أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جواد البشيتي - -الإله- الذي امتدَّ من -الدِّين- إلى -الفيزياء-!















المزيد.....

-الإله- الذي امتدَّ من -الدِّين- إلى -الفيزياء-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4249 - 2013 / 10 / 18 - 23:50
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


جواد البشيتي
كثيراً ما أَفْسَدَت (وشوَّهَت) المفاهيم المثالية والميتافيزيقية (الفلسفية والدِّينية) الفيزياء؛ لكن لا إفساد (ولا تشويه) يَفُوق الذي منه ابْتُنِيَ مفهوم "النقطة عديمة الحجم، لا نهائية الكثافة" Singularity، والذي حان للفيزياء (الكونية) نبذه.
تَركُّز "المادة" في حجم ضئيلٍ متضائلٍ هو ظاهرة فيزيائية (وكونية) لا رَيْب فيها؛ لكنَّ بعض علماء الكون اشتطُّوا في "خيالهم العلمي"، واستخذوا لمفاهيم مثالية وميتافيزيقية فلسفية ودينية، فتوصَّلوا، إذْ "ضخَّموا" هذه "الظاهرة"، والتي نراها، على وجه الخصوص، في "انهيار مادة نجم ضخم الكتلة على نفسها"، إلى أنَّ هذا "التَّركُّز" يمكن أنْ يفضي في منتهاه إلى "موت (أو فناء) المادة نفسها"؛ ناظرين إلى "النقطة الكونية عديمة الحجم، لانهائية الكثافة" Singularity، والتي منها جاء الكون، قبل نحو 13.7 بليون سنة، أو التي منها خَلَقَ "الانفجار العظيم" Big Bang "كل شيء"، على أنَّها "المقبرة الكونية للمادة".
هذه "النقطة (الكونية)" هي، في زَعْمِهم، الشيء الذي ليس كمثله شيء؛ هي الشيء الذي لا يمتُّ إلى "المادة" بصلة؛ هي "العدم" Nothingness، إذْ انْتَزعوا مفهومه من تربة الميتافيزياء ليغرسوه في تربة الفيزياء؛ أمَّا "الانفجار" فهو الذي ليس كمثله "انفجار"؛ إنَّه "الإله (الفيزيائي)" الذي خَلَقَ "المادة" من هذا "العدم"؛ فـ "الكون"، الذي أَخْرَجه هذا "الانفجار" إلى الوجود، إنَّما هو "كل شيء"؛ هو الزمان والمكان والفضاء والضوء والكتلة والطاقة والجسيمات والجاذبية والقوى والنجوم والمجرَّات..
وفي لغة "فيزيائية" و"كوزمولوجية" نقول عنهم (أيْ نيابةً عنهم): في البدء، كان "النقطة" و"الانفجار"؛ أو كانت "النقطة (والانفجار)"، ولم يكن من شيء!
يُمْكِنكَ أنْ تتخيَّل "النقطة (الكونية)" في حجم أصغر من حجم الإلكترون بملايين المرَّات، وأنْ ترى مادة الكون كله مُركَّزة في هذا الحيِّز؛ لكنَّ "منطق" نظرية "الانفجار العظيم" لا يسمح لتخيُّلِكَ هذا بالتَّصالُح ولو مع نزرٍ من "الحقيقة الكوزمولوجية"؛ فأنتَ لا ترى، ولا يُمْكِنكَ أنْ ترى، "النقطة (الكونية)" في هذا الحجم المتناهي في الصِّغَر إلاَّ مِنْ "مَرْصَد" يقع "في خارجها"؛ وليس من "خارج" لهذه "النقطة" حتى تُرْصَد منه؛ فلا وجود لفضاءٍ تتموضع فيه "النقطة (الكونية)" حتى تراها، وترى حجمها، من "مَرْصَدٍ" فيه.
هذه "النقطة" كانت ولم يكن من وجود للزمن؛ كانت ولم يكن من وجود للفضاء؛ كانت ولم يكن من وجود للمكان بأبعاده الثلاثة؛ وكينونتها، بمعانيها تلك، تَعْدِل "العدم"، وتَعْدِل، من ثمَّ "العدم المعرفي"؛ فإنَّ منطق "النقطة" يحظر عليكَ كلَّ سؤالٍ يختص بـ "المكان (أين؟)"، وبـ "الزمان (متى؟)".
لكَ أنْ تَعْتدها "مادة"، أو من جِنْس "المادة"؛ لكنَّها "مادة" ينعدم فيها "الزمان" و"المكان"، بأبعاده الثلاثة، و"الفضاء"، و"القوى"؛ ينعدم فيها كل شيء عرفناه، ونعرفه، أو قد نعرفه مستقبلاً؛ ينعدم فيها كل ما نَسَبْناه إلى "المادة" من أشياء وسمات وخصائص. إذا كانت "مادة"، فهي "المادة لانهائية الكثافة"؛ لأنَّها "المادة عديمة الحجم".
