أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - بدر الدين شنن - في التصدي للوجه الآخر للإرهاب















المزيد.....

في التصدي للوجه الآخر للإرهاب


بدر الدين شنن

الحوار المتمدن-العدد: 4621 - 2014 / 11 / 1 - 13:51
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


بعد أن أطلق الوحش " داعش " من القواعد الإمبريالية والرجعية التكفيرية ، إلى المسرح الأوسع لحرب الإرهاب الدولي ، في محاولة لتجسيده دولة ، ولتمتد هذه الدولة شرقاً وغرباً ، ناشراً ذروة الفكر المتخلف المتعارض ، مع حرية وعقائد البلدان العربية ، ومع قيم الحضارة والتمدن ، ثبت بشكل راسخ ، أن حرب الإرهاب الدولي لها وجهان . فهي تستهدف الثروات والعمران والجغرافيا ، وتستهدف أيضاً ، العقل ، والفكر ، والقيم الموروثة ، والهوية ، لإحداث تدمير شامل ، يحقق إعادة رسم خريطة المنطقة ، والاستحواذ الدائم على النفوذ والثروات فيها .

ما يستدعي بالضرورة ، إضافة إلى القوة المسلحة في مواجهة الوحش ، التصدي لملء الفراغ السياسي والقيمي ، الذي أحدثه ، مع بداية تردي المشاريع التقدمية والقومية واليسارية ، المثقفون والسياسيون المأجورون ، في الفضاء العربي عامة ، والبلدان الموضوعة الآن على خرائط الحرب الإرهابية خاصة .
ومن أخطر عمليات التدمير الفكري والقيمي ، هي عمليات تدمير القيم الوطنية ، والثقافية ، والقومية ، التي شكلت عبر التاريخ ، سياج الأمان والدفاع والبقاء ، والتي بدونها تتساقط كل القيم الأخرى .. ويسقط الوطن .

لقد برهنت تجارب شعوبنا والشعوب الأخرى ، أن مفهوم القومية ، ليس بدعة طارئة ، أو نزعة أيديولوجية عابرة ، أو نهجاً سياسياً مرحلياً ، وإنما هو نتاج تطور سياسي اجتماعي تاريخي اقتصادي ، تجلى بمظاهر متعددة ، كان أبرزها ما قدمته البرجوازية الصاعدة ، الكامحة للسيطرة على السوق والسلطة في القرن الثامن عشر ، وما قدمه النظام الاشتراكي الأممي ، المنفتح على كل القوميات ، لتوحيد مسار عادل لكل المجتمع البشري . لكن كلا المظهرين لم ينفصلا عن الجذور التاريخية للأمة .. التي تعبر عن تنامي النضج الاجتماعي السياسي المتوارث ، الذي يرقى إلى مستوى إدراك ، أن الالتزام الثابت باستحقاقات ومسؤوليات الوجود الكياني ، هو من يحدد الكيان المجتمعي .. والوطني .. أو عدمه . وقد تزامن ، واندمج التطور الاجتماعي والسياسي والاقتصادي ، مع تطور حق الوجود ، والتمسك به ، والدفاع عنه ، بشكل غريزي .. متطابق مع حق الحياة .. والدفاع عن الحياة .

ولهذا ، عندما نشاهد الآن ، في غمرة حرب الإرهاب الدولي ، على البلدان العربية ، وتداعياتها ، المتمثلة ، بالتشتت ، والضياع ، والهرب عبر الحدود ، للخلاص من أسوأ أشكال القتل والتدمير المتوحش ، والعمل ليكون هذا التشتت البيني محلياً وعربياً ، إلى خارج البلدان المسلطة عليها هذه الحرب ، حيث تكون النتيجة أسوأ ، يحضرنا أمران يرتبطان بما نحن عليه الآن :
= الأمر الأول ، هو الطفرة القومية التحررية ، التي ظهرت في أواسط الخمسينات والستينات في القرن الماضي . وكان من ثمارها الرائعة ، قيام الحدة السورية المصرية 1958 ، التي سميت بالجمهورية العربية المتحدة . ومن ثم وأد هذه الطفرة ، بتغييب الحراك الشعبي المنظم ومصادرة السياسة والديموقراطية ، من قبل القيمين عليها وخصومهم 1961 من طرف ، وبالهجوم العسكري الإسرائيلي الدولي الكاسح 1967 من طرف آخر .
= الأمر الثاني ، هو الهجمة السياسية الثقافية تحت غطاء " الليبرالية " التي بدأت بعيد عدوان حزيران 1967 ، على الطفرة القومية في الخمسينات والستينات ، حيث جرى تضخيم الأخطاء التي وقعت فيها ، وطمس إنجازاتها التحررية والاجتماعية ، لتسويغ إنكار الحاجة لأي نهوض قومي ، ولإنكار وجود الأمة ، والدعوة لاستدامة التجزئة والتذرر ، وربط المصير العربي بمختلف مستوياته ، بمفاهيم ومصالح الدول الاستعمارية ، التي اعتادت العدوان على بلداننا ، واستباحة دمائنا ، طوال المئة عام المضية وما قبلها .

