|
أبومازن والواقعية الفائقة
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 4354 - 2014 / 2 / 3 - 00:06
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أبومازن والواقعية الفائقة مروان صباح / أثناء الاشتباك ، قامت طائرات أمريكية استطلاعية النوع وعالية الجودة والتطور فوق مناطق القتال ، حيث عثرت غرفة المراقبة على ثغرة غير محمية بعرض 25 كيلو بين الجيشين الثالث والثاني ، المتمركزين في السويس والإسماعيلية ، أدى ذلك إلى عبور قوة إسرائيلية عام 1973 م خلال حرب أكتوبر ومحاصرة الجيش الثالث بالسويس ، لم تكن الثغرة غائبة عن الفريق الشاذلي ، تماماً ، والتى اثارت لاحقاً خلاف وعليه أُقيل الرجل ليخلفه الفريق الجمسي ، الذي اختاره السادات قائداً للمفاوضات مع الإسرائيليين عند نقطة الكيلو 101 . كان ذلك في يناير 1974 عندما أخبره هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكية ، حينئذ ، بأن رئيسه السادات وافق على سحب أكثر من 1000 دبابة و 20 ألف جندي مصري من الضفة الشرقية لقناة السويس ، لكن الفريق أول الذي تم ترقيته أثناء المفاوضات لم يصدق ذلك وأعتبرها نكسة تضاف فوق النكسات ، إلا ان ما استوقف كيسنجر اثناء عودة الجنرال إلى خيمة المفاوضات بعد مكالمته التأكيدية ، حيث ، حاول مقاومة دموعه التى سقطت منه حُرقةً وحزناً على نصر عسكري وأرواح آلاف الرجال تُضيعها السياسة على موائد المفاوضات . منذ ذلك الزمن الفاصل ، لم تعد جمهورية مصر العربية ذات تأثير إقليمي ، ليس المقصود فقط من الناحية السياسية ، بل ، على جميع الأصعدة وخصوصاً التصنيع ومواكبة التطور التكنولوجي ، حيث تراجع أمرها إلى أن باتت في أوائل قوائم الفساد وانتهاك حقوق الإنسان ، وقد يكون الرئيس صدام حسين حاول جاهداً إعادة دور مصر بعد الانتهاء من حربه مع إيران ، إلا أن ، ارتباطاتها المتشابكة وعدم وجود قيادة معنية وقادرة على إحراز تغيير حقيقي ، جعل النهوض مستحيل وعودتها إلى الصف الأمامي صعب ، واكتفت قيادتها المتعاقبة بالدور الوسيط للسلام بمقاييس لا تخرج عن ارادة واشنطن التى افقدتها مكانتها وعبقرية جغرافيتها ومدخراتها الفكرية والأدبية وتورطت في حقول الانفتاح السريع الغير مدروس على الإطلاق ، مما أدى لإنفلاش أفقي أصاب جميع المرافق الحساسة وأقل حساسة ، لكن ، في باطن الذهنية العربية مازالت تراوح السياسة ، للأسف عند ماضي أنطوى دون ، كما يبدو تلويح بالنهاية ، وبالرغم ، أن المتبقي من المرحلة السابقة ليس أكثر من شريط مسجل داخل وثائق أرشيفية ، لهذا ، كان الاستمرار بالاتكاء على كاهل مصر ليس بالضرورة خطأً ، لكن ، جاءت دائماً عواقبها غير سليمة ، بل ، آفاق الحلول مسدودة وعجز في توفير بدائل للقضية المركزية للعرب ، بالرغم ، واللافت ، أن اتفاقية كامب ديفيد تنص في شقها الثاني على ايجاد حل طبيعي للفلسطينيين ، ومع ذلك كانت دلالة تراجع القاهرة لحد الاكتفاء في شجونها الداخلية ، عدم امكانية دبلوماسيتها تنفيذ الشق الأخر للاتفاق . ما تمرّ به مصر اليوم ، يتيح للمرء أن يربط بين وقائع تخلي الإدارة