أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد علي مقلد - المعايير العتيقة تشوه معنى الثورة














المزيد.....

المعايير العتيقة تشوه معنى الثورة


محمد علي مقلد
(Mokaled Mohamad Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4189 - 2013 / 8 / 19 - 20:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


غالبا ما وقع أهل اليسار القديم وأنصار الثورة في الارتباك عند محاولتهم تحديد الموقف من الربيع العربي . تحفظ بعضهم على مشاركة الاسلام السياسي ، واعتبرها انتقاصا من نقاء الثورة ، وحرفا لها عن مسارها السليم ، وبلغ التحفظ ببعضهم حد الوقوف موقفا سلبيا منها، مبنيا على أولويات مغلوطة تتوهم أن الخطر الأساسي على بلدان العالم العربي هو خطر خارجي ، خطرالاستعمار (الذي لم يعد موجودا بمعناه القديم إلا في فلسطين) ، أوخطر العولمة ،( النظام العالمي الجديد) أي النظام الرأسمالي بنسخته الجديدة ما بعد انهيار المنظومة الاشتراكية ، حتى إن هذا اليسار لم يتورع عن الوقوف إلى جانب النظام ( السوري خاصة) ضد المعارضة الشعبية ، ليشكل معه ، تحت اسم الممانعة ، خط الدفاع الأخير عن الاستبداد الأصولي ، القومي والديني واليساري ، مدمرا بذلك الوجوه المشرقة والناصعة من تاريخ اليسار.
من لم يتحفظ على الاسلام السياسي أو يعترض على "خروج الثورة من المساجد" وقع في نوع آخر من الارتباك بعد أن ظهر دور للجيش في تونس ثم في مصر ، ولا سيما في المرحلة الثانية من تدخله للإطاحة بالرئيس " المنتخب" محمد مرسي ، ثم لفض الاعتصامات التي نظمها جماعة الإخوان المسلمين في ميدان رابعة العدوية وسواه من الميادين. بلغ هذا الارتباك حد الحكم على ما حصل بإنه انقلاب عسكري يجسد شهية العسكر لممارسة الحكم واستعادة سلطة فقدوها بسقوط الرئيس حسني مبارك.
تفاقم ارتباك هؤلاء وأولئك بسبب تردد وتحفظات من نوع آخر على الربيع العربي من جانب المعسكر الغربي ، ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية، التي تفاجأت بما حصل ولم تكن مهيأة حتى لتفسيره تفسيرا صحيحا، حتى أن هذا المعسكر نفسه يستخدم معايير عتيقة للحكم على الثورات العربية .
ثلاثة أخطاء وقع فيها المتحفظون من أهل اليسار ، وهي أخطاء معيارية . فقد اعتادت الشعوب العربية على " ثورات " هي إسم على غير مسمى ، وهي انتشرت في بلدان المشرق العربي ومغربه ، في سوريا والعراق ومصر وليبيا والسودان واليمن والصومال، وكانت الأحكام عليها تتأرجح بين اعتبارها محصلة تدبير ومؤامرة خارجيين ، وبين اعتبارها ثورة وطنية ضد كل تدخل خارجي. لأول مرة في التاريخ العربي الحديث وقفت الجهات المتهمة بتدبير المؤامرات ( أجهزة المخابرات الغربية عموما والأميركية خصوصا) موقفا حائرا ومحيرا ، بل مترقبا ومتفرجا ، على الأقل في المراحل الأولى ، لأن الثورة هذه المرة لم تكن انقلابا ، ولا كانت من صنع ضباط الجيوش ، بل كانت صناعة شعبية بالمعنى الدقيق للكلمة ، ولأن أهدافها المعلنة من اللحظة الأولى صوبت على العطل الأساسي في الأنظمة العربية الذي تتناسل منه كل الأعطال الأخرى ، ونعني به الاستبداد وانظمة الوراثة . يعني ذلك أنها ثورات من أجل بناء أنظمة حكم جديدة تحترم التنوع والتعدد وحقوق الانسان وتقوم على الديمقراطية واحترام الحريات ، الخ.
الخطأ المعياري الآخر يتمثل في النظر إلى تدخل الجيش المصري ، خصوصا في المرة الثانية ، باعتباره استعادة لدور قديم في صنع الانقلابات . ومكمن الخطأ هو في استخدام معايير عتيقة على ظروف جديدة . لم يكن الجيش هذه المرة هو المبادر إلى كتابة البيان رقم واحد ، بل التحق بحركة شعبية واسعة مليونية في المرة الأولى ، بلغت ثلاثين مليونا في المرة الثانية ، وهو الذي طلب مباركة شعبية لتنفيذ فض الاعتصام في الثالثة.لقد بات في حكم المؤكد أن النسخة الأولى من "الثورات-الانقلابات" قد انتهت إلى غير رجعة ، وأن دور الشعب في صنع أول ثورة حقيقية في العالم العربي لم يلغ دور الجيوش لكنه رسم حدودا لهذا الدور وجعل تجاوزها عملية صعبة جدا إن لم تكن مستحيلة.
الخطأ المعياري الثالث ناجم عن فهم مغلوط لمعنى الديمقراطية وآلياتها. أولا ، إن تخيل ثورة من غير عنف هو تعبير عن عطل في المخيلة لا في الثورة ، هذا فضلا عن أن حجم العنف لا تحدده الثورة وحدها ، بل كثيرا ما يتسبب أعداؤها بعنف أكبر من كل ذاك الذي ارتبط بالثورة ولون الدم ، وهذا خاضع لعوامل معقدة من بينها التقاليد المؤصلة في أخلاق الشعوب ومستوى الثقافة السياسية الذي يهذب الميل إلى العنف ويحد من جموحه .
ثانيا ، انحصر معنى الديمقراطية على صعيد الوعي الشعبي بصندوقة الاقتراع وحكم الأكثرية ، وهو تعريف مغلوط جملة وتفصيلا . قد يكون ذلك من آلياتها ، لكن المعنى الفلسفي والسياسي يحيل إلى مستوى آخر، ويربط دلالة المصطلح بسائر المصطلحات الشقيقة والمشتقة . إن للديمقراطية شجرة عائلة أو بيئة حاضنة لا يمكن أن تعيش إلا معها أو في حضنها . كثيرة كانت تجارب صناديق الاقتراع العربية ، وهي كلها شوهت معنى الاقتراع والحرية الفردية ومضمون الديمقراطية ، إذ لا ديمقراطية من غير مساواة في الاطلاع على المعلومة ، ولا ديمقراطية مع التضليل الإيديولوجي والتجهيل ، ولا ديمقراطية في ظل مستوى من الوعي الغرائزي الذي يصنعه جهلاء الدين والمتاجرون به ، ولا في ظل وعي اسطوري لقضايا البشر الدنيوية . بهذا المعنى لم يكن انتخاب مرسي لرئاسة مصر إلا تجسيدا مشوها لمعنى الديمقراطية ، لأن الفكر المعتمد لدى الاسلام السياسي الفائز في الانتخابات يحسب الديمقراطية عددا ويشطب معانيها الأخرى ، هذا إن لم نقل إنها لا يعترف بها إلا وسيلة للاستيلاء على السلطة ، ثم التخلي عنها فورا بعد ذلك ، ومن بين تلك المعاني احترام التنوع والتعدد وقبول الآخر المختلف .غير أن تجارب الجماعات الاسلامية التي وصلت ، أو كادت تصل ، إلى السلطة ، في الجزائر والسودان وإيران وأفغانستان ، رأت في الديمقراطية وسيلة للتضييق على الأقليات الدينية والإثنية وتهجيرها ، والقضاء على الأقليات السياسية بعنف سياسي وجسدي غير مسبوق ، والانتهاك الفاضح للقانون الذي يحمي الديمقراطية والاعتداء على القضاء الذي يصونها ويحقق العدالة والمساواة بين المواطنين .



