أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - فارس حميد أمانة - احسان عبد القدوس .. وأدب الخروج - الجزء الثالث















المزيد.....

احسان عبد القدوس .. وأدب الخروج - الجزء الثالث


فارس حميد أمانة

الحوار المتمدن-العدد: 4300 - 2013 / 12 / 9 - 12:57
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


ملخص الجزئين الأول والثاني

ولد الكاتب والصحفي والروائي الأديب المصري الكبير احسان عبد القدوس عام 1919 من أبوين عملا في الفن والأدب وتأثر كثيرا بهما .. تخرج من كلية الحقوق في عام 1942.. له مواقف سياسية ووطنية كثيرة فقد كتب عام 1945 مقالا ضد سفير بريطانيا في القاهرة في مجلة روز اليوسف التي أسستها أمه روز اليوسف ثم رأس تحريرها مما أدى الى اعتقاله وغلق المجلة ثم أثار بمقالاته التي نشرت في نفس المجلةعام 1948عن صفقة الأسلحة الفاسدة للجيش والتي أجبرت وزير الحربية حينها بشكل أو بآخر على الاستقالة .. أشتهر بكتاباته المتحررة ولا سيما عن العلاقات الجسدية في المجتمع المصري وتعرض لنقد شديد لكنه لم يستسلم وواصل نهجه مدافعا عن كتاباته التي شملت تقريبا كل فئات الشعب المصري وكل الطبقات وبذلك يختلف أيضا عن بعض كتاب عصره كابراهيم عبد القادر المازني وتوفيق الحكيم حيث طرقا قبله هذا الباب لكنهما استسلما سريعا للضغوط النقدية وتراجعا ..

كتب احسان عبد القدوس الكثير من الروايات والقصص القصيرة والمتوسطة في تسعة وخمسين كتابا تحول أغلبها الى أعمال سينمائية وتلفزيونية ومسرحية واذاعية منها النظارة السوداء ولا شيء يهم والبنات والصيف وفي بيتنا رجل وشيء في صدري وكثير غيرها .. كتب احسان أيضا مقالات سياسية نشرها في كتابين كما نشر كتابا ثالثا في السينما .. توفي الكاتب الكبير عام 1990 تاركا وراءه ارثا أدبيا كبيرا .

تطرقت أيضا في الجزء الأول من المقال لمجموعته القصصية " علبة من الصفيح الصديء " التي يعرض فيها نماذج من المجتمع الريفي المصري وتعلقه بالأوهام والخرافات واستسلام تلك النماذج وانهزاميتها لكن عبد القدوس لم يقطع الطريق بهذا الطرح فقط المتمثل بعرض النموذج والمشكلة اذ يبرز لنا ايضا الحل من خلال شخصيات ثائرة تؤمن بالتغيير بل وتقوده أيضا كشخصية بطل القصة التي حملت نفس اسم المجموعة القصصية وبطل قصة اكتشاف الألمنيوم الرمزية الدالة على الاصرار على التغيير نحو الأفضل حتى ولو بدفع ثمن غال هو حياة بطل القصة ..

تعرضت في الجزء الثاني من هذه المقالات لكتابه " البنات والصيف " وهو مجموعة قصصية من خمس قصص نشرها في البدء تباعا في مجلة روز اليوسف نهاية الخمسينيات ثم نشرها كتابا ثم أخرجت فيلما سينمائيا عام 1960 عن ثلاث قصص فقط وقد حرفت نهايات القصص جميعا لارضاء أذواق المشاهدين المتعطشين للنهايات الجميلة للأفلام ولا أعتقد ان احسان عبد القدوس سجل اعتراضا على ذلك مما عده البعض مثلبة عليه ..

ان هذه المجموعة القصصية التي تعرض فيها الكاتب الى نقد كبير حتى من جمال عبد الناصر تعرض الأخطاء الفردية التي تشمل كل شرائح المجتمع فاحدى البطلات من المجتمع الراقي والأخرى من الطبقة المتوسطة وواحدة من الطبقة المرفهة وبطلة من الطبقة الفقيرة .. أي ان هذه الأخطاء التي عدت أخطاءا فردية هي أخطاء المجتمع بأسره وبكل طبقاته لذا فأن المسئولية تكون مسئولية تضامنية يشترك الجميع باقتراف الأخطاء وعلى الجميع الانتباه لها ومعالجتها ..
هناك عامل مشترك آخر وهو الوهم .. وهم الحب ووهم السعادة اذ ان جميع البطلات يبحثن عن الحب وبالتالي عن السعادة لا عن الجنس حيث لا تبيع أية بطلة منهن جسدها في سوق الدعارة لكنها تسلم نفسها بعد سقوطها في وهم اسمه الحب .. وهذه مسئلة خطيرة وفق الكاتب في عرضها حيث ان الكثيرات من الشابات في المجتمعات الشرقية يتعرضن لتجارب قاسية بسبب الوهم والتربية المتزمتة أو بسبب منح مساحة أكبر من الحرية الفردية ..