الأمريكية ومحيطها المعادي للنظام القائم ، وكلاهما أمران يجعلان من حكم العسكر ، بالمؤكد ، الاستغراق لمدة زمنية طويلة في وحلّ الأعمال الإرهابية مقابل مساعدات تأتي من الخليج العربي والولايات المتحدة الأمريكية تعالج بقدر متواضع المسائل ، بل ، بالأحرى تمنع الآن ، تسارع انهيار الدولة ، لكن ، ليس محل اندهاش ، ابداً ، بأن المساعدات غير قادرة اطلاقاً على تحريك عجلة الاقتصاد وغيرها من ملفات شبيهة ، على الرغم ، من الحيز الإعلامي الواسع الذي يتمتع به خبر تدفق المال من الخارج ، أمام واقع معلوم ، حيث تخسر الدولة المصرية ما يقارب 2 مليار جنيه يومياً . التشخيص الخاطئ يؤدي إلى تعثر في معالجة الداء وبالتالي لن يجد الدواء فاعلية تطبيب جسد المريض ، حتى لو توفر ، يبقى طريقه مجهول ، وهذا تماماً ، الواقع العربي ، حيث هناك فئات على طول وعرض الجغرافيا مازالت تعيش ، وكأن العراق دولة ، لا تمزقه الطائفية ، وسوريا الحصن الأخير ، ليست غارقة بنزيف المتدفق من الخاصرتين ، ومصر المقّعدة بسب الثالوث الفقر والجهل والمرض ، هذا ما يفسر في حقيقة الأمر واقعية الرئيس الفلسطيني محمود عباس الفائقة ، بعد اجتثاث الجذري للدول المحورية في المنطقة والتى جعلت من حلم العرب عصياً على التحقق ، وقد يكون سرّ الاختلاف الحاصل بين المراقبين من المشتغلين بالشأن السياسي والرئيس عباس ، هي واقعيتهم وواقعيته الفائقة ، فأن الواقعية تتحدث دائماً عن الماضي في ظروف الحاضر ، وهناك فارق كبير عندما تتحدث عن القادم من خلال استقراء معمق للتاريخ نتيجة قرائن ومعطيات يدللان عن ما يكمن أن يحصل في المستقبل المنظور ، وكما يبدو ، لا يرى البعض ، بأن سياسة الرجل عبر السنوات الفائتة تحاول تفكيك الوصاية الوهمية ومعاودة تطويرها انطلاقاً من مفاهيم راسخة تحاكي المعادلة الدولية وتتفهم عجز الإقليم بما فيه العرب على وجه الخصوص ، ومن عند هذه النقطة تتكون رؤية الرئيس أبومازن التى تنعكس على سياسته التكتيكية والإستراتيجية ، حيث ، تعتمد مسار التفاوض والسعي إلى تحقيق اهداف الشعب ، دون الدخول بمهاترات لا تقدم للرصيد ، اضافياً ، بل ، العكس ، عند رصد تاريخها المتعثر ، جلبت انتكاسات وتراجعات للجغرافيا والديمغرافيا وتأثرت البنية التحتية بإشكالها الوطنية ، وكان من جذور عمق التجربة ، دائماً ومازال ، يصرّ في عهده على أن الانتفاضة الثالثة التى يرغب فيها الكثير ويراها البعض مخرج مناسب مضاد لتنصل الإسرائيلي ، أمر غير وارد اطلاقاً ، لأن ، ذلك ما يسعى له الإسرائيلي أن يتحقق كي يعيد عقارب الساعة إلى الوراء من خلال انتفاضة يبدأ بها ثوار حقيقيون ومن ثم يتسلق حولها وفيها منتفعون ويتشكل عبرها فئات لا ترى بالقانون إلا عدو لتحقيق ذاتها ، ولأنها لا تعيش إلا بظلام الليل الدامس كي تستطيل أيديها . الواقع والواقعية الفائقة ، تقولان بأن الأردن البلد الوحيد الذي استطاع أن يتخطى الأزمة العربية الحديثة من خلال تلبية المطالب المحقة للقواعد الشعبية والعمل تدريجياً على ترجمة القرارات ، بل ، تحول الأردن إلى الدولة المحورية ، الوحيدة القادرة