أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - إرهابيون عشوائيون .. وإعلاميون على باب الله















المزيد.....

إرهابيون عشوائيون .. وإعلاميون على باب الله


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1188 - 2005 / 5 / 5 - 12:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يوم السبت الماضى ، الموافق 30 ابريل ، تكرر نفس ما حدث يوم الخميس الموافق 7 ابريل .. وكأنه لا جديد تحت الشمس .
نفس العملية الارهابية العشوائية والبدائية ، ونفس ردود الافعال السطحية والارتجالية .
فمثلما حدث فى الازهر منذ ثلاثة اسابيع ، وفى ملابسات يكتنفها نفس الغموض ، شهد ميدان الشهيد عبد المنعم رياض حادثا ارهابيا شديد السذاجة أودى بحياة المتهم بتنفيذه فقط . واصابة عدد يقل عن اصابع اليدين .
الجديد ان هذا الحادث الساذج كان له " ملحق " اكثر سذاجة فى ميدان السيدة عائشة ، أودى – ايضا – بحياة المتهمتين بتنفيذه فقط واكد بيان وزارة الداخلية ان عمليتى ميدان الشهيد عبد المنعم رياض وميدان السيدة عائشة لا تربط بينهما السذاجة نفسها فقط وانما " قرابة دم " بين المتهمين بارتكابهما .. شاب وشقيقته وزوجته .
وبالتالى فانه يمكن اعتبارهما عملية واحدة .
وبما ان المتهم بارتكاب عملية ميدان الشهيد عبد المنعم رياض هو نفسه أحد المتهمين بالاشتراك فى عملية الازهر منذ ثلاثة أسابيع فانه يمكن اعتبار العمليات الثلاثة عملية واحدة .. مثل شجرة لها جذع مشترك وثلاثة فروع .
وكما ان المتهمين بارتكاب العمليات الثلاثة ، او بالأحرى العملية المثلثة ، قد ابدوا نفس العشوائية والغباء السياسى ، والعمى الانسانى .. أبدت معظم الأطراف الأخرى نفس السطحية والارتجال فى التعامل مع هؤلاء الإرهابيين العشوائيين "الأحداث" و"الصبية" الذين تقل أعمار بعضهم عن العشرين عاماً !
فقد استمرت بيانات وزارة الداخلية فى وصف هذه العمليات بانها " فردية "
ظنا منها بان ذلك يخفف من وقع ما حدث .
وكلمة " فردية " تعنى ان المسئول عن هذه الكوارث – رغم سذاجتها – شخص مفرد واحد ، او على الأكثر حفنة محدودة من الأفراد . والواضح من متابعة ما حدث ان هذا غير صحيح ، فنحن ازاء " شجرة عائلة " تكبر كلما اقتربنا منها ، ثم ان هذا " التنظيم القرابى " ليس مبتوت الصلة عما يجرى حوله ، ولا يعيش أعضاءه فى جزيرة معزولة ، بل تبين ان أج هزة الأمن سبق ان استدعت بعض المتهمين بارتكاب هذه العمليات للاشتباه بعلاقتهم ببعض العناصر المتطرفة.
واذا كان من المحتمل الا تكون لهؤلاء الصبية ، أو الإرهابيين العشوائيين ، علاقة تنظيمية مباشرة بتنظيمات الإسلام السياسى الكبرى والمعروفة ، فان هذا لا يهون من شأنهم او يقلل من خطورتهم . بل انه ربما يكون العكس على طول الخط ، لانه قد يوحى بأننا أصبحنا على مشارف مرحلة جديدة حبلى باحتمالات صعود موجة من الإرهابيين العشوائيين غير المرصودين من أجهزة الأمن والذين لا توجد لهم سجلات ولا تتوفر عنهم معلومات أمنية كافية .
وليس الإصرار على إسباغ صفة " الفردية " على هذه العملية الثلاثية هو العيب الوحيد . بل رافقته عيوب شتى منها – على سبيل المثال – محاولة التهوين من شان هذه الظاهرة ، وذلك عن طريق الإصرار على تفسير نشأة هؤلاء الإرهابيين العشوائيين الجدد تفسيرا نفسيا واجتماعيا مبتذلا ومغاليا فى السطحية . فمثلما حاول الكثيرون التأكيد على ان فقد الأب كان السبب الرئيسى لاتجاه حسن رأفت بشندى ، المتهم بارتكاب عملية الأزهر، الى الإرهاب ، قال البعض ان فقد الام كان السبب الرئيسى لاتجاه ايهاب يسرى ياسين ،المتهم بارتكاب عملية ميدان الشهيد عبد المنعم رياض ، الى الإرهاب .