ان احسان عبد القدوس الذي وصف أدبه من قبل الأديب الكبير عباس محمود العقاد بأدب الفراش طرق باب السياسة والنضال مرات عديدة .. فقد كتب المقالة السياسية في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات كما في أعماله الموسومة : " على مقهى في الشارع السياسي " و " خواطر سياسية " و " بعيدا عن الأرض " وكلها مقالات عن وضع مصر الراهن وعلاقتها بالعالم ومن منظور سياسي وثق فيها الكاتب رأيه الشخصي ..

وتأتي رواية في بيتنا رجل التي ظهرت للوجود عام 1961 ثم أخرجت فيلما سينمائيا ثم قدمت في التلفزيون بمسلسل طويل في قمة كتاباته الثورية الحاضة على النضال ضد الظلم والفساد وتميزت بحبكة رائعة تشد القاريء لمعرفة النهاية التي فاجئت أغلب القراء حسبما أظن وكما سنرى لاحقا .. لقد استوحى احسان عبد القدوس الرواية من حادثة حقيقية حصلت له في حياته وهي قبوله لجوء حسين توفيق في بيته بضعة أيام في عام 1946وحسين توفيق هو الشخص الذي اغتال أمين عثمان وزير خارجية مصر في حكومة وفدية آنذاك .. حيث ان شخصية حسين توفيق الحقيقية المتطرفة ومصيره يختلفان كليا عن شخصية ومصيرابراهيم حمدي بطل رواية في بيتنا رجل .. فحسين حمدي قاتل سياسي متطرف كان يعارض قيام شخصيات في الحكومة الوفدية بالتقارب مع بريطانيا التي ينظر اليها حسين توفيق على انها محتلة لا يجوز التعاون معها في حين كانت الحكومة الوفدية تسعى للاستقلال عن بريطانيا من خلال التفاوض .. وقد القي القبض لاحقا على حسين توفيق واستطاع الهرب من السجن بعد احالته على المستشفى لتلقي العلاج ..
كان حسين توفيق يعتبر بطلا قوميا حيث ابتدأ تحركاته ضد الجيش البريطاني في القاهرة بحوادث اغتيال سريعة ضد الجنود البريطانيين المتواجدين في حي المعادي وهو نفس الحي الراقي الذي كان حسين توفيق يسكنه وقاد بعض حوادث سرقات لأسلحة الجنود واحراق لسياراتهم العسكرية ثم تطور به الأمر الى اغتيال ضباط وجنود مصرين بتهمة تعاونهم مع البريطانيين حتى وصل به الأمر الى اغتيال أمين عثمان وزير الخارجية والشخصية القانونية المهمة التي كانت تسعى للحصول على الاستقلال عن بريطانيا بالطريق السلمي وعبر التفاوض الا ان ذلك لم يشفع له فقتل .. ثم هرب حسين توفيق من سجنه الى سوريا وحاول عام 1950 اغتيال اديب الشيشكلي نائب رئيس الأركان فحكم بالاعدام ثم الغي الحكم بعد الثورة المصرية والوحدة مع سوريا وبوساطة شخصية من جمال عبد الناصر .. الا انه سجن لاحقا في مصر بتهمة محاولة اغتيال جمال عبد النصر الذي فرط في السودان على حد اعتقاد حسين توفيق .. بقي حسين توفيق في السجن لغاية عام 1983 ثم أطلق محمد حسني مبارك سراحه فتوفي بعد أشهر قليلة ليسدل الستار عن هذه الشخصية التي تجمع بين الوطنية والتطرف السياسي ..

