|
محمديون ولكن ...
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 4324 - 2014 / 1 / 3 - 14:01
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
محمديون ولكن ..
لا يُمكننا أن نجد تعبيرا أفضل من مقولة عمر بن الخطاب حينما علم بأن النبي محمدا قد مات ، لا يوجد افضل منها لتصوير حال المحمديين . فقد أوردت الروايات :" وروى الحميدي أيضا في الكتاب المذكور في مسند عائشة في الحديث الحادى والعشرين من افراد البخاري قالت : ان رسول الله " ص " مات وأبو بكر بالسبخ يعني بالعالية ، فقام عمر فيقول : والله ما مات رسول الله " ص " قالت : وقال عمر : ما كان يقنع في نفسي الا ذاك وليبعثه الله فليقطعن أيدى قوم وأرجلهم فجاء أبو بكر فكشف عن وجه رسول الله " ص " وعرف أنه قد مات .". لقد رفض عمر التصديق بأن "كلي القدرة " يفارق الحياة ، وانها ما هي الا لحظات حتى يقوم محمد من "غفوته " ليعاقب كل من سولت له نفسه أن يقول بأن محمدا قد مات . لكن لماذا يرفض عمر التصديق بأن النبي قد مات ، وهو ليس وحده في ذلك ، ويبدو أن كثيرين يرفضون تصديق هذا الخبر ، مما أُضطر ابو بكر للخروج مناديا في الناس بقولته المشهورة : " من كان يعبد محمدا فأن محمدا قد مات ". سأقترح رأيا أو فكرة تُفسر وحسب رأيي سر تعلق المحمديين بمحمد وسر تقديسهم له ووضعه في مصاف "الآلهة " أحيانا ، وما مقولة ابي بكر "من كان يعبد محمدا " الا تأكيد على القدسية التي نالها محمد في حياته ، قاربت شكلا من أشكال العبادة !! امتلأت الكعبة "بأرباب " كثر ، وكذا بقية الكعبات التي انتشرت في ارجاء الجزيرة العربية ، بلغ عدد هذه الالهة المئات ، ومع ذلك تحداها محمد وأنتصر عليها . لم تنفذ هذه الالهة وعدها بحماية "اماكن " عبادتها ، ولم تحمي نفسها ولا المؤمنين بها ، بالمختصر لقد خيبت هذه الالهة أمال المؤمنين ، وحطم محمد هيبنها وقدرتها في النفوس قبل أن يحطم الاصنام "ممثلي هذه الآلهة " فعلا . ففي الصراع بين محمد والهة قريش والهة العرب ، انتصر محمد "الكائن المادي" على الكيانات المعنوية . وهكذا اصبح محمد فعليا البديل عن تلك الالهة ، وحل محلها في المخيال الشعبي آنذاك وفي نفوس اصحابه ومعاصريه ، وقام القصاص والرواة لاحقا بنسج الاساطير التي تتلاءم مع "موقعه "الجديد. لكن هل كان هذا الانتصار وحده فقط كفيلا بتحويل محمد من خاصيته البشرية الى كائن ذي خصائص "ربوبية " ؟ الاجابة في رأيي هي لا ، فقد حقق محمد لتابعيه انجازا كبيرا أخر ، وهو بناء دولة كبيرة موحدة ، مما اتاح الفرصة أمام اصحابه ليتحولوا الى اسياد هذا الكيان الجديد ، ويكون باستطاعة ابي بكر مثلا أن يقول : " لن تعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش ، هم أوسط العرب نسبا ودارا " . ولن نخوض في من يكون هذا الحي من قريش ؟ هل هم ال بيت النبي أم المهاجرين ؟ لكن ما يهمنا هو أن يقف ابو بكر ويقرر من يكون القائد العتيد ، وهو من فر هاربا مع صاحبه بليل ، قبل ذلك بفترة وجيزة. هذا التغيير حصل بفضل محمد ، الذي استطاع ان يبني جماعة متماسكة تغلبت على كل خصومها مما زاد في "تقديس " محمد . ناهيك بأن مفهوم "الالوهية " الجديد قد قلص الفارق بين الاله وابن الانسان . اذن توافرت شروط كثيرة "لنخلق " لمحمد قدسية لم يدعيها لنفسه ، فالقرآن والحديث المنسوب له ، يؤكد على طبيعة محمد البشرية . ومع ذلك ، فعندما لم يتفقوا مع قرارات محمد ، كما حصل وهو على فراش الموت حينما طلب دواة وقرطاسا ، ليكتب لهم وصيته ، تمرد البعض بقيادة عمر الذي روت الكتب ما يلي :" وفي مسند أحمد:3/346: (عن جابر أن النبي(ص)دعا عند موته بصحيفة ليكتب فيها كتاباً لا يضلون بعده ، قال فخالف عليها عمر بن الخطاب حتى رفضها ) ! (ورواه أحمد:1/ 324و336 و324 ) قال البخاري:1/36: (عن ابن عباس قال: لما اشتد بالنبي(ص)وجعه قال: إئتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده . قال عمر: إن النبي(ص)غلبه الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا ! فاختلفوا وكثر اللغط! قال (ص): قوموا عني ، ولا ينبغي عندي التنازع . فخرج ابن عباس يقول: إن الرزيئة كل الرزيئة ، ما حال بين رسول الله(ص) وبين كتابه ) فهم محمديون حينما يخدم ذلك "مصالحهم " وعندما يتعارض "سلوك " أو أوامر محمد معها ، فأنهم قرآنيون ، يحتكمون الى كتاب الله ، كما يقول عمر "عندنا كتاب الله حسبنا " . المحمديون هم من يستفيدون من تراث محمد وخصوصا المنحول والذي يُشرعن لهم كل ما يخطر ببالهم . وهم غالبية "الكهنوت " الاسلامي الذي يُقيم علاقة نفعية وثيقة متبادلة مع "السلطان " .
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قرآنيون ، محمديون وواقعيون .
-
رحيل سيدة العطاء ...
-
جدلية كيف نعيش أو كم نستهلك ؟؟
-
ساقان أُنثويتان .. والرأي العام
-
الحالة الثورية والمد الثوري ..
-
في الدفاع عن بعض السلفية ..
-
هل المسيحية قومية أم دين ..؟؟
-
فيروز ونصرالله.. وماذا في ذلك ؟؟
-
مخاطر -مهنة - الابداع ..
-
-اصوات - مثلية -تخرج - من الخزانة ..
-
محمود -الشوعي - وأراؤه
-
جنس ودواجن...!!
-
تخصصات نادرة ...
-
بين النقد والشتيمة ..
-
لا لقتل اسرائيل .. نعم لإنقاذ فلسطين
-
قطاع غزة والجنة ...!!
-
أحاديث في غرفة العناية المُكثفة ..
-
شيطنة أم مواجهة ؟؟!! تعليق على مقال الاستاذ خالد الحروب
-
هاجس الكتابة بين النرجسية والعلاج الذاتي
-
جدلية العلاقة بين الشكل والمضمون
المزيد.....
-
إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو
...
-
الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
-
شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية
...
-
أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
-
آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ
...
-
-الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي
...
-
صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته
...
-
سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا
...
-
بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر
...
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|