أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نافذ الشاعر - ما ودعك ربك وما قلى














المزيد.....

ما ودعك ربك وما قلى


نافذ الشاعر

الحوار المتمدن-العدد: 4222 - 2013 / 9 / 21 - 19:28
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


كل امة تمر بادوار مختلفة من الرقي والانحطاط، فأحيانا يطلع عليها ضحى الانتصار والازدهار، وأحيانا تحيط بها ظلمات الفشل والإدبار، والقاعدة العامة أن الأمم إذا أصابها الانحطاط بعد الازدهار شملها الهلاك والدمار، ولكن الله تعالى عامل أمة الإسلام، على عكس ذلك. وقد أخبر الله عز وجل أن الأمم يمكنها أن تزدهر ماديا رغم إعراضها عن الله تعالى، ولكن أمة الإسلام لن يسري عليها هذا القانون، وبالتالي لن تحرز رقيا عظيما وهم معرضة عن الله تعالى كما يحدث مع الأمم الأخرى.
فنحن نرى أنه عندما أصيبت الأمم الأخرى بالانحطاط الروحاني بعدما بعث الله فيها الأنبياء، فإن هذه الأمم ازدهرت ماديا رغم إعراضها عن الله تعالى، ولكن الله تعالى يخبر نبيه صلى الله عليه وسلم، أنه لن يعامل أمته هكذا، ولن يكتب لها الرقى المادي إلا مع صلاح دينها، فمن المحال أن تأتي على أمة الإسلام فترة الازدهار وهم تاركون لله تعالى، أو مصابون بالانحطاط الديني والأخلاقي.
وقد أتت على النصارى فترة ازدهار عندما ماتت المسيحية عمليا. فبعد انقضاء ثلاثة قرون ضعف المسيحيون ضعفا روحانيا شديدا، وتسربت إليهم أنواع المفاسد خلافا لتعاليم المسيح عليه السلام؛ عندها جاءت عليهم فترة الازدهار المادي. بينما يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم يا محمد لن نفعل هكذا مع أمتك، فلن تأتي على المسلمين فترة الازدهار والرقي المادي إلا إذا كانوا على صلة قوية مع الله تعالى، أما إذا قطعوا صلتهم معه تعالى بسوء أعمالهم فلن تأتي عليهم فترة الازدهار والرقي.
وبالفعل نرى أن المسلمين كانوا حائزين على الميزتين في زمن الخلافة الراشدة التي كانت فترة رقي الإسلام، إذ كانوا مزدهرين روحانيا، كما كانوا مزدهرين ماديا.
أما في هذا العصر الذي هو فترة انحطاطهم الروحاني فلم يستطيعوا أن يحرزوا الازدهار المادي برغم اتخاذهم كل التدابير التي اتخذتها الأمم الأخرى لرقيها المادي.
فمثلا؛ قد قالوا إن الأمم الأخرى قد ازدهرت بالتعامل بالربا، فلنتعامل نحن أيضا بالربا ونتنافس مع الأمم الأخرى في هذا الأمر، فتعاملوا بالربا، فظلوا يتردون وينحدرون أكثر فأكثر، مع أن الأمم الأخرى ازدهرت بالربا!
ثم قال المسلمون لقد ازدهرت الدنيا بالتعليم المادي، فتعالوا نهتم بالتعليم المادي، فاندفعوا بكل قوة وحماس لإصلاح حالتهم العلمية، ومع ذلك لا يزالون يسقطون إلى الحضيض نتيجة هذا التعليم، بينما ازدهرت الأمم نتيجة هذا التعليم المادي.
ثم قالوا إن الأمم الأخرى قد ازدهرت بالتجارة، فتعالوا نتوجه إلى التجارة ونتغلب بها على العالم كالأمم الأخرى، فتوجهوا إلى التجارة، ولكن لم تزدهم تجارتهم إلا خسارة وبوارا، بينما ازدهرت الأمم الأخرى بتجارتها. وما أصدق قول عمر بن الخطاب وهو يشرح هذا القانون الإلهي بجملة عبقرية: (إنا قوم أعزنا الله بالإسلام، فإذا ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله)!
باختصار، لقد بذل المسلمون كل ما في وسعهم من أجل الرقي المادي، ولكن تدابيرهم لم تحقق لهم حلم الازدهار، مع أن هذه التدابير هي التي ساهمت في رقي الأمم الأخرى.!
فثبت أن جميع الأمم في الدنيا تزدهر ماديا رغم إعراضها عن الدين، ولكن الله تعالى قد جعل للمسلمين قانونا جديدا بأنه لن تأتي عليهم فترة الازدهار إلا بالالتزام بدينهم؛ أي من المحال أن يتركهم الله يزدهرون كالأمم الأخرى وهم عنه معرضون.
لأنه إذا سمح لأمة بالرقي رغم إعراضها عن دينها كان ذلك دليلا على أن الله تعالى قد ودعها وهجرها، والله يقول: (ما ودعك ربك وما قلى).
لقد كتب الله الرقي للأمم الأخرى رغم إعراضها عنه تعالى؛ لأنه قد تركهم وهجرهم، بينما يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم، يا محمد لن نودعك أبدا ولن نودع أمتك أيضا، ولذلك لن يحرزوا رقيا بدون إتباع دينهم، إذ لو كتبنا لهم الرقي من دون أن تصلح حالتهم الدينية فسيظنون أن الله راض عنهم، فيزدادون بعدا عن الدين، ولأجل ذلك لن نأتي عليهم بفترة الازدهار وهم غافلون عن الدين، بل كلما كانوا غافلين عن الدين عاقبناهم، لأن عدم عقابهم يعني موتهم واندثارهم.
باختصار، يعلن الله تعالى أنه سيظل مع المسلمين ويعطيهم نصيبهم من الترقيات المادية ما داموا عاملين بدينهم، فإذا هجروه فلن نتركهم بل سنعاقبهم على سوء أعمالهم، ليس لنهلكهم، كلا..! بل لنعود بهم إليك يا محمد لكي يتمسكوا بدينك بقوة. ففي الحالتين نعاملهم معاملة تدفعهم إلى التمسك بالإسلام وعدم التفكير في تركه طرفة عين، فيزدهرون ما داموا معك، أما إذا تركوك فسوف نعاقبهم لتعود إليهم فترة الازدهار والرقي ثانية.
باختصار. إن الإسلام آخر الأديان، فلذلك لا تسمح أقدار الله للمسلمين أن يزدهروا من دون الإسلام؛ حتى لا يطمئنوا ويصبحوا غافلين عن الإسلام غير مبالين بتعاليم الدين، يعني رقي المسلمين والقرب الإلهي سوف يسيران دوما جنبا إلى جنب، فلن تزدهر الأمة الإسلامية من دون قرب الله تعالى ومعيته ورضاه، وكلما ترك المسلمون دينهم حرموا من الترقيات المادية أيضا.
وكما يصدق هذا القانون الإلهي على امة الإسلام بمجموعها، يصدق كذلك على أفرادها، يعني إذا اخطأ المسلم وارتكب معصية ولم يتب منها ويرجع عنها، فإن الله سيبتليه بشتى الابتلاءات ويعرضه لشتى المحن والبلايا، حتى يجعله يشعر بوطأة ما ارتكبه ويعود إلى الله تعالى، لأن الله تعالى يحبه ويريده.. أما إذا ارتكب المسلم المعاصي والخطايا ثم أمده الله بالرزق والولد والجاه.. فإن هذا معناه أن الله تركه وقلاه وابتعد عنه، ولم يعد يبال به أو يهتم بشأنه لأنه لا فائدة منه ولا خير فيه.!



