أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - وليد يوسف عطو - حفريات جغرافية في سفر يونان















المزيد.....

حفريات جغرافية في سفر يونان


وليد يوسف عطو

الحوار المتمدن-العدد: 3982 - 2013 / 1 / 24 - 12:02
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


هل كان سكان نينوى وشعب اشور يعبدون اله التوراة ( يهوه )او ( الوهيم ) ؟
هل تعيش الحيتان العملاقة في نهر دجلة ؟
ماهي الاماكن الحقيقية لقصة نوح وابتلاعه من قبل الحوت ؟
يكتب الباحث د .كمال الصليبي في كتابه (خفايا التوراة واسرار شعب اسرائيل ),ط6 , دار الساقي , بيروت , لبنان :
يبدو ان الرواية التوراتية لقصة النبي يونان وابتلاعه من قبل الحوت قد نسجت حول فهم مغلوط للجملة الثانية من صلاة يونان التي تقول : (صرخت من بطن ش ء و ل ) , ففهمت هذه العبارة على انها تعني ( بطن الحوت )او ( جوف الحوت )(كما في الترجمة العربية السائدة ).ولم يخطر على بال احد انها قد تكون اسم مكان هو (وادي ش ء و ل )او ( باطن ش ء و ل ) . وقد افترض المترجمون حتى الان ان لفظة (ش ء و ل )التي ترد في مقاطع مختلفة من التوراة وتترجم على انها ( الهاوية ) تستعمل في سفر يونان مجازا لتعني ( الحوت ), في حين يرى د . كمال الصليبي انها كانت اسما يطلق على اله (الهاوية ) الذي كان متكفلا باجساد الاموات . وهناك عدة مواضع في شبه الجزيرة العربية تحمل هذا الاسم .
ويضيف :
ان سفر يونان من التوراة ( العهد القديم )من اسفار الانبياء الصغار ,وهو من الاسفار التوراتية المتاخرة , وتم تدوينه حسب الباحث .الصليبي في العراق بين الاعوام ( 250 – 350 ) ق . م .اما (التقاليد ) التي اخذت عنها قصة يونان ,فلابد انها اقدم من ذلك .
يدعى يونان بالعبرية (يونه ).يحتوي النص على اماكن كثيرة ابقاها كاتب النص كما هي . ولم يغير الا كلمة واحدة وهي تحويل مدينة ( نزوه ) او ( نزوى ) على ساحل عمان الى ( نينوى ) . ومعلوم ان نينوى كانت عاصمة المملكة الاشورية في العراق التي انتهت في اواخر القرن السابع قبل الميلاد .
وقد افترض علماء التوراة ان احداث هذه القصة قد جرت بين فلسطين وشمال العراق , حيث مدينة نينوى .
(يونان ) هو النبي المتردد , بطل القصة التي يرويها سفر يونان , حيث كان في سفر ,فسقط في البحر وابتلعه حوت , ومكث في بطن الحوت ثلاثة ايام بلياليها ,ثم تقياه الحوت فخرج من بطنه حيا سالما ( حسب الرواية التوراتية ).
جاء ذكر يونان في سفر الملوك الثاني (14 – 25 ) حيث يوصف هذا النبي بانه (عبد يهوه اله اسرائيل ) .يعرف كاتب سفر يونان هذا النبي بانه (يونان بن امتاي ) (يونه بن ء متي ) 1- 1
وهو ذات الاسم الذي يعرف به يونان في سفر الملوك الثاني .
يقدم يونان صلاته الى الاله يهوه . يؤكد الباحث الدكتور الصليبي انه ليس في هذه الصلاة اي ذكر للحوت الذي ابتلع يونان وهو في البحر . ولو كان حوت قد ابتلعه بالفعل ,لما بقي حيا وعاد سالما الى بلاده ليوفي بنذره ويقدم ذبيحة ليهوه . وهذا مايؤكده العلماء الذين درسوا طبيعة الحوت . وهم يذكرون حادثة عن رجل سقط في البحر وابتلعه حوت ,فلحق رفاقه بالحوت وقتلوه وشقوا جوفه ,فوجدوا اضلاعه محطمة بفعل العضلات القوية التي تتميز بها بطون الحيتان .ووجدوا ايضا ان افرازات معدة الحوت كانت قد بدات تعمل في الجثة لهضمها . وقد قام العلماء بمحاولة لادخال رجل في بطن حوت ميت ,فاوقفوا المحاولة بعد ان تاكدوا ان الداخل الى بطن الحوت لابد ان يموت قبل الوصول الى المعدة ,ناهيك عن مسالة بقائه حيا في المعدة لاية فترة من الزمن . هذه المحاولة قام بها egerton y. davis, انظر الصفحات 134 – 135 من كتاب عن الحوت لعالم البحار الشهير جاك كوستو ,صاحب سفينة الابحاث العلمية ( كاليبسو ) حيث ظهرت ابحاثه في مسلسل (اعماق البحار ) في تلفزيونات المنطقة قبل عشرات السنين .
