|
شيء عن الانتهازية و الانتهازيين
رزكار نوري شاويس
كاتب
(Rizgar Nuri Shawais)
الحوار المتمدن-العدد: 4460 - 2014 / 5 / 22 - 01:50
المحور:
كتابات ساخرة
يقال أن في (الأعادة إفادة ) و لربما شيء من التذكير و الأضافة .. فلا بأس اذن من ان نتناول بالحديث بين حين و اخر مسالة الانتهازية و الانتهازيون كواحدة من السلوكيات المقيتة التي تعاني منها المجتمعات قاطبة و إن كان ذلك بمستويات متباينة ، فهي مثلا كظاهرة خبيثة هدامة ،متفشية كالوباء في المجتمعات المتخلفة و شبه المتخلفة لدرجة تكاد تكون هي سلوك التعامل في كل مناح النشاط الانساني ..! هي في الواقع قضية مزمنة في مجتمعاتنا ، تغوص و تطفو مع تقلبات الاحداث و سياسات صنعها و أنماط التفاعل معها ، فتنتعش أو تنكمش حسب قدرة و طبيعة أهداف القوى المحركة لتلك السياسات . فهي كحالة أخلاقية تتطور و تترسخ مع تنامي المصالح و بروز مراكز الهيمنة و النفوذ في المجتمعات و تصاعد حمى تحقيق المنافع في خضمها . و الأنتهازية كنمط من انماط التعامل الاجتماعي و السياسي كانت دائما واحدة من السلوكيات المذمومة في عموم الجماعات الانسانية كنشاط طفيلي منحرف يحمل في طياته دائما نوايا أنانية فردية ، و مثل الانتهازي دائما الشخصية الشخصية المراوغة المنافقة المقنعّة ، التي لا يمكن الوثوق بها او الاعتماد عليها ، ينظر اليه بريبة و لا احترام كونه لم يصل الى ماهو عليه الا بالرخيص من سلوكيات المداهنة و الخداع من نفاق و تملق وضيع و (إنبطاح و أنفراج )بمختلف الزوايا و الدرجات و بانتهاج مبدأ ( اللاولاء أو الولاء ) لأي كان ، فلا مانع لديه اذا ما استوجب الأمر ان يرتدي ( دشداشة وهابية ) و يتعمم بعمامة سوداء و يحمل راية المطرقة و المنجل الحمراء بيد و بالاخرى صليب النازية مطالبا بالمساواة الكاملة في الحقوق بين المرأة و الرجل ، و أن يعدد و على وجهه ابتسامة من ابتسامات أولياء الله الصالحين بركات الديمقراطية و يركع خاشعا امام بنود الشرعة العالمية المقدسة لحقوق الانسان ..! فالانتهازي و العياذ بالله مخلوق من طراز فريد ، عديم اللون و الطعم و الرائحة ، له قابلية اسفنجية شافطة لأمتصاص و ابتلاع الاهانات مهما كانت تراكيزها من دون ان يرمش له جفن او تختلج له عضلة .. بهلوان يجيد اللعب على الحبال و يملك حدسا خارقا لأكتشاف الاقوى و أغوائه بأساليب يحسدها عليها الشيطان ..! كل هذا ، و الهدف خدمة ذاته الأنانية المتحجرة في ( أنا) ه المنفصمة عن كل ما يفيد الصالح العام . و الانتهازي دائما يسعى للخلط بين الانتهازية و الدبلوماسية و اظهارهما في لبس واحد ، لكن البون بينهما شاسع و كبير ، فللدبلوماسية قواعد و ضوابط تتحكم بها كسلوك متحضر منضبط بعكس الانتهازية الفالتة وراء أنانيات لا تشبع .. و كذلك هناك من ( من قوم الانتهازيين ) يحاول إبرازها كحالة من حالات التأقلم و التعايش ، لكن قيمة التعايش تتجلى في ما يمنح مقابل ما يؤخذ .. و هكذا فالانتهازية شكل من أشكال ( العهر ) ، عهر اجتماعي و فكري و سياسي و فكري حضاري ، و هي لا تعبر بفعالياتها و مقاصدها سوى عن نشاط هدام ( كتعد جبان و خبيث ) يستخف بحقوق غيره و بقيم وأطر العدل و القانون و بنمط العلاقات السامية ، الشفافة و المهذبة مع الاخرين ومع( اخوته في