وهذا التفسير السطحى يجعلنا نتعامل مع هذه المنظمة الارهابية – التى لم يفكر أعضاؤها حتى فى تسميتها - باعتبارها " منظمة أيتام " ، وإذا كانت هناك مدعاة للهزل فى هذه الظروف الحزينة فان هذا التفسير ربما كان بلاغاً لأجهزة الأمن بوضع كل اليتامى المصريين على قوائم المشبوهين !
والى جانب العيبين السابقين ، استمرت العيوب الأخرى التى رافقت الفرع الأول من هذه العملية الثلاثية ، ومنها تناقض المعلومات والروايات ، ووجود تساؤلات كثيرة بلا إجابات مقنعة مثل سبب وجود البطاقة الشخصية للمتهم الأول فى عملية الأزهر فى جيب المتهم الأول فى عملية عبد المنعم رياض .
بيد أن العيب الأكبر – المستمر – هو الإصرار على التركيز على المعالجة الأمنية للمسالة ، ورغم ان المعالجة الأمنية ضرورية فانها لا تكفى وحدها . فربما تكون كافية لـ " تقفيل القضية " ، لكنها لا تكفى لمواجهة هذه الموجة المرشحة للتصاعد من الارهاب العشوائى .
فهذه المواجهة المطلوبة تنقلنا الى امور ابعد كثيرا من الامن .
واول المجالات التى يجب بحثها بحثاً عليماً هو الخلفية الاجتماعية لهذا الجيل الجديد من الارهابين العشوائيين ، حيث تفيد المعلومات المتاحة انهم جميعاً من الشباب الصغير السن الذى لم يكن قد ولد سواء فى عصر عبد الناصر او عهد السادات ، بل يمكن تسهيتهم بانهم ابناء جيل الحزب الوطنى وهؤلاء كلهم يسكنون المناطق العشوائية الفقيرة فى شبرا الخيمة وضواحيها ، عزبة عثمان وعزبة رستم والجبلاوى . وهو جميعها عشوائيات محرومة من الخدمات الأساسية ، وتعانى من العوز وضيق الحال وشطف العيش وقسوة الحياة .
فما هى مسئولية هذا الفقر المدقع المقترن بالإحباط وفقدان الأمل فى المستقبل عن توفير المناخ الملائم لترعرع الإرهاب ،واسترخاص الحياة ، حتى حياة هؤلاء الإرهابيين العشوائيين الصبية .
المجال الثانى الذى يجب التدقيق فيه هو المجال السياسى . وهنا نجد أنفسنا أمام اكثر من سيناريو .
السيناريو الاول هو الصداع الإسرائيلي . وها هو وزير الداخلية اللواء حبيب العادلى ذاته يقول لسمير رجب رئيس تحرير الجمهورية أيمس الأول الاثنين أن ما فعله هؤلاء الإرهابيون العشوائيون جاء " كرد فعل لما يحدث فى المنطقة العربية سيما تجاه الفلسطينيين ".
هذا الكلام الذى قاله وزير الداخلية ينسجم مع واقعة ان اثنين من المصابين فى عملية ميدان عبد المنعم رياض كانا من الإسرائيليين ، وان الأوتوبيس الذى قيل انه تعرض لاطلاق النار فى ميدان السيدة عائشة كان يقل سياحا إسرائيليين ، فضلا عن أن عملية طابا التى وقعت من قبل استهدفت الإسرائيليين فى المقام الاول .
الا يستلزم ذلك فتح ملف التطبيع ودراسته دراسة متأنية بعيدا عن ردود الافعال العصبية الضارة التى شاءت ان تضع فى صدور الصفحات الاولى للصحف القومية بعد الحادث مباشرة خبرا يقول ان " 28 الف سائح اسرائيلى زاروا سيناء فى عيد الفصح ".
فلماذا صب الزيت على النار .. ولمصلحة من ؟!
السيناريو الثانى متعلق بالجماعات الاسلامية او ما يسمى بمنظمات الاسلام السياسى وفى مقدمتهم الاخوان المسلمين .
لقد دأبت المعالجة الرسمية منذ العهد الناصرى حتى الان على وصف تلك الجماعات بانها الجماعات " المنحلة " او " المحظورة " ، مثلما دأبت على تسمية إسرائيل بالدولة " المزعومة " وفى النهاية اصبح التطبيع هذه الدولة المزعومة امل معظم الحكومات العربية ، فى حين استمرت فى نفس سياسة دفن الرؤوس فى الرمال امام ملف جماعات الاسلام السياسى " المحظورة " !
