أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غسان صابور - الجمعة العظيمة














المزيد.....

الجمعة العظيمة


غسان صابور

الحوار المتمدن-العدد: 4429 - 2014 / 4 / 19 - 12:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ذهبت البارحة مساء, إلى الكنيسة الشرقية المارونية اللبنانية, لحضور ما يسمى " الجمعة العظيمة " أو جناز (جنازة) عيسى بن مريم بعد صلبه. وهي صلاة تذكارية عمرها 1981 سنة تقام كل يوم جمعة المصادف يومين قبل الأحد عيد الفصح.. لدى جميع الطوائف المسيحية.
ذهبت لهذه الكنيسة.. لأنها آوت تجمعا لبنانيا سوريا.. حوالي خمسمئة شخص كانوا يصلون بخشوع والتزام وتقوى.. على إيقاعات كورال تردد صلوات بأصوات حنونة ناعمة طيبة... مرددة صلب المسيح.. واستشهاده من أجل الإنسانية.. بعد أن سامح معذبيه وصالبيه وقاتليه...
كنت مندهشا لهذا الحشد المتماسك والذي يردد صلوات الجمعة العظيمة أو الجمعة الحزينة.. حتى رأيت دموعا حقيقية تسيل من أعين نساء ورجال عدة.. من أعمار مختلفة... عدت إليهم فردا فردا بعد نهاية الصلاة, متسائلا عن أسباب مظاهرهم الحزينة ودموعهم الحقيقية... وكان جواب الجميع : ألا تسمع ما يحدث من تفجيرات وهدم كنائس أثرية في كسب, في معلولا.. في دير عطية.. في حلب.. وصواريخ وسيارات مفخخة على مدرسة أطفال في دمشق... وغيرها.. وأهالينا هناك.. يهيمن الموت عليهم وعلى بيوتهم وشوارعهم.. ومع هذا.. ومع هذا يجتمعون للصلاة.. عل بوادر رحمة تنقذ حياة أطفالهم.. وعل المقاتلين الغرباء تتسلل بعض رحمة على قلوبهم المتحجرة.. آملين أن بعض فرحة عابرة تغلف حياة عائلاتهم وأطفالهم... أمل بدأ ينفذ ويختفي مع ديمومة القتال الغبي على هذه الأرض التي واكبت جميع الأديان... واختلطت فيها عشرات الإثنيات.. من قرون طويلة....
ولكنني لم أجـد أي جواب لتهدئتهم... لأنني بإلحادي الكارتيزي الراديكالي, ليس عندي أي جواب لقلقهم... سوى البيانات الرسمية الصادرة من الإذاعات الموالية والمعارضة على الأرض السورية.. وكل فريق منهم يحدثنا عن نصر قريب.. وهتافات انتصار.. أو صراخات تكبير قرب بضعة جثث... ونهاية الأزمة... وكم تحسرت لأنني لم أجد الكلمات المناسبة حتى أهدئ هذه الخواطر المتعبة القلقة على الأهل والبلد... لأنني لم أت لهذا المكان سوى للالتقاء بأقوام مهاجرة من بلدي.. وسماع أصواتهم وأقوالهم ولهجاتهم وأفراحهم وأحزانهم.. وما يقلق خاطرهم بهذه المدينة الفرنسية التي نعيش بها كلنا.. من أزمنة مختلفة.. منا الموجود هنا من أسبوع واحد وحتى أكثر من خمسين أو ستين سنة... لأسمع لهجات المدن السورية واللبنانية.. حتى أشاركها همومها... وما يقلقها...
بقينا بعد انتهاء مراسيم صلاة الجناز أو الجمعة العظيمة أو الجمعة الحزينة... حسب كل تسمية لكل جماعة آتية من أمكنة متفرقة من سوريا أو لبنان.. والقادمون الجدد, لا حديث لهم سوى عن التفجيرات والكنائس المهدمة المتفجرة في سوريا.. وهجرة المناطق والبيوت التي يمر فيها ويحتلها مقاتلون غرباء غير سوريين, يحملون أعلاما سوداء, ولا يتكلمون لغة البلدان التي يعبرون فيها أو يمكثون بها عدة أيام أو عدة أسابيع.. حتى يأتي الجيش السوري لتحريرها.. ولكن دوما بعد أن تفقد كل مدينة أو قرية أو حـي المئات من الأرواح البريئة.. وأحيانا الآلاف... وخاصة من الطوائف أو الجماعات السكانية من مواطنين سوريين.. لا ينطوون تحت أعلام الغرباء السوداء...
غالب النساء والرجال المجتمعين بباحة الكنيسة, رغم البرد القارس, بعد الساعة العاشرة مساء كانت هذه غالب أحاديثهم... مــآســي أهاليهم الباقين على الأرض السورية.. والأحداث المؤلمة عن فقدان الأعناق والأرزاق المتوالي.. كل يوم.. كل يوم... وصعوبة الاتصالات مع بعض المدن لمعرفة آخر الــمــآســي .. وصعوبات الحصول على الدواء والعلاج والغذاء هــنــاك... هذا الهناك الذي يبقى مزروعا مغروسا بقلب جيناتنا.. مهما ابتعدنا وأينما كنا.. وكنت دوما أحاول إيجاد الكلمة المناسبة لتطييب الخواطر القلقة... ولكنني عجزت.. لأنني أنا أيضا جئت لتطييب خاطري, بعد استماعي طيلة النهار تقريبا.. مجموعة من الأخبار المقلقة.. من مد وجذر على أرض سوريا الحبيبة.. مما يخنق غالب الآمال المعلنة عن فـرج قريب لهذه المأساة التي سموها ببداية البدايات الربيع العربي.. وكانت أكبر نكبة وفاجعة ومؤامرة.. نــعــم مـؤامرة محضرة مدروسة مدبرة من عشرة سنين ضد هذا البلد الصامد الطيب...من عشرة سنين أو أكثر...
غدا عيد الفصح لدى هذه الجماعات التي لاقيتها البارحة مساء بهذه الكنيسة المشرقية المارونية اللبنانية... وفي جميع أنحاء العالم... وكم أتمنى قبل أن أقدم للعديد من أصدقائي المؤمنين المعتقدين بهذا العيد الذي يسمونه أيضا عيد القيامة... أتمنى لهم ولبلد مولدي.. ولكافة البلدان التي أصيبت بما سمي ألف مرة خــطــأ الربيع العربي... أن تقوم قيامة الضمائر وما تبقى منها.. وخاصة في البلاد الأوروبية والغربية,وعند جيراننا أو أبناء عمنا.. والتي حملت جذور المسيحية من بداية بداياتها كشعب أو حكومات, أن تقوم فيها إقامة الضمير الإنساني.. مستوعبة حقيقة ما يجري من مؤامرات وكذب وإثــم ضد بلد مولدي ســــوريــا, وأن تحلل حقيقة كل ما يدبر ضدها بتلفيق ودجل ماكيافيللي, حتى يفجر ويتجزأ ويهلك.. وحتى يتشتت شعبه.. في سبيل مخططات مستقبلية حربجية رأسمالية عالمية قاتلة... وخاصة أن يستيقظ السوريون في الداخل والخارج.. وأن يجدوا الوسيلة الجدية الصالحة للتخلص من جحافل هؤلاء القتلة الأجانب, خارج البلد.. وأن يتعاونوا على مصالحة سورية ــ سورية... قبل (العربشة) بكراسيهم ومصالحهم الشخصية... أعرف أن هذه الأمنية ــ اليوم ــ نظرا لما يجري على الأرض من قتل وحقد وضغينة وفتنة طائفية.. تبقى آخر وأصعب الأمنيات... ولكنني بعد أن حضرت البارحة مشاركا كشاهد, للجمعة العظيمة... أطلق صــرخة هذه الأمنية الضرورية اليوم.. أكثر من أي يوم آخــر...
علنا ننقذ البلد... لأن ســوريـا يجب ألا يموت فيها الأمل... لأنها يجب أن تـــحـــيـــا.............
بـــالانـــتـــظــــار...
للقارئات والقراء الأحبة.. بكل عيد وبكل مناسبة.. وحتى دون أية مناسبة.. أقدم لكم كل مودتي وصداقتي ومحبتي وولائي واحترامي.. وأصدق تحية طيبة مهذبة...
غـسـان صــابــور ـــ لـيـون فــرنــســا



