أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الطرح الطبقي في عصفور من الشرق















المزيد.....

الطرح الطبقي في عصفور من الشرق


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 4066 - 2013 / 4 / 18 - 01:45
المحور: الادب والفن
    


الطرح الطبقي في عصفور من الشرق

توفيق الحكيم في عمله الأدبي عصفور من الشرق يطرح عدد من القضايا المعاصرة، منها الموضوع الطبقي وتأثير النمط الرأسمالي على المجتمع والفرد، وقد استطاع أن يوصل لنا وجهة نظره عن النمط الإنتاج الرأسمالي بشكل واضح وبين، وكأنه في طرحه يتبنى الفكر الاشتراكي بكل ما فيه، وسنحاول هنا إضاءة هذا الجانب في رواية عصفور من الشرق.
الحكيم كشخص مثقف يطرح هموم ومعاناة الفرد في المجتمع الرأسمالي، والتي تعيق وتحد من حصوله على المعرفة "كانت ليلة أحس فيها الحرج والمذلة، وعلم أن ثمرات الفن إنما هي أيضا حق، ووقف على طبقة الأغنياء، وأن الطريق إلى الاستمتاع الروحي ينبغي أيضا أن يفرش بالذهب، وتمثلت له تلك الجمهورية الجميلة التي تخيلها الشعراء والفلاسفة في كل زمان: جمهورية لا تعرف الذهب، وتعرف السلام لأنها لا تعرف الجشع... الكل فيها مثل فرد واحد... الكل يقرأ وينعم، والكل يلعب ويمرح... أما الذهب فإنهم يصنعون منه مصابيح الطرقات وحوافر الجياد... يا للسماء... أو مستطاع لمثل هذا الحلم الجميل أن يتحقق يوما، على هذه الأرض؟!" ص24و25، نجد هنا فكرة الأرق التي يعاني منها المثقف تحديدا إن كان في الشرق أو الغرب، فهو هنا يطرح الهم لكل المثقفين بصرف النظر عن تواجدهم، فالواقع محبط وبائس وبعيد جدا عن المدينة الفاضلة التي يرسمها الأدباء، وشتان بين الحلم والحقيقة.
ويقول في موضع آخر بكل جلاء ودون لبس بالطرح الماركسي الذي يعتبر أن العامل في عصر الرأسمالية هو شكل جديد للاستغلال، ومن ثم هو إحدى أشكال العبودية " لقد قلت الحقيقة: نحن عبيد القرن العشرين، ومتى كان للعبد حق الاعتراض أو حق الاقتراح" ص36 تفسير تطور المجتمعات حسب الطرح الماركسي يتبناه توفيق الحكيم، فنجد الهم الذي يشغل المساحة الكبيرة من تفكير ينصب على تحقيق العدالة الاجتماعية، وان ينعم كافة البشر بمساحة جيدة من الرفاهية والحلم.
ويستمر الحكيم في تفصيل وشرح طبيعة الظرف التي يعيشها الفرد، لكي يقنعنا بموقفه المناهض والمعارض للرأسمالية "ـ صدقا. لم تعد هناك أسرة...الرجل والمرأة في المصنع طول النهار... يا له من زمن عجيب
فقال الشيخ في قوة واقتناع:
ـ قلت لكم هذا عصر العبيد قد عاد من جديد
...ـ نعم، لن يذهب الرق من الوجود... لكل عصر رقه وعبيده" ص40، لم يقتصر الحرمان على الرفاهية ونعم الحياة بل تعدى ذلك لينتزع المزيد من حقوق وطبيعة الفرد، الأسرة التي تشكل الملاذ الأهم للأفراد في ظل الصراع مع الحياة تم تحليلها وتفكيكها، ولم يعد لها وجود فعلي، فواقع الاستغلال لجهد الأفراد لصالح الرأسمالي جعل هؤلاء المستغلين يفقدون أهم مكون اجتماعي ـ الأسرة ـ فطبيعة العمل سلبتهم المتنفس والجنة التي يحلمون بها، والتي كانت تمنحهم المقدرة على الاستمرار في الجلد ومقارعة الحياة، فالأطفال الذين يفرحون الآباء والأمهات ببراءتهم والذين يشكلون لهم أمل ويمنحهم العزيمة لمواجهة الصعاب، على آمل أن يكون هؤلاء الأطفال سعداء وفي رغد من الحياة في المستقبل، حتى هذا الأمر يتم سلبية من الفرد لصالح طبيعة العمل التي يستفيد منها أولا وأخيرا الرأسمالي.
