أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وليد يوسف عطو - مكة بين الجاهلية والاسلام















المزيد.....

مكة بين الجاهلية والاسلام


وليد يوسف عطو

الحوار المتمدن-العدد: 4109 - 2013 / 5 / 31 - 13:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يكتب الباحث الفلسطيني د .سليمان بشير في كتابه المثير للجدل :
( مقدمة في التاريخ الاخر –نحو قراءة جديدة للرواية الاسلامية ) – ط1 – 2012 –دار الجمل بغداد :
(الواقع انه لايوجد دليل تاريخي او اثري ملموس على وجودالاسلام قبل فترة عبد الملك بن مروان . فاقدم المساجد والنقوش والاثار النقدية والاشارات المتفرقة في اوراق البردي تعود الى تلك الفترة . وحتى القران لايشذ عن هذه القاعدة . واول دليل ثابت على وجوده يعود الى الربع الاخير من القرن الهجري الاول (اواخر القرن الميلادي السابع ) . كما اننا لانتحقق من وجود الرواية الشفوية التي تنسب القران الى اطاره التاريخي المعروف الا مع نهاية الدولة الاموية ,منتصف القرن الميلادي الثامن .
( انظر مقالتنا :نحو قراءة جديدة للرواية الاسلامية ) ,وعلى الرابط التالي : http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=323763
ومقالتنا ( جدلية العلاقة بين الدين والعنف والسياسة – ج 2 )وعلى الرابط التالي :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=325134

