أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميل الشبيبي - تساؤلات الأنثى في عالم ذكوري















المزيد.....

تساؤلات الأنثى في عالم ذكوري


جميل الشبيبي

الحوار المتمدن-العدد: 4659 - 2014 / 12 / 11 - 10:30
المحور: الادب والفن
    


تحفل الروايات النسوية التي تكتبها كاتبات خليجيات- بشكل خاص-بمواقف وتساؤلات تتعلق بواقع المرأة في المجتمع الخليجي الذي تخطى عتبات التنمية والإصلاحات في البنى التحتية في المجتمعات المجاورة بقفزات هائلة ، حتى أصبحت دول الخليج مراكز استنارة وغنى في العالم كله ،غير أن هذا الثراء الفاحش والرفاهية المتميزة في هذه الدول ، يقابله ركود في القيم الاجتماعية لصالح الرؤى القبلية والأفكار السلفية بحجة الحفاظ على مكوناتها العرقية ، على الرغم من أن ( العنصر/العرق) لن يكون صافيا بفعل هذا التزاوج والانفتاح على الآخر في العلاقات الخاصة .ويتميز موقع المرأة في هذه المجتمعات بدرجة دنيا تجعلها تجتر حياتها وتعيش أيامها بتكرار وملل وحسرات لا جدوى منها.
وتتأكد وجهة نظر الأنثى في معظم هذه الروايات من وقائع مشخصة يحملها الفضاء الروائي ، الذي يتسم غالبا بحياة خاصة قاحلة للانثى ،في وسط رخاء واضح يتجلى في تاثيثات هذا الفضاء ،تعيش فيه الأنثى كيانا منحى لا فعالية له وسط تساؤلات عن جدوى حياتها ،وكيف يمكن لهذه الذوات ارضاء التطلعات الطافحة بالرغبة والأنوثة الطاغية التي ترنو إلى فضاء يجيب عن أسئلتها ،ويحقق لها تطلعاتها وأملها في حياة أكثر رحابة وإنسانية ومساواة .
وفي رواية ( نساء المتعة) للروائية البحرينية منيرة سوار ، يتكشف فضاء الرواية عن أربع نساء ،تسورهن الأسئلة المحيرة في وسط ذكوري ،يصادر كل شيء بنرجسية عالية ،تحرسها ترجيعات رؤى وأفكار الماضي البعيد ،التي جعلت من المرأة كيانا سلبيا ،يعيش من اجل إشباع رغبات الذكور المتزايدة ،تحت طائلة الخضوع التام للأنثى .
مجتمع نساء الرواية
يقدم لنا الفصل الأول من الرواية أربع نساء يرتبطن بعلاقة صداقة هن على التناوب :سوسن التي ترى في نفسها (.. جميلة ولا تزال مثيرة ، على الرغم من تجاوزها الثالثة والثلاثين عاما ، وعلى الرغم من إنجابها لثلاثة أبناء! فلا بطن متدلية ولا إرداف متهدلة ، وقد حباها الله وجها مفعما بالأنوثة حتى تحتار (مقلتيك)في تأمل قسماته المرتسمة على صفحة خمرية ص7)
وأمل العانس التي تطرب لعبد الحليم حافظ منذ أن كانت في الثانية عشرة وقد(تربت في بيت بحريني يشبه آلاف البيوت التي نمر بها كل يوم . كان كل شي في حياتها في الوسط..لم تولد لأسرة فقيرة ولا غنية ..ولم تعان من الشدة في تربيتها ولم تحرم من الحنان كذلك ..ألا أن عائلتها كانت صارمة في الالتزام بالعادات والتقاليد ص19)
ومهدية مثال المرأة الملتزمة دينيا ،لكن زوجها صادق (رجل شهواني ..يصعب عليه النظر إلى الأخريات دون أن يطوف هاجس الجنس بذهنه.أنها لم تستطع يوما استكشاف هذا الأمر من عدد مرات معاشرته لها أو حتى طريقته في ذلك ص40)
أما زهراء فهي (مسكينة وذات حظ عاثر على الرغم من هذا الجمال الذي وهبها الله إياه ، فهي محرومة من العيش كباقي النساء ، فلا بيت تمتلكه ولا رجل تحتمي به ولا أطفال يملئون عليها حياتها ص42)كما يصفها أخوها الشهواني صادق.
