أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جواد البشيتي - عاصفة من -التَنَبُّؤات الفلكية-!














المزيد.....

عاصفة من -التَنَبُّؤات الفلكية-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4314 - 2013 / 12 / 23 - 15:39
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


"عَبُّود" هو "الفلكي" الأشهر من نارٍ على عَلَمٍ في الأردن؛ إنَّه يقرأ، كل يوم، للناس "أبراجهم"، فيَقَع كلامه (الفلكي) على أسماع أُناسٍ (ملايين الناس) تشبه كثيراً ما يرغب فيه، أو يرغب عنه؛ وإنِّي لأعتبره "المُسْتَبِد الأعظم" بعقول وتصرُّفات ملايين الناس؛ لكنَّه في "استبداده" هذا لا يُكْرِه الناس إكراهاً على سماعه، وتصديق "أقواله"، التي ليست من عنده، على ما يَزْعُم، فهو مُمْسِكٌ بهم من دواخلهم، لا يَدْعوهم إلى أنْ يُؤْمِنوا بغير ما هُمْ مُؤْمِنون به منذ آلاف السنين.
و"عَبُّود"، عندي، ليس "الشَّخْص نفسه"، وإنَّما "الرَّمْز"؛ فهو إنَّما يَرْمز إلى فئة كبيرة من المشتغلين بهذا الذي يُسمُّونه "عِلْماً"؛ فما أكثر ما يُنْسَب إلى العِلْم عندنا نحن أهل الشَّرق وهو ليس من العِلْم في شيء.
أمَّا ما حَمَلَني على الكِتابة في هذا الأمر فهو، على ما أرى، من الأهمية (العلمية) بمكان؛ فإنَّ "عَبُّود"، وعلى ما اكتَشَفْتُ، بعد تأمُّلٍ وتفكيرٍ، يساهم مساهمة كبيرة (وإنْ كانت خفية، غير مُدْرَكَة) في "صناعة التاريخ"؛ نَعَم، في "صناعة التاريخ"؛ فلا تَعْجَبوا!
صباح كل يوم، يَسْمَع السَّامعون ما يَتْلوه "عَبُّود" عليهم؛ فهو يقول لـ "زَيْد"، الذي يَميل إلى الامتثال لقوله، "انْتَبِه؛ فيومكَ هذا لن يكون جيِّداً؛ واسْعَ في اجتناب أي نزاعٍ مع رئيسكَ في العمل"؛ ويقول لـ "عمرو"، الذي لا يختلف في طبيعته السيكولوجية عن "زيد"، "أَقْدِمْ، ولا تتردَّد؛ فيومكَ هذا جيِّد، قُمْ بما كنتَ تَعْتَزِم القيام به".
إنَّ "عَبُّود"، وبما أُوتي من "عِلْمٍ" بتأثير الكواكب والأجرام السماوية في الإنسان، بحسب تاريخ ميلاده، له سلطان عظيم على سلوك الناس؛ فهو، وعملاً بسلطة "افْعَلْ ــ لا تَفْعَل"، يمكن أنْ يُسَيِّر كثيراً من الناس، نافِثاً في روع كلِّ "مُسْتَمِع ــ مُصَدِّق" فكرة "التوافُق في سلوكه وتصرُّفه وقراره (اليومي) مع ما أخبره به عَبُّود"؛ فلا يَفْعَل ما كان عازِماً على فعله، ويَفْعَل ما كان عازِماً على عَدَم فعله؛ وهكذا تبدأ "صناعة التاريخ".
نحن الآن في موسم "التنبؤات الفلكية" التي تجتذب إليها اهتمام ملايين البشر، وبعضهم ممَّن يلعنون في مواقفهم "العلنية" التنجيم والمُنَجِّمين، أو مِمَّن هم في مراكز سياسية وفكرية وعلمية ومهنية، يُفْتَرَض أنْ تجعلهم بمنأى عن تأثيرات المشتغلين بما يشبه "علم الغيب"، والذين يَشْغل بعضهم مناصب "مستشارين" لدى "شخصيات عالمية شهيرة"، ولدى "بعض الدوائر الرسمية"؛ وأحسب أنَّ بعض "سِرِّهم" يكمن في مناصبهم تلك؛ فعلى أيديهم تُلْبَس "المعلومة" التي يحصلون عليها لبوس "التنبُّؤ"!