ان الرواية الاسلامية قد هدفت الى تعريب ديانة ابراهيم التوحيدية , وانتزاعه من الارث الديني اليهودي بجعله مؤسسا لدين توحيد عربي مستقل في مكة . وفي نفس الوقت فان تلك الرواية قد حولت مكة الى عاصمة ديانة التوحيد الازلية . انعكس ذلك بوضوح في الاسماء التي اعطتها الرواية لمكة .
تلك الاسماء لم تتعد في الغالب كونها نعوتا واوصافا ذات طابع اسلامي .
لقد تبنت الرواية الاسلامية مكة (الجاهلية )كمقر لدين الشرك (قريش ) وربطتها بالتوحيد وبدين التوحيد حيث حملت مكة اسماء اسلامية حتى قبل ظهور الاسلام . حيال هذا الوضع يؤكد الباحث د .سليمان بشير اننا نقف امام امكانيتين : اما ان تكون اسماء مكة ,( الجاهلية ) لم تصل الينا , وان الاسماء الاسلامية او اسماء الصفات القرانية قد فسرت في فترة متاخرة على انها تشير الى مكة , او ان الانتقال من ( الجاهلية )الى ( الاسلام ) كان على مستوى بلورة المفاهيم والمسميات الجديدة وعلى صورة غير التي وصلت الينا .وفي مثل هذه الحالة فانه من الممكن ان نفهم تعابير ( ام القرى ) و (البلد الامين ) وغيرها على انها تشير بالفعل الى مكة . غير انه لامناص عندئذ من القول انها كالقران نفسه تعود الى فترة متاخرة نسبيا عما هو عادة معروف لدينا .
ان معرفتنا بمكة لاتتجاوز حدود الرواية الاسلامية ذات الطابع الاسطوري ( حسب قول الباحث ) . وعلى الرغم من ذلك فان تلك الرواية تشتمل على عناصر شبه تاريخية قوية تؤكد على ان نشؤ مكة وتطور مركزها قد ارتبط بتطورها كمحطة هامة على تقاطع طرق التجارة المارة بالجزيرة العربية . ان هنالك من الحقائق والادلة التاريخية ماينبه الى دخول مكة في الاسلام وتحولهاالى اهم مركز لشعائره والى عاصمته الدينية على الاطلاق , لم يتم في الواقع الا في الربع الاخير من القرن الهجري الاول , وربما بواسطة الاحتلال العسكري المباشر زمن عبد الملك بن مروان .الامر الذي ينبه بدوره الى امكان كون الروايات التي تحدثت عن ان مكة ( بيت الله ) مركزا توحيديا لعبادة الله تعود الى هذه الفترة .
وفي مثل هذه الحالة فان انتساب الامويين من ناحية والهاشميين من الناحية الاخرى الى ذلك ( البيت ) وربطهم بالميراث التوحيدي وبالاشتغال بالتجارة منذ عهد قصي من الممكن ان يكون هو الاخر ظاهرة متاخرة .
وحيال هذا الوضع فاننا نجد انفسنا واقعين امام عنصرين منفصلين , كانت الرواية الاسلامية قد مزجت بينهما (حسب قول الباحث د .سليمان بشير ) الاول : مكة قبلة العرب ( الجاهلية ) الوثنية بما يربطها من مصالح( الشرك ) التجارية والدينية مع القبائل الاخرى , وبما يرمز لتلك الرابطة من مجمع اصنام الكعبة ومن تلبية الشرك في الحج .والثاني : مكة ( بيت الله )ومركز التوحيد والنبوات والرسالات من عهد ادم واهلها ,قريش اهل الله وقرابين الله ...الخ .
اكثر الباحثين العصريين يميلون الى الاعتقاد بان مكة التي ورد ذكرها في كتاب الجغرافيا الذي وضعه العالم المصري الاغريقي بطليموس في الاسكندرية في اواسط القرن الثاني الميلادي تحت اسم Macoraba . ومن هؤلاء من يعتقد انها هي التي تحدث عنها الجغرافي اليوناني (الاغريقي ) هيرودتس في القرن الخامس قبل الميلاد تحت اسم Makaraba كما يتفق اغلب الباحثين على ان هذه التسمية صيغة لغوية سبئية جنوبية وتعني ( معبدا ) , او مكانا مقدسا تقرب فيه القرابين . وذلك من الكلمة الجنوبية Miqrabالتي تفيد نفس المعنى او بسبب الشبه بينها وبين المصدر الثلاثي العربي ( ق ر ب ) او حتى للصيغة الاثيوبية القديمة Mickorab . وقد خلص البعض الى القول ان الاصل السبئي للتسمية يدل على كونها قد نمت كمحطة تجارية وكمكان مقدس في الوقت نفسه .
وعلى الرغم من ان بعض الباحثين يميلون الى الاعتقاد بان مكة بنيت في القرن الثاني للميلاد , فان الاصل السبئي لتسميتها قد دفع اخرين الى القول ان تاسيسها لابد انه كان قبل ميلاد المسيح في فترة ازدهار مملكة سبا وسيطرتها على خط التجارة الدولية المار بالحجاز شمالا . كما يلاحظ ان يثرب التي تظهر لدى بطليموس باسم Ithripa هي الاخرى صيغة تسمية جنوبية . وقد تطورت كواحة زراعية . ان موفع مكة الجغرافي على مفترق الطرق بين اليمن والشام من ناحية , والبحر الاحمر والخليج العربي من الناحية الاخرى , قد اهلها لان تنمو كمحطة رئيسية للقوافل . وهنالك من الدلائل مايشير الى ان المكيين اقاموا علاقات بحرية على السواحل الافريقية .
واضح اهمية عين الماء بالنسبة للقوافل التجارية التي تقطع الصحراء من ناحية , والحاجة الى تامين سلامة النشاط التجاري بتحريم القتال ضمن مدى جغرافي معين ولفترة محددة من السنة ارتبطا في التداخل بين تطور مكة كمكان مقدس وكمحطة تجارية في الوقت نفسه . ذلك التداخل الذي برز بشكل واضح فيما نبهت اليه كل من الرواية الاسلامية والدراسات الحديثة من تحول فترة النشاط التجاري والاسواق الى اشهر حرم وحج واعياد .
