أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد المصباحي - الصراع الديني اندحار















المزيد.....

الصراع الديني اندحار


حميد المصباحي

الحوار المتمدن-العدد: 4240 - 2013 / 10 / 9 - 23:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عاشت أروبا طيلة تاريخها الدموي,صراعات دينية,إلى أن انبثقت العقل كسلطة مؤطرة للفعل و الحياة و التعايش بين الناس جماعات و حتى طبقات اجتماعية,أدركت بما عرفه المجتمع الأروبي,قديما من مواجهات كانت خساراتها أكبر من أن تعد و نحصى,واستدعى ذلك العودة المتأخرة لتاريخ الغير المختلف حضاريا و دينيا و حتى عرقيا,فاكتملت الصورة,و تأكد اليقين,ألا حياة بدون تفاهمات عامة و قيم مشتركة بين أفراد الجماعات و الجماعات نفسها,فظهر مفهوم المواطنة,بدل الوطنية المجحفة,و التي كانت الدولة في بدايتها تفرض بناء عليها طاعة للحكام,بعد أن انهارت الطاعة العمياء لرجالات الدين,الذين استمدوا القداسة من قداسة الديانات,و نصبوا أنفسهم أوصياء على الناس,معاقبين و منصفين لمن أنصفهم الله و عدل بينهم بنعمة العقل.
و السؤال,متى ينخرط العالم العربي في هذا المسار العقلي,ما هي معيقات الإنخراط فيه,؟و ما هي الحلول المقترحة لفرضه أو التسريع بوتيرة حدوثه؟فهل للعرب آمال القطع مع هيمنة الأسئلة القديمة,التي تتخذ لها مبررات الدفاع عن الهوية,بينما الحقيقة أن تلك الأسئلة غايتها الحفاظ على القديم و الإنتصار لطول أمده لأن هناك مستفيدين من وضع التأزم و التخلف المجتمعي و الحضاري في العالم العربي؟؟؟؟

