أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - صاحب الربيعي - أنين ومعاناة هيفاء بيطار














المزيد.....

أنين ومعاناة هيفاء بيطار


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 1257 - 2005 / 7 / 16 - 11:21
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


هشمت الأبواب عسى أن توقظ المجتمع ليسمع أنينها ومعاناتها دون جدوى، ماذا تريد هذه المشاكسة، المتحدية حاملة سيفها لتقاتل أشباح التاريخ وتهاجم جحافل القيم والعادات؟. كل تلك الطعنات التي أغرقتها في بحر الدماء لم تجعلها تطلب السلام وتجاري القيم الضاربة جذورها في أعماق التاريخ. أيتها الخارجة على حدود المجتمع، نحن بحاجة إلى ثورات في النفوس لا إلى ثائرة تُنحر عند مذبح المجتمع، الشجاعة في عصر الجبناء لاتؤسس لثورة لكنها قد تطرق الأجراس لتوقظ ما تبقى من هشيم الثوار المسكونين بالخوف وجماجمهم ترصدها فوهات بنادق بيد الطغاة.
أصرخِ ما شئتِ لاجدوى في مجتمع أذانه صماء، الكل يسمع أنينك ودموعهم تسيل كالأنهار لكنها لن تغسل خطايا النفوس المتوارثة عبر الأجيال. خوضِ ما تشائين من الحروب، دفاعاً عن حقك في المساواة، دفاعاً عن حبك! تلك الجرأة لاتتحلى بها سوى نفوساً أيقنت بعدالة حربها مستمدةً شجاعتها من قوى خارجة على حدود منظومة العقل. إنها نفوساً ملائكية، لاتطلب العون من بني البشر الذين يحتكمون للعقل في خوض حروبهم.
تقول ((هيفاء بيطار))" في الواقع لم أكن أعرف حقيقة دوافعي في سلوكي المتحدي، هل كنت مستمتعة بتلك الحرب الخفية بيني وبين الناس، أم كنت شديدة الإيمان بحقي في عيش الحب بحرية. كنت مثل بنات جيلي نكرر الاسطوانة ذاتها عن إيماننا بحقوق المرأة....أشعر أن دوافع سلوكي معقدة وغامضة، وبأن هناك غاية خفية تدفعني لتلك الجرأة هل أردت بلا وعي أن أدشن عهداً جديداً من المساواة بين المرأة والرجل؟".
لاصراع دون ضحايا وخسارات، فهناك دائماً من يضحي وهناك دائماً من يحصد النتائج وهناك من يخسر سنوات العمر وهناك من يكسب من خسارة الآخرين. الصراع مع المجتمع خسائره معلومة، لكن الصراع مع الذات خسائره كارثية. الخصام مع الذات أسيرة منظومة الردع العقلي هو انفصام بين الروح والجسد، وهو تنازع للسيطرة على ممتلكات الآخر. إنها حرب إبادة بين منظومتين، لإحكام السيطرة.
تعبر عنها ((هيفاء بيطار)) قائلةً:" كنت أشعر طوال الوقت أني متخاصمة مع ذاتي، وكان هذا الشعور بعدم انتمائي لذاتي يجعلني في حالة ضياع مستمرة".
إن تتحدى المجتمع، يعني أن تخوض حرباً تستخدم فيها كل الأساليب غير المشروعة في أعراف الحروب، إنها حرباً من نوع أخر، لارحمة فيها ولاتحكمها اتفاقية (جينيف) التي صادق عليها المتحاربون. إنها حرباً يخوضها كل أفراد المجتمع ضد الفرد، كل منهم له وسائله وأسلحته الفتاكة يسعى لطعنك في وضح النهار وبمباركة الجميع. وفي الليل تهاجمك جحافل متخصصة، تغزوك في المنام، لتمارس غيها وتغرس أنيابها في روحك وجسدك ومنهم من يفترسك بنظراته ومنهم من يمارس الرقص على أنغام أنينك وصراخك أيها الخارج على حدود المجتمع، هذه هي شريعة الحرب.
