أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - دور الهوية المجتمعية














المزيد.....

دور الهوية المجتمعية


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4254 - 2013 / 10 / 23 - 15:08
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


على نمطية الفكرة الخلدونية التي قسمت المجتمع العربي بين نمطين اجتماعيين يمثلان كلية الهوية العربية والإسلامية وهما المجتمع الحضري والمجتمع البدوي ,ويرى أن التجاور والتفاعل بينهما ليس طبيعيا خاليا من التحسس البيني كما في المجتمعات الأخرى التي تتنوع فيها الطبيعية السكانية, بل هي علاقة صراع قيم وصراع ممتد من نمطية العلاقة الناشئة بين الجغرافيا وبين الإنسان منفعل ببيئته الخاصة وخاضعا لمتطلبات الجغرافية لوحدها بما تفرض من قيم , هنا يفرز الصراع نتائج تعتمد على قدرة البيئة والجغرافية على فرض النتيجة.
يؤسس الدكتور الوردي نفس لفكرة ويعطيها أيضا طابعا وبعدا أكثر شمولية من فكرة الخلدونية المحدودة نتيجة عوامل لم تكن لها وجود في حياة ابن خلدون ولا مسها في تحليلاته وقراءاته واستقراءاته ,وهي عوامل الصراع الخارجي الوافد على المجتمع, فإن كان الصراع عند الفكر الخلدوني ينتهي بحدود المدينة وبيئتها وجغرافيتها المحدودة ,فهي عند الوردي ازدواج قيمي داخل المدينة اولا، وضمن الدولة الحديثة ثانيا وهي عنده الوردي نتاج صراع الحضارة العراقية مع محيطها البدوي (الجزيرة العربية)، اولا ثم هو، صراع بين العراق والحضارة الغربية الوافدة ثانيا، إثر غزو العراق في الحرب العالمية الاولى.
القراءة الخلدونية التي قرأها الدكتور الوردي بروح أكثر قربا من السيكولوجيا منها من علم الأجتماع أعطت له بعدا مركبا وأفردت لها حضور خاص, مزج من خلالها ما يمكن أن يجعل الموضوع المبحوث أكثر قدرة على الانكشاف وأصبر على إيراد النتائج الكلية, هذه القراءة يقول عنها الباحثون في فكر الوردي أن تأثيرات الدراسة الأكاديمية العليا في تكساس مع ولع وإيمان الوردي بالمقدمة التأريخية من جهة وإيمانه بالمدرسة الفرويدية مكنته من أن يصهر هذه المعطيات في رؤية موحدة أو يعيد قراءته المقدمة انطلاقا من المنهج التجريبي (فرانسيس بيكون)والمنهج الوضعي(اوغست كونت) الذي يشكل من نواح معينة امتدادا للتجريبية هذا المزيج الانتقائي الفريد أملته ضروراته وأهمية وخطورة الموضوع وريادة الوردي فيه.
لقد تأثر الوردي كثيرا في مجال تحديد الهوية الأجتماعية للشخصية العراقية بالمنهج الامريكي في دراسة علم الاجتماع ,هذا المنهج المتحرر شيئا ما عن المدرسة الأوربية التي تنتمي إلى جذور أوربا الفلسفية والمعقدة ,فرسم بحرية وبأسلوب أكثر تلقائية حدود الهوية الخصوصية التي لا يرى فيها ثبات ولا يمكن الجزم باستمراريتها مع الزمن فلكل زمان هيئة اجتماعية ولكل أوان ملامح لها بأبعادها الخاصة ومن هنا فإن احتفاظ الشخصية الاجتماعية بمميزات تقليدية يبقى في حده الأدنى الذي يحافظ على جزئيات لا يمكن ان تقاس عليها عمومية الشخصية.
فلكل مجتمع معين خصوصيته ،ولكل مجتمع عموميته وما من مجتمع يشبه غيره بحذافيره، بل ما من مجتمع يشبه نفسه قبل قرن او قرنين إلا في حدود ضيقة قبلة للتجديد كما هي قابلة للحذف, الذي لا يمكن أن يدركه الكثيرون اليوم من أنصار وعاشقي فكر الوردي أنهم يناقضون مدرسته عندما لا زالوا يصرون على مقولات الخمسين والستين من القرن الماضي ويعتبرون أن التمسك بها هو وصف صحيح لا يمكن ان يخطئ الآن ,ونحن في بداية العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين , ولا يرون بأسا أن يطلق على الهوية العراقية نفس تلك اوصاف التي تبناها الوردي بناءا على قراءته المقرونة بزمنها وزمنه هو.