وحتم وقوع مكة في هذا الموقع واشتغالها بالتجارة ان تتحرك ضمن بيئة اجتماعية قبلية , وان تخضع لتاثيرات حضارية مختلفة من البلدان والشعوب التي اتصلت بها .
وانعكس كل ذلك بالطبع في تعدد الولاءات السياسية واشكال العبادة والمعتقدات الدينية التي ذكر انها نشات فيها .
مهما يكن من امر ,يبدو ان الجزيرة العربية عموما , ومكة خصوصا ,قد عرفتا اشكالا مختلفة من العبادات الطوطمية – القبلية وعبادة الاوثان والنجوم ,وذلك الى جانب ظهور نزعات وعناصر توحيدية قوية . غير ان الصعوبة الاساسية في دراسة حياة العرب الدينية في ( الجاهلية ) هي عدم بقاء اي اثر ملموس نستطيع به التعرف على تلك الحياة . فالبناء الوحيد الذي بقي من تلك الفترة هو الكعبة . غير ان الاسلام حولها ومعها مكة باكملها الى جزء من العقيدة والشعائر الاسلامية . الامر الذي يضفي صعوبة على تحديد الفترة الزمنية للانتقال من الجاهلية الى الاسلام
كما ان ذلك يؤكد بان عناصر اسلامية وجاهلية بقيت تتصارع في مكة والجزيرة العربية خلال القرن الهجري الاول . وان الاسلام خرج منتصرا وتبلورت فرائضه واحكامه على الشكل النهائي الذي وصل الينا في الربع الاخير من ذلك القرن .
وقد استوعب الاسلام نظما واعرافا اجتماعية وشعائر ومقدسات دينية عربية وجاهلية ايضا كانت منها مكة عاصمة العرب التجارية والدينية .ومن ابرز الشواهد الاثرية النادرة على زمن حدوث هذا التحول ماذكره احد كبار الباحثين من ورود اسم العزى على مخطوط من ورق البردي يعود الى القرن الهجري الاول . وهذا المخطوط مكتوب باللغة اليونانية , ويرد فيه اسم العزى بصيغة تعني ( الالهة العظيمة )او القوية .
كما كان غار حراء مقدسا قبل الاسلام . واشار احد الباحثين الى ان التحنث كان يجري احيانا قبل عقد بعض التحالفات والعهود . كما ان هناك روايات قديمة تذكر ان محمدا تاثر بزيد بن عمرو بن نفيل , احد حنفاء مكة , الذي نهاه عن اكل لحوم ماكان يقدم لغير الله من القرابين في مكة . وكانت قريش تسمى في الجاهلية ب ( اهل الله ) وان تسمية الكعبة ( بيت الله ) تعود الى الجاهلية . وقد ذكر ان بناء ابرهة لكنيسة ( القليس ) في صنعاء هدف الى حرف العرب عن الحج الى الكعبة .
وروى الكلبي محاولة قامت بها جهينة لبناء كعبة منافسة لمكة . كما وردت في الاغاني محاولة غطفان لبناء حرم منافس لمكة ( لايقتل صيده ولايعضد شجره ولايهاج عائذه ) .
لقد اشار بعض الدارسين الى بداية تطورمفهوم ديني موحد في الجزيرة الامر الذي انعكس في نشؤ عناصر طقسية متقاربة في عبادة كل من ( الحجر الاحمر )في مدينة غيمان الجنوبية و ( الحجر الابيض )الذي عبد في كعبة العبلات , و ( الحجر الاسود ) الذي عبد في مكة . ان عناصر العبادة المشتركة بين هذه الامكنة الثلاث وفي انحاء اخرى من الجزيرة كانت الطواف والوقوف والاضاحي .كما نستطيع اعتبار الحمى والحوطة والحرم ظواهر مشتركة في ديانات العرب القدماء . غير ان هذه العبادات لم تتجمع في نظام ديني موحد قبل الاسلام . الامر الذي ارتبط بظاهرة غياب نظام كهنوتي موحد .
والمرة الوحيدة التي يبدو ان كاهنا رئيسيا واحدا وجد فيها كانت في ماروى عن نشؤ منصب ( الافكل ) لدى مجموعة قبائل ربيعة .
ويبدو هذا المنصب بابلي بحسب الباحث د .سليمان بشير .كما جرت محاولة متاخرة للتوفيق بين ظاهرة تعدد الالهة والاصنام وتعظيم العرب لكعبة مكة وربطها بابراهيم . واكثر مايلفت الانتباه ماتشير اليه الرواية الاسلامية من ان مصدر اصنام العرب هو من مؤاب من ارض الشام . واهمية هذه الاشارة تكمن في انها تشكل صدى لمصدر العلاقات والتاثيرات الدينية على الحجاز ليس فقط بالنسبة لماروي عن اصنام خزاعة , بل وبالنسبة لقصي وربما محمد ايضا .
وامتزجت عبادة الاصنام لدى العرب بعبادة النجوم التي كانت العرب تسميها ( دين الصابئة ) . ويظهر ان مراقبة السماء عادة سامية قديمة . الامر الذي يشير اليه القران عن ان ابراهيم قد عبد النجوم في مرحلة مبكرة من حياته .وبالنسبة للصابئة ( وهم غير الصابئة المندائيين على مايعتقد كاتب المقال ) يلاحظ هنا ما اشارت اليه بعض الروايات من ان هذا التعبير كان يطلق على اتباع محمد في مرحلة مبكرة من الدعوة الاسلامية . من ذلك ماروي عن ابي ذر ( اتيت مكة وقد بلغني ان بها صابئا ) . وكذلك قول قريش تشهد ابو ذر : ( صبا الرجل ), اي بمعنى انحرف الرجل واخطا وهي كلمة عربية بخلاف كلمة الصابئة عند المندائيين وهي كلمة ارامية تعني الاغتسال في الماء اي ( المعمودية واسماها القران – صبغة الله ) , صبا في العربية .وتعادل في المسيحية مصطلح ( الهرطقة والهرطوقي ) ويعادلهافي الاسلام ( الزندقة والزنديق ) .
على اضاءات فكرية وتاريخية ونقدية جديدة سنلتقي ...



