ،ولكنهم لم يفعلوا وقد سالت رئيس الاتحاد الشاعر علي نوير الذي يعرف الشاعر عبد الرزاق حسين معرفة وثيقة حين سلمني ديوان الشاعر (أغاني مواسم الجفاف )المطبوع بكراس بائس على نفقة الشاعر الخاصة عن سبب استبعاد هذا الشاعر من مشروع آسيا سيل فأجاب إجابة غير مقنعة .
من حق هذا الشاعر أن يرى خطوط حلمه قد بهتت أو انمحت معمقة إحساسه بالخيبة واللاجدوى ، حين يرى وطنه الذي كرس له حياته ، قد تسلط عليه المتطفلون والأنانيون الذين لا يرون إلا أنفسهم ويحصدون كل شئ لها ويبقى هو وبعض من رفاق دربه كالشراع :
يُنزَلُ الشراع
بعد أن يكون قد رفع
طيلة الرحلة
إن مأساة الإزاحة والإبعاد والتهميش التي أصبحت السياسة الرسمية للتجمعات الثقافية ووزارة الثقافة ومعظم المعنيين بالثقافة والأدب في العراق،سوف لن تكون بعيدة عن هؤلاء الذين يتصدرون المشهد الثقافي والأدبي ألان حالما تنتهي ولايتهم ويحتل آخرون أمكنتهم التي شغلوها ، فسياسة التهميش لا تعني أحدا بعينه ولا تتوقف عند احد.
--------------------------
يقع ديوان ( أغاني مواسم الجفاف ) في اثنتين وعشرين صفحة من القطع الصغير بثمان وأربعين قصيدة قصيرة مكثفة معظمها لا يزيد عن مقطعين أو ثلاثة وقد استثمر الشاعر انجازات قصيدة النثر في معظم هذه القصائد .
إن التقطير المكثف لقصائد هذا الديوان يعطينا انطباعا مفارقا لما يشي به عنوان هذه القصائد ، فالأغاني – خصوصا في مواسم الجفاف – هي بوح ذاتي مغلف بالأسى والحزن الشفيف ، يغلب عليها طابع الشكوى ومرارة الانكسار ، غير أن قصائد هذا الديوان تتمرد على ايحاءات العنوان باتجاه مغالبة الذات وكسر حدة الشكوى ، وتكريس تساؤلات الذات ورغباتها وهجائها لانشاء عالم مشبع بدروس الحياة وحكمتها ، يؤشر على حركة الطبيعة والحياة باتجاه التجديد ومحو أثار الماضي المؤلمة . وعلى الرغم من حدة بعض القصائد وتكريسها لعوامل انكسار الذات وضياع أحلامها إلا إنها تعود لتهجو وتتوعد وتشير إلى عالم جديد يمكن أن تبدعه الطبيعة لا الإنسان .
اسمع وقع خطى
يا همس الريح
الظلمة لا تبصر
والصبح جريح
أو مخاطبته الذات
تائه أنا ...
لا أتحرى وجودي
في الأماني
غير أن الذات تحاول أن تمد جذورا باتجاه الأمل :
في ذاكرة الطين
وطن يبحث عن لحظة ميلاد اخرى
وكذلك :
عندما تتحطم القيثارة
يبقى الصمت
بانتظار اغنية اخرى
ان ازمة الذات في ديوان ( اغاني مواسم الجفاف ) ازمة وجودية وليست ازمة فردية تعيش أحزانها وتتباكى على ضياع أحلامها ، وما يؤكد ذلك صيغ استثمار الضمائر التي تعبر عن وجهة النظر في بعض جوانبها ، فضمير الأنا يكاد ان ينحسر عن معظم قصائد الديوان ، فيما تتسيد الجمل الشعرية الاسمية في العديد من هذه القصائد المكثفة معلنة عن تشكل عالم بعلاقات قارة تحاول أفعال هذه الجمل أن تتمرد أو تتحرر من صيغة الثبات والجمود باتجاه الانفتاح على عالم جديد :
لو تكلمت الجبال
ما وجد متعجرف فضاء لصراخه
وفي قصيدة أخرى :
عندما تهز الأرض كتفيها
تستبدل أسماءها المدن
ويصير الطغاة تحتها
فراعنة بلا أهرامات
ومن السمات الأخرى لهذه التجربة الوجودية اتجاه خطاب الذات نحو مفردات الطبيعة في بناء مجازاتها مثل : الريح ، الجبل ، الظلمة ،البحر الصبح إضافة إلى مفردات ضائعة وسط هذا الجفاف المهيمن مثل : الحلم ،الانتظار ، الأماني ، العزاء ...الخ .
