أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رياض حسن محرم - الإختلاط..أقصر طريق للفضيلة















المزيد.....

الإختلاط..أقصر طريق للفضيلة


رياض حسن محرم

الحوار المتمدن-العدد: 4213 - 2013 / 9 / 12 - 14:36
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ما أن يأتى ذكر الإختلاط بين الجنسين حتى ينبرى رجال الدين من مختلف الأديان والملل والمذاهب متوعدين ومنذرين بأسوأ العواقب وأوخمها وأن سبب كل بلايا المجتمع تأتى من الإختلاط وما ينتج عنه من فساد أخلاقى، يتم الاستشهاد فى ذلك بنصوص من الكتب المقدسة وتفسيراتها، ففى الجانب الإسلامى "وهو أساس موضوعنا" يتم الرجوع الى كثير من الآيات والاحاديث النبوية واقوال الفقهاء، وأغلب تلك النصوص لا تبيح الإختلاط الاّ بمآخذ شرعية مقيّدة شديدة، وحتى بعض من يجيزونه "فى حدود" يسترجعون ما كان فى عهد دولة الرسول أو الخلفاء الراشدين ولو بإسلوب صادم مثلما أشار الدكتورعزت عطية رئيس قسم الحديث بكلية أصول الدين في جامعة الأزهر في إستشهاده بحديث "صحيح ومتواتر" عن رضاع الكبير محاولا إيجاد مخرج للإباحة في ظل الظروف الاجتماعية المعاصرة، التي تفرض اختلاط الجنسين في أماكن العمل وغيرها.
لقد كان من حسن حظى أن جميع المراحل التعليمية التى مررت بها كانت بمدارس مختلطة من الإبتدائية وحتى الجامعة "كان ذلك منتشرا عادة فى الريف لأسباب إقتصادية بحته وذلك لندرة الأبنية التعليمية وقلّة عدد الطالبات"، ورغم أن ذلك لم يؤدى الى الإختلاط الفعلى والحياتى "فلم يكن القصد منه ذلك"، ولكنه ساعد بشكل كبير على ترقيق مشاعر الجنسين وإنخفاض مستوى العنف الذكورى، ويلعب الإختلاط دورا هاما فى التفوق الدراسى الذى يميّز الطالب او الطالبة الى الرغبة فى التميز لإكتساب رضى الآخرين وإثبات نضوجه العقلى، بل إن الاختلاط يساعد على عمق وإيجابية المناقشات المدرسية اثناء الدرس والى تنمية الإبداع الفنى فى حصص الرسم والموسيقى والى التفوق فى البحوث والدراسات، ان الدراسة المختلطة المبكرة تذيب الحواجز والمخاوف ما بين الذكور والإناث فتلعب الانثى مع الذكر وكأنها تلعب مع صديقتها وتتحدث وتضحك بحرية وبدون حواجز تغريبية تجعل الذكر من كوكب مارس والفتاة من كوكب فينوس، وتزيل الحواجز النفسية بينهما، ويؤدى الى النضج الإدراكى والإجتماعى وبناء الشخصية السوية، كما أن الإختلاط منذ مرحلة الطفولة المبكرة يقى من كثير من الشوائب والأمراض النفسية ويساعد على التوازن العاطفى وعدم الإنحراف السلوكى، وتوجد دراسة نفسية تمت فى فرنسا تثبت أن الطريق الى الرذيلة يبدا من العزل الإجتماعى والتصورات المتخيلة عن الطرف الآخر والسقوط بسهولة فريسة لأول من يتعدّى حواجز العزلة والوصول الى ذلك الكائن المجهول.