الانتهازية ) ، و هو كالحرباء بقدرته على تغيير لون جلده للتكيف مع كل طاريء و تغيير في البيئة التي يتطفل عليها حفاظا على مكاسبه و امتيازاته .. هو ( زاحف ) سام بلا حياء ، لا رادع أخلاقي أو مبئي وطني يردعه عن فعل ما يشاء ، فحريته في الحركة و المناورة أوسع بكثير من حركة الملتزم بضوابط أخلاقية ثابتة . فالأنتهازية بكل مدارسها و فعالياتها لاتخدم اية عقيدة او مبدأ و انما هي تجارة بالمباديء و العقائد في مزايدات و ا سواق السياسة السوداء . ففي المجتمعات المتحولة ديمقراطيا او التي تمر بتحولات ديمقراطية يجد الانتهازيون في تنظيمات غالبية القوى السياسية ( من أقصى يمينها لأقصى يسارها ) المشاركة في عملية التحول ، البيئات الخصبة التي ( تتنغنغ ) و ( تتنعم ) فيها على حساب تعب و تضحيات المجتمع برمته ، و لا تمنح هذا المجتمع من مواقعها و امتيازاتها التي حصلت عليها غير تأجيج الصراعات و الخلافات و بث روح التكتل و التعصب ، و هم دائما حجر العثرة امام كل فكرة و منهاج لتطوير الحال نحو الافضل و بما يحقق رضا و سعادة الغالبية .. نعم ان ( الأنتهازية الحرباوية الطفيلية ) تنتعش في ظروف الصراعات الحزبية الضيقة ، حيث يجد الأنتهازي في مناخاتها فردوسه المنشود ، و جل مايهم ( الانتهازي المحترف ) استمرار تلك الصراعات و الخلافات ، بصب الزيت على نيرانها بالتشكيك المحرض و الوشوشات الملفقة في (اذن هذا ) بلسان ، و في ( اذن ذاك ) بلسان آخر ، و البحث في الوقت عينه عن (اذانات ) اخرى لتشغيل كل السنته دفعة واحدة و بكل طاقاتها ( الوشوشاتية ) ..
#رزكار_نوري_شاويس (هاشتاغ)
Rizgar_Nuri_Shawais#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شيء عن العيون
-
قصة قصيرة .. و هطل المطر ..!
-
سنة أولى ابتدائي
-
شيء عن العدل .. و الروح الرياضة
-
ما (الجدوى ) من الكتابة ؟.. و لماذا نكتب ؟!
-
(ليلى قاسم ) *
-
القوى العظمى و مسؤوليتها ازاء الجرائم التي ارتكبت بحق الكورد
-
المتوقع و غير المتوقع في فوضى عالم القرن 21
-
مراجعة لموعظة قديمة ..
-
أقراد جبل المقطم ..!
-
شيء عن ( الحق و الباطل ) ..
-
شيء عن الجسور ..!
-
كلمات على اوراق مبعثرة
-
في ذكرى جرائم الانفال البعثية .. الكورد و سياسات الحكومات ال
...
-
شيء عن المفسدين و الفساد
-
شيء عن الفساد و المفسدين ..
-
ذات إنتخاب من الأنتخابات ..!
-
شيء عن الحب
-
شيء عن مأساة الكورد الفيليين
-
المرحلة و جهد النضال الكوردستاني
المزيد.....
-
أكشاك بيع الصحف زيّنت الشوارع لعقود وقد تختفي أمام الصحافة ا
...
-
الكويت.. تاريخ حضاري عريق كشفته حفريات علم الآثار في العقود
...
-
“نزلها لعيالك هيزقططوا” .. تردد قناة وناسة 2024 لمتابعة الأغ
...
-
تونس.. مهرجان الحصان البربري بتالة يعود بعد توقف دام 19 عاما
...
-
مصر.. القضاء يحدد موعد الاستئناف في قضية فنانة سورية شهيرة ب
...
-
المغربية اليافعة نوار أكنيس تصدر روايتها الاولى -أحاسيس ملتب
...
-
هنيدي ومنى زكي وتامر حسني وأحمد عز.. نجوم أفلام صيف 2024
-
“نزلها حالًا للأولاد وابسطهم” .. تردد قناة ميكي الجديد الناق
...
-
مهرجان شيفيلد للأفلام الوثائقية بإنجلترا يطالب بوقف الحرب عل
...
-
فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|