أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح شاهين - يحبونني موافقاً، يكرهونني معارضاً: من سمات الشخصية العربية في زمن التبعية















المزيد.....

يحبونني موافقاً، يكرهونني معارضاً: من سمات الشخصية العربية في زمن التبعية


ناجح شاهين

الحوار المتمدن-العدد: 4498 - 2014 / 6 / 30 - 16:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




يمكن لهذه العبارة أن تلخص ثقافتنا القومية الشاملة. نحن لم نتعود أن نقبل الاختلاف مهما كان صغيراً. ولذلك لا بد من التظاهر بالاتفاق التام حتى لو لم يكن موجوداً.
كنا في ندوة حول الشعر، لم يكن الأمر يتصل بالدين، ولا السياسة ولا الجنس. الشعر فقط، على الرغم همس في أذني الدكتور الذي شاركني الحديث في الندوة: "توقف عن هذا الاتجاه في الكلام، بلاش يفكرونا مختلفين مع بعض." يا إلهي كم صدمني القول. الاختلاف مخيف، يجب أن نتفق أو أن نتظاهر أننا متفقون. لا بد من رأي واحد صحيح يسود المدينة، وإذا كان هناك رأيان وقعنا في حيص بيص؛ إذ أي الرأيان يكون صحيحاً رأي أم رأيه؟ بالطبع لا يجوز أن يخطئ أي منا فكلانا أستاذ جامعي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
مهما كان الاختلاف في الرأي بسيطاً فإنه –عكس المثل الشائع- يفسد أسباب المودة كلها ويقود إلى القطيعة إن لم يكن إلى التنازع الذي قد يصل حد التناحر الجسدي. ألم يقل درويش في "لقطة" جميلة: "وربما تقتلني أو أقتلك إذا اختلفنا حول تفسير الأنوثة!" لا بد أن فرصة القتل عندما تتصل الأمور بالمال، والتنافس السياسي، أو الاجتماعي الوجاهي، أو العاطفي –مثلاً على كسب قلب امرأة يهواها أكثر من رجل- يمكن أن تكون مناسبات مميزة للصراع العنيف الذي لا بد أن نكون سعداء إن اقتصر على العنف اللفظي وما لف لفه من مؤامرات اجتماعية تأتي في باب النميمة والمقاطعة والتشهير...الخ
يبدو لنا أن تضخم الأنا الفردي في التربية العربية يمكن أن يكون أساساً لهذا التوتر المبالغ فيه. ولكي نوضح هذا أكثر نحيل إلى الصراع المجهد نفسياً المتصل بقضاء الوقت في اللعب سواء أكان لعب الورق أو النرد أو ما شئتم. نجد الفائز يتيه كالطاووس على الرغم من أنه لم يفعل شيئاً باستثناء إلقاء حجر النرد الذي يتفق أن يأتي لمصلحته، فيفوز. تظن أنه قد نجح في تقديم الرؤية الفيزيائية الرابعة للكون باعتبار رؤية بطليموس/أرسطو، ثم نيوتن/كانط، وأخيراً آينشتاين/ميكانيكا الكم. من هنا لا يستطيع أحدنا أن يتقبل فكرة أن رأياً آخر غير رأيه يمكن أن يكون له فرصة في مقاربة الصواب. ومن نافلة القول إن التربية الوثوقية في البيت والمدرسة والجامعة والسياق الاجتماعي والتراثي كله ترسخ هذه النفسية وهذا التوجه. وأرجو أن لا يظن أحد أن هذا شأن سياسي، كلا القصة أعقد من ذلك بقليل. وغالباً ما ترتبط بعدم تجاوز المجتمع العربي لنمط الإنتاج الخراجي وما يترافق معه من اهتمام بالمظاهر وروح جماعية بدائية لا تتقبل استقلال الفرد الذي لا يتحقق في التاريخ إلا مع الرأسمالية التي يغدو فيها كل شخص ذاتاً حقوقية لها موقعها في الإنتاج الاجتماعي الذي لا يرتبط بالضرورة بسياق من علاقات الدم أو التجاور المكاني. كذلك تنهي الرأسمالية بضربها للقيم والموروثات السابقة هيمنة الحقيقة المطلقة أياً كان مصدرها، وتسمح بالتعددية والاختلاف في إطار مقدس وحيد هو السوق الذي يستوعب السلع المختلفة بما فيها السلع الفكرية المختلفة ما لم يصل الأمر إلى حد رفض المطلق المقدس ذاته أي السوق.
في بلادنا لم تتحقق حتى اللحظة معجزة الثورة الرأسمالية على الرغم من دخولنا عالم الرأسمالية مكرهين لا طائعين مع احتلال نابليون لمصر في العالم 1798 لكن تلك الرأسمالية ولدت مشلولة وفي علاقة تبعية تامة تستدعي الاستمرار في فكر الطاعة لا فكر التنوير مثلما أوضح التحليل الصارم المقدم من الشهيد مهدي عامل وكذلك من مدارس النظام العالمي والتبعية. من هنا بقيت المؤسسة التي تربي في المنزل والمدرسة والإعلام تظهر استمرارية على صعيد بنية الفكر والأيديولوجية الموروثة مع تزيينها ببعض المفردات الليبرالية أو اليسارية بحسب الاتجاه الذي يتوهم صاحب هذه المؤسسة أو تلك أنه ينتمي إليه. في الجوهر ظل التفكير التسليمي الإحادي سيد الموقف في ميادين وتمظهرات الحياة الاجتماعية المختلفة. ولذلك لا نجد فارقاً جوهرياً بين التسليم الديني من ناحية، وهو تسليم يعتمد الإيمان والنقل لا النظر والعقل، والتسليم اليساري الذي قدس العبارات والجمل المنقولة حرفياً بدقة أو بغير دقة من كتب آباء الاشتراكية، ولا بد أن الليبرالية المحلية لا تختلف في شيء من ذلك. فالليبرالي مؤمن بليبراليته بشكل أصولي يسمح له بقمع المخالفين وبترهم عندما يختلفون معه في فكرة حق الناس في الاختلاف على سبيل المثال. مثلاً يكون الليبرالي ديمقراطياً مخلصاً، فإذا قلت له إنك لا توافق على الديمقراطية، قام بحذفك من قائمة المشاركين في المؤتمر أو الندوة أو أي شيء، باعتبار أنه يجب عليك أن توافق على الديمقراطية، وتمجدها وتمجد قبول الغير حتى تقبلك الديمقراطية وأفكارها. وبالمناسبة يجدر بنا أن نذكر هنا أن الليبرالي في الشمال يشبه الاشتراكي ابن بلده أكثر مما يشبه الليبرالي العربي أو الفلسطيني، وهذا ينطبق بالطبع على الاشتراكي وعلى المتدين...الخ يعني هناك إشكالية محلية نعيشها جميعاً وتنطبق علينا على الرغم من أية بضاعة أيديولوجية نروجها، ويظهر في سياقها أننا ننتمي إلى مدارس مختلفة. من هنا نظن أن هناك هماً "قومياً" ينطبق علينا جميعاً لا مناص في سياقه من إنجاز الأوليات الخاصة بنا من أجل الانتقال إلى مرحلة جديدة في حياتنا: لا بد من إنجاز الاستقلال، ولا بد من إنجاز الثورة الصناعية الأولى، وما تلاها، ولا بد قبل ذلك كله، ومن أجل ذلك كله، من فك الارتباط بالأجندة القادمة من الشمال، وخصوصاً في مستوى السياسة، والاقتصاد، والثقافة. وربما أن الفعل الثقافي هو الأداة التي يجب أن توظف لمصلحة الهدفين الآخرين: علينا أن نشرع في بناء أولياتنا باستقلال عن نصائح "العلم" الغربي، وبالاستناد إلى جهد محلي خالص، يعتمد اللغة العربية وسيطاً وحيداً في بناء التواصل الذي سيشكل على الأغلب بذراً لبذور بناء متعدد الأوجه على طريق بناء الأمة الواحدة بكل ما يعنيه ذلك من تعقيدات ومخاضات معقدة.
قد يبدو غريباً أننا بدأنا بعدم التقبل للاختلاف الذي يظهر وكأنه شأن فردي، لننتقل إلى السياسة والاقتصاد، ونصل إلى فكرة الأمة؛ ولكن السمات السلوكية جزء لا يتجزأ من بنية كاملة تتقاطع بأشكال مختلفة مع السياسي والاقتصادي والثقافي، ولو كانت شأناً فردياً يخص هذا أو ذاك لما وصلت إلى مستوى الانطباق على معظم الناس إن لم يكن كلهم. إنها شأن جماعي لا يسهل تغييره إلا في سياق التغيير الذي يطال الكلية الاجتماعية بمكوناتها المختلفة. وبهذا يغدو مثل هذا التفصيل السلوكي الصغير على أهميته، جزءاً من سيرورة كاملة تتضمن السياسة، والاقتصاد والصحة والتعليم، وكل ما يمكن أن يعد هماً جمعياً.