ويكشف لنا الحكيم المزيد من منغصات الحياة في ظل الرأسمالية على لسان "إيفان" الروسي المشبع بالفكر الاشتراكي فيقول محللا بعض جوانب الحياة العصرية في أوروبا"إن السكك الحديدية والطائرات قد أعطتنا السرعة وتوفير الوقت،...ولماذا السرعة؟...ولماذا توفير الوقت؟...كأنما قد هبطت علينا شياطين تلهب ظهورنا بالسياط... ما نحن إلا قطرات ماء في نهر الحياة...ما حضنا من سرعة التيار، وإندفاعه إلى النهر؟!...إنما حضنا الأكبر: في التمهل حول الأعشاب الناتئة، والسكون عند شواطئ الجزر، يداعبنا النسيم!... من الذي استفاد من هذه السرعة الملعونة غير قبضة من النهمين، جمعوا في أيديهم الثروات، وسموا بالرأسمالين"ص168، فنحن هنا أمام إحدى أهم انجازات العصر ـ السرعة ـ في المواصلات ـ القطارات والطائرات والسفن والمركبات، كلها وضعت لخدمة السيد الرأسمالي وليس لخدمة الفرد العادي، ورغم ما حققته ثورة المواصلات من تخفيف الأعباء على الأفراد إلا أنها من منظور الطرح الطبقي تخدم أولا وأخيرا المشروع الرأسمالي الاستغلالي.
ويعود ويذكرنا بحقيقة الصراع الطبقي قائلا " مصيبة المدينة الأوربية نزلت منذ استقرار الصناعة الكبرى!... هذه الصناعة التي شطرت المجتمع الأوربي إلى شطرين: فئة قليلة همها جمع المال، وفئة كبيرة كل همها أن تقدم هذا المال قي مقابل لقمة!... الفئة الأولى لا دين لها إلا الذهب، والفئة الثانية لا دين لها إطلاقا ولا شخصية ولا نفس، لأنها آلات صماء"ص169، فكل ما يتم انجازه من تقدم صناعي يهدف إلى تحقيق المزيد من الربح للرأسمالي ومزيد من الشقاء لمنتجين، فالمجتمع مقسوم إلى شطرين، ويفهم من سياق الكلام رفض والإمتعاض من هذا الواقع.
وذروة الحرمان تكمن في طبيعة العمل الإنتاجي الرأسمالي، فهو لم يترك أي ترابط بين المنتج والمنتج، وأمسى المنتج ليس أكثر من آلة صماء ليس لها مشاعر أو إحساس " ...كذلك الحال في صناعة الأحذية، فهي فيبعض المعامل الأمريكية تقسم إلى أكثر من مائتي عملية، يخص العامل الواحد منها جزء واحد من عشرة أجزاء: كعب الحذاء مثلا... معنى هذا أن العامل لم تبق له حتى تلك أللذة الفنية القديمة، التي كان يحسها ويرتاح إليها، وهو يصنع بيديه حذاء كاملا في حانوته الصغير. نعم!... حتى متعة الخلق الكامل، التي كانت تشعره بآدميته قد ذهبت، وأصبح الآن شأنه شأن المخرطة أو المطرقة أو المنشار، يخرط، أو يطرق، أو ينشر، جزءا صغيرا معينا بالذات من هذا الدبوس أو ذاك الحذاء، وهو يكرر هذه العملية التافهة كل حياته" ص170، فهنا عمليا لم يعد هناك إنسان بل آلة صماء، ويستمر توفيق الحكيم بتحليل المجتمع الرأسمالي فاضحا إياه، عندما تحدث عن الكتاب الذي يمثل فضاء وأفق للأدباء، وحتى هذا الفضاء يتم استغلاله بطريقة بشعة وأمسى شكلا بلا مضمون "أما اليوم فإنهم يشبون على "الديلى اكبريس"وعلى المجلات والقصص"البوليسية، فالتعليم العام كان له هذه النتيجة السيئة: فهو بدلا من أن يجعل الناس يقرءون قليلا الآثار الخالدة قد جعلهم يقرءون دائما حماقات مخجلة" ص172 إذن يتم تدمير البشرية من خلال نمط الإنتاج الرأسمالي وكافة مظاهر الحضارة ما هي إلا قشور لا تنم عن مضمون يهتم بالإنسان أبدا.
رائد الحواري



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المفكر الامام البوطي
- خذني الى موتي
- المرأة ملاذ الشاعر من الواقع
- الرفض في القصة الفلسطينية
- شيطان في الجنة هنري ميللر
- بسام عويضة والربيع العربي
- رحى الحرب قسطنطين سيونوف
- الاحياء والاموات
- قصة الرعب والجرأة
- الانسان اللآلي
- الخندق الغميق سهيل إدريس
- قلادة فينسي
- ام سعد
- صورة (صورة الروائي) مرآة الضحية والجلاد
- لغة الماء عفاف خلف
- لعبة المتناقضات في رواية - إنهم يأتون من الخلف
- وادي الصفصافة
- لغة الماء غفاف ىخلف
- من اجل غدا افضل
- رواية الاشباح


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الطرح الطبقي في عصفور من الشرق