ومن خلال فحص الفضاء التي تعيش ضمنه بطلات الرواية نلاحظ امتلاكهن جميعا العديد من أسباب الرفاهية كالبيوت والسيارات والملابس الفاخرة إضافة إلى الحرية الشخصية في التنقل وحضور المناسبات الخاصة دون ضغط من احد ،وهو أمر مفارق وغريب عن عالم النساء في الروايات الخليجية الأخرى خصوصا في الرواية السعودية حين يحرم -مثلا -على المرأة قيادة السيارة بنفسها ،او ان تتواجد في مجتمع عام دون مصاحبة زوج او اخ او اب.
إذن ما هي أسباب تساؤلات المرأة في هذه الرواية ؟؟وما هدف هذه التساؤلات ؟؟وكيف تجيب عليها؟
لنقترب من شخصية (سهير)التي تتوفر على مواصفات شخصية واجتماعية لا تمتلكها زميلاتها ،فنقرأ في الصفحة الأولى من الرواية أسباب أزمتها: حياة متشابهة لا فرق بين الأمس واليوم والغد،العلاقة مع زوجها وصلت إلى طريق مسدود(فالمشاعر باتت مكسوة بطبقة من جليد ص9)حتى وصلت الى اكتشاف أن عادلا زوجها لا يعجبها (لم تعد تحب بشرته البيضاء ...ولا (عيناه)..ولا شواربه ولا طريقته في تناوله لطعامه ص10)انه ليس الأب الذي تمنت لأولادها ص10)بعد أن كان (عشقها له عاصفا وثوريا ،ومثلما تعلن العواصف عن نفسها كان عشقها جليا لكل من في البيت ، فلم ترتدع من أم ولا من أخ كبير ص8)
وتتجلى أزمة مهدية بنفس هذا الإطار :الزوج (صادق )الذي يشاهد الأفلام الجنسية وبغرق في شهواته مع نساء المتعة !!وعندما تسأله باستهجان عن عادته هذه:)لماذا لا تدعني أشاركك في مشاهدة هذه القذارة ص39) يرد :(أنت امرأة ..ولا يجوز لك أن تفعلي كل ما افعله –نفس الصفحة)(يومها فقط..رأت الفتق جليا وواضحا كقرص الشمس ص39)
اما أزمة زهراء وأسئلتها المحيرة فتبدو عبر تصرفات زوج غيور أذاقها العذاب لتتخلص منه بشرط قاس (بأنها لن تعاشر رجلا آخر بعده ..وإلا فأن مصيرها سيكون بحرمانها من ابنتها إلى الأبد!!ص52)
وتبقى تساؤلات ( أمل) أكثر إشكالية نسبة إلى التساؤلات المحدودة التي تطرحها صديقاتها :سهير ومهدية وزهراء لأنها أسئلة وحوارات مع النفس تنطلق في فضاء رحب ومن تجربة معاشة مع رجل مفترض (عبر الشبكة العنكبوتية) تحمل انفتاحا على مستقبل مجهول تحاول الروائية استثماره ابتداء من الاسم (أمل)وصولا إلى نهاية الرواية التي تنفتح على فضاءات العولمة المتمثلة بالشبكة العنكبوتية ، بالعلاقة مع الآخر ، ومع الحرية التي يفتحها فضاء هذه الشبكة لإقامة علاقات افتراضية تحتمل العديد من الأسئلة الإشكالية التي يوفرها هذا الفضاء المغلق على الذات من جهة والمنفتح على فضاءات الآخر الشبيه أو المعادي.التي سنشير إليها قريبا.
سنتخذ من أسئلة ( سهير) و(أمل) نموذجين للكشف عن وجهة نظر الأنثى في عالم رجولي تعمد الروائية على ضخه عبر فصول الرواية .