إذا كان سقوط تُفَّاحة من شجرتها قد أثار لدى نيوتن رغبة علمية في تفسير هذه الظاهرة (التي طالما عرفها البشر جميعاً) فانتهى في سعيه العلمي إلى اكتشاف "الجاذبية" وقوانينها، فإنَّ "المُنَجِّمين" فضَّلوا أنْ يسألوا "لماذا سقطت التفاحة على رأس هذا الشخص بعينه؟" على سؤال العالم البريطاني العظيم "لماذا التُفَّاحة تسقط إلى أسفل، ولا ترتفع إلى أعلى؟".
في الحديث عن التنجيم والمنجِّمين، أو عند استماعنا لتنبؤاتهم، لا ننسى أبداً القول البليغ: "كذب المنجِّمون ولو صدقوا"؛ فما معنى هذا القول؟ لو أنني تنبأتُ باغتيال زعيم سياسي شهير بعد بضعة أشهر، مثلا، وحدث ذلك، لصدق تنبؤي. ربَّما مصادفةً صدق؛ وربَّما لسبب آخر صدق؛ فإذا كنتُ بهذا المعنى أصدق فبأيِّ معنى أكذب؟ أكذب في زعمي أنني قد تنبأتُ بذلك إذ راقبتُ النجوم بحسب مواقيتها وسيرها واستطلعتُ مطالعها، أي أنَّ كذبي كان في "الطريقة" أو "الأسلوب".
في سخف تنبُّؤات "المُنَجِّمين"، وتهافت منطقهم، أقول: لقد وُلِدتُّ في 26 آب (أغسطس) 1955؛ فكان برجي هو "العذراء"؛ وفي لحظة ولادتي، تأثَّرْتُ بنجوم وأجرام معيَّنة، وبمواقعها، وبحركتها (التي هي حركة نسبية؛ فلا جسم في الكون يتحرَّك، أو يسكن، إلاَّ بالنسبة إلى جسم آخر).
"التأثير (أيْ تأثير النجم)"، لا ينتقل "لَحْظِيَّاً"، على ما كان يعتقد نيوتن؛ فهو ينتقل، على ما أوضح وأثبت آينشتاين، بسرعة معيَّنة هي عينها سرعة الضوء؛ فلو أنَّ الشمس انشطرت، لَمَا تأثَّر كوكب الأرض وسكانه بانشطارها إلاَّ بعد مضي 8 دقائق. وهذا إنَّما يعني أنَّ النجم الذي أثَّر فيَّ لحظة ولادتي قد انطلق تأثيره منه قبل ولادتي بزمن طويل (قبلها بألف سنة، أو بمليون سنة، أو ببليون سنة).
أهل الشرق، ومع أنَّهم جُبِلوا على الإيمان بالقضاء والقدر، نراهم يميلون إلى تصديق تنبُّؤات "المُنَجِّمين"؛ ولقد قال فيهم نيتشه: ينبغي لهم أنْ يؤمِنوا أنَّ "إرادتهم الحُرَّة" نفسها هي أيضاً جزء من "نظام القضاء والقدر"؛ فالإنسان لا "يختار" إلاَّ بما يعني أنَّ هذا الذي وَقَع عليه "اختياره" هو نفسه "المقرَّر له" مِنْ قَبْل.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عاصفة ثلجية بنكهة سياسية!
- -الدولة المدنية- و-الربيع العربي-
- انحناء المسار بانحناء المكان
- النَّجْم إذا حَفَرَ في الفضاء
- بأيِّ معنى نفهم سرعة الضوء على أنَّها -مُطْلَقَة-؟
- -التركيب- و-التفكيك- عربياً
- كيف تَصِل إلى أبعد نجم في الكون في دقيقة واحدة فحسب؟
- أين -المُطْلَق- في -النسبية-؟
- الجاهلية الإسلامية!
- في -نسبية الحركة-
- قانون يُدْعى -تنظيم الحق في التظاهر-!
- -النقطة- التي منها وُلِدَ الكون!
- مِنْ عملة -الكيميائي السوري- إلى عملة -النووي الإيراني-!
- في قانون التكافؤ بين قوى الجاذبية وقوى التسارع
- -أوباما الإيراني- في -مرجعيته السورية-!
- واشنطن وطهران عندما تُعْلِن كلتاهما النَّصْر على الأخرى!
- -البترودولار- ما زال يستبدُّ بالعالَم!
- معنى -انحناء الفضاء-
- -الغاز- لغة القرن الحادي والعشرين!
- في البُعْد الرابع للمكان!


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جواد البشيتي - عاصفة من -التَنَبُّؤات الفلكية-!