#غسان_صابور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اهتمامات المندوب الفرنسي
- - كلمة حرة -
- مؤامرة؟؟؟... أية مؤامرة؟؟؟...
- دفاعا عن المرأة.. وعن الحوار... و كتاب.
- رسالة بسيطة إلى السيد سامي الذيب
- دفاعا عن مدينة كسب (السورية) في مدينة ليون (الفرنسية)
- أغنية تحيا سوريا رسالة حب
- بذكرى محمد الماغوط
- كلمات تأييد إلى السيدة نانا جاورجيوس
- مقال...و تعليق...
- كلمات إضافية إلى السيد محمد حسين يونس
- وعن القمة العربية في الكويت...
- عودة إلى سوريا... وإلى أديب سوري.
- فورد.. روبينشتاين.. وكرامة العرب المفقودة...
- رد واقعي حزين
- إني أصوت للرئيس بوتين...
- خواطر... عن سهرة سورية بفرنسا...
- والذي ينطق بالحقيقة.. يعدم!!!...
- الراهبات.. والرهبان.. وجبهة النصرة...
- وعن داعش.. والجزية في سوريا.. وهامش آخر )Bis(


المزيد.....




- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...
- كندا تخصص أكثر من مليوني دولار لصناعة المسيرات الأوكرانية
- مجلس جامعة كولومبيا الأمريكية يدعو للتحقيق مع الإدارة بعد اس ...
- عاجل | خليل الحية: تسلمنا في حركة حماس رد الاحتلال على موقف ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيّرة أمي ...
- بعد الإعلان التركي عن تأجيلها.. البيت الأبيض يعلق على -زيارة ...
- ما الذي يحمله الوفد المصري إلى إسرائيل؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غسان صابور - الجمعة العظيمة