في الفصل الثاني من الرواية تتطور أسئلة سهير باتجاه التحرر من طوق العلاقة الزوجية نحو العلاقات الحرة متخذة من جمالها وسلوكها وارتدائها لملابس غير محتشمة وسيلة لجلب انتباه الرجال إليها هدفا لإعادة الاعتبار إلى ذاتها التي حطمها برود زوجها عادل
فهي ترتدي أجمل ثيابها وتخرج وحيدة من البيت في الساعة العاشرة ليلا لتعرض جسدها أمام مجموعة كبيرة من الرجال تعج بهم إحدى المقاهي :مجاميع من رجال ينقسمون إلى مجموعات موزعة على الطاولات تتجه أنظارهم إليها فبدأت بالانتشاء والاسترخاء رويدا رويدا لقد أعجبها الرجل ذو الشماغ، لكن الأسئلة المحيرة تبدأ في تلك اللحظة:
هل يعد تصرفها انحلالا أخلاقيا؟هل تعتبر خائنة لزوجها إذا سعدت بإعجاب رجل آخر دونه؟
هل يتنافى سلوكها هذا مع التزامها بصلاتها؟هل الخيانة الحقيقية تكون بالجسد فقط؟أم الخيانة تكون بالفكر أيضا؟ولكنها تطرد هذه الأسئلة:(مالي أضخم الأمر إلى هذا الحد؟ما ذا جرى؟شخص فاضي غازلني وتبعني بسيارته ثم مل وذهب لحال سبيله؟ولم تكن ابتسامتي إلا سخرية منه ... انتهى.ص73-74
وتكبر الأسئلة في ذاتها على شكل أجوبة تتحكم بها أدوات الاستفهام :هل تشتهي رجلا بخلاف زوجها ؟؟لم لا؟ألا يشتهي الرجل نساء أخريات بخلاف زوجته؟أفلا يعقل إذاُ أن ترغب المرأة في رجل آخر..أي رجل ترى فيه قدرا من الجاذبية والوسامة ؟؟ص138
ونلاحظ أن الأسئلة الأخيرة لسهير تحمل مفهوما عن حرية المرأة أكثر تطرفا ونرجسية ،حين تضع تجربة الأنثى في مساواة تجربة الرجل في مجتمع روائي وواقعي يمجد الذكور ويستهجن تمردات الأنثى .وهي اسئلة محكومة بالادانة في مثل ذلك المجتمع .
في حين ترتفع اسئلة امل الى اسئلة وجودية تناقش وجودها الانساني وليس الجنسي ،على الرغم من شعورها بالاحباط والدونية نتيجة عدم اقترانها برجل ،ولهذا فهي تبدأ بطرح اسئلة حول هذا الموضوع اولا حين تكتب رسالة الكترونية الى صديقها محمد البحريني :(فالمراة التي بلا رجل عندنا تفقد ظلها تصور ياسيدي ان ظلال الشيء برهان على وجوده وانا موجودة بشحمي ولحمي ولكن الناس لا يرون لي ظلا ؟هل يعقل سيدي ان يلغى وجودي وتتنكر الناس لظلالي المرتسمة على الاسفلت لتبحث عن ظل اخر لي في خيالها الواهم ؟؟ص126)وتتابع في رسالة اخرى)نعم يا محمد الحرية اولا ثم الدخول الى التجربة ثانيا!!ما هي الحرية اصلا؟لماذا تكون الحرية وعي كثير من الناس مترادفة للانفلات وانعدام الاخلاق والبعد عن الدين ؟لماذا اصبحت الحرية تهمة ؟هل الحرية تناقض الشرعية ؟
ومن الذي يحدد الشرعية هنا؟هل هو القانون الالهي ام القانون البشري ام المجتمع على اختلاف اطيافه؟
من اكثرهما حرية وشرعية؟العلاقة التي تداربالاوراق وتصطبغ بالاختام؟ام تلك التي يلتزم بها الانسان التزاما ذاتيا من منطلق قيمه واخلاقه؟
ماذا عن العلاقات التي تحدث خلف الابواب المغلقة ، بعد ان تختم بختم الشرعية؟هل هي شرعية حقا؟هل تعتبر حرية شرعية؟فاذا ما كانت حقا شرعية كيف تقبل على نفسها الاختباء خلف الابواب ؟ هل توجد حرية "في السجن "؟انا حر ولكني "مسجون "؟مسجون تطوقه قضبان "الخوف" من الاخرين!ص188
وتتطور اسئلتها الى تأمل الوجود الانساني وهو يعيش ضمن دائرة مغلقة:(من منا حر حقا؟ومن منا يتصرف "بشرعية"اكبر؟الذي يتبع القوانين الالهية ام الذي يتبع القوانين البشرية؟ام الذي يتبع ما يمليه عليه ضميره من وحي خلفيته النفسية والتربوية والاخلاقية والثقافية؟ ص189)لقد تعمدنا اقتباس معظم الاسئلة التي طرحتها امل على نفسها وعلى محاورها محمد البحريني لانها تمثل الاسئلة الاساسية التي تطرحها الكاتبة على لسان ابطالها وهي تمثيل غني لوجهة النظر الانثوية في عالم رجولي مغلق على رغباته وافكاره.