إن قصائد الديوان ،تغترف من عالمين ، عالم الطبيعة الذي يغذي الذات بعوامل الديمومة والبقاء ، وعالم الذات الضاجة بعذاباتها ، وتتراوح طراوة الجمل الشعرية بين هذين العالمين : فالجمل الشعرية التي تستثمر عالم الطبيعة تحمل الوعيد والتهديد كما رأينا ، وأيضا تؤسس لأمل جديد وانفتاح على تجارب جديدة :
لا يضيق البحر
باتجاهات الأشرعة
أو
لتصغر كل الأشياء ...
ويكبر حد الرعد
صوت ...الوعد
وهناك أمثلة أخرى تعمد الذات فيها إلى التهديد أو صيغ الأمر أو صيغ فعلية أخرى تتعكز عليها الذات الجريحة لتأسيس حكمة أو توجيه إنذار غير فاعل أو تشييد أمل ما . أما عالم الذات فيضج بالمعاناة والانكسار وفقدان الأمل وتؤسس جمله الشعرية عالما من الحزن الشفيف ويتوسل الشاعر في تأثيث عالمه الشفيف هذا بجمل شعرية مشحونة بالعاطفة واللوعة :
غريب على باب داري ...أنا
آه يا وطنا ...لم يعد وطنا
ويبلغ اليأس حدا حين يضيع كل شئ :
لو نبيع الذي نرتديه ...ونبقى عرايا
لن تصير المنايا
أماني
لن تصير القصيدة مجدا
إن قصائد الشاعر عبد الرزاق حسين تؤسس لغربة عميقة للذات التي ترى في العطاء الذي بذلته وهو يتحول إلى جفاء وخشونة وإذلال وكيف تصبح الدار التي أسهمت الذات في بنائها منفى طاردة وغربة إجبارية ، ولكن وعلى الرغم من كل ذلك تخاطب الذات أمثالها من المنفيين في أوطانهم :
لن يصير الأمناء
عندما يخلون ب ( الكنز ) لصوصا
لقد كان الشاعر عبد الرزاق حسين من أوائل الشعراء الذين جربوا كتابة قصيدة النثر وكان ذلك عام 1958 في ديوانه(وجوه الصغار وقصائد أخرى) وهي إحدى قصائد الديوان التي حملت عنوانا (دعوة للحياة) جاء فيها :
في غابة الليل الرمادي
الذي يغطي رأسك الحزين
تنكمش أفراحي
كحمامات بيض محزونات
فوق شجرة سرو ذابلة وحيدة
عند غدير يجري ببطء
كمرهق
وماؤه متخثر كصديد اخضر
وأوراق صفر يابسة تتفتح في أعماقه اللزجة
كما تتفتح ذكريتنا
(وردت هذه القصيدة في المقالة التي كتبها الأستاذ ذياب فهد الطائي بعنوان (من تاريخ الصحافة في البصرة)عبد الرزاق حسين الحلقة 16 في الموقع الالكتروني ( أوطان)



#جميل_الشبيبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجازات وصور مبتكرة من عالم الطفولة
- موعد النار واسئلة الوجود المحيرة
- التطبيق على تقنية ( المشهد ) في القصة القصيرة /عربة تحرسها ا ...
- قراءة في قصيدة عاشقة الليل
- في جماليات النص الروائي


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميل الشبيبي - قراءة في ديوان اغاني موسم الجفاف