نعود لدور الهوية في رسم ملامح الصراع البدوي الحضري عند الوردي فهو لا يرى في البداوة نمط اقتصادي أو مرحلة تكوينية لها اشتراطاتها في موضوع الصراع ,بل يعرفها إنها قيمة حضارية واجتماعية مفرقا بينها وبين مرحلة الرعي البدائي ,فالبدوي ليس راعيا عند الوردي وليس همجيا أو غير متمتع بثقافة خاصة ,بل أنه يحتفظ للبدوي بمعايير فرضتها النشأة التعصبية المعتدة بنفسها أكثر من اعتدادها بالأنا الجماعية الــ (نحن) فبرغم أن البدوي يعيش لأجل الجماعة وفي وسطها لكن الفضاء المفتوح وعدم وجود القيود السيادية المتمثلة بسلطة الدولة هي التي منحته الاعتزاز المتضخم بالأنا وليس بالأنوية.
هذه الشخصية البدوية بتحررها الطبيعي من قيود المدينة ومن حدود السلطة نصبت لنفسها حق أن تكون خصما وحكما في النزاع فهي تقيس الأمور وفق مقياسها الخاص وتعد كل ما هو خارجها ليس أصيلا ولا منحازا للحق, لذا فإن البدوي عندما يؤمن بالدين لا يؤمن به حاكما له وعليه ,بل يجعل من إيمانه بالدين سلطة له لا تقارن مع أي قراءة أخرى لأنه يرى في نقسه المثال للنقاء والصفاء وأنه بهذه الصورة يكون أقدر على أن يفهم الدين من ابن المدينة التي تؤثر في قناعاته المؤثرات الحسية والشهوية مما يلوث عنده صورة الله وحقيقة الدين ,لذا فإن ابن المدينة مهما أظهر من تدين لا يمكن أن يكون على مثل دين النبي محمد صل الله عليه وأله وسلم البدوي كما يعتقد هو.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوردي وأشكالية الفهم الديني
- أوربا وصراع الأمم _ أهمية الصراع في تحريك القوة في المجتمع
- الوردي ونظرية المعرفة
- تناقض الشخصية العراقية أسباب وظواهر. ج1
- تناقض الشخصية العراقية أسباب وظواهر. ج2
- لماذا نكره النساء
- الإنسان الكوني وأشكالية الهوية
- مفهوم الجنون في علم السلوك
- أين نزرع الأشجار _قصة قصيرة
- الشعور والشعورية
- الذاكرة الشرقية والتجربة الغربية
- الديمقراطية فلسفيا
- لا تنتظروا عودة كاظم _ قصة قصيرة
- الحس و الإحساسية
- الشخصية الإنسانية _ تعريف ومفهوم
- وداع مريم الاخير
- حقوق الأقليات _ قراءة في الفكر الإسلامي
- أهمية فهم المعاني لدارس علم النفس
- عقلنة العلم أم علمنة العقل
- في الفهم القرآني للنفس والسلوك _ الجزء الثاني


المزيد.....




- لحظة سرقة حانة في شيكاغو بأقل من دقيقة.. شاهد ما فعله اللصوص ...
- العديد منهم بحالة حرجة.. مقتل شخص ونقل 23 آخرين للمستشفى جرا ...
- 21 عاما على سقوط نظام صدام حسين: الفجوة بين الأحزاب الحاكمة ...
- الخارجية الألمانية تعلق على إغلاق قناة الجزيرة في إسرائيل: ي ...
- البحرية الروسية تدمر 5 زوارق مسيرة أوكرانية قرب سواحل القرم ...
- اجتياح رفح.. حسابات معقدة وتكاليف -باهظة الثمن-
- جولة الرئيس الصيني في أوروبا.. فرق تسد؟
- الدفاع الروسية: تحرير بلدتين جديدتين وتدمير طائرة و5 زوارق م ...
- ألمانيا تستدعي سفيرها لدى روسيا للتشاور بسبب -الهجوم السيبرا ...
- -مصر ترفض التعاون-.. الإعلام العبري يكشف عن خطة لترحيل عدد م ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - دور الهوية المجتمعية