ونلاحظ ان رواية نساء المتعة رواية نسوية بامتياز لانها تتخذ من وجهة نظر الانثى اساسا في تاثيث فضاء الرواية كما ان مجتمع النساء في رواية نساء المتعة ،هو المجتمع الفاعل ،من خلال مشاركة نسائه في العمل اليومي :التدريس او تربية الاطفال في البيت ، في حين يبدو الرجل منحى عن الفاعلية في حياة هذا المجتمع ،ضمن تناقض صارخ ، يعطي الحرية للجسد العاطل ويمنعه عن الجسد الفاعل ، في صورة شائهة تتضح صورتها حتى في الاجيال الفتية ، حين يبدو الطفل الذكر-اسامة مثالا-كسولا الى جانب تفوق اخته عليه في المدرسة وفي البيت .
مجتمع الرجال : /الرجل -الكاريكتير
يخلو عالم الرجال من الاسئلة الوجودية ،او العلاقات الاجتماعية خارج نطاق العلاقة مع الانثى ،وبهذا المعنى تقتصر تطلعاتهم في هذه الرواية على المتع الصغيرة التي يحصلون عليها بعلاقات مع انثى سواء عن طريق زواج المتعة او الزواج العرفي ولن تجد في الرواية علاقات خارج هذين النظامين كدليل على التزام شكلي بنواهي الدين والعرف الاجتماعي .اضافة الى الالتزام الصارم بالنظام الابوي الذي يكرس الهيمنة المطلقة للرجل على المراة:الزوجة والاخت .
وتبنى شخصية الرجل في هذه الرواية بشكل كاريكتير بتكبير مبالغ فيه بحياته الشبقية نسبة الى جوانبه الانسانية الاخرى ،باختلال واضح يمسخ شخصيته ويجعله هائما وراء غرائزه التي لا تنتهي ،ويتضح ذلك بشخصيات عادل زوج سهير وصادق زوج مهدية وعلي طليق زهراء ،اضافة الى شخصيات ذكورية ثانوية ولكنها مؤثرة في حياة نساء الرواية .وتتضح شخصية الرجل من خلال وجهة نظر الاناث اولا ومن خلال وجهة نظر السارد الضمني الذي يمثل وجهة نظر الروائية .
