أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فارس محمود - -الجهاد ضد داعش- والانسياق وراء الوهم!















المزيد.....

-الجهاد ضد داعش- والانسياق وراء الوهم!


فارس محمود

الحوار المتمدن-العدد: 4489 - 2014 / 6 / 21 - 14:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


(ما هو اصل قضايا هجوم داعش والوضعية الراهنة؟!)


تتحدث السلطة الحاكمة عن ان ثلاثة ملايين من الشباب قد اعلنوا تطوعهم لمحاربة داعش استجابة لـ"نداء المرجعية" وحكومة المالكي. الجهاد! والجهاد! والجهاد! هو ماتسمعه اليوم، لحد ان الكثير من اصدقائنا اليساريين راحوا يتسابقوا في دعمهم للجيش والتذكير بوطنيته وامجاده وتاريخه والخ، واصطفت الاغلبية من الذين يدّعون باليسار واليسارية خلف راية المالكي والجيش. انها اجواء "الجهاد المقدس" ضد داعش! نداءات الجهاد هذه التي ادت خدمة كبيرة بتعميق الطائفية والشحن والتاليب الطائفي للطرفين.
ان جانب من الامر يمكن فهمه الا هو سخط الجماهير في العراق وحنقها على امثال داعش وسجلها الاجرامي البشع. ان هذا امر مفهوم كثيراً. بيد ان اعلاه هو تناولاً لقشر القضية وظاهرها فقط، لسطحها الخارجي، لشكلها دون محتواه. ان شكلها لهو خادع ومضلل فعلا، ويؤدي الى منزلقات سياسية واضحة وخطيرة. ان هذا التناول يعكس وهماً عميقاً ويروج لوهم اكبر، ويؤدي الى نتائج سياسية مضللة وضارة الى ابعد الحدود ومعادية الى الجماهير في العراق بالدرجة الاولى قبل داعش وغيرها. وهذا الامر الذي لايفهمه اللاهثون وراء نداء المرجعية والمالكي والتحالف الشيعي سواء اكان عن وعي او دون وعي.
ليس داعش سوى ظاهر القضية. ان قوة من مئات الاشخاص وبعدة وعتاد لايمكن ان تسميه سوى هزيلاً مقارنة بعدة جيش، حتى وان كان مترهلاً، قوة تفتقد الى اي حاضنة اجتماعية واسعة، قوة منبوذة ليس بوسعها ان تطيح بمدينة حية ومهمة مثل الموصل من 4 ملايين نسمة. من الواضح ان الامر اكبر من داعش بكثير.
لناتي الى اساس القضية. الموصل، كحال مدن كثيرة اخرى اطلق عليها "سنية"، هي مركز اساسي لقوى حزب البعث والقوميين وضباط جيش النظام السابق (الذين يبلغوا عشرات الالاف!) وغيرهم الذين فقدوا امتيازات ومكاسب عقود من الزمن بجرة قلم بريمر والاحتلال الامريكي للعراق، منطقة يضطرم فيها نار السخط على اوضاع التهميش المبرمج الراهنة التي تقوم بها السلطة الحاكمة، وترى بام عينينها يومياً الاذلال الطائفي من قبل حكومة وسلطة مليشياتية فاسدة وذات اجندة وهوس طائفي بغيض وهستيري، يضاف الى ذلك السخط اليومي من الاذلال الذي يمارس بوجهها من قبل جيش تشكل اساساً من قوى مليشياتية وطائفية ادمجت بالجيش، وترى بام اعينها عمليات الاقصاء السياسية المنظمة واعمال الاقصاء من المراكز والمناصب الحكومية بشكل واضح. ان في المنطقة غضب وسخط عميقين من سياسات تيار المالكي ومايسمى بالشيعي عموماً الطائفية والاقصائية. وتجاه عملية التهميش المبرمج هذه، تلفح كبار ضباط الجيش والبعثيين والقوميين وغيرهم اساساً بعباءة الاسلام و"السنة"، وتقاطروا الى تشكيل منظمات من مثل جيش محمد وغيرها مستندين في ذلك الى معرفتهم الجيدة بجغرافيا البلد ومراكز سلاح وعتاد لبلد اداروه لعقود طويلة، وبقت جموع اخرى ساكنة ولكن قلبها يضطرم بالنار ضد هذه الاوضاع، اي كانت اقرب الى مايسمى بخلايا نائمة، على صعيد اجتماعي وواسع، ساخطة على هذه الوضعية وتنتظر فرصة او شرارة.
لم تاتي الشرارة من داعش. بل ان الموضوع اعقد واعمق من ذلك بكثير. انه مخطط محور تركي، سعودي، قطري في صراع جدي وضاري مع محور اخر ايراني-"شيعي" يقف من خلفهم استقطاب عالمي امريكي-غربي وروسي-صيني في عالم يشهد اعادة تقسيم مابين القوى الامبريالية العالمية، او مايسمى اعادة تقسيم عالم مابعد الاحادية القطبية الامريكية. ان الهدف المباشر لهذا المخطط هو اتخاذ خطوة تفرض التراجع على المحور الايراني هذا، وارتباطا به، تقلب الاوضاع ظهراً على عقب امام التيار "الشيعي" الذي يتزعمه المالكي. ارتبط هذا الاصطفاف الاقليمي بالاصطفاف الاخر المحلي: تيار البرزاني- النجيفي (او السني اجمالاً) – داعش الموالي لتركيا، وتيار المالكي - الشيعي اجمالاً-الاتحاد الوطني الكردستاني الموالي لايران، كل ارتباطا بمصالحه. وكان كلا الطرفين على علم بما سيجري وهجوم داعش وغيره منذ اشهر على الاقل. من السهولة رؤية كل هذه الامور في احاديث وتحركات زعماء هذه الاحزاب والتيارات. ولهذا ان عبارات من مثل "خيانة" و"غدر" و"تواطؤ" هي مخادعة وللاستهلاك العام الى ابعد الحدود.
ان مسار الاوضاع يضع على الطاولة مسالة تقسيم العراق الى 3 مناطق: شيعية، سنية وكردية. ان تقسيم العراق، هذا المشروع القديم-الجديد لبايدن، اليوم ذا ارضية واقعية وعملية ووشيكة الحدوث اكثر من اي وقت مضى. تبين ان الاحتقان الذي دفع اليه تيار المالكي و"الشيعي" ومن خلفه الدور المباشر والعلني لايران قد اوصل الاوضاع الى وضعية انعدام الثقة التام والمطلق، الكره والشق الطائفيين العميقين. لقد شيدت تلال من انعدام الثقة التي يستحيل تهدئتها في ظل الاهداف الضيقة لاطراف هذه العملية. يصعب ان تجمع هذه الاطراف، وبسبب من مصالحها الضيقة الى ابعد الحدود، مائدة واحدة اسمها قيادة العراق.
