أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - حوارية الطير المسافر وقارئة الفنجان _ قصة قصيرة















المزيد.....

حوارية الطير المسافر وقارئة الفنجان _ قصة قصيرة


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4542 - 2014 / 8 / 13 - 01:39
المحور: الادب والفن
    


حوارية الطير المسافر وقارئة الفنجان

تأملت الفنجان كثيرا متعجب من الصمت الذي تملكها وهي تحاول ترسم أخر ما يمكن أن يقال أو تعبر به عن ما تراه قادما لي , أحسست أن رعشة خفيفة تسر في جسدي خوفا وحذرا وترقبا مما ستنطق به صديقتي , لم أعرف عنها أنها عميقة جدا في تفحص كل الخطوط والصور المفترضة في قعر الفنجان وجوانبه رغم أن ما يربطنا أكثر من حميم وحام , ما الذي دهاني أن أطاب منها أن تبحث في وهم أخشى أن أكون أنا أكثرا وهما به من حقيقته , لكن ما يصبرني أنني أعرف أنها ذكية بما يكفي أن تجنبني الصدمة .
أخذت نفسا عميقا يكاد يكون أكبر شهقة في حياتها وهي تضع يدها اليمنى على مفرق صدرها وتنظر بعمق لعيني لعلها تسرق مني لحظات الأرتباك والقلق لتتمكن مني لاحقا , غيرت من وضيعة جلوسي مستندا على كفي الأيسر وممدا يدي الأخرى على كتفها في محاولة مني لإفراغ الشحنات السالبة التي تولدت من الشك واليقين فيما ستقوله , هي تعرف أني أكثر حذقا منها في أستخدام الأساليب النفسية في حروب المواجهة القصيرة التي تجري بيننا مذ يوم تعرفت عليها وهي تعاني من خلل في تقديراتها المفرطة تجاه الناس , بجلسة واحدة كسبت ودها بما أذهل من كان يظن أني سأفشل معها , إنها المرأة التي لم يلامس قلبها رجل من قبل .
تتعمد أستثارة أنتباهي وهي ترسم حول نفسها هالة من العظمة تريد أن تصنع مني تلميذا لها في ظل إدراكي أنها تتلاعب بمشاعري أكثر من كونها تتأمل بواقع ما في الفنجان من خبايا , فاجأتها بقبلة على طرف أذنها وهمس بصوت مبحوح ... أحبك , فأنهار أول خطوطها الدفاعية فأجابت فورا ,
_ الفنجان يشي بك
_ ما يقول فنجانك أيتها المثيرة في جمال تأملاتك.
_ يقول عنك أنك مخادع من طراز نادر لا حدود بين الخداع والتوهم , محب مجنون ولكنك كطائر الشتاء لا تثبت بمكان .
_ لا يا ملاكي شيطان الفنجان يغار مني عليك , ما يقوله عقلك وأنت تصدقين القلب أكثر ضعي قلبك في وسط فنجاني وأنظري كيف ستسير الرياح .
_ قلبي أكبر من مساحة الفنجان وهذه هي المشكلة لو كنت أستطيع لن أنتظر , ولكن سأضع الفنجان وسط قلبي وسأقرأ بكلتا عينيه .
تبسمت وقبلتها القبلة الثانية التي أطاحت بخط هجومها الثاني , ظننت أني متمكن منها الآن سأفوز بالجولة الأولى بالنقاط فما زالت خطوطها عامرة بكل المسائل والوسائل الدفاعية وعلى ذكائي أن يكون حذرا من أي مساس بخطوطها الحمر فلم تمض إلا ساعة على مصالحتي لها بعد أنقطاع دام أسبوع أو أكثر لأجل كلمة لم تكن مطمئنة صدرت مني في ساعة مزاح .
سألتني بخبث عن جديد يغزو قلبي قالت أن الفنجان يقول أن دجاجة بيضاء على أطرافه تتجه نحو قلب الفنجان وهذا ما تعنيه , قلت أما الدجاجة البيضاء التي ستغزو قلبي فقد تأخر الفنجان كثيرا في البوح به ها هي بين ذراعي تأكل بأمان وتمرح ولا كأنها تعلم أنها أجمل دجاجات عمري , كانت هذه الكلمة الأخيرة هي المفتاح الذي فتحت به أبواب الشك على نفسي , قالت .
