أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - يمتنع البحر عن هضم السفيه














المزيد.....

يمتنع البحر عن هضم السفيه


مروان صباح

الحوار المتمدن-العدد: 4411 - 2014 / 4 / 1 - 00:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هناك انكار شديد المغزى بين من يوصف بالجنون أو السفاهة ، وقد يتقبل المرء بغضاضة أن ينعت بالسفيه مقابل رفض قاطع يصل إلى درجة المحالة بأن يوصف بالجنون ، وهذه التركيبة من السايكولوجيات المركبة ، تبدو طاعنة المأسس ، ليست حديثة المنشأ على الإطلاق لدى الإنسان ، فالحرص عند السفهاء متأصل بوصف المبدعين بالجنون على الرغم من عدم توثيقه في سجلات التاريخ ، بشتى المجالات ، إن كانت أدبية أو علمية وغيرهما ، في وقت كانوا العارفين بالعلوم منذ بداية بحثهم لاكتشاف الحياة ، يقودهم نهج التجنب في خوض أو مجالسة السفهاء ، بل ، لم تكن ابتكارات الحذف فاعلة كما هي اليوم ، بمجرد ضغطة أصبع واحدة لا غير تكفي حذف الأخر من قائمة الأصدقاء أو المعارف ، مما اضطر أحمد شوقي في أوائل القرن الماضي الوقوف عند رأس السفينة شاكياً البحر عن تلك الموجة التى أعادت من سقط ليلاً من قاموس التطفل والعناء ، قائلاً ، سقط السفيه من السفينة في الدجى / فبكى عليه رفاقه وترحموا / حتى إذا طلع الصباح أتت به / نحو السفينة موجة تتقدم / قالت خذوه كما أتاني سالماً لم ابتلعه لأنه لا يهضم / ... هنا نجد تفاهم صامت بين البحر والأرض كون الأول يشغل الحجم الأكبر من مساحة سطح الأرض ، مائياً ، قياساً ، باليابسة الذي كما يبدو فرض نمطيته دون شك فأصبحت اليابسة غير أمينة على اقدام ابناءها الصالحين ، حيث تستدرجهم إلى المقابر مع ابقاء السفهاء ، المدة الأطول ، فلا دود الأرض باتوا يهضم جثثهم ولا ملوحة البحر قادرة على استكمال عملية هضمهم ، رغم كثافتها ، وعلى هذه الإشارة الدالة بقسوتها التعبيرية ، حيث تقول ، لا مجال في حياة البحر للثرثارين والعاطلين عن الفعل .
وبقدر ما تحتوي المشافي العقلية على فئات متخلفة من الجنون ، إلا أن ، معرفة الإنسان الشارد ، بالإنسان الحبيس متواضعة لحد تحولت المراكز إلى محميات ممنوعة بقرار فردي الاقتراب منها ، وقد يكون هذا الفعل ناتج في حقيقته عن هروب مقصود ، كون منّ هم داخل المحميات يتحولوا إلى مرايا ، فقط ، عندما يقترب منهم العابرين ، ورغم هذا وذاك ، إلا أن ، القدر يتدخل رغّم أنف البشر بشكل مباشر كي يكشف عن المجهول ، ليجد المرء أمام حالات مُورست بحقها أعنف أساليب القهر النفسي بالشكل السادي الذي لا يهدأ سالكيه إلا بتعذيب الآخرين ، حيث ، وفر القهر والقمع الممنهج والتربية التعاملية سياقاً بعد أخر ، مما أخرج فئة من الواقع إلى محطات تشبه الانتظار ، لكن ، اللافت والذي يحمل شيء من السخرية عندما تأتي الحقائق عبر محطات قسرية لا اختيارية ، كما أراد لها القدر ، أن تتعطل مركبة أحد عابرين الطريق الصحراوي ، إذ ، لحق بإحدى العجلات ثُقب ، مما اضطره التوقف لاستبدال الإطار المثقوب بقرب مستشفى متخصص بالإمراض النفسية ، مرت سيارة أخرى مسرعة دون أن تكترث بواقف الطريق ، طحنت البراغي ، طحناً ، الذي أوقع الرجل بحيرة التائه ، وبين الحيرة والتوهان ، ترجل نحوه إحدى مقيمين المشفى ، دون أي مقدمات استعراضية تحير العاجز أكثر مما هو فيه ، قدم حل مؤقت لكنه فاعل ، تماماً ، كما يظفر المرء ببئر ماء في عراء الصحراء ، ليقول ، تستطيع أن تأخذ من كل عجل برغي ، ثم استخدامهم في العجل الفاقد للبراغي ، هكذا يمكنك متابعة طريقك حتى الوصول إلى مقصدك ، التفت العاقل باتجاه المجنون متسائلاً ، أنت مجنون ؟ ، قال نعم ، لكنني لست غبياً ، وقتها أدرك الحائر بأن الخلط يفرزه الواقع عند الاختبار .
مقارنة ، قديمة تتجدد يومياً ، بعيداً عن الإعلام ، تفيد بأن المقارنة بين السفيه والمجنون واجب من واجبات المسؤولية من خلال التعامل كلاهما مع عناصر الحياة ، وهذا دليل أخر قد يزيح سوء الفهم حول تساقط الأصدقاء من السفينة ، واحد تلو الأخر ، رغم ضرورة تواجدهم الذي يتيح فعلاً معرفة الفارق دون أن تزيد نسبتهم 3 % من مجمل العام أو الخاص ، بل ، الحالة كلها تُترّجم ما يعني انكفاء أكثر المميزين إلى الخلوة تاركين الجمل بما حمل ، حيث يلجأ المطرودين بوصف الطاردين بالجنون كمخرج لائق بعد إبعادهم ، وأيضاً ، طريقة أسهل لا تحتاج إلى عناء التفكير والتمحيص .
نريد ، مصارحة ، لأن هناك حلقة مفقودة بين السفاهة والجنون ، فالمجنون لديه أسبابه قد تكون بعيدة عن مقاصد ربانية ، في حين تبدو ناتجة من شدة التفكير أو محاولات اختراق التركيز أو تربويات قهرية أو أخطاء طبية أدت إلا تعطيل بعض الأعضاء بشكل الطبيعي ، أما السفاهة ، قرار ذاتي بالغباء يتطور عبر السنوات إلى أن يتحول إلى استمرأ وتأقلم يجعل صاحبه متأبط بفتات الخبز القديم كأنه كنز يريحه من أي جهد قد يبذل ، أليس ، الصواب في مدينة تعج بالعاقلين جنون والجنون في عراء الصحراء يتوسل إلى الخلاص ..
والسلام
كاتب عربي



#مروان_صباح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقليم الخيانة
- الدول الحديثة على المحك
- الحقيقة ... رغم مرارة واقعيتها
- الإضهاد الطويل
- مزيج أبومازن
- سُلالة ، أبداً ، لا تنقرض
- قراءة طبوغرافية
- أبومازن والواقعية الفائقة
- أبومازن والواقع العربي
- وصف وظيفي ،،، للمستشار
- رهانات خاطئة ، تولَّد مثيلاتها من العنف
- سلاسل بيضاء
- يعيّش ، حالة فريدة
- حجر الفلاسفة
- اتفاقاً نووياً يطيح بالجامعة العربية
- اخفاق يشبه سلسلة اخفاقات
- الطاقة البديلة
- التعليم المنزوع من التربية
- دولة الطوق
- تأطير المثقف بطاقية أخفاء


المزيد.....




- وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا ...
- مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
- استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
- عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
- بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
- الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
- ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا ...
- -بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات ...
- الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
- سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - يمتنع البحر عن هضم السفيه