أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - جدلية صراع القيم















المزيد.....

جدلية صراع القيم


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4246 - 2013 / 10 / 15 - 21:37
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


جدلية صراع القيم

إن الصراع بين الحداثة والوجودية والمادية وكلها فلسفات قامت على مبدأ الحرية والذاتية في أوربا وبين القيم الاجتماعية السائدة هو صراع وجودي يستهدف كينونة المجتمع الأوربي في ذاته ونظرته للتاريخ (الماضي) والآن (الحاضر) والمستقبل, وفي قدرة الزمن أن يكون الفيصل الحاكم لهذه الحرية والذاتية ,فالزمن وحده والمكان كان محل الصراع أما ساحته فكان خارج نطاق الذات الأوربية نفسها حيث ألقت بضلالها على المجتمع الكوني برمته دون أن يكون لجزء كبير من هذا العالم أثر مادي أو معنوي على محركات وعوامل الصراع,وان كانت هي التي تقود الصراع الذاتي بامتياز مطلق فهي لم تتصارع خارج الذات الغربية ولم تتصارع مع قيم خارجة عن تكوينها وإنتاجها ولكن صراعها إن امتد إلى خارج النطاق الأوربي فهو من تحصيل الخارج وتأثره بالقيم المتصارع عليها في محاولة التقليد أو الخروج من الأزمة التي عاش فيها جزء من مجتمعات خارج أوربا .
ومن أسس التناقض الفكري والأخلاقي أيضا في مجتمع ما بعد النهضة الصناعية وأفرازاتها هو الصراع بين قيم الثورة الفرنسية الثلاث وبين قيم الحرية والذاتية التي نادت بها الحداثة كواحدة من الفلسفات التي كانت هي جوهر الصراع ومحتواه الفكري فهي بالمنطق العقلي والعلمي غير مهيأ بالأصل لان تكون النموذج المستهدف ولكن قوة الواقع الاقتصادي والحضاري الذي أفرزته الثورة الصناعية كسياسات استعمارية بجميع الوجوه مكنت لهذه الإشكالية الأخلاقية من أن تنفذ في المجتمعات وتتفاعل لتشكيل أيضا في ما بعد معطى أخر لهدم أركان الحداثة والمادية التي رافقت سيرورتها التأريخية.
فالثورة الفرنسية أسست لكينونة فكرية هو اكثر إنسانية طبقا لما في الواقع الأوربي من وقائع تشخصن صيرورتها في الذات الأوربية فهي وليدة حالة ثورية فكرية والعامل الروحي والشخصي بصفته الفكرية والفلسفية حاضر بقوة فهي نتاج إنساني خالص وليس فرض واقع أفرزته قوى مادية لذا نجد أن مبادئ الثورة الفرنسية لا زالت تشكل مصدر مهم وحيوي يتعايش مع كل التقلبات والتحولات والتبدلات دون أن تفقد بريقها ولا تتخلى عن إنسانيتها عكس التوجه المادي المصاحب للاستلاب الحضاري وتغييب الشخصية الإنسانية الذي عبرت عنه الحداثة والمادية الإلحادية الأوربيه.
فالحداثة الأوروبية ليست كينونة ذات جوهر معزول عن سياق التاريخ بإحداثيات الزمان والمكان،بل هي نتاج صيرورة تاريخية ذات واقع مادي أولا تمتد بجذورها إلى استحقاق واستجابة لنتاج تطور ممتد عبر قرن أو أكثر من حركة بملامح التقنية والتصنيعية ، ولذا لا يمكن فهم مشروع الحداثة الغربية إلا باستحضاره عبر جدله وتطوره منذ تأسيسه الفلسفي مع ديكارت،وتقعيده وربطه بمفهوم سياسي اجتماعي مع مونتيكسيو وروسو(مفهوم فصل السلطات ،والعقد الاجتماعي)،مرورا بلحظة المراجعة النقدية لأداته المعرفية (العقل) مع كانط،وانتهاء بالثورة عليه مع فلسفة ما بعد الحداثة لدى نيتشه وفرويد وهيدغر.
لقد صور البعض حقيقة الصراع على أنه صراع بين الأنا وال (هو),صراع بين الذات المستحكم بالماضي وبين موضوع التطور ومنهجه وأفهم على إن الجدلية تتمحور حول الواجب الذي يجب أن يكون والواقع المتأخر, فهو إذن صراع قيم أمنت فيها الذات بلا وعي في حين أن الحداثة تتطلب تجاوز لحالة الوعي في الأنا لمصلحة أكبر وأجدر بالاحترام,ولكم المتعمق في جوهر الصراع لا يجد هذا الوصف حقيقي بل هو صراع بين الأنا الغربية وبين الأنا الشرقية بين الذات والذات الأخرى,لأن القيم تتأقلم فيها الأنا والذات فيما إذا كانت تركن في تصوراتها ونتائجها العملية إلى الميل الطبيعي لديها أو من عدمه.