Jacques-yves cousteau and philippe diole, The whale; Mighty monarch oh the seas (London,1972)
لكن سفر يونان يؤكد ان هذا النبي وصل الى امعاء الحوت (معي ه – دجه ) فمكث حيا لثلاثة ايام وثلاثة ليالي (1- 17 ).
رحلة يونان :
1- امر الرب يهوه ( يونان بن امتاي ) بالذهاب الى نينوى .
2- لم يذهب يونان الى نينوى بل نزل الى يافا ,وفي نيته التهرب من المسؤولية .فوجد سفينة ذاهبة الى ترشيش. والمفروض ان ترشيش يتم الوصول اليها عن طريق البحر , وانها لم تكن من بلاد الرب ( يهوه ). اما نينوى فواضح من خلال النص وليس من خلال الواقع انها كانت من بلاد يهوه ,لذلك كان يهوه مهتما بشؤونها , فدعا يونان الى الذهاب كرسول من قبله .
3- عندما انطلقت السفينة , حدث نوء عظيم وكادت السفينة ان تغرق . فخاف الملاحون وصرخوا كل واحد الى الهه وطرحوا الامتعة التي في السفينة .وقال بعضهم لبعض : هلم نلقي قرعة لنعرف بسبب من هذه البلية ؟ فوقعت القرعة على يونان ,فاخذوا يونان وطرحوه في البحر . وكان يهوه قد اعد حوتا عظيما ليبتلع يونان , فمكث يونان في جوف الحوت لثلاثة ايام وثلاثة ليالي ( 1 :4 – 17 ) .
4- كان اهالي نينوى يؤمنون بالله (ي ء مينو ب – ء لهيم ) فصدقوا نداء يونان بان مدينتهم ستنقلب بعد اربعين يوما (لاحظوا التراث السامي للرقم اربعين ) . ونادوا بصوم ( صوم نينوى ) ولبسوا مسوحا من كبيرهم الى صغيرهم .ونودي في نينوى عن امر الملك وعظمائه :
لاتذق الناس ولا البهائم ولا البقر ولا الغنم شيئا . لاترع ولا تشرب ماء . وليتغطى الناس والبهائم بالمسوح ويصرخوا الى الله بشدة . وهذا هو اساس صوم نينوى في الكنائس المسيحية المشرقية الى اليوم .فلما راى الله انهم رجعوا عن طرقهم الرديئة ندم الله على الشر الذي قال انه سيصنعه بهم ,فلم يصنعه 3 (5 – 10 ) .
الواضح من نص سفر يونان ان نينوى كانت مدينة يعتمد اقتصادها على اقتناء الماشية .وهذا الوصف لاينطبق على نينوى التي كانت عاصمة المملكة الاشورية في شمال العراق حتى اواخر القرن السابع قبل الميلاد . وهي التي كانت مركزا لالرعاية المواشي وتسويقها ,بل لامبراطورية عسكرية كانت لها المكانة الاولى في المنطقة . ولم يكن اهلها ولاملوكها في اي وقت من الاوقات على دين يهوه .
كان الاعتقاد السائد ان قصة يونان تجري بين يافا على ساحل فلسطين , ومدينة نينوى شمال العراق ,عند الموصل , على نهر دجلة . والمسافة بين يافا والموصل هي بحدود 1500 كيلومتر تقريبا .ومثل هذه المسافة لاتقطع ركوبا او مشيا على الاقدام , ودون توقف ,في اقل من 40 او 50 يوما . وفي سفر يونان ان المسافة كانت مسيرة ثلاثة ايام , وقد قطعها يونان في اربعة ايام لانه دار حول المدينة قبل ان يدخلها (اي طاف او حج حولها كنوع من التطهير او التكفير عن ذنوبه وتردده في الذهاب اليها ) .
لقد احتار العلماء في امر ترشيش فمنهم من افترض انها في اسبانيا , ومنهم من اقترح انها في تونس واخرون قالوا انها على البحر الاحمر او المحيط الهندي .
