|
المعركة الطامة ، قادمة لا محالة
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 4457 - 2014 / 5 / 19 - 00:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
المعركة الطامة ، قادمة لا محالة مروان صباح / نعود إلى البداية ، نستعرض بخفة دون الإطالة وبطريقة مكثفة ، سياقات الثورات العربية التى رأت بالعصيان بادئ الأمر وسيلة حصريةً للخلاص من حلفاء لم يفوا بوعودهم المقطوعة ، عندما أكدوا حق العربي ، بالاستقلال ، قبل أن يُطلق شرارة الغضب باتجاه الهيمنة العثمانية وإقامة دولته الموحدة على الجغرافيا الواحدة التى من الطبيعي أن تمتص الهويات الصغرى والفرعيات المختبئة في آن معاً ، من خلال تحولها إلى بوتقة صاهرة وليست كما حصل ، طاردة ، وبقدر أهمية الانتفاضات التى شكلت ، لاحقاً ، عبء على المستعمرين الجدد ، حينذاك ، اليمن وسوريا فلسطين ومصر ، حيث ، بقى العراق ، الفاصل الأهم في معادلة العرب جمعاء ، كون جغرافيته ذات ديكتاتورية نادرة ، كما تشير اطلالته على الخليج العربي ، ولديه حدود شرقية مع إيران وشمالية مع تركيا ويعتبر أحد دول غرب أسيا الأهم لوقوعه في ملتقى الطرق التى تربط قارات العالم ، اُعتبر قديماً ، والآن ، جسراً أرضياً الأقصر يربط بذكاء بين البحر المتوسط والمحيط الهندي ، بالإضافة إلى ما يشكله الخليج وودادي الفرات من طريقا سوقيا مهمين ، تماماً ، يعتبر النقطة الأقرب جوياً التى تربطه بين غرب أوروبا وجنوبها من جهة ، وجنوب شرق اسيا واستراليا من جهة أخرى ، وفي المقابل ، الثابت استراتيجياً ، وليس مقتصراً على الولايات الأمريكية المتحدة ، بل ، شمل جميع الإمبراطوريات المتعاقبة على كوكبنا ، بأن المسألة تتعدى المصالح الباحثة عن الموارد الطبيعية أو التجارية بقدر أنها تأتي بسياقات واقع جغرافي ، فاصل بين الحضارات المجتمعة عند مفترق ، يكاد لا يُرى بالعين المجردة ، عربية ، فارسية ، تركية ، كردية ، لهذا اضطر الأمريكي بعد محاولات جادة بالاعتماد على الآخرين أن ينفرد بشكل مباشر في تحريك الإثنيات التى تتغذى كالأعشاب على الهوية الأم ، وكذلك ، أيضاً ، لا تبتعد الجغرافيا السورية عن ذات السياق ، تأتي بأقل درجة من الاهتمام ، لكنها بأهمية تلي العراق سياسياً وكموقع جغرافي يلاصق إسرائيل في تحديد السياسة وتصاعد وانكماش الصراع العربي الإسرائيلي . سبق للعراق أنه انهار عدة مرات ، كدولة ، حيث ، مثل على الدوام بوابة المشرق العربي ، وظل قياساً دقيقاً للأرضي العربية ، الخلفية ، التى دونه يعنى الاستعمار والسقوط تباعاً للدول القائمة ، وقد ازدحم تاريخ المنطقة ما قبل الإسلام وبعده بمشاريع مماثلة تنوعت ، لكنها بقت تحمل جميعها عقيدة واحدة ، هي ، استرداد الجغرافيا والإنسان ، وكما سجل التاريخ ، وقائع ، تُسجل الحقائق الحديثة ، واقعاً استعمارياً جديداً ، حتى لو أتقن مهارة التلون وابتكار الأساليب عما كان يُنتهج سابقاً عبر التاريخ ، فالدلالات تشير بقوة بأن الدراسات شملت الماضي والحاضر ، أيضاً ، المكونات والكائنات كما الطبيعية دون استثناء لشاردة أو واردة ، لهذا ، فالعراق بعد الاحتلال والتنكيل ، بات على أعتاب إعلان ذاته مفكك عن الجامع الوطني ، فهو بين صيغتين العجز والكسل ثم الإشفاق ، بل ، تفتت على النحو طائفي ، لأنه ، فقد النقطة المركزية التى ترتبط بها الأطراف ، مما دفعها اللجوء إلى ارتباطات وهمية غير ثابتة بقدر أنها متحولة حسب ارتفاع الموجة وتأثيرها بالقوى الكبرى ، وأخرى ترتبط كلياً بانتماءات مذهبية من الدرجة الثانية ، لا تتخطى التبعية ، كُلّ قيمتها أنها ضحية من نوع أعمى دون أي مقابل . خطورة ما جرى ويجري منذ الحرب العالمية الأولى ، فثمة أهمية غائبة عن الذهنية العربية ، وعلى الرغم من التسطيح التى تتعرض له وتشهده ، إلا أن ، اشعاعاتها ساطعة وتقارب النضج اليقين بعد الكفاية ، بأن المحيط العربي قد نال على المستوى الجغرافيا حقوقه القومية ، كإيران وتركيا ، بالعكس تماماً ، لما وقع في حق الجغرافيا العربية من تقسيمات انتهت إلى دول وحدود أربكت جميع محاولات النهوض ، إن كانت سياسية أو اجتماعية أو على الصعيد التواصل للقبائل والعشائر وحتى العائلة الواحدة ، ولم يكن ذلك ذات صدفة أو ضمن نتائج عشوائية ، أبداً ، بقدر ما تيسر للمخطط أن يسير بالاتجاه المحدد ، فكان للدول الحديثة أن تحتمي بجغرافيات ناقصة ووهمية ، بل ، للأسف صدقت تلك الدول بأنها ذات استقلال سيادي طالما تحتفظ بعلم وحرس حدود ، منزوعة من المشروع العربي ، في وقت كان الاستهداف مبكراً للعربي وجغرافيته عندما احيط بالحركة الصهيونية التى تتوارى خلف الدولة الإسرائيلية وتتفوق على الدوام من الجانب العسكري والاقتصادي ، بالإضافة للتصنيع ، كما عملت على تقويض منابع القوة العربية وحافظت خلال العقود على الحد الأدنى للوعي الديمغرافي وعدم السماح للجغرافيا بالالتئام ، وفي خضم هذا الواقع الدؤوب ، وبالرغم من التفاني بممارسة المخططات التى توصف من الناحية المهنية ، بالمستديمة ، كانت من الطبيعي ، وليس نتيجة تحرك أو تخطيط مضاد ، تفرض حالة تدافعية للأجيال ، تتحول إلى مصدات قسرية ، تعيق اكتمال المشاريع الهادفة بالسيطرة الكاملة على الجغرافيات المقسمة طالما العواصم المحورية باتت تتضخم وأوشكت على الإفلات ، فثمة أهمية أخرى ، لا تقل عن الأولى ، وهذا يؤكد دلالة بأن العقود المنصرفة كانت تشهد جهداً يفوق التوقعات عندما أصدرت الولايات المتحدة الأمريكية عبر مركز دراساتها ، موسوعة تفند الإثنيات في العالم وعلى وجه الخصوص العربي منها ، بالطبع ، كانت الجهود تقتصر مبدئياً على الشكل النظري المحض ثم تدريجياً تترجم على الأرض ، والذي يكشف مدى التشخيص الدقيق للمجتمعات الإثنية وترابطها على امتداد الجغرافيا والتاريخ وانقطاعها الزمني ، ليس هذا فحسب ، بل ، على النحو يثير الدهشة عندما يقوم المرء بمراجعة الموسوعة ، يجد حجم هائل من التفاصيل التى تغيب عن أبناء المنطقة من لهجات والتراث والآثار والمقدسات والطقوس وغيرهم من أمور لا تخطر على البال ، وهي ، كما تغيب عن العامة ، تماماً ، غائبة عن الفئات النخبوية . يبقى حال العربي بين المقاومة الفاشلة للمشروع الأوسع للكولونيالية العالمية ، والاستباحة المحصورة حتى الآن بين العواصم العربية المحورية والأخذة بالإنفلاش الأفقي ، لكن ، اثبتت المراحل جميعها ، بأن ، عجلة التحرك بطيئة وبالكاد تلبي جزء من الكل الإستراتيجي ، لهذا تضطر الدول الصناعية الكبرى إلى أن تتقاسم الادوار انطلاقاً من تفاهمات ستؤدي حتماً إلى تفتيت الدول الحالية وتنتهي إلى دويلات صغيرة ، منها هامشية وأخرى تجتمع بها أفكار جهادية لأهل الجماعة والسنة ، كما هو الحال منذ سنوات طويلة في أفغانستان ووزيرستان شمال غرب باكستان واليمن والعراق والقرن الأفريقي وسيناء وسوريا ، جميعها تقع ضمن تحالفات مباشرة تركية ، يقابلها في الجهة الأخرى تجمع لا يقل جهوزيةً ، متمثل بإيران ، حيث ، ينتمى كلاهما بشكل مباشر وتحت قوة المصالح والبقاء ، إلى المربعين الأمريكي والروسي ، وهذا على الأقل ما يفسر ، دعم الحرس الجمهوري للحوثين في منطقة صعدة باليمن التى تبتعد