_ ها أنت تقر أنك حاوي دجاج ومربي من الطراز الأول .
_ لا يا سيدتي لم أقصد أني حاوي ولكنني عرفت كثيرا في حياتي ولكنني لم أدع أحدا منهن تدخل قفصي وأكتفيت بالتفرج .
_ لا أظن .
_ وأنا لا أكذب .
_ ولكن فنجاني يقول وأنت أعلن قبل قليل أنك واثق انه لا يصدح إلا بما هو واقع وحقيقي .
_ نعم ولكني لم أسمعه يقول وما أسمعه هو صوت خيالك يكلمني عن شكوكك أنت , اعيدي عليه السؤال لعله يتأكد من مصادره الخاصة .
_ سأفعل وإن كنت لا أشك مطلقا أن شكوكي تخالف حقائق الفنجان .
نجحت أيضا في تجاوز هذا الأمتحان وكأنني أسوق مركبة غير مسيطر عليها في طرق جبلية تحيط بها الوديان العميقة لكن الحظ ما زال قويا ويساند خطواتي نحو الفوز ولو بفارق النقاط التي ما زالت تؤشر أني المتقدم , أمسكت بأطراف أصابعها الباردة أتحسس منها ردة فعل ما لا أثر للتوتر ولا زيادة في النبض أيقنت أني بعيد جدا عن أثارتها بالفعل ولكن توق يقودني لأعرف ماذا في الفنجان , المبادرة هنا تنقذني من الصمت والحيرة , أطل نظري قريبا على ما فيه رأيت ما يشبه السيارة او هكذا أوحى لي خيالي فسألتها .
_ هذا ما لم أرغب به أن أخبر أنك على شفا سفر طويل سفر بلا عودة أما رحيل أو أرتحال , هذا ما مزق كل أحلامي كما يمزق معتوه لوحة جميلة أمام فنان يعرف ه وحدة قسيمة ما فيها من إبداع وعبقرية .
_ يا حبيبتي , كل الإبداع والعبقرية كان ما سطرتي في هذا التعبير الجميل , لو كان رحيل فكلنا متهيئ له وأما لو كان أرتحال فلا أظن أني سأقبل الفراق بدونك .
_ لو كنت تعلم كما أرى لفضلت خيار الأرتحال , هناك دوامة هوائية ورائك كأنها تريد أن تلتهم ما تترك وراءك , لا تخف من كلامي فهو مجرد تعبير عن شيء ما أجهله لكنه حاضر في مخيلتي , هل تظن أنني مجنونة مثلا ؟.
_ الجنون أذا أرتدى الجمال الذي أنت فيه فلا بد أن يكون أجمل ما يصيب الإنسان وهو المكافأة الرهيبة التي يسعى لها كل متذوق حساس .
أنهيت هذا الحوار بقبلة تعمدت أن أطيلها وأشم عبيرها كأنني أقبلها لأول مرة , أسترخاء عجيب ونبض بدا واضحا أنه مستجيب لإثارتي لها وأحسست من سريان الدم في عروقها أنني حطمت أخر خطوطها الهجومية , علي أن أقتحم كل دفاعاتها هذه المرة بهجوم كاسح لا يبقي لها مجالا إلا الإستسلام لحضني المتزايد شبقه وحنينه لها ,أكاد أقطع أني مسكت بكل سلاسلها التي تقيد مقاومتها , همست مرة أخرى أنت رائعة أيتها المجنونة بي وأنا أكثر جنونا بجنونك فأينا العاقل وأينا المجنون .....؟.
أزاحت خصلات شعرها المتدلية على وجهها لتستدير وتضع عينها بعيني مباشرة وبتحدي سألت , هل حثا أنك تريد أن تأسر قلبي بين حب ورغبة ؟, الجواب الوحيد الذي حضر في خاطري كان لا ... قلتها مرتين , أنتصبت وقالت إذا أنت تلهو .
_ لا لست ألهو بمشاعر من أحببت ولكني أريد أن أكون أسيرك أنت بين حبك ورغبتك أن أكون عبدك وسيدك في آن واحد .
_ وأنا لا أيضا .
_ تعنين أنك تتخلين عني أسري وإرادة حبي .
_ قلت لا يعني لا ... أني لا أريد أن أكون سجانة في سجن لنفسي فأخسر حريتي وراحتي , أنت مثل طير اللقلق , تحب الأماكن العالية وتطير بجناحين واسعين لا يمكن أن ألحق بك فأنا لست بأكثر من فراشة تبحث عن موارد الجمال الروحي وسفري قصير وحياتي أقصر .
_ عجيب أسمع منك هذا الكلام وقد ظننت أني قد أيقنت أني وجدت أخر الممالك التي تأوى إليها الأرواح وتشتاق لها القلوب .
