أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - خالد الصلعي - اليسار المغربي وحدة من أجل موت جماعي















المزيد.....

اليسار المغربي وحدة من أجل موت جماعي


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 4134 - 2013 / 6 / 25 - 20:02
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


اليسار المغربي وحدة من أجل موت جماعي
********************************
تاريخ اليسار الانساني هو تاريخ النضال ، تاريخ التحرر من أي نزعة محافظة تروم ابقاء الحال على ماهو عليه لتستغل كل نشاطات الانسان ونتاجاته بشكل عمودي يصّاعد نحو الأعلى بشكل ترانتدستالي نحو الحاكم ، أو الطبقة الحاكمة ، تحت شعار غيبي لا وجود له في وبين الناس . من هنا كان اليسار الانساني الحق نضالا من أجل نشر وعي الانسان بحقيقة الانسان ، وبحقيقة وجوده في الأرض ، وبجوهر علاقاته البينية ، وهدف تعميره فوق هذه الباسطة . لذلك عمل منذ البداية على كشف حجب التاريخ المادي كحتمية صراعية بين قوى استبدادية تسلطية ، وبين الطبيعة الانسانية عند الانسان من أجل التحرر بهدف الارتقاء والسمو في الحياة .
ومن أجل رسم خارطة طريق لهذا المسار اليساري وتجذيره بين الناس وأرشفته كمرجعية قابلة للتعديل والمراجعة كان لزاما بناء نظرية يسارية تقوم على بسط كل المقومات الفكرية والمعرفية من أجل ترسيخ الأبعاد الاستراتيجية لهذا الفكر . فكان التعدد والثراء الفكري والنظري الذي أرسى قواعد عملية أعطت للتطور الانساني المعاصر كل المحفزات للارتقاء به نحو تخوم الازدهار الأعلى ؛ وان بطريقة عكسية في كثير من الأحيان ، اذ فرضت على الطرف الاخر أن يقدم أقصى ما لديه من اغراءات لاستمالة جمهوره وأتباعه ، وعلى شتى الصعد والمستويات .
ان بنية اليسار هي بنية تفاعلية ابداعية ، لا تؤمن بالستاتيكو وبالثبات ، لا تعترف بالمقدس الأرضي ، وان اشتطت أحيانا ، كحال اي متغير ، لكنها لم تأت بالله الى الأرض ، ولم تمنح الناس وعودا بجنة لا يلتمسون ثمارها الابعد حين . وهذه الواقعية التي أعادت للانسان انسانيته وربطته بمصيره هنا ، هي التي أضفت على اليسار موقعه التفاعلي التغييري .
ودونما الغوص في جوهر اليسار الانساني ، فاننا سندخل في ايديولوجيا حرب الطواحين التي ما يزال يؤمن بها بعض الأشخاص مثل العفيف الأخضر ، كتعبير صريح عن عدمية بعض المحسوبين على اليسار العربي . فعوض تفكيك منظومة الاعتقال/الاعتقاد الغيبي الذي تنتهجه بعض القوى المحافظة ، فانه يذهب عكس ما فعله نيتشه أو فوكو أو ماركس ، على الرغم من اعتراف الأخير الصريح بالنماذج الانسانية العليا ، ليقحمنا في صراعات لا سبيل الى الخروج منها ، ولو أعدنا استنفاذ كل التاريخ الانساني ، فاننا سنظل ندور على الرحى ؛ كمثل يحمل اسفارا .
وقد مثل اليسار في المغرب حالة راقية ، قبل نكسة ما يعرف بالانتقال الديمقراطي 1998 ، وانخراط حزب الاتحاد الاشتراكي في لعبة نظام داهية ، كان الحسن الثاني يلعب فيه دور العقل القادر على تدبير شؤون عرشه بكل حرفية واقتدار ، وهو الذي أربك كل حسابات اليسار المغربي ، وراح يدجنه بجميع الوسائل الى أن استطاع تذويبه وصهره في بوتقة نظامه التقليدي المحافظ ، حفاظا على امتيازاته وما راكمه من ثروات مادية ورمزية . لكن لن ننسى تاريخ تشتيت الحركات اليسارية الأخرى ، وقد كان آخرها منظمة العمل الديمقراطي التي جر النظام باغراءاته المادية جل أطرها الى الانشقاق عن الحزب الأم وتشكيل حزب آخر بقيادة جديدة . بيد ان الفاجعة بدأت بدخول حزب الاتحاد الاشتراكي للحكومة ، اذ على اثر هذه الواقعة تقطع الحزب الى اربعة أحزاب دفعة واحدة ، وهنا يمكن ملاحظة مدى الانشقاق الذي أحدثه الا نزلاق في الانخراط في لعبة الكراسي .
لقد خسر اليسار المغربي كل مواقعه التاريخية ، وتراكماته النضالية ، كحالة واقعية . أما الاعتماد على الأرشيف في تطورات الشعوب والأمم لا يهتم به الا المختصون وذووا تتبع تطور الأحداث والأفكار . وقد باءت محاولة بعض مثقفيه أو المحسوبين عليه في جمع شتات اليسار الفكري والثقافي بالفشل الذريع ولم نسمع عنهم منذ بيانهم الأول والأخير السنة الماضية شيئا يذكر ، لأنهم يشتغلون خارج التاريخ وفوق التاريخ ، ولا ينخرطون فيه ، والتاريخ لا يرحم الا التجارب الناصعة والخالية من الشوائب .
وها هو الجسد الحزبي اليوم ينخرط في لعبة عبثية وبنفس المنطق أي خارج سياق التاريخ وفوق المعطيات التاريخية ، وان تحالف مع النظام . فمنطق الأشياء دخلت عليه عوامل جديدة ، لا يمكن القفز فوقها ؛ وأصبح بامكان المواطن العادي أن يدلي بدلوه في الشأن العام ، قبل المناضل الملتزم بقضايا وأفكار بعينها ، فاحتكار الأفكار والنضال باسم المواقف الانسانية العظيمة لم يعد بحاجة الى متحدث باسمها ، بقدر ما اصبح بحاجة الى من يترجمها على أرض الواقع ، ويطبقها في علاقاته العامة والخاصة .
في المغرب مثلا ، كان يكفي أن نقرأ خطبة عصماء لقائد سياسي كي نثق بوعوده والآمال العريضة التي يوزعها على العموم . أو نتابع خطابا حماسيا يلهب المشاعر لهذا الزعيم أو ذاك ، أو لسياسي ما ، كي نتفاعل معه وجدانيا ونتقبل دون نقد أو مساءلة كل ما يأتي في خطابه الشفوي .
لكن الصورة الان تغيرت وانقلبت راسا على عقب ، فالمواطن اصبح يطالب بالفعل وبالأثر وبالمعاينة ، ولم يعد يتحمل توقيع شيك على بياض لأي سياسي أو مثقف ، وهذا ما يجب الانتباه اليه ، فقد اختفت مقولات كثيرة في العقد الأخير من القاموس السياسي اليساري ، كالكتلة التاريخية ، واحتكار النضال ، والقوى الوطنية ، والأحزاب التقدمية ، والصف الوطني ، والتضحيات القديمة ...الخ . وكأن الأحزاب اليسارية قد استوعبت الدرس بتفككاتها الذرية ، مما جعل تلك المقولات تتوزع على أكثر من حزب ، الأمر الذي يجعلها محل تنازع بين الاخوة الأعداء ، وهذا ما يفقدها رمزيتها وطنينها القديم ، عندما كانت محتكرة من قبل حزب او اثنين فقط .
لقد عرف اليسار المغربي خلال عقد ونصف ؛ ردة على جميع المستويات ، ونكوصا ميدانيا مهولا ، وتراجعا فكريا فظيعا ، واكتفى بدور المنتظِر لمهدي الخلاص ، بعدما افقد ذاته كل نشاط فاعل ، وبعدما كان السباق والمبادر لطرح الأفكار والمقترحات وخرائط الطريق والاستراتيجيات ، سواء على مستوى الخطاب أو على مستوى التطبيق .
ان الارتهان لمنطق الحزبية الضيق جعل اليسار المغربي يتخندق طوعا في عتمات المصالح المادية الانية لشخصيات بعينها ، بينما انتكس المثقف اليساري انتكاسة تاريخية مدوية ، ورضي فريق منه بدور البوق المخروم ، واختار الآخرون الانسحاب السلبي * ، وقليل اختار الانسحاب الايجابي** .
وبالطبع لا يمكن لمقالة أو مقالتين تشريح الاخفاقات المدوية لليسار المغربي
، فهي اخفاقات شاملة ، مست كل بنياته الداخلية والخارجية ، مما يفرض على كل يساري مهتم بانقاذ الفكر العلماني المتنور أن يشارك برأيه في الموضوع .
ويبقى تجمع ووحدة الأحزاب الثلاثة المحسوبة على اليسار المغربي ، الحزب الاشتراكي والحزب العمالي والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، تجمعا مرحليا فرضته مسارات العمل السياسي بالمغرب والنتائج الكارثية التي حصدها اليسار المغربي على جميع المستويات . لا يمكن أن يلعب اي دور في أفق الاكراهات السياسية والاجتماعية والدولية التي نعيشها محليا واقليميا ودوليا ، وهي وحدة من أجل اعلان الموت الجماعي . كما تؤشر على ذلك كل المعطيات العلمية .
* المقصود بالانسحاب السلبي هو الانسحاب الذي يغلق فيه المثقف كل أبواب ونوافذ المشاركة المعرفية ، اثر تعرضه لصدمات ما .
** المقصود بالانسحاب الايجابي هو الانسحاب من جماعة أو مجال ما والبقاء وفيا للنهج النضالي والمعرفي السامي والتفاعلي .



