أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - احمد مصارع - انطباع عن الدولة














المزيد.....

انطباع عن الدولة


احمد مصارع

الحوار المتمدن-العدد: 1262 - 2005 / 7 / 21 - 08:59
المحور: كتابات ساخرة
    


الجزء الأول
لم تكن الأرض بين البيوت المتباعدة ممهدة , لقد كان يفصل بينها وديان صغيرة , لقد كان أصحاب البيوت يفضلون بناء بيوتهم على المرتفعات خوفا من الأمطار والسيول شتاءا , وبحثا عن النسمة البارة صيفا , وللعزلة وصعوبة الوصول إليهم من غير قصد , وقد كان السير شاقا خلال البرية , وحتى بالنسبة للبغال والحمير , وسائط النقل آنذاك .
خلال الشتاء ترسف المستنقعات الآسنة , رافلة بالأشنيات الخضراء , وفلول من الحشرات الطائرة في الأيام المشمسة , وأجواق من الأركسترا الضفدعية تصفر ليلا نهارا من طرب التكاثر الآمن , والسمنة المفرطة , فقد أصبحت الضفادع سيدة المستنقعات , مثل حيتان المحيطات , بينما تضاءلت حجوم الأسماك النحيلة , وكأنها تعلم بقرب الجفاف , ولأنها ليست برمائية , فقد كيفت نموها مع عمق المستنقعات الآسنة .
وقبل أن يحل الصيف , وتشرع الروائح النتنة العضوية بالهبوب , يشرع صيد السمك بأكياس الخيش , لمرة واحدة لاغير , فيأكل الجميع في يوم واحد السمك الصغير مشويا , وحتى عام آخر, ومع الجفاف تبدأ زوابع الغبار , مثيرة اسوارات من الأ غبرة الدسمة , فالعجاج غالبا , لتلتهب العيون , وتتكحل بالوشل البيض على الجانبين , طيلة موسم الحر الطويل .
جاء يوم , من أحد العقود السابقة , حيث حضرت آلية مهدت الحفر الترابية , وجميع من كان حيا آنذاك , كان قد شعر بالنشوة , بعدما يرش الطريق الترابي الممهد بالماء , كانت رائحة الأرض النفاذة عبقة للغاية , وللشعور بمزيد من النشوى كان السكان يرشون الأرض مرات عديدة , ولكن أروعها تتم ليلا , لتهب أنسام الصبابة , ولتنبعث من هنا وهناك , أصوات موليا وعتابا .
وجاء الزفت , نعم الزفت ( زفت ) , فلا طين بعد اليوم , فعبد الطريق بشكل مزعوم بالزفت , وهو زفت غرائبي , حيث , يذوب من شمس الصيف اللهبية , وتظهر منه فقاعات الغليان , وتلتصق لزوجته بالأحذية والسراويل ,والأقدام العارية , وقد كان النفط صاحب الدم الخفيف قد أصبح رائجا .
على الطريق المعبد , كان يمر الحصان والبغل والجحش , والدراجة , وتطور الأمر بعد العربة والحصان , الى الدراجة , فالطرطور الثلاثي الذي يئن على تحو سواء , فارغا أو ممتلئا , من أول الطريق الى آخره , يزعق بقوة الأنين , يحرم النوم على كل من كان مقيلا , فلم يكن هنا أي صيدلية , في عصر ما قبل الكهرباء , فمن مات من الضجيج والإزعاج , من يدري , كم من الناس ماتوا من شدة الزعيق .
في الهزيع الأخير من الليل الصيفي يبرد المدعو ( زفت ) , وهنا نفضل السير عليه ونحن حفاة , وفي الحق فنحن نهرب من طرق التراب , لأنها تزخر بالعقارب الصفر , التي تفوق لسعتها وقع مسمار المسيح المصلوب , رغم أن العذاب والموت من اصل واحد .
وفجأة وإذ , وضعت أعمدة خشبية مدهونة بالقار , ثم علقت عليها مجموعة من الطيسان , وشعشعت أضواء صفراء للغاية , متباعدة , فكنا نتنقل بينها ليلا من جزيرة لأخرى , وها نحن نسهر تحت تلك الأضواء , وهناك من يتحدث عن أديسون , والظلام والليل والكهرباء , والعصر الجديد , بعيدا عن البيوت , بعيدا عن الأصل , بعيدا عن السكن , والوطن , ومن أنا ومن أنت , ومن هم ومن نحن ؟.



#احمد_مصارع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السياسة علم قديم لعصر حديث للغاية ؟
- البلدان المضطربة من عصابة الثلاث ؟
- نعامة بائدة , وللصعلوك في بيضها فائدة ؟
- حر ديمقراطي , كن إنسان , أولا
- الديمقراطية وأيديولوجيا التسلط ؟
- الحقيقة البوصلة الحاسمة لذبذبة الديمقراطي ؟
- مذياع سيارة الشرق المتهور : أصلك , فصلك
- ?العراق بروسيا الغرب العربي أم روسيا الشرق الشيوعي
- السؤال الثاني للحوار والتقارب مع الجوار
- السؤال الأول ومنه نتحول
- أسئلة الحوار المتمدن , مفاتيح لجنات عدن؟
- ?الأمة العراقية تواجه خطرا حقيقيا
- يساري أم شيوعي , ( how) , والرفيق ماو ؟
- الحنين للأولين ؟
- ليس كل ماركسي يساري ؟ أنا يساري أولا ؟
- من هو اليساري ؟ ومن هو الماركسي ؟
- هيثم الخوجه , والهم شرق والشراكة الدولية ؟
- قوى اليسار , أو البراكين الخامدة ؟
- الطرزانية الشرقية ليست حلا
- الماركسية وأفق البديل الاشتراكي


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - احمد مصارع - انطباع عن الدولة