جوهر الصراع الحقيقي هو محاولة الأنا المنتجة للحداثة أن تطبع الأخر الأنا الضعيفة بما تؤمن به وهي لا تلتف بذلك لكيفية قبول الأنا الأخرى لها حتى لو أدى ذلك لنشوء صراع محتدم بينهما,صراع يسلب الحرية والذات من أركانها ومتجاوزة بذلك عن الهدف المعلن والشعار الذي جاءت به,هذا الصراع بصورته الراهنة لا اخلاقي بالطبع يتحول تدريجيا إلى صراع وجود وبقاء مقابل هدف أخلاقي بالشكل ومتسامح أيضا لأنه يسعى إلى تحريك الكونية نحو الحرية الشاملة الحرية الكونية للإنسان بدون عنوان.
قد يظن البعض أن تشخيصنا هنا لجوهر الصراع في تجني على العقل على تلك الاداة التي في ومن وظيفتها الأصلية أن تقهر الذات وتتجاوز الأنا نحو المعقولات الوجوديه,وبذلك ننفي دوره الهام في قبول وتقبل الرؤية الحداثوية وما جاءت من تغير في التعاطي العقلي والمعرفي في الذاكرة الشرقية ذاكرة الأنا والأنا الأخرى أيضا,والحقيقة أن العقل لم يكن غائبا ولا متخاذل في اداء دوره ولكن ارتباط العقل بمقدمات الأنا والمشبع باليقين بعناصرها وجوهرها التي تمثله قوى النفس وإستحقاقاتها وقف موقفا نمطيا لم يتجاوز فيه الواقع بل لم يجرؤ على أن يتكيف مع الصراع بالشكل الذي تحدى فيه العقل الغربي واقعا مشابها وفي ظرف مقاربة في حيثياتها,بل ساير الموجه بشكل تسليمي محاولا القبول بالمظاهر ولكنه في الواقع يتناقض بالكلية مع المجريات والمعطيات التي فرضت واقع غريب وغير متناسب مع نظام ثنيوي قائم على التسليم بافتراض الازدواج بين الروحي والمادي على سطح واحد.
المتتبع لتأريخ العقل الشرقي وفلسفته يلاحظ طغيان الجانب الروحي والحكمة المثالية على طبيعة منتجه ,كانت الفلسفة الشرقيه بكل أوجهها فلسفة مستنيرة بالعقل والروح وتنادي بالمثل الروحية وحتى في الجانب المادي الذي مثلته البوذية مثلا كانت للروح دورا محوريا في تحديد الماهيات والأوصاف عكس الفلسفة الغربية التي ألقت اليهودية والتفكير المادي النسقي فيها وبضلالها على مضمون وجوهر الفلسفة وتركت بصماتها القوية عليها ,بينما فهم العقل الفلسفي الشرقي أن الجانب الروحي هو وحده القادر على الوصول للكونية معتمد على مبدأ التحرر الروحي وعنصر الحب فيها.
قد يطرح البعض إشكالية التخلف وعدم القدرة على الفعل الإيجابي على مجمل التعقل الشرقي المرتبط بالعجز وعدم القدرة على الفعل في مقابل ضخامة الفعل والوعي والإدراك الجبار للمقولة الغربية ,وأظن أن إلقاء الكلام المنمق لا يحل الإشكالية ولا يساهم بدفع عملية الأرتقاء والمشاركة في الفعل الكوني وهنا مثلا نجد أنهم يطروحون الجدليو وفق النمط التالي((ان تشخيص حالة التناقض والتيه التي يعيشها الفكر الفلسفي العربي، يفتح بصيرة الفرد على حقيقة وضعيته التي يعيش فيها غافلاً غائمًا عن قضايا اللغة والتاريخ والوجود بفعل تراجعه وانكفائه داخل ذاته هروبًا، و متهمًا بمغادرة أرض الكينونة وانتباذ منزلة بين المنزلتين في أكبر عملية استقالة فكرية؛ فلا هو في منطقة التطلع نحو المنشود، ولا هو في وضعية التمسك بالموجود. كيف نبدأ,هل نبدأ بتدوين صدمة الحضارة بمفهومها الجديد ؟)) ,إن تحميل الفلسفة العربية حالة العجز ليس وصفا حقيقيا دون أن نعلم ونتيقن من أسباب ذلك ونحلل بروح حيادية تلك الظاهرة ونربط العلات بالمعلولات والنتائج بالأسباب.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قوة العلم
- أصالة الكينونة
- ما هو التأريخ ج1
- ما هو التاريخ ج2
- أزمة الفهم وتجسيد الأزمة
- البرغماتية الكهنوتية
- دور الفلسفة في التغيير
- أساسيات التغيير الفكري في أوربا
- كل النساء في مدينتي خالاتي
- أنسنة الوجود الكوني
- أغنية لبغداد ,بين نعمانك وكاظميك
- المال العام بين النزاهة والابتزاز
- ضياء الشكرجي والخروج من الشرنقة.
- ام هاشم
- الورود لا تنمو بين الصخور .
- أدلجة الأختلاف وشرعنة التبديل
- قسما يا وطني بحروفك الأربع
- دكان جدي _ قصة قصيرة
- الدين والضرورة
- أعترافات ما بعد الموت


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - جدلية صراع القيم