على قيام بالدور الإقليمي الفاعل وذلك لعدة أسباب ، أهمها امتلاك الحُكّم ، شرعية وطنية بالإضافة لعمق شرعيته ، عربياً ، فالأردن وفلسطين جناحين لطائر ، ما ان يُصاب احدهما بضرر يتداعى الآخر لتضميد جرّح اخيه ، وقد تدلل الإشارة بشكلها الجلي عام 1988 م عندما أُخذ القرار بفك ارتباط الضفة الشرقية عن الغربية التى كانت جزء منذ 1949 من الأردن ، كأنها اقدار لا تقبل القسمة ، حيث انعكس ذلك على الاقتصاد وأدى القرار بتأثيرات مباشرة على الدينار الأردني وقوته الشرائية ، لأن الضفة الغربية تشكل حجم اقتصادي لا يستهان به ، تحول ذلك اتوماتيكياً وبسهولة واقع القرار إلى تنامي ملموس في الاقتصاد الاسرائيلي وانكماش ، بالأولى ، التى تكشف البيانات والأرقام الرسمية مؤخراً أن حجم الواردات الفلسطينية من إسرائيل فقط ، بلغت 3,5 مليار دولار امريكي . الرئيس محمود عباس أقام خطوة بخطوة نحو اعلان الدولة بصبر وحصافة سياسية ، تماماً ، مصحوبة بجدية لا تقبل الخطايا ، وكوَنَّ على مدار السنوات السابقة شعور بالمسؤولية والواجب ، يتنامى ، لهذا فاوض من قبل الإسرائيلي دون تردد وفي ذات الوقت احتفظ في صندوقه السياسي أوراق قادرة في كل مرة أن تحقق انجاز على المستوى السياسي ، فما يحتاجه الفلسطيني ، الآن ، من العرب وخاصةً أصحاب الرأي ، الدعم ، في مواجهة الدولة الوحيدة التى يتفق على دعمها كل الاقطاب ، مجتمعةً او مفترقةً ، وأن تُوضع جانباً التباينات التى جعلت من المسيح وعبدالله بن الزبير مصلوبين نتيجة دفاعهم عن الحقوق ، وأهل الكلمات يتوارون خلف الدماء النازفة . والسلام كاتب عربي
#مروان_صباح (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أبومازن والواقع العربي
-
وصف وظيفي ،،، للمستشار
-
رهانات خاطئة ، تولَّد مثيلاتها من العنف
-
سلاسل بيضاء
-
يعيّش ، حالة فريدة
-
حجر الفلاسفة
-
اتفاقاً نووياً يطيح بالجامعة العربية
-
اخفاق يشبه سلسلة اخفاقات
-
الطاقة البديلة
-
التعليم المنزوع من التربية
-
دولة الطوق
-
تأطير المثقف بطاقية أخفاء
-
الحقيقة المقلوبة
-
نظام تشليحي
-
المنعطف الأهم
-
الشاهد الوحيد ،،، أُعدم
-
المصالح القادمة بميزان القوة
-
حلاق القرية وسياسي المدينة
-
مقايضة تنتهي بابتلاع التمساح للطيور
-
كي تنجو
المزيد.....
-
تحويلات المصريين بالخارج تقترب من 30 مليار دولار خلال 10 أشه
...
-
ربما تم إنشاؤه بالذكاء الاصطناعي.. ما حقيقة فيديو قصف إسرائي
...
-
تراث أصفهان الفارسي والمواجهة بين إيران وإسرائيل
-
غضب في مدينة البندقية على حفل زفاف جيف بيزوس ولورين سانشيز
-
يسمع ضجيج القنابل قبل صوت أمه.. عن طفل رضيع في مستشفيات غزة
...
-
-فائقو الثراء- في ألمانيا يمتلكون أكثر من ربع إجمالي الأصول
...
-
صحيفة روسية: هل هناك من يستطيع تزويد طهران بالقنبلة النووية؟
...
-
ترامب: يمكن للصين مواصلة شراء النفط الإيراني
-
فيتنام تحاكم 41 متهما في قضية فساد بقيمة 45 مليون دولار
-
صحف إسرائيلية: هدنة ترامب تريح طهران وتنعش مفاوضات غزة
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|