أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم نزال - قبل حلول الجراد !














المزيد.....

قبل حلول الجراد !


سليم نزال

الحوار المتمدن-العدد: 4298 - 2013 / 12 / 7 - 03:52
المحور: الادب والفن
    


قبل حلول الجراد !

سليم نزال

لم يكن احد ليعلم ان اسراب الجراد ستغزو عما قريب حقول القريه.و انه لن يبقى عود اخضر واحد فى حقول القريه المتراميه الاطراف ,و التى تبدو وسط مساحات الكروم كانها عالم لوحده.و عندما كان ابو كروم اخر معمر فى القريه يروى لى حكايات القريه كان يشير بين الحين و الاخر الى مقبره القريه التى يرقد فيها اجدادنا الاوائل. اخبرنى ابو كروم انه فى ذلك الزمان لم يكن هناك مدفن خاص للمسلمين و المسيحيين و الدروز الذين يكونون سكان القريه.كان المدفن للجميع قال ابو كروم و راح يراقب عصفورا مر من امامنا متوجها نحو الشرق.

و عندما جاء شيخ من القدس لاجل ان يكون هناك مدفن خاص للمسلمين قال لهم شيخ مشايخ القريه .نحن نعيش معا لماذا علينا ان ندفن منفصلين؟.هز شيخ القدس راسه, و قال لشيخ المشايخ ,ما تقوله معقول و لكن الشرع يقول ... .لم يتم الرجل كلامه حتى قاطعه شيخ المشايخ قائلا اى شرع هذا يا شيخنا نحن نولد معا و نشقى معا و نفرح معا اليس من الطبيعى ان ندفن معا ؟.كان ابو كروم يضحك بصوت عال اعجابا على رد شيخ المشايخ حتى ظهرت اسنانه الصفراء المتبقيه التى نخرها ا سوس الوقت..

وحسب ابو كروم كان لكل لحى فى القريه شيخ خاص بهم .كان ذلك للمسلمين و المسيحيين و الدروز.

كان ذلك فى زمن المماليك.و كانت القريه تعيش بهدوء كعادتها . السكان منشغلون بحقولهم و قلما يغادرون القريه. كانت حياتهم تمضى تماما مع ايقاع حركه الطبيعه . ينهضون فى الصباح الباكر و يتوجهون لحقولهم اما للحرث او لجنى المحصول و ينامون متلى حل الظلام .و ما بين الزمينين لم تكن القريه تعرف احداثا مهمه تذكر سوى الاحاديث المتعلقه بهذين الحدثين .

الخاص .و لم يكن تعبير المختار قد ظهر بعد. و لكن كان يوجد شيخ كانوا يسمونه شيخ المشايخ. و شيخ المشايخ لم يكن سوى رجل بسيط تم التوافق عليه لانهاء مشكل التنافس . بل و كانت تدور شائعات فى القريه ان زوجته تصرح فى وجهه احيانا. هكذا على الاقل ما سمعناه بالتوارث على لسان ام نبيل . كانت هوايه ام نبيل تسقط اخبار القريه . و كانت تؤكد لجارتها انها لا تعرف طعم النوم قبل ان تعرف كل ما يجرى فى القريه من اخبار.


..و اما مشايخ الحارات الثلاثه فقد كانوا يلتقوا عصر كل يوم ليلعبوا( المنقله) و هى اللعبه الدارجه وقتها قبل دخلل اللعبه الطاوله فى اعقاب احتلال السلطان سليم الاول العثمانى فلسطين . كانوا يتصايحون اثناء اللعب و كان الذى يخسر عليه ان يلف 3 سجائر للرابح,الامر الذى اسعد شيخ حاره الدروز ابو فارس الذى كان امهرهم فى اللعب. وكان حين يدخن سيجاره لفها له احد الخاسرين يعتدل فى جلسته و يجلس بابهه مفتعله معلنا انها اطيب سيجاره يدخنها فى حياته ! اما سكان القريه فقد كانوا يظنون ان لقاءهم اليومى كان لاجل تداول شوؤن القريه . و لما كان المشايخ يخرجون كانوا يسيرون بطريقه توحى و كانهم انتهوا من اجتماع لصالح الاهالى,اذا كان كل من يمر عليهم يقول يعطيكو ا العافيه يا مشايخنا !