#نافذ_الشاعر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عورة المرأة
- الفارقليط وختم الأنبياء
- تأثر القرآن بثقافة العصر الذي نزل فيه (*)
- اللغة الفارسية والمحاكاة
- معنى الكتابة في القرآن
- بين الصداقة والحب
- الشجرة الملعونة
- أينقص الدين وأنا حي؟
- لماذا أحبك (نقد قصيدة)
- كيف حملت العذراء بالسيد المسيح
- قافلة الرقيق
- في شغل فاكهون
- في البدء كان الكلمة
- التجسد
- حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون
- الصلاة الربانية وسورة الفاتحة
- في سيناء (سيرة ذاتية)
- السلام العالمي والإسلام
- غموض الشعر بين الحداثة ونظرية ابن خلدون
- أهل الكتاب


المزيد.....




- ردا على بايدن.. نتنياهو: مستعدون لوقوف بمفردنا.. وغانتس: شرا ...
- بوتين يحذر الغرب ويؤكد أن بلاده في حالة تأهب نووي دائم
- أول جامعة أوروبية تستجيب للحراك الطلابي وتعلق شراكتها مع مؤ ...
- إعلام عبري يكشف: إسرائيل أنهت بناء 4 قواعد عسكرية تتيح إقامة ...
- رئيس مؤتمر حاخامات أوروبا يتسلم جائزة شارلمان لعام 2024
- -أعمارهم تزيد عن 40 عاما-..الجيش الإسرائيلي ينشئ كتيبة احتيا ...
- دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية تكشف عن عدد السكان
- مغنيات عربيات.. لماذا اخترن الراب؟
- خبير عسكري: توغل الاحتلال برفح هدفه الحصول على موطئ قدم للتو ...
- صحيفة روسية: هل حقا تشتبه إيران في تواطؤ الأسد مع الغرب؟


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نافذ الشاعر - ما ودعك ربك وما قلى