ولهذا ما ازاح الجيش والحكومة عن الموصل ليست تلك الحفنة من مقاتلي داعش، وانما هذه الخلايا النائمة البعثية والقوميين وجنرالات الجيش وغيرهم الذين لهم مصلحة في هذا التحالف مع داعش الان في ظل حركة اقليمية وغير محلية. الراعي لهذه العملية هي تركيا والسعودية وقطر الذين يرون انفسهم وقد تراجع دورهم في سوريا، وسير الاشياء في سوريا نحو تثبيت سلطة الاسد واعادة سيطرته على الاوضاع. اي هزيمة هذا المحور الموالي لامريكا والغرب امام المحور الايراني-حزب الله- السلطة الحاكمة في العراق وخلفهم روسيا والصين. ولهذا فتحوا جبهة اخرى، لضرب هذا المحور. وليس هناك افضل من جبهة العراق والمناطق التي تستعر صراعاً واقتتال، وكانت داعش اداة مهمة بيدهم لهذا التحرك. ولكن القوى الاساسية هي مثلما قلت السخط "السني" في هذه المنطقة المستند الى هذا الشعور بالظلم والغبن وهذا الاحتدام والاحتقان جراء السياسات التعسفية لتيار المالكي وشن حروب في الانبار واعتقالات تعسفية لعشرات الالاف في السجون دون محاكمات من جهة، والتاليب والشحن الطائفي المقابل لتيارات قومية وطائفية وعشائرية تنشد مكانة وحصة اكبر من السلطة والثروة.
ان اطراف هذه العملية تدفع نحو تقسيم العراق الى 3 دول: "شيعية" موالية لايران، "سنية" موالية للسعودية وقطر والخليج، و"كردية" موالية لتركيا، وبوسع المرء ان يرى صلة كردستان الاقتصادية بتركيا. وفي هذا السياق يمكن فهم حديث تركيا اليوم عن امكانية ان يكون لكردستان كيان مستقل او غيره، وهي التي وقفت بوجه مثل هذه المساعي عقود مديدة. لم لا وكردستان تقدم لها الكثير من المكاسب الاقتصادية من جهة وتصطف معها سياسياً. فمالضير؟!
وبالاخص اذا اضفنا الى ذلك عامل اخر الا وهو ان الانتخابات التي جرت في العراق في 30 حزيران لم تؤدي الى اي نتيجة في انفراج العملية السياسية وانما عقدتها الى ابعد الحدود. وصل هذه المرة الاختلاف "الشيعي"-"الشيعي" داخل الائتلاف الوطني الحاكم الى ابعد مدياته. اي لم تحل الانتخابات عقدة ما، بل اوصلت العملية السياسية برمتها الى مازق اكبر.
ولهذا، ان الخطوة المقبلة وفي الحقيقة اساس الطرح الامريكي هي التالي: جلوس اطراف العملية السياسية "الثلاثة" الى طاولة البحث في تقسيم العراق. انه مخطط معروف ومطلع عليه كل "قادة" العملية السياسية الراهنة من المالكي والنجيفي والبرزاني والحكيم وعلاوي المطلك و..... واحزابهم السياسية-المليشياتية. وليس لديهم اعتراض على هذا الطرح، ويؤيدوه ويدعموه، طبعا اذا تركنا الاحاديث الاعلامية المضللة والمخادعة او مايتحدثوا به للجماهير جانباً.. ان هذه هي نتيجة المسارات الراهنة.
ولهذا، حين يمضي احد وراء التعبئة الطائفية وداعش وداعش والجهاد ضد داعش، فانه لايرى وللاسف ابعاد الموضوع، وينزلق في خدمة الاهداف التعبوية للمالكي والتحالف الوطني "الشيعي"! ان مايريد المالكي هو هذه التعبئة الشعبية عبر التاليب الشعبي، ونيل هذا التعاطف والزخم الشعبي لخطوته وبالتالي لتياره، ولكنه في الحقيقة يضع اصبعه، بوعي، بعيدا عن الجرح، بعيدا عن اصل القضية. انه يعرف اكثر مني ومنكم حقيقة الامور (انفراط عقد العراق) الذي ليس لديه اعتراض عليه، ان لم يكن موافقاً، ولكن لديه مصلحة وهدف يالتهليل بقشر الامور. انه مصلحة وهدف ايهام الجماهير بالمسارات الحقيقة والواقعية. والا المالكي وتيار المالكي وايران والعالم كله يعرف انه لن يذهب ولن يرسلوا عشرة متطوعين لقتال داعش من هذه المجاميع المليونية التي ضجوا بها رؤوس الناس. انهم يعرفون ان حل هذا الامر هو سياسي وليس عسكري، هو اقليمي-عالمي وليس محلي. انه مرتبط بتركيا والسعودية وايران اكثر مما هو مرتبط بخيانة ضابط او هروب جندي من الموصل! اذ لن تبقى داعش يومين في الموصل بعد الاتفاق السياسي. لن تصمد داعش دقائق امام القوى الموجودة في الموصل. انها ولا شيء اساساً! ولهذا، ليس من فراغ ان يتحدث النجيفي ممتعضاً من سياسات المالكي بالقول: "اذا شاركتمونا في العملية وتركتم اساليب التهميش، فان داعش مسؤوليتنا"!
ولكن لو افترضنا ان قامت هذه الجموع بـ"تطهير" الموصل وباقي المناطق "الغربية" من داعش، واعيدت السلطة مرة اخرى الى احضان "الدولة" و"الحكومة" و"القانون" و"الجيش"، سيكون في افضل الاحوال اعادة الامور الى ماقبل داعش، لا اكثر. هل يرد هذا على اي مشكلة؟! دواء اي داء هذا؟ هل ثمة حل في هذا؟! لا، دون شك. انه ليس حل، انه خلط هذه القوى للاوراق وادامة وضعية الصراعات باسم الطائفة، القتل، انعدام وضوح مصير ملايين الناس المتعطشين لحياة افضل.
ولهذا ان ياتي احد وينساق وراء دعاوى المالكي والجيش والدفاع عن الوطن وغيرها، فهو يدلل على انه لايزال في ظاهر الامور وحسب. تتلاعب به الروايات السطحية السائدة للاسف المعادية له بالاساس قبل داعش.