فعبد الله السكير جار امل يبدو شخصية كاريكتيريه من وجهة نظر امل حين يتجلى لها (براسه المربع البني الذي يشبه طنجرة الغداء المحروق يتوسطه انفه الكبير المدور الذي يذكرها ب(الخنفروش) في لحظة استوائه ص30). ويبدو صادق زوج مهدية من وجهة نظرها : لم يكن وسيما بمقاييس الوسامة فلم يكن طويلا ولا عريض المنكبين وكان بقوام متوسط اكرت الشعر ، وانف افطس لكنها اكتشفت فيه ما يقربها منه(فقد كان حنونا جدا ومتفانيا ..استشعرت فيه منذ البداية حسه العالي بالمسؤولية ص33)غير انها اكتشفت فيه بعد الزواج صفات غريبة ، فهو مدمن على مشاهدة الافلام الاباحية خلسة ص35) وانه يخونها مع مجموعة من النساء ، عبر زواج المتعة الامر الذي ادى الى تخريب بيتها الصغير وتشتت اطفالها وضياع امالها بحياة وادعة مطمئنة :(كانت مهدية تئن بصوت مسموع ذلك الانين الذي يسبق الاحتضار ذلك الانين الذي تطلقه المراة في مخاضها ليرى وليدها نور الحياة في اللحظة التي ترى فيهال هي عتمة الموت تلفها من كل صوب؟ص3177)
اما علي طليق زهراء فيذكرها دائما (بغلطة عمرها وبماساتها)فهو غيور بشكل غريب وكان يرى( ان المومسات هن فقط من يقبلن على انفسهن التسامر والضحك مع رجال اغراب في الشارع وانا لم اعرف انني متزوج من مومس ص48) وعلى وفق ذلك تناهبتها الاسئلة التي لا تجد لها جوابا بين اهانات زوجها علي وبين واقعها كانسانة متعلمة وجامعية ..(كيف استطاعت معاشرة هذا الانسان طوال هذه المدة ؟كيف استطاعت ان تقف كل يوم لتلقي المواعظ والدروس على الطالبات ثم تعود لتتلقى اشكالا من الاهانات في بيتها بعد ذلك ؟ انها انسانة منافقة..ص49)
في حين يظهر عادل لاهيا عن عائلته بعلاقاته الغرامية
ثم زواجه من دلال زواجا عرفيا ،لم تشترط فيه سوى ان يكونا معا بالحلال!!ص65 لانها((لا تتمنى سوى الارتواء من عادل وتذوق الحب معه ...ص66)
لقد صورت الروائية عالم الرجال بطريقة الكاريكتير حين حذفت تطلعاتهم الانسانية وافكارهم واسهاماتهم في تاثيث ما يحيط بهم ،واسهامهم في بناء عالم من الانسجام والعدالة ،الذي تتوفر عليه العديد من الروايات العربية والعالمية ،واخضعت عوالمهم الى العالم الطبيعي ،الذي يعطي الذكر وظيفة جنسية ،وينزع عنه كل مظاهر الحضارة والتقدم البشري ليكون عاريا متاهبا للتلقيح ، وهي وجهة نظر سلبية وممعنة في سلبيتها ، فتحرر المرأة والاجابة عن اسئلتها المصيرية التي طرحتها الروائية بجرأة فائقة لايمكن ان تجد لها افقا دون اسهامة الرجل، في هذا المجال الشائك والعسير على التحقق.
نهاية بآفاق رحبة
لقد طرحت الروائية منيرة سوار تساؤلات مهمة عن عالم الانثى في افق مسور برغبات الذكور وتصوراتهم الشهوانية عن الانثى التي تصادر كل تطلع لها في هذا الفضاء المغلق ،لكنها من طرف اخر فرضت عقوبات قاسية على هذا التطرف في استثمار صلاحيات الذكر في مجتمع الرواية ،وهي عقوبات تستقي تفاصيلها من الواقع المعيش الذي يسرد حكايات لا نهاية لها ،تكون العائلة والاطفال بشكل خاص ضحية لهذا التطرف عند الرجل او المرأة ،والتذكير بذلك في الرواية نوع من العضة الاخلاقية ، كالخراب الذي حل ببيت صادق ومهدية اثر اكتشافها زواجه زواج متعة من امراة (ارتست)الذي كانت نتيجته حملا باهض النتائج عليه وعلى عائلتها .واندفاع سوسن نحو اشباع نرجسيتها في التبرج واصطياد الرجال ،كرد فعل على اهمال زوجها عادل لها وزواجه من امراة ثانية ،ادى الى ضياع اطفالهم سوسن التي انهارت حين سمعت حوار امها مع عشيقها ، وانحراف اسامة بمداعبة اخته الصغيرة جنسيا.