يؤكد الدكتور الصليبي ان البحر الذي سلكه يونان هو المحيط الهندي , ومنه ميناء بحر العرب وخليج عمان .وهناك ترشيش على سواحل بحر العرب ,بجنوب الجزيرة العربية , هي اليوم قرية شرشيتي (شرشيت بالاستبدال )وموقعها بالناحية الغربية من منطقة ظفار التابعة اليوم لسلطنة عمان , وقاعدتها صلالة , ولعل ترشيش كان يطلق عليها منذ القدم على كامل بلاد ظفار ومنها ميناء صلالة . والمعروف ان ميناء صلالة كان يطلق عليه اسم ظفار في العصور الوسطى .وكثيرا ماتسمى الاقطار باسماء اهم مدنها او العكس بالعكس . وقد كانت موانيء ظفار منذ القدم , وحتى القرن السادس عشر للميلاد ,من اهم مواني ء حوض المحيط الهندي , تاتيها تجارة البحر من الهند . وتنطلق منها الى موانيء اليمن , ومن هناك عن طريق البحر الاحمر الى مصر وبلاد حوض البحر الابيض المتوسط .والمعروف عن الحوت ان وجوده في مياه المحيط الهندي وبحر العرب , ومنه خليج عمان , يكون في فصل الشتاء ,اما في فصل الصيف , فيرتحل الحوت من مياه المحيط الهندي الى مياه القطب الجنوبي , ويمكث هناك حتى بداية الشتاء التالي . وفصل الشتاء في المحيط الهندي هو فصل الرياح الموسمية التي تتجه من الشمال الشرقي الى الجنوب الغربي . اما في فصل الشتاء ,فتكون الرياح الموسمية من الجنوب الغربي الى الشمال الشرقي . وكان السفر في مياه المحيط الهندي في السابق يعتمد على الرياح الموسمية , فيكون من الشرق الى الغرب في فصل الشتاء , وهو الفصل الذي يوجد فيه الحوت في هذه المياه .
وهذا مايؤكد ان سفر يونان باتجاه ظفار كان في فصل الشتاء , وان وجهة هذا السفر كانت من الشرق الى الغرب . مما يعني ان الاقلاع كان من موانيء شواطيء عمان , وليس من شواطيء اليمن او من موانيء البحر الاحمر . ومن المؤكد ان اقلاع السفينة التي استقلها يونان للذهاب الى ظفار لم يكن من يافا بساحل فلسطين ,لان السفر بالبحر في السفينة ذاتها من ساحل فلسطين الى ساحل بحر العرب عن طريق البحر الاحمر لم يكن ممكنا قبل شق قناة السويس .
الخاتمة :
الملاحظ ان سفر الملوك الثاني لايذكر شيئا عن قصة يونان والحوت .وفي ذلك مايشير الى ان يونان ,هو ذاته , لم يدع في حياته انه قضى ثلاثة ايام بلياليها في بطن الحوت .ولو ادعى ذلك لعد له كرامة طوال حياته , ولكانت ذكرت له هذه الكرامة , ولو باشارة عابرة ,في سياق الحديث عنه في سفر الملوك الثاني الذي يمتدح صدق نبؤته .
لقد كان هناك منذ اقدم العصور , ومازال , تبادل حضاري بين مختلف بلدان العالم . ومن هذا التبادل الحضاري تبادل الاساطير والخرافات بين الجانب العربي والجانب الهندي من مياه المحيط .وهناك مايؤكد ان قصة الرجل الذي سقط في البحر وابتلعه الحوت ثم رماه حيا , هي من جملة الاساطير والخرافات المشتركة بين هذين البلدين . ومن قصص الهند ان بطلا من ابطالها القدماء ,واسمه saktideva , كان يجوب البراري والبحار بحثا عن (المدينة الذهبية ) . فسقط في احدى رحلاته في البحر حيث ابتلعه حوت , ثم رماه على الشاطيءفخرج من بطنه حيا يرزق .
وهنا يبقى سؤال يراود ذهن الدكتور الصليبي وهو :
هل كانت قصة البطل الذي ابتلعه الحوت ثم لفظه حيا اسطورة من عمان وانتقلت من هناك عبر مياه البحر العربي الى الهند ؟ او ان القصة في الاصل من الهند ,ثم انتقلت من هناك الى عمان حيث صارت تنسب في وقت لاحق الى يونان ,بعد ان نسبت الى كثير غيره ؟
على المودة نلتقيكم ...



