أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - سلاسل بيضاء















المزيد.....

سلاسل بيضاء


مروان صباح

الحوار المتمدن-العدد: 4326 - 2014 / 1 / 5 - 23:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


واقعة الثلج الأخيرة ، كشفت عن ما كان مسكوت عنه ، حتى لو بإرادة ذاتية تصل بعض الأحيان إلى مرتبة شعور بالرضى ، وقد يكون الثلج الأبيض يحمل عنوانين كلاهما خيراً دون أدنى شك ، الأول تغذية المياه الجوفية وما خفى عن ادراكنا كبشر يفوق الخيال ، والأخر يتعلق بالإنسان وما راكمته السنوات من غُبار إبليسي احتاجت إلى تدخل رباني مباشر كي يعيد بعض الشيء للتوازن الآدمي على سطح الأرض ، وبالرغم من التوقعات الراصدة للأجواء الجوية ، جاءت العاصفة ثقيلة ، وأكثر من خيالية ، لكنها ، اذابت الأقنعة الكارتونية التى يتوارى خلفها الأحياء ، مما فرضت احتكاكاً بشرياً قسري على من يقطن الشقق السكنية بالإضافة إلى الحارات التى يشترك بها جموع البشر .
مع ذلك ، فإن المرء يعتبرها مناسبة ذات قيمة فاعلة في إعادة ترميم العلاقات البشرية دون استثناء أو اقصاء ، بدايةً من العلاقة الزوجية انتهاءً ببائع السولار أو الغاز ، وذلك يعود الفضل للثلج ، إن لم نكن مجحفين بحقه الذي ضرب سلاسل أشبه بالمعتقلات النازية في عهد هتلر ، حيث ، اجبر العائلات أن يكتمل نصابها عند موائد الطعام في الأوقات الثلاثة ، لأن ، السنوات الأخيرة ، تحولت المسألة إلى مضمار تركض الأغلبية من أجل تأمين المآكل والمشرب ، إن امكن لها ذلك ، ف ، هي إذاً أقرب إلى الفرصة التى احتاجها الجميع ، رغم عدم اختيارهم لها ، إلا أنها فرضت نفسها بقوة عندما بنى الثلج جدرانه دون أحم أو استثناء ، وأتاحت للأنماط السائدة التنحي جانباً لبعض الوقت ، مع تأكيد ، ليس أكثر من اجازة مرهونة بالعودة القريبة ، لكنها سمحت بكل محبة مشاهدة سلوكيات تتقدم بكل ثقة ، كاد يظن البشر أنها ولت دون رجعة ، ذلك الترابط الإنساني والقواسم المشتركة العديدة ، المجردة من التكاليف الباهظة من الحداثة واصطناعاتها الكاذبة ، حيث توقفت جميع السيارات عن الهدف التى صُنعت من أجله وعلى الرغم من اختلاف انواعها وأحجامها باتت في سلة واحدة ، تماماً ، كما انقطع الناس عن تواصلهم مع العالم عندما فُقدت أخر إشارة ارّسال للصحون اللاقطة وباتت شبكات النت والمياه وأحياناً الكهرباء في مختلف المناطق في خبر كان ، كأن مهمة الثلوج تهدف إلى اعادة الحياة للعصر الحجري ببساطته ، فكان الثلج الدافع الحاسم في كسر القائم بين الأفراد المُنّتميّن إلى اسرة واحدة ، بل نذهب إلى أبعد من تلك العتبات البيوت التى رُسمت عندها الحدود لنسدل الستار عن علاقات لا تعرف ، إلا ، إلّقاء السلام أو التحية على من هم جيران العمر ، لكن ما كشف عنه الثلج بفترة وجيزة كان السبب في أخراج المغيب ، بفعل فاعل ، الأخلاق الذي طمسها جنون الاقتصاد وأدوات السياسة ، حيث انتهى به الحال إلى صفة ناقصة غير مرغوب التعامل معه كرزمة واحدة متكاملة ، باستثناء المحافظة على الشكل الذي يوحي بالكمال ، المجرد من المضمون ، حيث ساعد ذلك الوهم ضمنياً ، عابرين الحياة حين التقطوا الأقنعة التى من حسن حظهم تعددت بها الوجوه ، حسب الحاجة ، فقد عرفت الحروب اسقاطات متتالية لِأقنعة مستعارة من سرك بسعة الجغرافيا العربية ، جاءت نتيجة طبيعية للفزع والهلع الذي اتاح للحقيقة أن تتقدم مقابل تراجع التجميل المركب لدرجة الإلغاء ، كلما اقترب المرء من الموت تدافعت النفوس نحو استيعاب بعضها البعض وتحول المعروف واجب