عن العاصمة اليمنية 24 كم وتقترب إلى حدود المملكة السعودية ، قد كان أسسها ، حسين الحوثي تحت مسمى حركة ، أنصار الله ، من خلال تجمع إتحاد الشباب ومن ثم تحولت إلى حزب الحق بشكل رسمي عندما شاركت بالانتخابات البرلمانية ، جميعها حركات ممتدة على طول وعرض المناطق الإسلامية ، تتمتع بشبه استقلال عن الدولة المركزية وذلك بتوفر عناصر مسلحة قادرة على لجم أي هجوم للجيوش النظامية على الأقل حتى الآن . ما يشهده المشرق العربي وبأقل درجة المغرب العربي يعتبر بداية حفر خنادق للمواجهة الأكبر ، خصوصاً ، بأن الولايات المتحدة الأمريكية اسقطت نظامين ، العراق وليبيا ، الأول في المشرق والثاني بالمغرب لما تحمل في طيات معرفتها بأنهما يطوفا على سطح من الأسلحة التى تراكمت بالمخازن قبل السقوط ، وعند لحظة السقوط ، انتشار السلاح في الطرقات وبين أيدي الأفراد الذين تحولوا إلى جماعات مسلحة ، هي في عبارة أخرى ، فاضحة المقصد رغم العديد من الدول لا تعترف بدلالتها الساطعة وحجم خطورتها ، بأن استباحة العواصم الكبرى في المنظومة العربية ، لا يعني ، إلا ، شيئاً واحداً ، سقوط الأمن القومي العربي بالكامل ، وبالتأكيد ، لم يغيب عن ذهنية الدول الكبرى ، أيضاً ، حجم الاستبداد الواقع منذ عقود على الشعوب العربية بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي المرتهن للبورصة العالمية ، الذي جعل الحياة شبيهة بمضمار ، الجميع يركض لا ينال إلا اللهث . كل ما حصل ويحصل على الأراضي العربية والأرض السورية ، خاصةً ، منذ ثلاثة سنوات ، هو نموذج صريح لما أتي ، سيتسع تدريجياً ، تماماً ، كما ارادت وتريد القوى الكبرى بالتوازن بين المعارضة وأشكالها وبين النظام ، يصعب لمن في دائرة الصراع استيعاب ما يتدفق من وسائل وعناصر تمتاز بتفوقها ، لهذا تنعدم المخارج والحلول ، وكلما غابت الشخصيات المؤثرة والتى تمتلك شيئاً من الحكمة والتأثير ، طالما أصبحت القبضة على مخازن الأسلحة ترتخي ، إلى أن تصل مرحلة الانفجار المترقب . والسلام كاتب عربي
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مسرح النوباني
-
الى من رحلوا لهم دائماً بريق الصمت ... رحمك الله يا أبي .
-
مقايضة عفنة
-
جمهورية اردوغان ،،، الثانية
-
استعادة جغرافيات ، ونتائج انتخابية تفتح عدة احتمالات
-
يمتنع البحر عن هضم السفيه
-
تقليم الخيانة
-
الدول الحديثة على المحك
-
الحقيقة ... رغم مرارة واقعيتها
-
الإضهاد الطويل
-
مزيج أبومازن
-
سُلالة ، أبداً ، لا تنقرض
-
قراءة طبوغرافية
-
أبومازن والواقعية الفائقة
-
أبومازن والواقع العربي
-
وصف وظيفي ،،، للمستشار
-
رهانات خاطئة ، تولَّد مثيلاتها من العنف
-
سلاسل بيضاء
-
يعيّش ، حالة فريدة
-
حجر الفلاسفة
المزيد.....
-
بـ4 دقائق.. استمتع بجولة سريعة ومثيرة على سفوح جبال القوقاز
...
-
الإمارات.. تأجيل قضية -تنظيم العدالة والكرامة الإرهابي- إلى
...
-
لحظة سقوط حافلة ركاب في نهر النيفا بسان بطرسبوغ
-
علماء الفلك الروس يسجلون أعنف انفجار شمسي في 25 عاما ويحذرون
...
-
نقطة حوار: هل تؤثر تهديدات بايدن في مسار حرب غزة؟
-
حصانٌ محاصر على سطح منزل في البرازيل بسبب الفيضانات المميتة
...
-
-لا أعرف إذا كنا قد انتشلنا جثثهم أم لا -
-
بعد الأمر الحكومي بإغلاق مكاتب القناة في إسرائيل.. الجزيرة:
...
-
مقاتلات فرنسية ترسم العلم الروسي في سماء مرسيليا.. خطأ أم خد
...
-
كيم جونغ أون يحضر جنازة رئيس الدعاية الكورية الشمالية
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|