فى نظر كثير من الدعاة أن الإختلاط هو مصدر كل البلايا و يُعتبر من الكبائر التي لا تُغتفر وحدوثه بين الجنسين رجس من عمل الشيطان ، لذلك كان يُخطط دائما لإبعاد الذكر عن الأنثى ، وكأن بلقائها ستحدث الطامة الكبرى والمعاصى ويسوقون أحاديث تنسب الى الرسول الكريم من عينة "ما إجتمع رجل وإمرأة الاّ وكان الشيطان ثالثهما"، ويتشدد الكثير منهم فى تلك المسألة حتى أن أحدهم حرّم جلوس الفتاة على النت بدون محرم، وينسون أو يتناسون أنه في عصرنا الحالي حيث عصر العولمة والإنفتاح والأقمار الإصطناعية والإنترنت والتليفونات المحمولة وتقدم الإتصالات السريع فإن ظاهرة الإختلاط بين الجنسين لم تعٌد سوى تحصيل حاصل ، شئنا أم أبينا ، فالتقدم يسير بخطى سريعة للأمام والحياة تسير معه مهما وضعنا أمامها من العراقيل أو الصعاب أو المعٌــــــــــــوقات، فمنع المرأة فى السعودية مثالا من عدم قيادة السيارة ليس له علاقة بالفصل بين الجنسين ولكنه جزء من نسق إجتماعى ينظر الى المرأة بصورة دونية عن الرجل.
بالرغم من صراخ البعض من الاسلاميين المعتدلين بأن الاسلام لم يمنع الاختلاط وانه فى أيام الرسول وصدر الإسلام كان يسمح للمرأة بالصلاة فى المسجد فى صفوف خلف الرجال حتى لا تنكشف عورات الرجال أو النساء مما يفسد الصلاة وكن يتشاركن مع الرجال فى حوض واحد للوضوء وكن يشهدن الغزو ويطببن الرجال، ولكن تبقى فى الواقع مجرد كلمات لتزجيج وتحسين الصورة فلحظة التطبيق الفعلى للدول والمجتمعات التى سيطر فيها الاسلاميين وضعت المرأة فى مرتبة دونية واستحدثت أشكال متخلفة وعنيفة للفصل بين الجنسين، هذا ما رأيناه على أرض الواقع، ففى السودان تجلد النساء لمجرد ارتدائهن للبنطلون، وفى غزة الصورة تبدو أكثر قتامة فقد وصل الحد لمنع ركوب المرأة وراء زوجها على الدراجات وآخرها ما أصدره وزير التعليم بالفصل بين البنات والبنين فى جميع دور الدراسة حتى الابتدائية منها، والأمثلة لا تعد حول تلك الانتهاكات، كل ذلك فى ظل كلمات منمقة حول تكريم الاسلام للمرأة، نورد فى هذا الصدد ما ذكره الأديب والوزير السعودى غازى القصيبى حول الموضوع " الاختلاط بين الجنسين لم يصبح منكرا عظيما وطامة كبرى إلاّ في عصور الأمة المتخلفة، أمّا في صدر الإسلام فكان الرجال والنساء يختلطون في المساجد وفي الأسواق وعند القضاة وفي جيوش الغزو (وفي سفن الغزو) ولم يطالب أحد بحسب علمي بإنشاء مساجد أو أسواق أو محاكم أو جيوش أو سفن مخصصة للرجال وأخرى للنساء"، ولا يمنع وجود أصوات (مجرد أصوات) عاقلة لا تقدم أو تؤخر شيئا، لكن أصحاب السطوة الحقيقية فى السعودية هم جماعات مثل "الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر" المشكّلة بقرار ملكى والتى تجوب الشوارع والاسواق تتحكم فى ملابس النساء وتتحقق من منع الاختلاط بصورة فظة وخشنة ولهم حق الضبطية القضائية على الافراد، وتختفى آراء المصلحين تماما أمام فتاوى مثل وجوب قتل من يقول بالاختلاط كتلك الفتوى التى أصدرها الشيخ عبد الرحمن البراك السعودى "الاختلاط بين الرجال والنساء في ميادين العمل والتعليم ـ وهو المنشود للعصرانيين ـ حرام لانه يتضمن النظر الحرام والتبرج الحرام والسفور الحرام والخلوة الحرام والكلام الحرام بين الرجال والنساء ذلك طريق الى ما بعده ومن استحل هذا الاختلاط ـ فهو مستحل لهذه المحرمات ومن استحلها فهو كافر، ومعنى ذلك أنه يصير مرتدا فيُعرَّف وتقام الحجة عليه فان رجع والا وجب قتله، والاصل في ذلك أن من جحد معلوما من دين الاسلام بالضرورة كفر لانه مكذب أو غير ملتزم بأحكام الشريعة".
