أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - جواد البشيتي - -النقطة- التي منها وُلِدَ الكون!















المزيد.....

-النقطة- التي منها وُلِدَ الكون!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4288 - 2013 / 11 / 27 - 09:30
المحور: الطب , والعلوم
    


جواد البشيتي
ما أصعب (وأسوأ) أنْ تتحدَّث، أو تتجشَّم الحديث، عن شيء لا تَعْرِف عنه شيئاً؛ لأنْ ليس في وسع الدماغ البشري، ولو كان دماغ آينشتاين، أنْ يَعْرِف، أو يُدْرِك، ماهيته وخواصه..
وهذا "الشيء"، الذي ليس كمثله شيء، في الفيزياء والمنطق، إنَّما هو تلك "النقطة (Singularity)"، التي منها جاء (وَوُلِدَ، ونشأ، وانبثق) الكون، قبل نحو 14 بليون سنة، والتي تُوْصَف، لدى القائلين بنظرية "الانفجار الكبير" Big Bang، بأنَّها "عديمة الحجم، لانهائية الكثافة".
دَعُونا نبدأ بالسؤال "الأوَّلي" في البحث عن "الحقيقة"، ألا وهو السؤال المزدوج: "متى..؟"، و"أين..؟".
بَعْد التَّسليم بوجود تلك "النقطة الكونية عديمة الحجم، لانهائية الكثافة"، نسأل: "متى وُجِدَت؟"، و"أين كانت موجودة؟".
لا تَسْتَنْفِدوا وقتكم وجهدكم الذهني في إجابة السؤالين؛ فإنَّ القائلين بنظرية "الانفجار الكبير" يقولون، أيضاً، بـ "خطأ (وسخف وعدم منطقية)" السؤالين؛ لأنَّ "الانفجار الكبير" هو خالِق "الزمان" و"المكان" و"الفضاء"؛ فـ "قَبْلُه (مع أنَّ كلمة "قَبْل" هي، أيضاً، خاطئة، على ما يزعمون؛ لأنَّها "ظرف زمان")" لم يكن من وجود لـ "الزمان" و"المكان"؛ ولا يَحِقُّ لكَ، منطقياً، أنْ تَسْتَهِلَّ سعيكَ إلى معرفة ماهية هذه "النقطة" بهذين السؤالين، اللذين هما، أيضاً، مِنْ خَلْق هذا "الانفجار".
لن أمتثل لمنطقهم، وسأفكِّر في الأمر بمنأى عن هذا "الإرهاب المنطقي"، وسأتخيَّل طريقة تسمح لي بـ "رؤية" هذه "النقطة (Singularity)".
حتى أراها بكُلِّيَتِها، ينبغي لي أنْ أنْظُر إليها من نقطة تقع في خارجها، وبعيداً عنها؛ وهذا إنَّما يعني، منطقياً، وجود "النقطة الكونية" ضِمْن "فضاءٍ"، مِنْ موضعٍ ما فيه، أَنْظُر إليها، لأَعْرِف "شكلها"، و"ضآلة حجمها"؛ فهل هذه الطريقة ممكنة ولو بالخيال؟
كلاَّ؛ ليست ممكنة؛ لأنَّ هذه "النقطة" لا تَقَع، ولا تتموضع، ضِمْن أيِّ شيء؛ فهي "نقطة"، إنْ كان لها "داخل"، فليس لها "خارج". لا وجود لأيِّ شيءٍ في خارجها؛ لأنْ ليس لها "خارِج"؛ وهي لا تَقَع، ولا تتموضع، ضِمْن "فضاء"؛ لأنَّ الفضاء نفسه خُلِقَ بـ "الانفجار الكبير"، خالِق كل شيء.
"الانفجار الكبير" هو الذي خَلَق "الفضاء"، الذي ما أنْ خُلِق حتى شرع يتمدَّد، ويزداد تمدُّداً؛ أمَّا ما يجعل هذا "المطَّاط الكوني"، أيْ "الفضاء"، يتمدَّد، فهو "الطاقة الداكنة" التي "تسري فيه"، و"تغمره".
إنَّ الفضاء الذي خلقه "الانفجار الكبير" هو الذي يتمدَّد؛ وبالتمدُّد المتزايد، والمتسارِع، للفضاء بين "عناقيد المجرَّات"، يتمدَّد الكون بأسره، أيْ يَكْبُر حجماً، ويزداد اتِّساعاً. وهذا الفضاء يَدْعونا إلى أنْ نتصوَّرة على هيئة ملاءة مطَّاطية، قابلة للتمدُّد، والتقلُّص، وقابلة، أيضاً، للانحناء والانبساط.