وإيَّاكم أنْ تظنُّوا أنَّ "النقطة (الكونية)" هي "الجاذبية القصوى"؛ فهي (إنْ نظرنا إليها بعين "النسبية العامة") الموضع الذي فيه "تنعدم (ويجب أنْ تنعدم) الجاذبية"؛ فإذا فَهِمْنا "الجاذبية" على أنَّها ما يَنْتُج من "انحناء (وتقوُّس)" الزمان والمكان، في اندماجهما، ووحدتهما التي لا انفصام فيها، فكيف للجاذبية أنْ تقوم لها قائمة حيث لا وجود للزمان والمكان؛ حيث لا وجود لـ "الزمكان" Spacetime، وانحنائه؟!
لكَ أنْ تَعْتدها "مادة" إذا ما أصبحت "المادة" Matter تَعْدِل "العدم" Nothingness معنىً!
في الكون، الذي خَلَقَه "الانفجار العظيم" من هذه "النقطة"، التي هي "العدم (بعينه)" وقد امتدَّ من "الدِّين" إلى "الفيزياء"، يَصْلُح قانون "المادة لا تفنى ولا تُخْلَق"؛ إنَّها لا تفنى؛ لأنَّ الشيء لا يذهب إلاَّ بمعنى "التحوُّل من مادة في صورة ما إلى مادة في صورة أخرى"؛ وإنَّها لا تُخْلَق من العدم؛ فلا شيء يَنْتُج من لاشيء؛ أمَّا في "النقطة (الكونية)" فينعدم حتى هذا القانون؛ فهذه "النقطة" هي "العدم" الذي منه خُلِق الكون (خُلِق كل شيء) على يديِّ "الانفجار العظيم"، أو على يديِّ الله الذي اتَّخَذ هذا "الانفجار" شكلاً لـ "أَمْرِه (بين الكاف والنون)"!
إنَّ "النشوء" الذي نَعْرِف هو "التغيُّر"، و"ثمرة التغيُّر"، في آن؛ لكنَّ "نشوء" الكون من هذه "النقطة" لا يمكن فهمه على أنَّه "التغيُّر"، أو "ثمرة التغيُّر"؛ لأنَّ "التغيُّر" و"الزمن" صنوان؛ وإنَّ "نقطةً" ينعدم فيها "الزمن" لا يمكن أنْ يعتريها أي "تغيُّر"؛ وهذا إنَّما يعني أنَّ "نشوء" الكون لا يمكن فهمه وتفسيره على أنَّه "ثمرة تغيُّر" اعترى "النقطة (الكونية)".
القائلون بـ "النقطة" بدايةً للكون يقولون بها، أيضاً، نهايةً له، أو نهايةً ممكنةً له؛ فالكون (أيْ كَوْننا الذي هو الآن في تمدُّدٍ متسارِعٍ) قد ينهار على نفسه، فينكمش، ويزداد انكماشاً، حتى تتركَّز كل مادته (مرَّةً أخرى؛ وربَّما لا تكون الأخيرة) في نقطة "عديمة الحجم، لانهائية الكثافة"؛ لكن، "متى؟".
إنَّ الفضاء (كل الفضاء) هو الذي يتمدَّد؛ وهو الآن في تمدُّدٍ متسارِعٍ. وإنَّ "نِسْبَة" هذا التمدُّد تختلف من موضع إلى آخر؛ فالفضاء الذي فيه تتركَّز الجاذبية، كالفضاء بين المجرَّات التي تَجْتَمِع وتَتَّحِد في زمرة واحدة، لا يَعْرِف من التمدُّد إلاَّ نِسْبَته الصغرى؛ أمَّا الفضاء بين "زُمَر المجرَّات" فهو الذي يَعْرِف النِّسْبَة الكبرى من التمدُّد؛ وهو الآن يتسارع تمدُّداً.
و"الطاقة الداكنة" Dark Energy، المُفْتَرَض وجودها، هي "سبب"، أو هي "ما يكمن فيه سبب"، تمدُّد الفضاء؛ وكلَّما رَجَحَت كفَّة "فِعْل الطاقة الداكنة" على كفَّة "فِعْل الجاذبية"، في الصراع، تمدَّد الفضاء بين "زُمَر المجرَّات"، واتَّسَع، من ثمَّ، حجم الكون. وهذه "النتيجة (أيْ تمدُّد الفضاء)" تزول بزوال "سببها"؛ وبما يُوافِق "المنطق الجدلي"، وعلى افتراض صِدْق هذا التعليل لتمدُّد الكون، أقول إنَّ هذا التمدُّد نفسه سيأتي، حتماً، بما يجعل كفَّة "فِعْل الجاذبية" ترجح على كفَّة "فِعْل الطاقة الداكنة"، فيشرع الكون ينكمش، منهاراً على نفسه، انهياراً تَقْبَله "الفيزياء الخالصة من الميتافيزياء"؛ فليس في الفيزياء ما يؤيِّد فكرة "استمرار الانهيار حتى النقطة عديمة الحجم، لانهائية الكثافة (Singularity)".
