أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري هاشم - لا تحرقوا جنحَ الفراشة














المزيد.....

لا تحرقوا جنحَ الفراشة


صبري هاشم

الحوار المتمدن-العدد: 4567 - 2014 / 9 / 7 - 21:00
المحور: الادب والفن
    


***
لا تحرقوا جنحَ الفراشة
***
الآن تَرَجَّلي
فَمِنْ أعلى أكتافِ الليلِ
فاضَ ظلامٌ
وعَن أَخْذِهِ عَجَزَتْ بِحَارٌ
الآن
وَقَدْ تَكّسَرَتْ أَعْطافُ الرِّيحِ
وَسَكَنَتْ أَجْنِحةُ الوَحْشةِ
ثُمَّ رَفّتْ مِن البَعيدِ أطْيافُ الحَنِينِ
اِرْتَجَلَتْني لَحْظةٌ
أَفْسَدَتْ مِن خِطَابيَ قَوْلاً
وَطَوَتْ بِموجِ الرَّحِيلِ ثِيَابَ الغِيَابِ
فَتَرَجَّلي
...........

" ... وَرُبَّ ساعٍ بِلا دِرَايةٍ أَذاعَ مَا دَارَ في جائشتي ..."
" ... كُنْتُ كُلَّما مِن أَسْوارِ وَطَنٍ بِلَهْفَةٍ أَقْتَرِبُ ، صَارَ عَنِّي بِحُزْنٍ يَبْتَعِدُ
وَما دَرَى السَّاعِيّ أَنَّي كُلّما مِنْهُ طَوَيتُ خُطْوَةً رَاحَ يَنْأى فَرْسَخاً عَنّي ... "
ماذا تَقولُ وَقَدْ باتَ بشَوْقِيَ يَنْطَفِئُ وأنَا بِروحِهِ أَشْتَعِلُ ؟
..........
فَإنْ كنتِ اغترابَ رَاحِلَتي
تَرجَّلي
***
مَن يُعيدُ إلَيَّ بِلاداً أو مَن يُعيدُني إلى بلادٍ أَضِعْتُها ؟
حيثُ يَشْهرُ الأبناءُ رِماحَ فَنائهِم
وَحيثُ يَنشطُ فِيهم إيقاعُ حربٍ
وَقَدْ جَنَحوا للموتِ وَللسِلمِ ما جَنَحوا
دعْكَ مِن قولٍ لا تَحْتَضِنهُ الفَوائدُ
وأنتَ ما اعتَلَيتَ يَومَاً دفّةً
ولَم تُلَوّثْكَ خيوطُ الوصايا في الكَلامِ
" ... احْمِنا يا ربّ سماءٍ مِن طيشٍ بلا فتوّةٍ ومِن خرفٍ تَجاوزَهُ المشيبُ ..."
...........
والآن قَدْ ضَاقَتْ عليَّ
فَتَرجّلي
***
ضَاقَتْ بِنا بلادٌ
ضَيَّعَتْنا وَضِعْنا
وأَمامنا ـ في مُغتربِ الطَّريقِ ـ حيثُ تَنْبَجسُ على حينِ غرَّةٍ عينُ ماءٍ زلالٍ
وتَنْهضُ وردةٌ
وحيثُ هُنالك تَسْتَقيمُ حياةٌ لِمَن صارَ رائحةً على أَبوابِ الخِيانةِ
يَا إلَهي ... !
لَقَد أَرْهَقْناكِ أَيَّتُهَا البِلادُ البَهِيّةُ
أَجَل
أَرْهَقْناكِ كَثِيرَاً
رُبَّمَا لِأنَّنا نُحِبُكِ حَدّ الجُنون
فَمِن على صَهوةِ عُشْقِنا
..........
تَرَجّلي