فالى متى يستمر هذا التناول غير الواقعى . أليس من الأجدى إعادة النظر فى هذا الموقف الذى استمر عقودا متتالية وثبت انه عقيم ؟ والا يوجد احتمال بان الكف عن التعامل مع هذه الجماعات على انها " محظورة " و " منحلة " ربما يكون اقصر الطرق لاخراج تلك العشوائيات الإرهابية الوليدة من تحت الارض ؟
السيناريو الثالث الذى يستحق البحث هو علاقة هذه العمليات العشوائية والساذجة بالمناخ السياسى المحتقن ، وما يدور فى ظله من جدل ساخن حول عدد من القضايا الجوهرية ، منها على سبيل المثال مستقبل قانون الطوارئ ، وما يستتبع ذلك من جدل فرعى تتمسك فيه " الموالاة " بالطوارئ استنادا الى استمرار الإرهاب ، وتتمسك فيه " المعارضة بالمطالبة بإلقاء الطوارئ فى سلة المهملات بعد ان ثبت أنها لا تحول دون انبعاث سرطان الإرهاب ذو الألف وجه .
السيناريو الرابع الذى يستحق الدراسة ايضاً هو نظرية وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس التى تحمل اسم "الفوضى البناءة " او " الفوضى الخلاقة " وبعبارة مباشرة .. هل توجد علاقة ما بين هذه الفوضى الارهابية العشوائية وبين تلك الفوضى التى تبشر بها السيدة " رايس " ، والتى ترتبط ارتباط عضويا بمتطلبات مشروع الشرق الاوسط الكبير الذى يريد اعادة فك وتركيب منطقتنا وفقا لـ " الكتالوج " الامريكى ؟!
إذا كنا جادين حقا فى مكافحة هذه الموجه الجديدة من الإرهاب العشوائى فاننا لا يجب ان نتجاهل العيوب المشار اليها ، واذا كان الإرهابيون العشوائيين الجدد يكررون نفس أخطائهم الساذجة فانه لا يجب عل المجتمع وقواه الحية ان يكرر الأخطاء التى وقع فيها هو الاخر .
واذا كان هذا بمثابة نداء لكل القوى الحية فى المجتمع ، وايضا الى المؤسسات الدستورية وفى مقدمتها البرلمان ى يجب ان يشكل لجنة للتحقيق السياسى فى هذا المسألة التى تمس الامن القومى ، فانه يتبقى نداء فرعى للاسرة الصحفية والإعلامية ..
صحيح انه لا يجب التعاطف مع الارهاب باى صورة من الصور ولا ينبغى تبريره باى شكل من الاشكال ، لكن تبقى هناك تقاليد مهنية لا يجب التخلى عنها حتى فى احلك الظروف .
بل ان الظروف الصعبة هى المحك الحقيقى لمدى جديتنا واخلاصنا لهذه التقاليد المهنية وفى مقدمتها ان "المتهم برئ حتى تثبت إدانته" وبالتالى فانه لا يجب على الصحافة والاعلام التسرع باصدار احكام الادانة على المتهمين .. فصاحب هذه الحق هو القضاء الطبيعى ولا احد سواه .
ومنها ايضا ان المتهمين لهم حقوق – حتى لو كانوا متهمين بالتورط فى الارهاب – فما بالك لو كان هؤلاء المتهمين قد اصبحوا فى عداد الأموات ولا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم ، وما هىالحكمة – مثلا – من نشر صور أشلائهم وجثثهم ؟ الا يتعارض ذلك مع حقوق الانسان ؟ وما هى الرسالة التى نقدمها للقراء بنشر هذه البشاعات ؟!
إن التمسك بقيم الحق والخير والجمال هو اقصر الطرق لمكافحة الإرهاب على عكس ما يتصور البعض.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البريطانيون يقاطعون.. والعرب يطبّعون !
- القرن الآسيوي .. يدق الأبواب
- عناد الوزير الذى تجاهل وعد الرئيس
- علمـاء بـريطـانيا يهـددون بمقـاطعة الإسـرائيليين المتـواطئين ...
- ! ومازالت صاحبة الجلالة فى بيت الطاعة
- هل يحمل أخطبوط الإرهاب شهادة منشأ مصرية؟
- حوار عراقي.. بدون سلاح.. في القاهرة
- ثورة السوسن .. واللوز.. والليمون
- »ولفويتز« يقتحم البنك الدولي بأسلحة الدمار الشامل
- قاطرة مشروع الشرق الأوسط الكبير .. تدخل المحطة اللبنانية
- الفشل التاسع والعشرون
- يد تقود ثورة البرمجيات .. ويد تحمي الحرف التقليدية
- إسرائيل تحتل الأرض التى ينسحب منها -التنابلة- العرب .. فى ال ...
- الوطن اكبر من الاقتصاد .. والمواطن ليس مجرد مستهلك
- أحوال أكبر ديمقراطية في العالم
- باب الشمس ) اهم من المكاتب الاعلامية .. ومقررات التاريخ المي ...
- »ملاسنة« بين أصحاب المعالي
- -يد- أبو الغيط.. و-جيب- السادات
- ! شعار البنوك المصرية : حسنة وأنا سيدك
- لمن تدق الأجراس فى بلاد الرافدين؟


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - إرهابيون عشوائيون .. وإعلاميون على باب الله