#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانسان والاله الكونيان
- هادي العلوي .. المثقف المتمرد
- الهة في مطبخ التاريخ - ج 2
- الهة في مطبخ التاريخ
- حول كيفية قراءة الرواية التاريخية للاسلام
- المراة في الاسلام وفق منهج د . علي شريعتي
- رؤية نقدية عن مؤسسة الزواج المؤقت في ايران
- انواع جديدة من زواج المتعة - ج 2
- انواع جديدة من زواج المتعة في ايران
- تنويعات في المتعة عند شيعة ايران
- المتعة عند الشيعة في ايران
- مسلمة الحنفي قراءة في تاريخ محرم - ج 3
- مستقبل الوجود المسيحي في العراق
- النبؤة عند العرب قبل الاسلام
- مسيحيو العراق محنة الحاضر وقلق المستقبل
- انقلاب وظيفة الرجل في العصر المعدني
- طقوس استننزال المطر في العراق القديم
- حفريات جغرافية في سفر يونان
- ثقافة وسياسة البامبرز
- سجاح نبية بني تميم


المزيد.....




- قادة الجيش الايراني يجددن العهد والبيعة لمبادىء مفجر الثورة ...
- ” نزليهم كلهم وارتاحي من زن العيال” تردد قنوات الأطفال قناة ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...
- موندويس: الجالية اليهودية الليبرالية بأميركا بدأت في التشقق ...
- إيهود أولمرت: إيران -هُزمت- ولا حاجة للرد عليها
- يهود أفريقيا وإعادة تشكيل المواقف نحو إسرائيل


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وليد يوسف عطو - مكة بين الجاهلية والاسلام