يتنافس عليه الأحياء ، بل ، أصبح الإقدام على فعل الخير تزاحمي ، كأن الجميع ، توحدت نهايتهم ولم يتبقى سوى بضعة دقائق على الرحيل لا غير ، وعلى هذا ، ومن هذا المفهوم الذي يتشكل بسرعة البرق في فسحة لا تعطي للفكر أن يتحرك بحجم الحدث ، تتشكل حوله مجموعات صغيرة لكنها ذات اختصاصات متنوعة لا تخضع ابداً للفحص الأكاديمي التقليدي ، تعتني بالمآكل والمشرب والإصابات وغيرها من اصطحابات أدت إلى رفع منسوب الزهد لدى الفرد أمام الجماعة ، مقابل انخفاض ملاحظ للإقبال على الدنيا بما فيها الانقضاض على املاك الغير ، تماماً ، كما يرتفع منسوب الخجل أمام موت عشوائي لا تُميز قاذفاته ورصاصاته منّ تقتل ، وهذا ما فعله الثلج بدوره في إحياء الإيجابيات المختزنة بشقيها الفِطري والمكتسب ، عند الإنسان ، حيث تفاعلت الطاقات المهدورة أو الكامنة في خدمة المجتمع ، فكان ، هؤلاء لا سواهم ، الذين اعتادوا استنزاف الوقت داخل المقاهي والتسكع بين الشوارع وعلى الأرصفة أو فئة اللامبالاة ، وما أكثرها ، الانخراط بدافع الرغبة في التصدي والمعالجة للأزمة الطارئة ، عندما شعروا بأن حجم الثلوج يفّوق امكانيات الحكومة ، لهذا ارتأى المرء أن يتحرك باتجاه الخطوة الأولى كي يلتقي مع الأخر ويشكلوا جموع عمل يتفرع منها حلقات تبدأ بمعالجة الكهرباء وإيصال الغاز والسولار كونهما المادتين التى يعتمد المواطن بالتدفئة عليهما بالإضافة لإزالة الثلوج عن الممرات السكانية ، فمن شاهد الجموع من أعلى السطوح يتبادلون حفارات الصغيرة بالتناوب ، يذكرنا المشهد على الفور بخلية النحل ، صحيح أنهم لا يمتلكوا خبرات ومتواضعين الإمكانيات نتيجة قلة العواصف المشابهة إلا أنهم فعلاً شكلوا حكومات مصغرة في كل منطقة دون المبالغة .
توظيف ما جرى في العاصفة الثلجية الأخيرة ، ضرورة ، تخدم سلسلة من الوظائف الأخلاقية والعملية والثقافية ، وقد يكون تحرك المبكر لجلالة الملك الأردن عبدالله الثاني نابع من نظرة ثاقبة عندما استدرك بأن هناك عجز مبرر لدى الحكومة أمام ثلوج تتحول خلال ساعات إلى صخور صِلاد ، مما تطلب النزول إلى مواقع العمل والإشراف على عمليات الإغاثة ومتابعة أحوال الناس ، بل ، لم يكتفي بغارة والسلام ، حيث استمرت تحركاته خارج مكتبه على مدى الأيام البيضاء وحتى انتهاء العاصفة التى اتاحت ، التقييم والمراجعة لأداء الحكومة ، أين اخفقت ونجحت ، وبالتالي ، عليه عولجت الإخفاقات كي لا تكرر مرة أخرى بحكومة قادمة لا محالة .
ومن حق الحقيقة عند الأزمات أن تكشف الالتباسات كي تتفتح الأفاق ، فهناك فئة مُهّملة تحولت بتواطؤ تربوي اولاً إلى ركام على الأرصفة ، مما يستدعي دراستها بعناية وإعادة انتاجها في حقول الصناعة والزراعة كي تتخلص من اصاباتها ، بالتأكيد ، من جميع اشكال الرياء والتزلف والإسفاف .
والسلام
كاتب عربي



#مروان_صباح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يعيّش ، حالة فريدة
- حجر الفلاسفة
- اتفاقاً نووياً يطيح بالجامعة العربية
- اخفاق يشبه سلسلة اخفاقات
- الطاقة البديلة
- التعليم المنزوع من التربية
- دولة الطوق
- تأطير المثقف بطاقية أخفاء
- الحقيقة المقلوبة
- نظام تشليحي
- المنعطف الأهم
- الشاهد الوحيد ،،، أُعدم
- المصالح القادمة بميزان القوة
- حلاق القرية وسياسي المدينة
- مقايضة تنتهي بابتلاع التمساح للطيور
- كي تنجو
- عصر ... بلا بيت
- الإمبراطورية الغائبة بالتسمية ... الحاضرة بالأفعال
- هجرة الفراشات والدرويشيات
- سوء الفهم


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - سلاسل بيضاء