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عوربة الاقتتال
- العرب ومجتمع الزيف
- واقع الشعر من واقع العرب
- ايران ولعب الكبار
- الصمت بين المعنى والوجود
- لاتصدقي تجار الدين
- تحريف الجهاد
- الحداثة هدف مؤجل
- البيان حلم والممارسة واقع
- ثمة أغنية في الحنجرة
- الانسان ذلك المنحرف -1-
- القضاء المغربي ، فجوات بحجم العار
- قصة الدمعة -قصة-
- مؤتمر جنيف-2- الميت
- ريق السحلية
- البحث عن الغائب الحاضر -13- رواية
- ردة الحقوق وسلامة المواطن في المغرب
- عن أغنية - مالي ومال الشمعة -
- قصة : لم أتعلم الندم
- الى السيد عبد العالي حامي الدين*


المزيد.....




- بيان من -حماس-عن -سبب- عدم التوصل لاتفاق بشأن وقف إطلاق النا ...
- واشنطن تصدر تقريرا حول انتهاك إسرائيل استخدام أسلحة أمريكية ...
- مصر تحذر: الجرائم في غزة ستخلق جيلا عربيا غاضبا وإسرائيل تري ...
- الخارجية الروسية: القوات الأوكرانية تستخدم الأسلحة البريطاني ...
- حديث إسرائيلي عن استمرار عملية رفح لشهرين وفرنسا تطالب بوقفه ...
- ردود الفعل على قرار بايدن وقف تسليح
- بعد اكتشاف مقابر جماعية.. مجلس الأمن يطالب بتحقيق -مستقل- و- ...
- الإمارات ترد على تصريح نتنياهو عن المشاركة في إدارة مدنية لغ ...
- حركة -لبيك باكستان- تقود مظاهرات حاشدة في كراتشي دعماً لغزة ...
- أنقرة: قيودنا على إسرائيل سارية


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - خالد الصلعي - اليسار المغربي وحدة من أجل موت جماعي