فى مطلع الشباب عندما كنا ندخل السجن أثناء الحركة الطلابية فى السبعينات ونظل محبوسين لشهور منفصلين تماما عن الجنس الآخر، وأثناء خروجنا الى المحكمة فى سيارة الترحيلات "المصمته الاّ من فتحات صغيرة قرب السقف عليها أسلاك" عبر شوارع الاسكندرية، وأثناء سير العربة بسرعة يصرخ أحد الشباب منا " بنت ..بنت" فيقفز الجميع ناحيته حتى تميل المركبة وتكاد أن تنقلب لمجرد مرور فتاة فى هذا الجانب من الشارع، أذكر ذلك تدليلا على قسوة الفصل لشهور قليلة وأردت من عرض ذلك المثال أن أدلل على ما يترتب فى التكوين الشعورى لعملية الفصل هذه، الحقيقة المؤكدة أنه يؤدى الى أمراض نفسية عديدة، فوجود بيئة ذكورية أو أنثوية مغلقة على نفسها بالعادة يسبب الشذوذ الجنسي الذى ينتشر فى تلك الأماكن المغلقة كالسجون والمعسكرات وحتى تلك المجتمعات الأحادية المحافظة حيث اللواط والسحاق وزنا المحارم.
ختاما فإن مجتمعاتنا فى العقود الأخيرة تناكصت الى الخلف كثيرا بسبب صعود ما يعرف بالصحوة الإسلامية منذ هزيمة 67 وحتى الآن، وشهدت الفترة حتى السبعينيات من القرن الماضى كيف إن العلاقات الاجتماعية بلغت ذروتها في الرقي و الاحترام المتبادل بين الطرفين إلى الحد الذي كدنا أن تصل فيه إلى مستوى المجتمعات المتمدنة الحديثة ، ومع إرتفاع حالات الحجاب التى تعم المجتمع الآن وتنامى ظاهرة النقاب التى تبدو جليّة فى شوارعنا إنتشرت الى جانبها حالات التحرّش الجنسى والاغتصاب والفساد، والمشكلة كما يقول"نصر حامد ابو زيد" أن ماحدث هو تحول الفكر الدينى المحافظ الى نسيج المجتمع وليس النخبة فقط، حدث منذ شهور أن ينظم طلبة الدعوة السلفية بكلية طب الأزهر بمدينة دمياط الجديدة وقفة احتجاجية للطلبة والطالبات بكلية الطب بنين وبنات وكلية الصيدلة اعتراضا على الاختلاط بين الجنسين اثناء الدراسة في الجامعة، المشكلة فى إنضمام العديد الذين لا إنتماء لهم الى المحتجين تعبيرا عن ثقافة متخلفة ودونية.
ربما يكون لسقوط التيار الإسلامى بعد 30 يونيو يشهد المجتمع المصرى بداية صحوة جديدة مخالفة تعيد له توازنه الحضارى الذى فقد.



#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين الولىّ الفقيه ومرشد الإخوان
- القضية الوطنية فى مصر الحديثة
- كوم أمبو .. مستوطنة صهيونية على أرض مصر
- الدكتور خالد مساعد ..مؤسس أول تنظيم جهادى فى سيناء
- جين شارب .. الإمبريالية فى أحدث أشكالها
- المرشد السرى
- الإخوان والعنف .. صراع وجود
- السلفية الجهادية فى سيناء
- إشكالية المادة الثانية
- متلازمة الإخوان -Ekhwan Syndrome-
- القطبيون الجدد
- عن الحسن بن على ..وحقن الدماء
- لماذا تبدل موقف المصريين من القضية الفلسطينية؟
- الإخوان وأوهام دولة الخلافة ..(العثمانيون نموذجا)
- إخوان مصر ..وتكرار النموذج الجزائرى
- 30 يونيو ...صراع بين رأسماليتين
- اليوم التالى .. Next day--
- هانى عمار ...ذلك المقاتل العنيد
- فكرة ربط نهرى النيل والكونغو بين الحقيقة والخيال العلمى
- جوزيف روزنتال..ذلك الشيوعى التائه


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رياض حسن محرم - الإختلاط..أقصر طريق للفضيلة