أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - زيارة شتوية للقاهرة والإسكندرية














المزيد.....

زيارة شتوية للقاهرة والإسكندرية


أحمد سوكارنو عبد الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 4309 - 2013 / 12 / 18 - 19:14
المحور: حقوق الانسان
    


نعلم جميعا أن الشعب المصرى يختلف عن سائر الشعوب على كوكب الأرض، فهو شعب يتحمل كل شيء ويتعايش مع كل المتناقضات التى لا تقدر عليها الشعوب الأخرى. هذا الشعب غريب الأطوار، يجعلك تشعر أحيانا انه لا يحب الوطن الذى يعيش فيه وأحيانا يشعرك انه يهيم عشقا بالوطن ففى مصر يحرص التلاميذ على تحية العلم كل صباح فى المدارس.. وفيها يقوم بعض طلاب الجامعة بحرق العلم. مصر بها من ضحى بحياته من أجل تراب الوطن وبها من يريد تدميرها وبيع أراضيها أو التنازل عتها تحت شعارات معينة. وربما كان المتنبى يستقرىء الحاضر حين قال: وكم ذا بمصر من المضحكات لكنه ضحك كالبكاء. ومن المضحكات المبكيات فى مصر أن المسئولين لا يعملون حسابا للأمور التى تسبب الكوارث ولا يشعرون بالأسباب التى تؤدى إلى المآسى. وفى الغالب الأعم فإن المسئولين لا يتحركون إلا بعد أن تستفحل الأزمات ويصبح من الصعب حلها.

لا شك أن الشعب المصرى تحمل ظلم الطغاة وقسوة المحتلين والغزاة واستبداد الحكام ورعونتهم منذ عهد الفراعنة وحتى حكم الإخوان. لعل هذا الشعب يدفع اليوم ثمنا باهظا على صمت السنوات المنصرمة. فمصر اليوم ليس فى عيد (خلافا لما جاء فى أغنية الفنانة شادية "مصر اليوم فى عيد" التى قدمتها فى احتفالات سيناء عام 1982م) لكنها تفتقد إلى البنية التحتية التى تجعلها قادرة على مقاومة وتحمل تقلبات الطبيعة كالأمطار التى هطلت بغزارة على القاهرة والإسكندرية فى 12 و13 ديسمبر. لقد قمت بزيارة الإسكندرية يوم الخميس 12/12 فوجدتها غارقة "فى شبر مية" حيث ظلت مياه الأمطار فى الشوارع بعد توقف الأمطار وأبت أن تغادرها إلى جوف الأرض بل عملت على الالتحام بالأتربة التى تملأ الشوارع لتتحول إلى طين. لقد اضطررت إلى القفز فوق برك المياه حتى لا يبتل الحذاء، أفلح أحيانا وأفشل فى أغلب الأوقات. من المؤكد أن الأمطار فضحت قدرات الثغر التى طالما تعايشت مع الأمطار والأنواء والرياح عبر تاريخها الطويل لكنها اليوم باتت عاجزة واستسلمت تماما لغارات الأمطار لذلك قررت العودة إلى مدينة القاهرة فى ذات اليوم معتقدا أنها بعيدة عن صفعات الأمطار وركلات الرياح. قررت العودة بعد أن ابتلت واتسخت ملابسى وتلف حذائى إلى غير رجعة.

لم استطع الحصول على تذكرة قطار فقررت العودة إلى القاهرة بالميكروباص من موقف محرم بك ورضخت والركاب لاستغلال وجشع السائق الذى أصر على أن يتقاضى أجرا لا يقل عن ثلاثين جنيها، هذا رغم أن رحلة الذهاب لم تتكلف سوى خمسة وعشرين جنيها. المهم سرنا فى الطريق الصحراوى وسط الأمطار التى أصرت على مصاحبتنا طوال الطريق. تحملنا مناوشات الأمطار على أمل أن يتركنا فى منتصف الطريق ويعود إلى مقره فى الإسكندرية. صحيح أن الأمطار توقفت تماما بعد 100كم لكن الطقس كان مازال شديد البرودة وكاد الليل أن يسدل عباءته، فتوقفنا عند "رست" حيث احتسينا أكواب الشاى ثم عدنا إلى الطريق المؤدى إلى عاصمة المعز. وصلنا ميدان الرماية بعد ثلاث ساعات حيث فوجئنا بالأمطار تتساقط على الرؤوس وتقهر القاهريين وتخلى الشوارع من المارة واستمر هذا الحال طوال اليوم التالى (الجمعة) واستطاعت الأمطار أن تحقق ما لم تستطع السلطات تحقيقه: إسكات صوت المتظاهرين. لم استطع الخروج من المنزل إلا فى يوم السبت حيث تبين أن الشوارع قد غرقت تماما وتحولت الى مستنقعات وبرك وأحيانا الى بحيرات وتحولت السيارات الى قوارب وتحول المارة الى سباحين من طراز السباح الأمريكى مايكل فليبس صاحب الميداليات الذهبية فى دورتين اولمبيتين. من الملاحظ أن الأمطار فضحت القاهرة التى طالما تباهت بقدرتها على قهر الطغاة والغزاة والمستبدين لكنها تعرضت للقهر على يد الأمطار الغزيرة التى لم تستطع أدوات الصرف التصدى لها ولم تستطع شفط المياه المتراكمة نظرا لعدم توافر عربات شفط المياه. اندهشت أيما اندهاش حين شاهدت مواطنى القاهرة لم يلزموا بيوتهم، فهم موجودون فى كل أنحاء القاهرة: فى شوارع العباسية وشارع الخليفة المأمون (محيط جامعة عين شمس التى كانت خالية من المظاهرات الطلابية) وكذلك الحال فى وسط البلد حيث يتسوق الناس فى شارع شريف وطلعت حرب و26 يوليو . كما تلاحظ أن الثلوج لأول مرة تتساقط على شوارع التجمع الخامس وتغطى أعشابها. لعل الأمطار تحتفل بالنتائج المترتبة على ثورة 30 يونيو حيث باتت المنطقة فى منأى عن سطوة الإخوان.

