|
الوتد
عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .
الحوار المتمدن-العدد: 4121 - 2013 / 6 / 12 - 17:16
المحور:
الادب والفن
- أهدي هذه القصة إلى الأستاذ هشام العماري ( برغسون - باسكال ) - أهدي هذه القصة للقاص نورالدين الناجي .
ذات صباح من صباحات الخريف ؛ استيقظ عماد مذعورا ؛ يترنح هنا، سرعان ما يقلب الملاءة هناك، يقول مع نفسه : " ماذا عساي أن أفعل مع هذا الوتد الذي قض مضجعي ؟ أ أستسلم لتصرفاته الرعناء أم أظل لاويا عليه ؟ " ؛ آه هيهات على عماد !! إن الوتد استيقظ من نومته الطويلة داخل الأرض، ولقد حان الوقت ليملأ الثقوب والحفر، ولكن أين سيجد هذه الثقوب ؟ والموسم موسم جفاف ؟ ولم يسقط أي بصيص من الرذاذ ؟ يترنح عماد، ذات اليمين وذات الشمال، و الوتد واقف كالجواد، ومشهور كالحسام، ولكن أين هي الحفر التي سينغرز فيها ؟ يأخذ عماد الملاءة، ثم يتخلص منها، فيرميها، فترتطم بالباب ؛ لقد أصبح كالمجنون، وينهش أي شيء يجده أمامه كالكلب المسعور . لقد حول غرفته إلى حطام، والوتد لم يتوقف عن الإنتصاب ؛ " أريد الحياة ؛ هيا يا عماد ...هيا تشجع وقم إلى هناك ...أريد سردابا..." . يرد عماد : - أين سآخذك أيها " القواد " ؟ إن جيبي فارغ من الأموال، و " الحزقة وصلات العظام، وأنا مخدام مردام، وزبي سير تنعس خليني مرتاح " . يمتعض الوتد، ويعقب قائلا : - يا عزيزي عماد ؛ لقد صبرت كثيرا، وأنا دائما أنصت إليك، فلم لا تعطيني فرصة أبين فيها " حنة يدي " . يغضب عماد، ويحنق : - " ت أشمن حنة، أو لا شبة، أنا راني حازق، وعلى العتبة واقف "، فكر في يا وتدي العزيز ولو مرة واحدة . لم يهتم بتوسلات عماد، إنه لا يهمه شيئا غير الإستمرار في الإنتصاب، واستفزاز عماد، و يقول الوتد في هذا الصدد : " إذا لم أجد ثقوبا في هذا الفصل الجاف، فهناك الآبار، وإذا ردمت فهناك السرداب " . آه على هذه الكلمات ؛ أدخلت البشرى في عماد، وفكر في " عويشة بنت حماد " ؛ إنها فتاة غضة، ومن الممكن أن ينال عطفها . اقترب عماد من الماخور، ولم يكن يلتفت لا إلى هذه الجهة، أو تلك كذئب يركز على فريسته ؛ أحس بنوع من الدهشة، لكن رغبة الوتد العنيدة تقول : - هيا يا عماد تقدم . أراد أن يتراجع، لكنه دفعه بقوة، فوجد نفسه يصعد السلم خطوة خطوة ...، عندها وجد الباطرونة، فقال : - أريد " عويشة " . ثم عقبت عليه : - " عويشة " مشغولة ؛ إنتظر حتى تنتهي من مهمتها . يقول عماد مع نفسه : - " آه أيها الوتد اللعين ! أين أوصلتنا ؟ عماد الذي شاب شعره في العلم والمعرفة، والحاصل على أعلى الشهادات، والعاطل عن العمل منذ عشر سنوات يصل إلى هذا المستوى الحقير !! والله إنك لخسيس أيها الوغد ؛ كيف تسمح لنفسك أن تلج سردابا ولجته الألوف من الحجاج ؟!! أين هي أنفتك و عزتك ؟ أين وهجك حينما كانت تتهافت عليك جميلة الجميلات ؟ أما وكان حلمك أن تفوز بها ؟ آه على الأحلام في هذا البلد الأمين !! ". يسكت لحظة، ثم يقول : - " آه على هذا الزمن الحقير ! يكفي أن يكون لديك المال ؛ لتنكحه من جميع جيوبه، وسراديبه " . انتهت " عويشة "، وها هي تخرج متعرقة " ككسالة الحمام "، تنظر إلى عماد واقفا ؛ لا تكترث له، فتذهب إلى الغرفة المجاورة ؛ يتبعها عماد، ولعابه يكاد يسيل . - " و عويشة ع شوفي " . ترد عليه متجهمة : - " آش باغي " . يقول لها، وهو يرتعد : - " باغي نقضي الغاراض " . نظرت إليه نظرة حقودة تفيض سما، وفي نفس الوقت تحرك أناملها باستخفاف : - " دابا نت هاد الحفيان ؛ باغي تقضي معايا الغاراض ". استدارت بتغنج، وواصلت حديثها : - " معامن ؟ ههههه معايا أنا ههه واللهيلا ضحكتيني ههه " . هاجت وماجت، وهي تجتر " المسكة " كالبقرة البوار، وأتممت : - " كالك معايا ههه " . ثم أعادت الكرة، وهي تستخف : - " دابا نت باغي تقضي الغاراض معايا أنا ؛ كاد ع سروالك، وأجي تهدر معايا هههه " . رد عليها عماد بخجل : - " ع شوفي أو كان " . فزمجرت عليه كالأفعى : - " تمشي تقود، أو لا غادي نخلي دار بوك " . عاد عماد أدراجه، وهو يقول : " يا الوتد إيلا معندك مال ؛ لا تبان ؛ ر نسا بنات القحاب " .
عبد الله عنتار - الإنسان -/ 10حزيران 2013 / بني ملال - المغرب
#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
منزلنا الريفي ( 5 )
-
دروب الكتابة
-
منزلنا الريفي ( 4 )
-
غصن دون جذور
-
موقفي من المرأة
-
الجرح الملالي
-
ومضة
-
مدينة ... ترتدي نعش الذكرى (2)
-
مدينة...ترتدي نعش الذكرى
-
الأجنحة المترنحة
-
السراب الملالي
-
المأساة
-
عائد من لحدي
-
وردة
-
أقوال
-
المحطة
-
إنخرامات
-
شطحات
-
الذبول
-
الدموع
المزيد.....
-
نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم
...
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
-
باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح
...
-
مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل
...
-
لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش
...
-
مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|