اما اختيار زهراء للزواج العرفي تخلصا من تهديد زوجها علي بحرمانها من ابنتها فقد كانت نتيجته صفعة قوية من اخيها صادق الذي استنكر عليها ذلك ، دون ان يقارن بين ما فعله هو مع نساء المتعة وبين زواج اخته بنفس الطريقة.
ان النهايات الدرامية التي تنتهي اليها حياة ابطال رواية نساء المتعة من الرجال والنساء ، لم تكن سوى وجهة نظر اخلاقية حاولت الروائية ان تجعلها رد فعل مناسب لكل انواع التطرف غير ان نهاية الرواية قد تضمنت اسئلة امل المصيرية ، التي تشي بأن ما جرى من حكايات ونهايات ، لم يكن سوى ارضية تمهد لصعود وسمو الاسئلة الاشكالية التي طرحتها نساء الرواية عن افاق الحرية واشكالاتها في عالم ذكوري تحرسه القيم الماضية والعادات وعن المساواة في اختيار نوع الحياة ، والاهم من ذلك السؤال الاشكالي الذي طرحته سهير على نفسها وهي في قمة تمردها : هل تشتهي رجلا بخلاف زوجها ؟؟لم لا؟ألا يشتهي الرجل نساء أخريات بخلاف زوجته؟أفلا يعقل إذاُ أن ترغب المرأة في رجل آخر..أي رجل ترى فيه قدرا من الجاذبية والوسامة ؟؟ص138
ان هذه الاسئلة تمثل تمردا ضد كل المحرمات المفروضة على النساء ،وهي اسئلة تتضامن مع اسئلة امل في نهاية الرواية عن الحرية (من منا حر حقا؟ومن منا يتصرف "بشرعية"اكبر؟) وكل هذه الاسئلة تبقى معلقة في فضاء مفتوح على الاتي من الايام ،التي تحمل وعودا في تغيير جذري ،باشارات دالة عليه ،اساسها وضوح التطور في افق الرواية وفي الواقع المعيش ،المتجسد بهذا الرخاء الكبير في مجتمع الرواية ،باستثمار تقنيات العلم الحديثة في الشارع والبيت ،وقدرة الفرد –ذكر او انثى- بالانفتاح على عالم متنوع ، في العمل والبيت لا تحده افكار ولا عادات ولا تابوات ، عالم منفتح على مدنية عالمية ، تستنكر علينا هذه الحرية المقيدة للانثى ،وسط حياة لا يمكن لها ان تستقيم وتتجدد دون اسهام ايجابي من قبل المراة، وهذا الفضاء المفتوح يمثل اجابات محتملة للاسئلة الاشكالية التي فرضتها قيود مجتمع الرواية ، كاشارات كنائية عن واقع معيش تختمر فيه مبررات التغيير القادم.



#جميل_الشبيبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السجن فضاء قصصيا
- البحث عن هوية في فضاء بديل (رواية عجائب بغداد ن ...
- الفيلة تطير فوق نفايات المدن
- في رواية جاهلية ليلى الجهني تتحرى سجلات إذلال الأنثى في الحا ...
- حافات الدانتيلا ذاكرة يقظة من تاريخ الأسى
- الجنون و الحجر الصحي الدائم بديلا للحياة
- عالم خارج هموم الذات
- أنثى مفخخة
- من أشكال التجريب في السرد الروائي العراقي
- قراءة في رواية مدينة الصور
- من بحوث المهرجان الثاني للشاعر كاميران موكري – السليمانية
- ذاكرة جيل الحرب تفتح نافذة على :
- الروائي إسماعيل فهد إسماعيل ونزعة التجديد في تقنيات السرد ال ...
- قراءة في ديوان اغاني موسم الجفاف
- مجازات وصور مبتكرة من عالم الطفولة
- موعد النار واسئلة الوجود المحيرة
- التطبيق على تقنية ( المشهد ) في القصة القصيرة /عربة تحرسها ا ...
- قراءة في قصيدة عاشقة الليل
- في جماليات النص الروائي


المزيد.....




- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميل الشبيبي - تساؤلات الأنثى في عالم ذكوري