|
مِنْ عملة -الكيميائي السوري- إلى عملة -النووي الإيراني-!
جواد البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 4286 - 2013 / 11 / 25 - 13:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من الآن وصاعداً، وفي الأشهر الستَّة المقبلة على وجه التحديد، سنرى، أو قد نرى، "يالطا"، بمؤتمرها واتفاقيتها، تُسمَّى باسم جديد، هو "جنيف"؛ جنيف بوجهيها: السوري، بملامحه "الكيميائية"، والإيراني، بملامحه "النووية". سنرى يالطا في جنيف؛ سنراها بمؤتمرين هما مؤتمر واحد، وباتفاقيتين هما اتفاقية واحدة؛ سنراها، ولو تعالى كثيراً منسوب الغضب العربي، الذي "يجرؤ" بعض العرب على إبدائه، والذي هو "كُلُّ"، أو "جُلُّ"، ما لدى دولنا من ذاك الشيء المسمَّى "سياسة"؛ وهذه المرَّة، لن يسمح العرب لـ "الغضب الإسرائيلي" الموازي بثنيهم عن الجهر بمزيدٍ من الغضب على القوَّة العظمى في العالَم، وعلى رئيسها الذي علَّمَتْهُ "التجربة" أنَّ "تَخْسير" العرب هو خَيْر وأقصر طريق إلى "الكسب"، إلى كسبه هو، وإدارته، وبلاده، وحلفائها الموثوقين. وكم دهشتُ إذْ سمعتُ عربياً ساخطاً على "الاتفاقية (النووية) المؤقتة" بين إيران والقوى العالمية السِّت، يُهدِّد، بعد، وبسبب، التوصُّل إلى تلك الاتفاقية، بسعيٍ عربي إلى حيازة أسلحة نووية؛ فَلِمَ ظلَّت الترسانة النووية الإسرائيلية تنزل علينا برداً وسلاماً منذ عشرات السنين؟! "الَّلعِب الإستراتيجي"، وعلى أصوله، بين إيران وتلك القوى الدولة، وفي مقدَّمها الولايات المتحدة، لم ينتهِ بالتوصُّل إلى "الاتفاقية المؤقتة"؛ بل بدأ؛ فالاتفاقية تكمن أهميتها في كَوْنها تنأى بمفاوضات الأشهر السِّتة المقبلة عن خطر استمرار وتوسُّع إيران في نشاطها النووي "المعتاد"، أيْ الذي اعتادته، وعوَّدت العالَم عليه، من قَبْل. و"الاتفاقية" تُلْزِم إيران تقييد نشاطها النووي (في الأشهر السِّتة المقبلة فحسب) بما يجعل الولايات المتحدة (وبريطانيا وفرنسا وألمانيا) متأكِّدة تماماً أنْ لا صلة سببية بين هذا النشاط وبين "القنبلة النووية"؛ أمَّا ما يُقابِل هذا "التنازل" الإيراني من "تخفيف لبعض العقوبات الغربية" المفروضة على إيران، بسبب، أو بذريعة، الخوف (الغربي) من أنْ يتمخَّض برنامجها النووي عن "قنبلة نووية"، فهو يشبه (في جوهره وأساسه) أنْ "تشتري طهران بأموالها هذا التقييد (الدولي) لنشاطها النووي"؛ ومع ذلك، لا تشعر إيران بالخسارة؛ فإنَّ ما استبدَّ بتفكيرها الإستراتيجي، عشر سنوات، لم يكن اقتناء السلاح النووي، وإنَّما جَعْل جزء من برنامجها النووي، مع ما يثيره هذا الجزء من مخاوف غربية، "عملةً" في يدها، تشتري بها نفسها، أيْ تَقي نظام الحكم فيها الشرور الخارجية الغربية، وتُكْرِه الولايات المتحدة على (وتُغْريها بـ) الاعتراف بها على أنَّها قوَّة إقليمية (لها دور إقليمي، ولها مصالح إقليمية إستراتيجية لا بدَّ من حفظها وصونها). ولقد بَسَطَ وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري، وشرح على خير وجه، جوهر "الاتفاقية المؤقتة"، إذْ قال: "إنَّها خطوة أولى على الطريق إلى اتفاقية (دائمة) تَضْمَن عدم حيازة إيران أسلحة نووية، مستقبلاً؛ وإنَّها تدشين لمفاوضاتٍ، مدارها قضايا أشد تعقيداً؛ وكان ينبغي لنا أنْ نفاوِضهم في الأشهر السِّتة المقبلة بمنأى عن خطر التوسُّع في برنامجهم النووي بما يهدِّد أمن إسرائيل". ولسوف تنال إيران (وفي الاتفاقية الدائمة على وجه الخصوص) ما تريد، في المُعْلَن مِمَا تريد، ألا وهو "الاعتراف بحقها في التخصيب"، على أنْ تعطي الغرب من "الضمانات" ما يجعله متأكِّداً تماماً، ودائماً، أنَّ برنامجها النووي لن يعطي إلاَّ كهرباء، ومزيداً من الكهرباء. لو امتلكت إيران "القنبلة النووية"، لتغيَّر وجه الشرق الأوسط؛ ولو امتثلت لشروط الولايات المتحدة للاعتراف بحقها في التخصيب، لتَغيَّر، أيضاً، وجه الشرق الأوسط؛ إنَّه (أيْ وجه الشرق الأوسط) لم يتغيَّر بعد؛ لكنَّه يوشك أنْ يتغيَّر، أو هو الآن قَيْد التغيير؛ ولا بدَّ للعرب من "عيون مختلفة" حتى يروا ما اختلف، ويختلف، لا أنْ يرفعوا عقيرتهم بالشكوى، ويقولوا في أَلَمٍ وحسرةٍ: لقد صدَّقْنا مزاعم الولايات المتحدة، فَسِرْنا معها، أو وراءها، في "الأزمة السورية"، حتى أخذت هي ما تريد، وتركت لنا ما لا نريد؛ ثمَّ سِرْنا معها، أو وراءها في أزمة "البرنامج النووي الإيراني"، فَفَعَلت (أو فَعَلَت فينا) الشيء نفسه!
#جواد_البشيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في قانون التكافؤ بين قوى الجاذبية وقوى التسارع
-
-أوباما الإيراني- في -مرجعيته السورية-!
-
واشنطن وطهران عندما تُعْلِن كلتاهما النَّصْر على الأخرى!
-
-البترودولار- ما زال يستبدُّ بالعالَم!
-
معنى -انحناء الفضاء-
-
-الغاز- لغة القرن الحادي والعشرين!
-
في البُعْد الرابع للمكان!
-
الكون في عُمْرِه الافتراضي الجديد!
-
إطلالة دحلان!
-
-الخَلْق من العدم- في نظرياته الفيزيائية الحديثة!
-
النفط الذي جَعَلَنا -أَمَةً- لا -أُمَّةً-!
-
أين يكمن السبب في تباطؤ الزمن؟
-
-جنيف-.. حَلٌّ على هيئة -الجبنة السويسرية-!
-
لا يكفي أنْ يريد الشعب شيئاً!
-
آيات الخَلْق القرآني للكون في تفسيرها الحقيقي!
-
-الإله- الذي امتدَّ من -الدِّين- إلى -الفيزياء-!
-
-مفاوضات- يتوقَّف فيها الزمن!
-
في هذه الطريقة يُحطِّمون -مادية- المادة!
-
هل في القرآن ما يُشير إلى -كروية- الأرض؟!
-
-المادية-.. هذا هو معناها!
المزيد.....
-
مدير الموساد يغادر الدوحة بعد مشاركته بمحادثات وقف إطلاق الن
...
-
تناول هذه الخضار النيئة يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بالأمراض
...
-
شاهد.. البسمة ترتسم على محيا زعيم كوريا الشمالية بعد عملية إ
...
-
بيسكوف: محاولات -الناتو- توسيع نفوذه في القوقاز لن تفيد المن
...
-
دراسة: -حلقة النار- تحت مضيق جبل طارق قد تبتلع المحيط الأطلس
...
-
-ستورمي-.. وثائقي يروي قصة -العلاقة المزعومة- بين ترامب ونجم
...
-
الخارجية القطرية: أي هجوم على رفح سيؤثر سلبا على التوصل إلى
...
-
خبير فرنسي: ماكرون يقود فرنسا إلى حرب مع موسكو
-
الجيش الإسرائيلي يكشف عن مناطق عملياته العسكرية في قطاع غزة
...
-
بكين تدعو واشنطن لاتخاذ إجراءات جدية لنزع السلاح النووي بدلا
...
المزيد.....
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
-
شئ ما عن ألأخلاق
/ علي عبد الواحد محمد
-
تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا
...
/ شادي الشماوي
المزيد.....
|