***
وكيفَ لأرضٍ طَيّبةٍ تُنتِجُ ثمراً فاحشَ الفسادِ ؟
وكَيْف يُزهرُ الطينُ مِن البَلوى أنواعاً ؟
وثمةَ أقوامٌ أُرشِدتْ إلى طَريقِ الله فازدادتْ به كُفراً
وأُخرى مَيَّزتِ ظُلْماً فاشْتَدَّ علينا ظلامُها .
***
مِن الكَرمِ أَنْ تَمْنحَ للخَاطِئِ فُرْصَةً للتَوبَةِ
إنَّما هُناكَ مَنْ شبَّ على الخَطِيئةِ
فَجَلَبَ إلَيْنا الظَّلامَ وَطَالَبَنا البَحْثَ عَن الضِّيَاء
***
ونحن مِن الهمِّ نستظلُّ
بارتجافِ سعفةٍ استنزفتْ أحلامَها الرّيحُ
أو كأننا إلى حربٍ ذَهَبْنا ولم نَعُد
***
" ... قيل لي في كلِّ نهايةِ جملةٍ لا تَضَعْ نقطةً واتركْها على المدى مفتوحةً
وأنا اسْتَجيبُ
وعلى شفّةٍ لا تطبعْ قُبلةً أخيرةً
قِيلَ لي فأجبتُ :
أيّها الأصدقاءُ حين عليَّ يشتدُّ الألمُ بالكفِّ عن الصراخِ لا تُطالبوني ... "
***
وحينَ تنظرُ بالوجوهِ باحِثاً عن وجهٍ تَعرِفُهُ
عن نظرةٍ شاردةٍ في المتاهةِ
اعْلَمْ أَنَّها نظرتُكَ الأُخرى
وحينَ تتَفَرّسُ بالعابرينَ كأنَّكَ أَضِعتَ نَبياً في الزُّحامِ
أوْ عزيزاً إنْفَقَدَ في الجوارِ
وحينَ تَرِفُّ كالمَذبوحِ وحيداً
وحينَ لا ترى مِن بين الوجوهِ وجهَ اللهِ الذي بهِ تَوَسّلوا
ومازالوا طويلاً
وحين لا تَجِدُ أو تَرى
تَعودُ مُنكسراً إلى صورتِكَ الأولى
وتقولُ :
هذا النسرُ
كان لهُ جناحانِ فَقَدَهُما في آخرِ الحروبِ
..........
فَإنْ رأيتِ حَيْرَتَهُ
تَرَجّلي
هذا طائرٌ في وحدتِهِ يَئنُّ
يَبكي فراقاً لحبيبٍ
أو صديقٍ
يَبكي أَجْنحةً كفّتْ عن الطّيرانِ
أو رُبّما يبكي أُنثى خَذَلَتْهُ
أو أَخَذتْها المَسافَةُ
فيما أنا ظَننتُ بهِ سوءاً
فيما أنا اسْتَعْذَبْتُ عذابَهُ
أيُّها الطائرُ عُذوبةُ صوتِكَ أوهَمَتْني
فاعذرْ لي جِهْليَ
.........
وما أقسى المسافةَ إليكِ !
هي دهرٌ مِن أنينٍ وآهاتٍ
هي الطَّريقُ التي ما انْقَطَعتْ
تَجَاوزيْها إنْ شئتِ
ثُمَّ تَرَجّلي
***
وبعدَ فراقٍ طويلٍ التقيتْهُ
أَمْسَى شيخاً مُجللاً بشعرِ الهامةِ
وقد حفرَ الزمانُ في وجههِ أخاديدَ ضياعٍ
حين التَقَينا
راحَ في نَشِيجٍ طويلٍ
حتى تَخضّبتْ لحيتُهُ الكَريمةُ
بدمعِ الحنينِ
***
" ... هَأنذا مِن الحُروبِ ـ التي لَمْ تَكُن حُروبيَ ـ عُدْتُ خَاسِراً
أَغْرقَ البَحرُ آخرَ سَفائني وَعلى الإبحارِ لَمْ أعُدْ قَادراً ... "

***
في صَناديق شَيْخُوخةٍ عُدْتُ أَنْبشُ علّني أجدُ شَيئاً قابلاً للحياةِ
رُبّما نَفَخَتُ في روحِهِ
سَأجدُ مِن بين ثنايا خِسَاراتي وَطَناً صَغيراً يَحْتَويني كالأوطانِ .. ولكن
منذُ عقودٍ وأنا أُقدّمُ ـ على مذبحِ البقاء ـ قطعةً مِن روحٍ
إنَّما أعودُ بالقلبِ مطعوناً
أعودُ خاسراً كُلَّ اللحظاتِ
كُلَّ الأَزْمانِ
ولأنني صرتُ نبيَّ النَّدمِ
فَمِن أَجْلِيَ
الآن تَرجَلّي
لقد مللتُ التَّخوّضَ في بحرِ الخِساراتِ

5 ـ 9 ـ 2014 برلين
***






#صبري_هاشم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- توصيف
- أرصفة صادرت حقائبي
- موجة في جسد
- الملك الطفل
- نصوص ليست عابرة
- كائنُ الظلامِ
- ما يظهر في الرؤيا
- عبثُ الأسئلة
- مُعاناة
- أيُّها السأمُ
- خليج الفيل رواية
- ذاكرة الكراهية
- هوركي أرض آشور رواية
- رقصة التماثيل رواية
- مِن المَتْنِ إلى الهامشِ - 3 -
- مِن المتن إلى الهامش ( 2 )
- الجائزة
- في المدينة
- طائر الأنين
- تلك البلاد التي خذلناها


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري هاشم - لا تحرقوا جنحَ الفراشة