ومع قولهم بالنقطة (العدمية) نهايةً للكون، يَكْتَمِل التعبير بلغة الفيزياء عن فكرة "الخلق" الدينية؛ فالكون جاء من "نقطة العدم"؛ ولسوف ينتهي في "نقطة العدم"؛ جاء بـ "الانفجار العظيم" Big Bang؛ ولسوف يذهب بـ "الانسحاق العظيم" Big Crunch.
نظريتهم إنَّما هي حرب صليبية على "مادية" المادة، وعلى "الوحدة المادية للكون"؛ فوحدة الكون تكمن في ماديته، والتي أُعَبِّر عن معناها، في أقلِّ عدد من الكلمات، قائلاً: المادة لا تأتي إلاَّ من مادة، ولا تأتي إلاَّ بمادة.
إنَّ أحداً لا يُنْكِر ظاهرة "انهيار المادة على نفسها"؛ كما لا يُنْكِر "الجاذبية"، بمعناها الآينشتايني، سبباً لهذا الانهيار؛ وينبغي لنا أنْ نَفْهَم كل جسم (النجم مثلاً) وكل جسيم على أنَّه "مادة في حالة الانهيار المكبوح (أو المقاوَم)"؛ فإنَّ "انحناء الزمكان" الخاص بكل جسم (وجسيم) يَدْفَع (في استمرار) مادة الجسم إلى الانهيار على نفسها؛ لكنَّ هذا الانهيار يلقى (في استمرار) صَدَّاً له، وكَبْحَاً ومقاوَمةً، من قوى مختلفة؛ وإنَّه لَمَنَ الوهم الخالص أنْ نَفْتَرِض وجود "الجاذبية الخالصة مِمَّا يُضَادها"؛ فالجاذبية لا يمكنها أبداً أنْ تَفْعَل فِعْلها من غير أنْ تولِّد، في الوقت نفسه، قوى تُقاوِم وتكبح فعلها؛ فإذا رجحت كفتها، في هذا الصراع، على كفة قوَّة ما، تقاوِمها وتكبحها، وَقَع انهيار؛ وفي كل طور من أطوار الانهيار (انهيار مادة جسم ما على نفسها) تبرز قوى جديدة، تُقاوِم وتكبح الجاذبية؛ ولن يصل "الانهيار" أبداً إلى طورٍ تسود فيه الجاذبية سيادة مُطْلَقَة؛ فالجاذبية الخالصة مِمَّا يُضَادها، ويقاوِمها، ويكبحها، ويوازنها، لا وجود لها أبداً إلاَّ في عقل فيزيائي عاثت فيه الميتافيزياء فساداً.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -مفاوضات- يتوقَّف فيها الزمن!
- في هذه الطريقة يُحطِّمون -مادية- المادة!
- هل في القرآن ما يُشير إلى -كروية- الأرض؟!
- -المادية-.. هذا هو معناها!
- -تجاربهم العلمية- لدحض -المادية-!
- بشار الذي جَعَل من تدمير -ترسانته الكيميائية- سبباً للبقاء!
- نُذُر أزمة اقتصادية عالمية جديدة!
- -تَمَدُّد الكون- في تفسير آخر ومضاد أَتَقَدَّم به!
- الأُمُّ الأصغر من ابْنَتها!
- إيران التي -ساعَدَت- أوباما في سورية!
- لنتعلَّم -الديمقراطية- في -مدرسة الطبيعة-!
- هل يَشْهَد العالَم ولادة -قيادة جماعية-؟
- هل يَتَّحِد -المعتدلون- من الحكومة- و-المعارضة- في قتال -الم ...
- -الطبيعة- كما تُقَدِّم إلينا نفسها!
- حياتنا الاقتصادية.. حقائق بسيطة وأوَّلية
- أخطر ما في هذا العداء لمرسي!
- لماذا يبدو الشعب الأردني أَحْكَم وأَعْقَل من حكومته؟
- -تمثيلية أردنية-.. العمدة والزَّبَّال!
- مصر.. عندما ينادي خَصْما -الدولة المدنية- بها!
- بعضٌ من حقيقة -الحقيقة-!


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جواد البشيتي - -الإله- الذي امتدَّ من -الدِّين- إلى -الفيزياء-!