وتوسعت هذه الهجمة لتشمل كل الثقافات والنظريات والمعتقدات ، التي تتعامل مع الاجتماع السياسي ، والتشكل الوطني المتماسك ، وفق معايير الرقي الحضاري ، وخاصة " النظرية الماركسية " التي تجيب على أسئلة الحاضر والمستقبل ، والمنطلقات الفكرية الداعية لبناء دولة الأمة ، والحفاظ على الوجود العربي الكريم . وذلك لتجريد المجتمعات العربية من أية خلفية تستند إليها لبناء مقومات وجودها ، ولصنع قدرات تمكنها من التصدي للمطامع والمخططات الأجنبية . وقد زادت هذه الهجمة ضراوة وضرراً ، مع انتشار العولمة ، والدعوة للاستجابة لمتطلباتها ، التي تلغي الهوية ، والحدود الوطنية والقومية .

وعيه ليس من الغرابة بشيء ، أن تكون .. أو تكاد .. كافة الأطراف المنغمسة في جحيم الحرب الإرهابية الدائرة منذ سنوات ، ليس لها خلفية أيديولوجية اجتماعية سياسية أو قومية إنسانية مطابقة ، أو عقيدية مستنيرة . فكانت النتيجة الفظيعة ، أن سيطرت على الجماعات المسلحة أفكار ونزعات ، شاذة ، متطرفة ، ومتوحشة . وسيطرت على أعداد غير قليلة من السكان حالات الرعب وخيارات الهرب والهجرة .
وهناك من يعمل الآن بقوة ولؤم ، وخاصة الإعلام السياسي المشارك بالحرب ، لاستمرار التشكيك بالانتماء الوطني والقومي ، للإبقاء على الخواء السياسي والأيديولوجي ، لتوفير مناخ النجاح لمشروع الإرهاب الدولي ن والاستسلام لمزاعم ، أننا شعوب ودول فاشلة . ما يعني بوضوح ، أن الحرب الفكرية والسياسية لا تقل شراسة وأذى عن الحرب العسكرية . وكانت كلتا الحربين دائماً متكاملتين بآليات مختلفة .

وقد برهنت سيرورة الأحداث المصيرية في الماضي والحاضر ، أنه حيث يكون هناك ، في اللحظة التاريخية الحرجة ، أيديولوجية مطابقة لحركة التاريخ ، تمثلها قوى سياسية واجتماعية واسعة ، أو هناك انتماء قومي صادق ، ووحدة وطنية تضم كل مكونات الشعب التاريخية والسياسية ، وبرنامج سياسي يحظى بإجماع أو غالبية تعبيرات المجتمع الحية ، في مواجهة حرب عدوانية ، لم تستطع قوى العدوان من قبل .. وقوى الإرهاب الآن .. أن تسيطر على البلد المستهدف بسرعة ، أو تتراجع أمام صمود وتضحيات الشعوب عن تنفيذ مخططاتها ، أو تلحق بها هزيمة محققة .

وأبرز الأمثلة في القرن الماضي ، هي الحروب التي خاضتها شعوب البلدان العربية ضد الغزاة المحتلين ، البريطانيين والفرنسيين والإيطاليين والإسبان ، وانتزاع الحرية والاستقلال ، في المغرب العربي ، في تونس والجزائر والمغرب ، ومصر والسودان . وفي المشرق العربي في سوريا ولبنان والعراق واليمن . ولعل انتصار مصر على العدوان الثلاثي البريطاني الفرنسي الإسرائيلي 1956 ، هو الأكثر تعبيراً عن ترابط الوطني والقومي والفكري في حروب الحرية في تلك المرحلة .
وفي القرن الحالي تبرز أمثلة حية متعددة أيضاً . هي انتصار المقاومة في لبنان في طرد الاحتلال الإسرائيلي من الجنوب عام 2000 ، وانتصارها على العدوان الإسرائيلي الكبير عام 2006 ، وانتصار المقاومة في غزة 2008 و2014 ، وصمود سوريا سنوات متوالية في حرب الإرهاب الدولي ، وبشكل مميز في الأيام الراهنة ، صمود عين العرب كوباني أسابيع متتالية ، وهي ما زالت تقاوم ببطولة ، الحصار والعدوان الداعشي عليها .

وعلى ما تقدم ، يمكن التعامل مع حرب الإرهاب الدولي ، وفق جدلية حيثياتها ، وتداعياتها ، واستحقاقاتها . وذلك بالانطلاق من قناعة رسختها المعطيات والوقائع . إن التدمير الإرهابي الدولي ، للتراث الروحي والثقافي والهوية الوطنية والقومية والتاريخ كفعل تقدم وحضارة ، هو تواصل ممنهج للتدمير الفكري والثقافي ، الذي بدأ قبل أربعين عاماً ، لنبلغ هذا المستوى من العجز والانحطاط ، ولنخسر حقنا في تقرير مصيرنا سياسياً وعسكرياً .. في زحمة الصراعات الدولية في الحاضر والمستقبل .