#محمد_علي_مقلد (هاشتاغ)       Mokaled_Mohamad_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عرائض مليونية في لبنان
- 8 آذار : دروس أسيريّة بالمقلوب
- خطيئة عقاب صقر
- عاشوراء طقوس أم سياسة؟
- تعديل على الاستقلال المقبل
- صور الحسين والشيعية السياسية
- من هو اليساري؟
- خطب للتهدئة أم للتصعيد
- الإرشاد الرسولي والاستبداد
- فرنجية هو هو ... - لو حكم بلد-
- جنبلاط - الحريري
- من قتل وسام الحسن؟
- خطاب الانتهاكات
- أيهما المقدس ، الدين أم رجال الدين؟
- سرقة الأكثرية
- حالة الويكيلكسيين بالويل
- العونية ظاهرة أم طفرة
- المقاومة والشيوعيون
- الصدر والصدريون
- بشير الجميل والبشيريون


المزيد.....




- سقط سرواله فجأة.. عمدة مدينة كولومبية يتعرض لموقف محرج أثناء ...
- -الركوب على النيازك-.. فرضية لطريقة تنقّل الكائنات الفضائية ...
- انتقادات واسعة لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريح ...
- عقوبات أمريكية جديدة على إيران ضد منفذي هجمات سيبرانية
- اتحاد الجزائر يطالب الـ-كاف- باعتباره فائزا أمام نهضة بركان ...
- الاتحاد الأوروبي يوافق على إنشاء قوة رد سريع مشتركة
- موقع عبري: إسرائيل لم تحقق الأهداف الأساسية بعد 200 يوم من ا ...
- رئيسي يهدد إسرائيل بأن لن يبقى منها شيء إذا ارتكبت خطأ آخر ض ...
- بريطانيا.. الاستماع لدعوى مؤسستين حقوقيتين بوقف تزويد إسرائي ...
- البنتاغون: الحزمة الجديدة من المساعدات لأوكرانيا ستغطي احتيا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد علي مقلد - المعايير العتيقة تشوه معنى الثورة