كانت القريه محاطه بكروم الزيتون حتى تبدو انها تعيش فى عالمها الخاص, و كان حدودها هى حدود الكون كله . كانت اكبر مغامره يتحدث عنها السكان فى السهرات عندما يذهب البعض الى سوق مدينه مدينه طبريا. كان يلزمهم نهارا كاملا حتى يذهبوا و يعودوا ثانيه .اذ كانوا يعبرون الحقول و الكروم مارين بين شجر الزيتون و الصبار الممتد على اطراف القريه . لم يكن هناك طريق بالمعنى المعروف .و كان على سكان القريه ان ينتظروا حوالى مائتى عام حتى يشق السلطان العثمانى سليمان القانونى اول طريق تصلهم بالمدينه اسموها بالطريق السلطانيه .
لذا عندما وصل اول غريب الى القريه ذات يوم قبل وقت من حلول الجراد بقليل كان الامر حديث كافه سكان القريه. ..

كان الغريب رجلا يرتدى ملابس قديمه, لكن هيئته كانت توحى بانه كان ابن عز, كما يصف سكان القريه الشخص الذى ولد لعائله غنيه .لكن لم يكن احد يعرف من اين جاء هذا الغريب .ففى ذلك الزمن كان سكان فلسطين هم ذات السكان الذين ندر ان اختلطوا باحد. و ظلت طرق معيشتهم كما كان عليه الامر منذ الالاف السنين.لكن بعد مائتى عام, و عندما احتل الاتراك البلاد تدفق الى البلاد سكان ارناوؤط و جورجيون و بوسنيون و مغاربه و يهود و يونان و ارمن و مالطيون و قبارصه و مصريون و شيشانيون و اكراد و اتراك و فرنسيون و انكليز. سكنوا اولا المدن ثم بداوا بعد ذلك بالانتقال التدريجى نحو القرى. فى ذلك الزمان لم تكن اللغه السريانيه قد تلاشت تماما .

كان سكان القريه يتحدوثون العربيه لكن عبر استعمال كثير من الكلمات السريانيه التى لم تكن قد خرجت تماما من التداول اليومى.اما لماذا اختار هذ الغريب قريتهم فقد كان من الالغاز التى لم يستطع حكماء القريه معرفته؟. سارت الاقاويل سريعا حتى وصلت كل بيت ..منهم من قال انه فقد كافه اهله و ظل وحيدا فى الحياه.و منهم من قال انه ولى صالح او قديس شاءت الصدف ان ياتى الى القريه . بل وصل الشك بالبعض ان قال انه ربما ارسل من قبل الدوله لمراقبه الناس.

رفض الغريب كل العروض لكى يسكن فى احد بيوت القريه.لجا الى خربه قريبه من البلده و سكن فى بيت مهجور يقال انه كان ملجا لاحد القديسين ممن هربوا من الاضطهاد ايام الرومان .لكنه كان ياتى للقريه كل يوم يصيح باعالى صوت الجراد قادم ! لم يلتفت احد لما كان يقوله هذا الرجل الذى اعتبر بانه رجلا خرف لا يعتد بكلامه.كان يطوف يوميا احياء القرية كلها يعلن ان زمانا جديد سياتى و ان الجراد سيحل على القريه!
بعد وقت قصير بدا الاهالى يشاهدو ن الالاف الحشرات تزحف نحو قريتهم !



#سليم_نزال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اخر شاويش عثمانى!
- زمن الزمار!
- لمواجهة هجمه الهمجيه !
- ثقافه المحبه و التعاطف مع الاخرين يتم تعلمها تماما مثل ثقافه ...
- 100 عام على مؤتمر اللا مركزيه فى باريس, و السؤال الى اين نحن ...
- التوقيت المثير للتساؤل فى دعوه نور الدين عيوش الى احلال الدا ...
- الجنازة!
- دائره افتراضيه!
- لا يمكن نقد الدول بدون نقد المجتمعات!
- حول ظاهره التطرف!
- لون الارض ابيض!
- حول ضروره الحريه فى المجتمعات الانسانيه!
- البيت يحترق!
- نحو اقتلاع الارضيه الفكريه لللارهاب!
- المطلوب كلام مثل حد السيف و حاد كوخز الابر!
- حول الامانه المجتمعيه هل تثق فى المجتمع الذى تعيش فيه؟
- المطلوب استخدام العقل النقدى لمعرفه خارطه الطريق!
- لبنان : من زمن ريمون اده الى زمن نموذج بغداد!
- رحيل شاعر الوجع الانسانى محمد الشرفى!
- حول التحضر و مقاومة الكوارث!


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم نزال - قبل حلول الجراد !