الغريب أن الشعب المصرى لا يشعر بقصور الخدمات إلا بعد أن تحدث المصيبة أو الكارثة. فمياه الأمطار انزلها الله لكى يرينا النتائج المترتبة على القصور والإهمال. لماذا لم تستعد المدن التى تتساقط عليها الأمطار من خلال "تسليك البالوعات" وتنظيف الشوارع من الأتربة حتى لا تختلط بمياه الأمطار؟ كذلك الحال بالنسبة لعمارات فيصل التى سقطت فى شهر ديسمبر. لقد تبين أن المقاول أو صاحب الأرض الخاوية أراد أن يبنى برجا سكنيا يتكون من عدة ادوار واستطاع "بتفتيح الدماغ والجيوب" أن يحصل على الموافقات والتوقيعات والتراخيص المطلوبة ولم يتكبد مسئولو الحى مشقة إرسال مهندس للوقوف على سلامة العقارات المجاورة أثناء حفر الأساس حيث قام المقاول بأعمال الحفر لعمق سبعة أمتار كاشفا أساسات العقارات المجاورة التى انسحبت المياه من تحتها ليسقط العقار فى الحفرة وتتصدع عقارات أخرى مجاورة حينئذ سارع المسئولون الى موقع الكارثة لالتقاط الصور والإعلان عن تقديم معونات وبطاطين وخلافه. السؤال: لماذا نتحرك "بعد خراب مالطة" ولا نعمل على تجنب الكوارث الطبيعية وغير الطبيعية؟



#أحمد_سوكارنو_عبد_الحافظ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خارطة طريق أخرى فى مصر
- قراءة فى قانون التظاهر المصرى مع مقارنته بالقانون الامريكى و ...
- أخطاء الرئيس السابق محمد مرسى
- تعاطف وانتماء بعض المصريين للإخوان المسلمين
- حتى لا تتكرر المأساة فى مصر
- فض الاعتصامات فى مصر وردود الأفعال الأجنبية
- التجربة الإخوانية فى حكم الدولة المصرية
- رسائل خاصة لأبطال ثورة 30 يونيو فى مصر
- سد النهضة وطريقة إدارة الأزمات فى مصر
- التحريض والتهديد والسباب: وسائل لهدم الاستقرار فى مصر
- التحريض والتهديد والسباب: وسائل لهدم الاستقرار
- علامات الحزن واليأس تخيم على قاهرة المعز
- عميد أجرة وعميد ملاكى
- لماذا تفشل بعض الثورات فى تحقيق أهدافها؟
- مصر فى خطر
- النوبة وكتالا: ماذا يريد النوبيون؟
- درس هيكل بعد انتهاء الحصة
- ثقافة العنف اللفظى فى مصر
- أزمة قرارات الرئيس مرسى ودور المستشارين
- ما الذى يحدث فى أرض الكنانة؟


المزيد.....




- الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية
- الرئيس الايراني: ادعياء حقوق الانسان يقمعون المدافعين عن مظل ...
- -التعاون الإسلامي- تدعو جميع الدول لدعم تقرير بشأن -الأونروا ...
- نادي الأسير الفلسطيني: عمليات الإفراج محدودة مقابل استمرار ح ...
- 8 شهداء بقصف فلسطينيين غرب غزة، واعتقال معلمة بمخيم الجلزون ...
- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - زيارة شتوية للقاهرة والإسكندرية