لا وجود لفضاء يتمدَّد فيه الكون بأسره؛ لأنْ لا وجود إلاَّ للفضاء الذي خلقه "الانفجار الكبير"، والذي هو "جزء" من الكون، ويمكننا وَصْفه بأنَّه "جِلْد" الكون.
وقَبْل أنْ يستبدَّ بي اليأس، وأتخلَّى، من ثمَّ، عن سعيي لرؤية "النقطة الكونية" من خارجها، جاءت قوَّة خارقة للطبيعة، ووضَعَتْني في موضع، يقع في خارج تلك "النقطة"، وبعيداً عنها؛ فهل أتمكَّن الآن من رؤيتها (بِكُلِّيتها)؟
سأفْتَرِض أنَّ هذه "النقطة" في منتهى الصِّغَر، وأنَّ الإلكترون أكبر منها بملايين المرَّات؛ وسأفْتَرِض، أيضاً، أنَّ تلك القوَّة الخارقة زوَّدتني "عَيْناً اصطناعية" أستطيع بها رؤية تلك "النقطة"؛ فماذا أرى؟
لن أرى شيئاً؛ ولن أرى "النقطة" أبداً؛ فكيف لي أنَّ أرى شيئاً لا طول له، ولا عَرْض، ولا ارتفاع؛ لأنَّه "عديم الحجم"؟!
إنَّكَ مَدْعوٌّ إلى أنْ ترى بواسطة هذه "العين الاصطناعية" جسيماً (أصغر من أصغر جسيم) لا حجم له، جُرِّد تماماً من "ابعاد المكان الثلاثة"، فهو ليس "مُكعَّباً"، ولا "كُريَّة". ولَمَا كانت كل كتلة الكون تتركَّز في نقطة عديمة الحجم، وُصِفَت هذه النقطة بأنَّها "لانهائية الكثافة".
لمْ يَبْقَ لديَّ من خيار إلاَّ أنْ أرى هذه "النقطة" من داخلها؛ وها هي القوَّة الخارقة نفسها تُدْخلني في عُمْق "النقطة الكونية"، قبل وقوع "الانفجار الكبير"، الذي هو، أيضاً، ليس كمثله انفجار.
لقد دَخَلْتُ في عُمْق هذه "النقطة" تستبدَّ بعقلي فكرة مؤدَّاها أنَّ كل كتلة الكون تتركَّز فيها، وأنَّها لانهائية الكثافة؛ فماذا أرى من الداخل؟
لن أرى شيئاً على الإطلاق؛ فالفضاء لا وجود له؛ لأنَّ "الانفجار الكبير" الذي خلقه، لم يكن قد وَقَع بَعْد؛ و"المادة"، أكانت على هيئة "جسيمات" أم "خيوط"، لا وجود لها؛ فكيف لها أنْ تُوْجَد مع عدم وجود فضاء، ومع عدم وجود المكان بأبعاده الثلاثة؟!
و"التغيُّر (ومنه الحركة في المكان)" لا وجود له في داخل هذه "النقطة"؛ فلو وُجِد، لَوُجِد "الزمان"، وَوُجِد "ما يعتريه هذا التغيُّر"، ووُجِد "المكان". حتى "الجاذبية" لا وجود لها؛ لأنَّ "الجاذبية" هي "ما يَنْتُج من انحناء الفضاء"؛ فإذا كان "المُنْحني نفسه"، أو "القابل للانحناء"، وهو "الفضاء"، غير موجود، أو لم يُوْجَد بَعْد، فكيف لـ "الجاذبية" أنْ تُوْجَد؟!
ومهما بَحَثْتَ في داخل "النقطة الكونية"، فلن تَجِد سبباً يسمح لكَ بتعليل وتفسير وقوع "الانفجار الكبير"؛ ولن تَجِد ما يسمح لكَ بإجابة السؤال الآتي: "ما الذي حَدَثَ في هذه النقطة، قَبْل، ومن أجل، وقوع هذا الانفجار؟".
هل هذه "النقطة" مادية (أو مِنْ مادة)؟
إجابتهم عن هذا السؤال هي الآتية: "الانفجار الكبير" هو الذي خلق الكون؛ هو الذي خلق، من ثمَّ، كل شيء؛ هو الذي خلق الفضاء والزمان والمكان؛ هو الذي خلق "القوى"، و"الجاذبية"؛ هو الذي خلق الجسيمات بكل أنواعها؛ هو الذي خلق كل جسيم له كتلة سكون، وكل جسيم ليس له كتلة كهذه؛ هو، في كلامٍ جامعٍ مانعٍ، خالق "المادة".