تتساءل ((هيفاء بيطار))" هل استحق كل هذا العقاب؟ مكتشفة كيف يتفنن الناس في أساليب تعذيب بعضهم بعضاً، لدرجة أنهم نجحوا في جعلي احتقر نفسي، جعلوني أرجم نفسي بيدي أنا. لأنهم يكهربونني دوماً بنظراتهم التي تحتقرني وتنبذني، ألم يصروا على اختزالي في شخصيتي الآثمة".
تستجدي بطلة ((هيفاء بيطار)) عطف والدها، وتصرخ في وجهه أنا آثمة بحق نفسي لم أجلب العار على أحد، لماذا تستجدي احترام المجتمع، إنهم غير محترمين كلهم آثمون، كلهم يمارسون في الظلام ما مارست أنا في وضح النهار. فقط لأني اخترقت (قانون العيب) استحق كل هذا العقاب، كل هذا الاحتقار والمقاطعة إلا يكفي كل هذه الجحافل التي تمارس غيها ضدي، حتى أنت أصبحت مناصراً لهؤلاء الأوغاد!.
تخاطب سمر بطلة ((هيفاء بيطار)) والدها قائلةً:" أنا ليست مهزومة، بل أنتم مسوخ، أي ناس تافهين هؤلاء الذين تسعى لنيل احترامهم. ناس يرتشون، يكذبون، يزنون، يرتكبون كل المعاصي بشرط أن يستتروا، يرتضون أن يكونوا مماسح أرجل لرجال متنفذين يذلونهم. أي ناس تبغي احترامهم، هؤلاء الذين يبيعون نساؤهم وبناتهم للصوص مقابل مكاسب مادية تحت اسم الزواج تعقد صفقات العهر.........أهؤلاء من تتحدث عن وجوب نيل احترامهم؟".
أيتها الثائرة في زمن سقوط الثورات كل الثوار يستشهدون، ينحرون على مذبح الحقيقة. لاقيمة لدمائهم طالما كل المجتمع أسير الماضي، وحراب الطغاة مازالت تنحر رقاب الخارجين عليهم، لاحرية لفرد دون حرية المجتمع بالكامل، ولامطالبة مشروعة بالثورة في مجتمع رقاب ثواره تحت الحراب!.
مجتمع أفراده قطيع يقاد حيث يشاء الطغاة، كم من الثوار يحتاج ليتحرر! قطرة دم من رحم سمر المثقوب تعني إهداراً للشرف، وسيول من دماء الثوار لاقيمة لها. قطرة دم من رحمها المثقوب، تجعل كل أفراد القطيع يشحذوا السيوف دفاعاً عنها، وسيولاً من دماء الثور تغمض عنها العيون!.
تقول ((هيفاء بيطار))" الناس أحياناً يتعارفون على الخطأ، على الكذب، الناس قطيع يحتاجون من زمن لآخر إلى أبطال يدفعونهم بضع خطوات إلى الأمام".
أخيراً أيقنتي يا صانعة الثوار ((هيفاء بيطار)) أن لاجدوى من صراخ وأنين بطلتك (سمر) في مجتمع القطيع وحراب الطغاة، لذا ارغمتيها على الرحيل إلى المنفى. إنك تعيشين في زمن اللاجدوى، ومجتمع اللاتغيير، وتخوضين حروباً مع الأشباح. سيدتي، ثائرة واحدة لايمكنها أن تصنع ثورة، فمجتمع القطيع يحتاج إلى ثورات، وثورة على قطرة دم من رحم مثقوب لاتعيد (شرفاً ضائع!) لمجتمع تسيل فيه الدماء من أجل كرامته المضيعة.
*قراءة في رواية هيفاء بيطار ((أبواب مواربة)) دار نلسن، السويد 2002.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دوافع الود والعداء
- الشرطي الوزير
- ماهية الخير والشر في الفلسفة
- طرائف من سيرة الفلاسفة
- الصراع حول المكانة والصدارة بين الفلاسفة
- ماهية الفكر
- النظرة الدونية للمرأة عند الشاعر أبي العلاء المعري
- العشق عند العرب
- العشق في الفلسفة
- التشريعات القانونية والمبادئ الدستورية
- الطاغية والسلطة
- ممارسات الطاغية
- شريعة الطاغية
- حاشية الطاغية
- الطاغية والاستبداد
- الطاغية ووعاظ السلاطين
- الطاغية والدين
- الفلسفة وعلم المنطق
- مفهوم الخير والشر في الفلسفة
- الفرق بين العالم والجاهل


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - صاحب الربيعي - أنين ومعاناة هيفاء بيطار