لقد وظف احسان عبد القدوس في روايته في بيتنا رجل كل الجوانب الايجابية والوطنية في شخصية القاتل السياسي حسين توفيق مستبعدا كل الجوانب الأخرى ليخرج علينا بهذه الرواية السياسية الحاضة على الثورة والنضال ضد المحتل سواء بسواء مع المتعاونين معه .. لقد كانت شخصية ابراهيم حمدي بطل الرواية شخصية تجمع بين الثورية والوطنية والتضحية لذا فقد تعاطف القراء كثيرا معها كما تعاطف المشاهدون عند مشاهدة الرواية فيلما سينمائيا وظف فيه المخرج لابراز هذه الشخصية الممثل القدير عمر الشريف .. يقتل بطل الرواية ابراهيم حمدي لاحقا في هجوم بالقنابل شنه على معسكر للبريطانيين فيقتل بمقتله الحب الأول لنوال ذات الأعوام الستة عشر وهي أخت محيي الذي أختبأ عنده البطل بعد قيامه باغتيال عميل البريطانيين عبد الرحيم باشا شكري بديل أمين عثمان في حقيقة الأمر وبهذا يختلف مصير بطل القصة عن مصير شخصية القاتل السياسي الحقيقي الذي ألهم احسان عبد القدوس كتابة هذه الرواية .. وبالطبع هناك بعض الاختلافات البسيطة بين الرواية والفيلم السينمائي من ناحية بعض التفاصيل الصغيرة ..
ان أحداث الرواية لا تنتهي بمصرع البطل كما اعتاد أكثر الكتاب والروائيين ذلك .. اذ ان الأحداث تتلاحق لنشهد تغيرا جذريا يمكن ان نقول عنه انه نتاج التضحية التي قام بها البطل وثمار الوطنية .. اذ يصر محيي وهو صديق البطل الذي لجأ اليه في باديء الأمر على عدم الاعتراف بمساعدة البطل على الاختباء رغم التعذيب وظروف الاعتقال وهو الشاب الجامعي الذي لم ينخرط يوما في السياسة أو العنف الثوري بسبب شخصيته الهادئة وضغط ابيه للابتعاد عن ذلك .. وأعتقد ان احسان عبد القدوس كان بطرحه لشخصية محيي يرمز بذلك الى الشعب عامة والذي كان محيي نموذجا يمثله حيث تفاعل مع تضحية ووطنية البطل .. وكذلك نجد أيضا تغيرا في سلوك عبد الحميد وهو ابن عم محيي الذي رفض تقبل عائلة عمه للجوء بطل القصة اليهم للاختباء كما هدد باخبار الشرطة بذلك الا انه استثنى في اللحظة الحرجة عندما تكاتفت وتعاطفت هذه الأسرة مع البطل مما أدى الى ايداع عبد الحميد في المعتقل متعرضا للتعذيب والضغوط ليخرج من المحنة لاحقا مع ابن عمه لدخول حياة جديدة ملؤها التفاعل مع أحداث مصر الوطنية التي توجت بثورة يوليو بقيادة عبد الناصر ..

وظف احسان عبد القدوس وبذكاء شديد وقت الراوية حيث تدور الحوادث خلال شهر رمضان ليعرض علينا الكثير من الجوانب الاجتماعية والثقافية للشعب المصري المتمثلة باجتماع العائلة وقتي الفطور والسحور وكذلك أوقات ما قبل الفطور وأوقات العبادات حيث نجح بتقيم صورة صادقة وبسيطة للعلاقات الاجتماعية لأسرة مصرية من خلال عرض تفاصيل حياتها .. لم يكتب الا القليل جدا من الكتاب والروائيين المصرين أحداث رواياتهم أو قصصهم موظفين هذا الشهر المتميز بطقوسه عن بقية الأشهر وبذلك يكون احسان عبد القدوس متميزا عن غيره .. ولا ننسى أن ننوه عن استخدامه في الحوارات اللهجة المصرية العامية الخفيفة الوقع على الأذن العربية مما أضاف مساحة واسعة من المصداقية على الرواية ..



#فارس_حميد_أمانة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المفتاح
- علاقات خطرة
- حنين
- احسان عبد القدوس .. وأدب الخروج - الجزء الثاني
- احسان عبد القدوس .. وأدب الخروج - الجزء الأول
- محمد الماغوط .. وهاجس الخوف والضياع
- تفجيرات اليوم .. عجز لحكومة بغداد .. أم ماذا ؟
- زوربا اليوناني .. ونيكوس كازانتزاكيس .. وملحمة الروح والجسد
- تاراس بولبا .. قراءة ثانية
- نساء فقدن أسمائهن
- مشاهدات من المانيا - الجزء التاسع
- عذاب آل كشموش .. شخصية لن تتكرر
- قوة الرجل .. وضعف المرأة .. وزوربا اليوناني
- مشاهدات من بلاد النكت .. والزحمة .. والشطارة - الجزء الرابع
- مشاهدات من بلاد النكت .. والزحمة .. والشطارة - الجزء الثالث
- مشاهدات من بلاد النكت .. والزحمة .. والشطارة - الجزء الثاني
- مشاهدات من بلاد النكت .. والزحمة .. والشطارة - الجزء الأول
- من نوري السعيد الى غرو هارلم
- مشاهدات من المانيا - الجزء الثامن
- مشاهدات من المانيا - الجزء السابع


المزيد.....




- جريمة غامضة والشرطة تبحث عن الجناة.. العثور على سيارة محترقة ...
- صواريخ إيران تتحدى.. قوة جيش إسرائيل تهتز
- الدنمارك تعلن إغلاق سفارتها في العراق
- وكالة الطاقة الذرية تعرب عن قلقها من احتمال استهداف إسرائيل ...
- معلومات سرية وحساسة.. مواقع إسرائيلية رسمية تتعرض للقرصنة
- الفيضانات في تنزانيا تخلف 58 قتيلا وسط تحذيرات من استمرار هط ...
- بطائرة مسيرة.. الجيش الإسرائيلي يزعم اغتيال قيادي في حزب ال ...
- هجمات جديدة متبادلة بين إسرائيل وحزب الله ومقتل قيادي في الح ...
- مؤتمر باريس .. بصيص أمل في دوامة الأزمة السودانية؟
- إعلام: السعودية والإمارات رفضتا فتح مجالهما الجوي للطيران ال ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - فارس حميد أمانة - احسان عبد القدوس .. وأدب الخروج - الجزء الثالث