ولتجاوز ما نحن عليه من تذرر ، وعجز ، وانحطاط ، ولنقبض على مقومات النهوض ، ومواجهة تحديات حرب الإرهاب الدولي ، لا بد من العمل على إحياء ما هو إيجابي وثوري في التراث ، والتمسك بالهوية الوطنية والقومية ، وتصحيح ما ’شوه في مسار التاريخ ، وفق الحقائق الموضوعية ، التي هي وحدها تشكل العبرة فيما جرى .. والدليل الشفاف لما ينبغي أن يجري .

وحيث أن الوقائع المادية ، الوطنية والإقليمية والدولية ، ونتائجها الدموية والتدميرية المتوحشة ، قد برهنت على أن ما تتعرض له البلدان العربية الآن ، ليس حصرياً صراعاً داخلياً ، حول تغييرات سياسية واقتصادية واجتماعية نحو الأفضل ، إذ أن مثل هذه الصراعات ، من أجل الأرقى والأفضل ، لا تحتوي على مشاعر وآليات حقودة فتاكة ، تؤدي إلى تدمير الوطن وضياع كل شيء ، وإنما هو صراع دولي يعبر عن مخططات أجنبية ، لإعادة تقاسم الثروات والنفوذ والأسواق ، وتعديل موازين القوى الدولية ، وبخاصة ما يتعلق بالقطبية الدولية ، بآليات حرب إرهاب دولية ، تستهدف في مراحلها الأولى ، منابع الطاقة والجغرافيا السياسية .

وعلى ذلك :
= تعتبر هذه الحرب من قبل البلد المستهدف بالإرهاب الدولي .. هي حرب وطنية .
= ولأن هذه الحرب تطاول بلداناً عربية عدة في آن واحد ، هي موضوعياً .. حرب قومية .
= ولما كان الإرهاب الدولي المهاجم ، هو فعل استعماري عريق بأدوات جديدة ، معاد لحريات الشعوب وتقدمها ، ويستخدم آليات وأفكار مدمرة .و رجعية .. ومتوحشة .. هي حرب وطنية وقومية وتقدمية .

ما يعطي لمضمون التصدي المطلوب أبعاداً وطنية وقومية وتقدمية وديمقراطيو . ويستدعي كافة القوى السياسية الملتزمة بشفافية بقيم هذه العناوين ، القيام باستعادة اللحمة الوطنية والقومية والتقدمية ، لتشكيل جبهة فكرية سياسية مقاومة لأضاليل وأكاذيب الخطاب السي والإعلامي الإرهابي ، لتحرير البلاد من الإرهاب الدولي ، وإعادة بناء المؤسسات السياسية الوطنية ، وفق استحقاقات اللحظة الراهنة وآفاقها ، والولوج في عمليات النمو والتطور الاجتماعي الاقتصادي ، المبني على مصالح الوطن ومعايير العدالة الاجتماعية .



#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طعنة في ظهر ابن رشد
- النقابات السورية والنضال العمالي والحرب
- كوباني .. هذه المدينة البطلة
- ضد الإرهاب وحرب الخديعة الجوية
- بدر الدين شنن - كاتب يساري ونقابي عمالي سوري - في حوار مفتوح ...
- وليمة لذئاب حرب الإرهاب
- مع غزة .. أم مع .. تل أبيب ؟ ..
- السؤال المستحق في اللحظة العربية الراهنة
- متطلبات مواجهة الإرهاب الدولي
- أنا والحرية والحوار المتمدن
- أنا مقاوم من غزة
- غزة تستحق الحياة والحرية
- غزة لاتذرف الدموع .. إنها تقاتل .
- المؤامرة والقرار التاريخي الشجاع
- السمت .. وساعة الحقيقة
- خديعة حرب الإرهاب بالوكالة
- الإرهاب ودوره في السياسة الدولية
- ما بين حرب حزيران وحرب الإرهاب
- دفاعاً عن شرعية الشعب
- الانتخابات وحرب التوازن والتنازل - إلى المهجرين ضحايا منجم ...


المزيد.....




- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران
- بالفيديو.. اتساع نطاق التظاهرات المطالبة بوقف العدوان على غز ...
- الاحتجاجات بالجامعات الأميركية تتوسع ومنظمات تندد بانتهاكات ...
- بعد اعتقال متظاهرين داعمين للفلسطينيين.. شكوى اتحادية ضد جام ...
- كاميرا CNN تُظهر استخدام الشرطة القوة في اعتقال متظاهرين مؤي ...
- “اعرف صلاة الجمعة امتا؟!” أوقات الصلاة اليوم الجمعة بالتوقيت ...
- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - بدر الدين شنن - في التصدي للوجه الآخر للإرهاب