ومِنْ هذه الإجابة يمكنكَ، وينبغي لكَ، أنْ تَسْتَنْتِج أنَّ "النقطة الكونية" هي "العدم بعينه"؛ وكأنَّهم عَرَّفوا "العدم"، فيزيائياً، إذْ قالوا إنَّه "النقطة (الكونية) عديمة الحجم، لانهائية الكثافة"!
أمَّا إذا توسَّعْتَ في الاستنتاج، فلا بدَّ لكَ، عندئذٍ، من أنْ تعترف بـ "الانفجار الكبير" على أنَّه "الله"، الذي مِنَ "العدم" خلق "الكون"!
ومع ذلكَ، بقي سؤال لم يجيبوا عنه بعد، ولن يجيبوا عنه أبداً، ألا وهو الآتي: هل في الفيزياء (في عالمها الواقعي، وفي نظرياتها وقوانينها ومفاهيمها) ما يجيز ويُبرِّر وجود هذه "النقطة (الكونية) عديمة الحجم، لانهائية الكثافة"؟
لو انهار الكون على نفسه (في "الانسحاق الكبير") فهل في الفيزياء، وعالمها الواقعي، ما يسمح لكم بافتراض أنْ يَبْلُغ هذا الانهيار في منتهاه تلك "النقطة"؟
في رؤيتهم الكوزمولوجية هذه إنَّما يشبهون شخصاً رأى الماء الذي يُسَخَّن ترتفع درجة حرارته في استمرار، فقال مُسْتَنْتِجاً: مع استمرار التسخين سنحصل على ماء درجة حرارته 150 درجة مئوية، أو مليون درجة مئوية، بعد حين!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مِنْ عملة -الكيميائي السوري- إلى عملة -النووي الإيراني-!
- في قانون التكافؤ بين قوى الجاذبية وقوى التسارع
- -أوباما الإيراني- في -مرجعيته السورية-!
- واشنطن وطهران عندما تُعْلِن كلتاهما النَّصْر على الأخرى!
- -البترودولار- ما زال يستبدُّ بالعالَم!
- معنى -انحناء الفضاء-
- -الغاز- لغة القرن الحادي والعشرين!
- في البُعْد الرابع للمكان!
- الكون في عُمْرِه الافتراضي الجديد!
- إطلالة دحلان!
- -الخَلْق من العدم- في نظرياته الفيزيائية الحديثة!
- النفط الذي جَعَلَنا -أَمَةً- لا -أُمَّةً-!
- أين يكمن السبب في تباطؤ الزمن؟
- -جنيف-.. حَلٌّ على هيئة -الجبنة السويسرية-!
- لا يكفي أنْ يريد الشعب شيئاً!
- آيات الخَلْق القرآني للكون في تفسيرها الحقيقي!
- -الإله- الذي امتدَّ من -الدِّين- إلى -الفيزياء-!
- -مفاوضات- يتوقَّف فيها الزمن!
- في هذه الطريقة يُحطِّمون -مادية- المادة!
- هل في القرآن ما يُشير إلى -كروية- الأرض؟!


المزيد.....




- دعوى قضائية: أطباء يابانيون يطالبون غوغل بتعويضات بسبب نشر - ...
- وفاة محمد فارس.. ثاني عربي يصعد إلى الفضاء
- غزة تعاني من العطش وكارثة بيئية.. توقف جميع آبار المياه منذ ...
- مهندسة متفوقة في الطب في كاليفورنيا داعمة للفلسطينيين تحظى ب ...
- الصحة العالمية تصدر تحذيرا بعد اكتشافها -إنفلونزا الطيور- في ...
- صفحة على -فيسبوك- في مصر تبيع شهادات علمية معتمدة وموثقة‏‏‏‏ ...
- أنفلونزا الطيور لدى البشر.. خطر جائحة مُميتة يُقلق منظمة الص ...
- هل تؤثر الشيكولاتة البيضاء على صحة البشرة؟ اعرف أضرارها
- مش بس السمنة.. الإفراط في المشروبات الغازية يؤثر على صحة عظا ...
- عضو لجنة الفيروسات: مريض فيروس بى لا يعدى الآخرين طالما يتنا ...


المزيد.....

- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب
- الماركسية وأزمة البيولوجيا المُعاصرة / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - جواد البشيتي - -النقطة- التي منها وُلِدَ الكون!