#ناجح_شاهين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إسرائيل رئيساً للجنة الدولية لتصفية الاستعمار صدق أو لا تصدق
- سيكولوجية المثليين والاقتصاد السياسي
- حول السلعة الميتة والإنسان الحي
- المخازي الأساس في الانتخابات السورية
- عزمي بشارة والانتخابات السورية والمصرية أو في حكمة الديمقراط ...
- فنون قتل الذكاء والإبداع في النشاطات الترفيهية المدرسية
- -متى ستقتلني؟- تسأل الفتاة خطيبها
- السيسي: إعادة إنتاج النظام
- استبدال الحمار/البغل بالسيارة
- اللغة الإنجليزية ومرجعيات العولمة
- قمر على رام الله، ودم على بيرزيت
- عداد الدفع المسبق، وخصخصة المياه، ووحشية رأس المال الفلسطيني
- خطاب رئيس الوزراء الكندي أمام الكنيست
- الهنود الفلسطينيون
- عزمي بشارة وألعابه الأيديولوجية
- خطة فرنسية لمساعدة المنظمات الأهلية الفلسطينية في تحرير فلسط ...
- انتصرت روسيا وإيران، أما سوريا فلا
- مصر والعرب الآخرون وأوهام الديمقراطية
- على هامش -ملتقى الحوار الثقافي العربي الألماني- حول دور المث ...
- منتظر الزيدي يقول: أنا لا أردد تراتيل الهزيمة ولو مرت أمامي ...


المزيد.....




- ماذا قال الحوثيون عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجام ...
- شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول ...
- الجيش الأميركي بدأ المهمة.. حقائق عن الرصيف البحري بنظام -جل ...
- فترة غريبة في السياسة الأميركية
- مسؤول أميركي: واشنطن ستعلن عن شراء أسلحة بقيمة 6 مليارات دول ...
- حرب غزة.. احتجاجات في عدد من الجامعات الأميركية
- واشنطن تنتقد تراجع الحريات في العراق
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- جامعة جنوب كاليفورنيا تلغي حفل التخرج بعد احتجاجات مناهضة لح ...
- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح شاهين - يحبونني موافقاً، يكرهونني معارضاً: من سمات الشخصية العربية في زمن التبعية