1الأنظمة و الديانة
لم تستطع النظم السياسية العربية بناء شرعية خارج المقدس,بما فيها الدول القومية التي اقتربت من العلمانية,مما جعلها جميعا تدشن وجودها و تؤسسها على الدين,بل حتى الدول العربية التي لديها أقليات غير مسلمة,استمدت وجودها من الثوابت الدينية,و منها من اعتبر ذلك حاجة اجتماعية أكثر منها سياسية,بحيث أوضح مفكروها بأن المجتمعات العربية لا يمكنها القبول بغير الحاكم المتدين,بل إنها قد ترفض الديمقراطية نفسها إن قيل لها أنها متعارضة مع قيمها الروحية الإسلامية,من هنا تسعى هذه الأنظمة لربط نفسها بالإسلام,بل إنها تسعى لأن تواجه به كل خصومها,بفعل سهولة فهم طبيعة الحملة التي تشن باسم الدين الإسلامي,و التي تحدث تفاعلا و تعاطفا لا يمكن أن تحققه أية إيديولوجية و حمولات فكرية لا تفقهها إلا النخب المتعلمة,و لهذه الأسباب تعادي جل هذه الأنظمة السياسية الفعل الثقافي و تعمل على التمييز بين التمدرس و التثقيف,فهي مدركة لخصومة الثقافة المتنورة لمشروعها,و بذلك فهي تختار استمرارها و ما يفرضه من تهميش للثقافة و حتى قيمها الديمقراطية,فيبدو الحكم مستمدا لشرعيته من الديني و موظفا لأبعاده الروحية و محتكرا لها حتى عندما يكون الحاكم مثقفا و ملما بالحاجة للحداثة السياسية,التي يعمل على تحويلها لتقنيات و مهارات في التواصل بدون المس بما يشكل الهوية العامة للمجتمع و طبيعة السلطة السياسية في العالم العربي,و هنا تكمن الخطورة,فالمصالح تتعارض بين الفئات و حتى الطبقات الإجتماعية,و لا تجد معبرا عنها سياسيا,بحيث تدرك الجماعات أن الدين هو المحرك للجماهير,فتبدأ الإصطفافات تتخذ لها نعوتات دينية و استغلالها لتحريك الحشود,و هو ما تشهده كل المجتمعات العربية,فليس غريبا أن تنتشر المسيحية و غيرها من الديانات و حتى الطائفية,كرداء مؤجل لاحتدام الصراعات حتى داخل التوجه الديني الواحد و الطائفة الوحيدة,و من المؤكد أن الصراعات عندما تتخذ أبعادا دينية لا يمكنها تطوير السلطة و لا المجتمعات التي تعرف مثل عذه الميولات بفعل انحسار التجارب الديمقراطية و الإنخراط الواعي في الحداثة الفكرية بعدم اختزالها في تقنيات التواصل و أشكال العمارة و غيرها من التحايلات الشكلية على الفكر الحداثي,تعليما و سياسة و ثقافة.
2المجتمعات و الديانة
كل المجتمعات تحتاج في تدبير حياتها الفردية و الجماعية لحوافز دينية,تجعلها قادرة على التجاوب الفعال مع ما تعرفه الحياة من إكراهات و انكسارات,و هنا ينبغي التنبيه أن الديانة ليست وحدها منبع الإستجابة لما هو روحي,فهناك الفنون و الأفكار و مختلف الأنشطة المنتجة للرموز و المحققة لنشوة الروح البشري,بل إن الديانة نفسها تحتاج لتجديد بعض محتوياتها وفق تجدد الحاجات الروحية نفسها,بالإنفتاح عن مختلف اجتهادات الفكر الديني,ليحافظ على وجوده الفعال اجتماعيا و يستبدل أساليب الزجر و القهر التكفيري,الذي تلجأ إليه بعض الجماعات المحتكرة لخطاب الإسلام أو المتقاسمة لهذه الأدوار مع السلطة السياسية حتى و هي تنافسها على توظيفه سياسيا و إيديولوجيا,و هنا يزود المجتمع الصراعات السياسية المعبرة عنه بأقوى وسيلة لانخراطه المستقبلي في التقاطبات الدينية الإسلامية,التي بدأنا نشهد مؤشرات حدوثها,و قد ظهرت جلية بسطوة حركات الإسلام السياسي على ثورات ما عرف بالربيع العربي,من خلال عسكرتها و تحريك العنف فيها,أو الفوز الإنتخابي المعتبر سماويا و فارضا لدولة توليتارية ذات منحى اتيولوجي لاهوتي,كما حاولت حركة الإخوان تجسيده بعد ثورة 25 بمصر,مما يعكس خطورة الصراعات الدينية التي تهدد ليس أمن المجتمعات العربية,بل نهضتها الحضارية,التي اتخذت بعدا سياسيا بالحراك العربي.
3احتراز اليسار
استبعد اليسار العربي,في أغلبه القراءات الفلسفية للدين,من منطلق اختلاف الإسلام عن المسيحية,بغياب الرهبانية فيه,ليتجنب نعت الفقهاء برجالات اللاهوت,كما أن حساباته السياسية فرضت عليه عدم خوض صراعات غير طبقية ضد المتدينين,لمعرفته المسبقة بأن مثل هذه المعارك مشوشة على الإصطفافات الطبقية,فانتهزت الحركات الدينية الإسلامية الفرصة و تحاملت عليه,بل منها من انخرط في مركزياته النقابية و امتد عبرها للجماهير العربية فاستفاد من القدرة التعبوية لقوى اليسار و وظفها لصالحه,و بعد أن تمكن من ميكانيزمات المواجهة انقلب على المشاريع الطبقية و ألبسها لبوسات دينية,لمواجهة الخصوم العلمانيين و الإشتراكيين,و بضعف قوى اليسار,غدت المعارك الدينية أكثر احتمالية,ضد النظم السياسية و حتى بعض الأقليات الدينية في العالم العربي,بل و احتماء الناس بانتماءات جديدة وسعت تدينات مغايرة مؤسسة على تأويلات فرعية أو فكرية من داخل المنظومة الإسلامية و حتى من خارجها.
خاتمة
العالم المتمدن تخلص من كل الصراعات ذات المنحى الديني,ليس رفضا للديانات,بل احتراما لها,و حرصا على الوحدة الوطنية التي لا يمكن أن يكون أساسها الدين,فالناس تغير دياناتها,لكنها لا تستطيع استبدال الأوطان أو تغييرها,و لذلك لا يمكن خوض الصراعات السياسية بتأويلات دينية,لأن ذلك,ليس دليل عافية,بل هو اعتلال للسلطة و المجتمع معا.
حميد المصباحي كاتب روائي



#حميد_المصباحي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية و الديموسلامية
- أين الإقتصاد الإسلامي؟؟
- المدرسة المغربية و العنف
- المدرس و جودة التعلمات
- السلفية و حداثية الحزب
- استراتيجية الكفايات
- العقيدة و الوطن سياسيا
- الدولة الإسلامية و إسرائيل
- مجتمع اللامدرسة
- المدرسة المغربية و المعرفة
- المجتمع المغربي و المدرسة
- اليسار العربي و الجيش
- الجيش المصري و الإخوان
- سقوط إخوان مصر
- السياسة و الصراع في المغرب
- الدولة المغربية
- حكومة الإسلام السياسي مغربيا
- الحكومة المغربية المعارضة
- فن الرواية
- الإسلام و الحداثة


المزيد.....




- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...
- مقتل عراقية مشهورة على -تيك توك- بالرصاص في بغداد
- الصين تستضيف -حماس- و-فتح- لعقد محادثات مصالحة
- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد المصباحي - الصراع الديني اندحار