#فارس_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هرطقة، قرع طبول الحرب!
- -المرجعية- وانفضاح كذبه!
- امنيات واوهام!
- عاشت ام عبد الله!
- -سن التكليف الشرعي- اسم رمزي لانتهاك حقوق الاطفال!
- -الريس ضحية والشعب غلطانين- .... وهم يبرر للديكتاتورية!
- -ينبغي ان لانخلي الميدان- ....و وهم ابتلاع الطعم!
- ليس للانحطاط قاع!
- ثمة شيء اخر ينبغي ان يُرحَّلْ معك ياشارون!
- حين يغدوا مبرر الشرطة اقبح وابشع من فعل الجناة!
- ايام الحرب هي ايام الكذب ايضاً!
- بدونك، الحياة كانت ستكون اشد كلحة!
- وزير الاعدامات وسمومه الطائفية!
- في ذكرى ثورة اكتوبر
- تقدم الثورة في مصر مرهون بتصفية الحساب مع اوهامها بالدرجة ال ...
- على شيوعيّي الطبقة العاملة ان يطرحوا خارطة طريق الثورة!
- على شيوعي الطبقة العاملة ان يطرحوا خارطة طريق الثورة!
- حول ثورة مصر
- كلمة بمناسبة رحيل سيئة الصيت تاتشر!
- حول نظرية الشيوعية العمالية فيما يخص التنظيم


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فارس محمود - -الجهاد ضد داعش- والانسياق وراء الوهم!