_ هذا ما أنا أعرفه وما أخبرني به الفنجان , يا سيدي أنت في رحلة طويلة فلا تتأخر أكثر ولا تربط مصيرك بمحطة لا تمر بها عربات قطار .
حاولت أن أغير مجرى الحديث قبل أن تقلب الفنجان أقترحت أن نذهب سويا إلى المسرح لنشاهد عرضا دراميا شاركت في إعداده وكنت أتمنى أن ألتقط منها لمحة نقدية حقيقية فحبيبتي من نقاد المسرح الذين يكتبون بمنتهى المهنية والتجرد , أخبرتني بكلمة أنهت الجلسة على وداع , النص الذي كتبته يحكي معاناتك من التقييد داخل عالم جميل واحد وإن كانت الجنة ,. أنت روح قلقة هائمة تبحث عن معنى الخلود ولكن بطريقة تجبرك على الفناء قبل أن تبلغ حروفك عتبة الإبداع في تجسيد الروح الساعية للسمو ... فكرة الموت والحياة هي عماد فلسفتك ووجدان ما تضمر , تأكد أن الحياة مهما هربت من أستحقاقات ما يجب ستجد أمامك قائمة أطول ... أنت والغروب أقرب من الشروق روحك تغرب وعقلك يشرق , هذه هي خلاصة ما يقول الفنجان عنك .
_ ولكن .
_ ولا من لكن قضي الأمر لا أستطيع أن أمنحك مفاتيح زنزانتي وأجلس أنتظر عودتك في كل مساء .
_ سيدتي دعيني أخرجك من الزنزانة أذن .
_ لا تستطيع .
_ بل فعلتها من قبل .
_ لا تتوهم لم تفعل شيء أنت كنت مجرد حلم جميل رأيته وأنتهيت الآن من أعادة مشاهدة أخر لقطة منهو .
_ولكنني أحببت بجدة .
_ لقد أحببت انتصارك على ضعفي وأنا أحببت أنتصاري على ضعفك .
_ هل هذا يعني أنك تخدعين مشاعري ؟.
_ إذا كان أنتصاري خداع لك فأنتصارك خداع أيضا .
_ إذن علينا أن نكسر الفنجان أولا لأنه يحمل كل مشاكلنا وهو السبب الذي فرقنا .
_ أتظن ذلك.
_ نعم .
_ إذا أنا أسجل أخر الأنتصارات عليك فلم يكن في الفنجان ما أخبرتك به .
_ ها أنتي تخدعينني مرة أخرى .
_ لا أظن أنها تسمية مناسبة الأفضل أن تقول أخر هجوم لي على خطوطك الدفاعية وما عليك أن تقاوم أخر خياراتك المتاحة منديل أبيض ترفعه .
_ ومن قال أنني سأقاوم , سمعتك من قبل أنك لا تترك ضحاياك أحياء قبل أن تغادري .
_ أنا لست بسفاحة ولكنني قرأت في الفنجان أنك تحاول أن تأسرني لتعلن أنك الوحيد الذي ملك أسرار روحي وعلمت أن أسراري لا يملكها بحار أو طير مسافر .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللعبة الأولى والنتيجة الكبيرة , المالكي والعبادي مناهج وموا ...
- رواية قمر مفقود ح3
- رواية قمر مفقود ح4
- بيان رأي قانوني حول قرار المحكمة الأتحادية
- رواية قمر مفقود ح2
- رواية قمر مفقود _ قصة قصيرة ح1
- العراق وأمريكا والخيط الضائع ح2
- العقيدة والمعتقد والجدارة في التقديم
- العراق وأمريكا والخيط الضائع ح1
- رائحة الموت ... كما العادة
- العراق ... حزب الدعوة وخطى الأخوان.
- فكرة الموت والخلود في عالم أخر ... خداع للعقل أم تقديم له ح2
- فكرة الموت والخلود في عالم أخر ... خداع للعقل أم تقديم له
- وماذا بعد ... سياسة الخطوة خطوة
- الفكر الإنساني وحق التحديث والتجديد ح2
- الفكر الإنساني وحق التحديث والتجديد ح1
- قصة حبي
- القيم الأخلاقية في السياسة الوطنية
- أوجبية التحديث في قواعد ومقدمات ومعطيات الفكر الإسلامي
- المعارضة الشعبية وممارسة الديمقراطية


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - حوارية الطير المسافر وقارئة الفنجان _ قصة قصيرة