#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثقافة وسياسة البامبرز
- سجاح نبية بني تميم
- مسلمة الحنفي قراءة في تاريخ محرم - ج 2
- مسلمة الحنفي قراءة في تاريخ محرم - ج 1
- اغتراب مثقفوا الخارج - الشلة انموذجا
- فلسفة الهوية الوطنية العراقية - ج 3
- فلسفة الهوية الوطنية العراقية - ج 2
- فلسفة الهوية الوطنية العراقية -ج 1
- تجارة الرقيق الابيض والبغاء
- جذور الاحتفال بعيد ميلاد المسيح
- دور البروتستانتية في تطور الراسمالية
- الليبراليون العرب الجدد وازمة الحداثة
- اكذوبة فصل الدين عن الدولة
- ليبراليون جدد بوجه اخواني !
- التكامل بين لاهوت التحرير والشيوعية
- الخطاب المعلب لدى الليبراليين الجدد
- خربشات على جدار الليبراليين الجدد في مجتمعاتنا
- لاوجود للالوهة بدون الانسان !!!
- طائر النورس يحط الرحال في بغداد
- الحديث في البراز الثقافي العراقي


المزيد.....




- بلينكن يزور السعودية ومصر.. وهذه بعض تفاصيل الصفقة التي سينا ...
- في جولة جديدة إلى الشرق الأوسط.. بلينكن يزور السعودية ومصر ل ...
- رغد صدام حسين تستذكر بلسان والدها جريمة -بوش الصغير- (فيديو) ...
- فرنسا وسر الطلقة الأولى ضد القذافي!
- السعودية.. حافلة تقل طالبات من جامعة أم القرى تتعرض لحادث مر ...
- -البديل من أجل ألمانيا- يطالب برلين بالاعتراف بإعادة انتخاب ...
- دولة عربية تتربع على عرش قائمة -الدول ذات التاريخ الأغنى-
- احتجاج -التظاهر بالموت- في إسبانيا تنديداً بوحشية الحرب على ...
- إنقاذ سلحفاة مائية ابتعدت عن البحر في السعودية (فيديو)
- القيادة الأمريكية الوسطى تعلن تدمير 7 صواريخ و3 طائرات مسيرة ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - وليد يوسف عطو - حفريات جغرافية في سفر يونان