أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - محمد عبعوب - دسترة التخلف!!














المزيد.....

دسترة التخلف!!


محمد عبعوب

الحوار المتمدن-العدد: 4008 - 2013 / 2 / 19 - 22:49
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


تشكل المعرفة التي ينتجها أي مجتمع رافعة قوية تعلي من شأن لغة منتجيها وتوسع دائرة انتشارها خارج حدودها، ذلك أن أي منتج معرفي لايكون إلا في لغة متكاملة وحاضنة قادرة على توصيله الى طالبيه.. وهذه المعرفة والتفوق فيها والتجديد المستمر لها، هي التي تعطي لأي لغة ظاهرة العولمة وتدفع الأفراد عبر العالم لتعلمها بغية ترجمة ما تنتجه من معارف والاستفادة منها، وهذا ما نلمسه اليوم عبر العالم من إقبال جارف على تعلم اللغة الانجليزية التي تقدم المجتمعات التي تتحدث بها للعالم يوميا ابتكارات علمية جديدة..

وفي ليبيا التي يتحدث سكانها اللغة العربية ويعتمدونها كلغة رسمية في ميدان التعليم والادارة، وتتحدث نسبة بسيطة من شعبها لا تتجاوز الـ 5 % من السكان لغة أمازيغية الى جانب اللغة العربية. تدفع هذه الأيام ثلة من سكانها الأمازيغ المشبعين بأفكار وآراء شوفينية ضيقة، بمشروع لغوي يتنافى والمنطق العلمي السليم، يدعو الى دسترة اللغة الأمازيغية، أي فرضها دستوريا كلغة رسمية الى جانب اللغة العربية في كل التعاملات الادارية والتعليمية في البلاد، وكأن هذه اللغة -التي نحترمها ونجلها كلغة لجزء من مجتمعنا- تحولت بين ليلة وضحاها إلى لغة معرفة وعلم تفرض علينا متطلبات التقدم والتطور واللحاق بالحضارة الانسانية تعلمها وإتقانها، وأنه بدونها سنظل نتخبط في ظلام الجهل والتخلف..

قد يتساءل القارئ هنا : وماذا يقدم المتحدثون بالعربية للعالم اليوم من معارف وعلوم حتى نفرض العربية لغة رسمية دستوريا للبلاد؟
نعم وللوهلة الأولى يبدو التساؤل منطقيا؛ ولكن بنظرة واسعة لهذا الواقع وخلفياته التاريخية، ندرك أن العربية اليوم لم تفرض عبر الرقعة التي تعتبر فيها كلغة رسمية هكذا بقرار وبين ليلة وضحاها، بل أخذت قرونا من التفاعل والفعل في هذه المجتمعات، وأعطت في زمن عطائها للحضارة الانسانية معارف وعلوم فأقبلت الشعوب التي دخلت تحت ظلها عبر العالم ومنها الأمازيغ على تعلمها واتقانها، بل هذه الشعوب هي التي طورتها وأغنتها وانتجت بها معارف وحضارة لا ينكرها إلا جاحد. كما لا يجب أن نغفل عن الجانب الروحي ممثلا في الاسلام والذي شكل مدخلا قويا ومقنعا لدى هذه الشعوب للإقبال على العربية وتعلمها والمحافظة عليها.

ومع ذلك أقول واستنادا الى دراسات علمية منشورة عبر العالم إن العربية اليوم هي الأخرى تواجه الاندثار والخروج النهائي من ساحة الفعل الحضاري للإنسانية، وذلك لسببين رئيسيين في تقديري المتواضع:
السبب الأول يتعلق بتوقفنا كمتحدثين بالعربية منذ ما لايقل عن عشرة قرون عن إنتاج اي معرفة أو علم يغري بالإقبال على تعلم العربية والحرص عليها، ليس بين الأجانب فقط، بل حتى بيننا نحن
أهلها، وهذا وبكل واقعية وبدون مجاملة ما نلمسه في حياتنا، حيث نتلقى دروس اللغة العربية فقط لغرض النجاح وليس التعلم، باستثناء من يختارها كتخصص في حياته العملية..
السبب الثاني يتعلق بتجميدنا لهذه اللغة في قوالب وضعها مجتهدون ومثابرون عشقوا هذه اللغة وتبحروا فيها منذ اكثر من عشرة قرون، دون أن نضيف لها أو نطورها، حتى وصلت الى ما هي عليه اليوم من جمود واغتراب عن حياتنا اليومية، وأصبحنا نتحدث في حياتنا لغتين عربيتين، لغة ابوالأسود الدؤلي الرسمية، ولغة آبائنا وأمهاتنا المباشرين اي التي نتحدثها في بيوتنا، وهذه الإزدواجية اللغوية شكلت وتشكل عامل إجهاد لنا في تفكيرنا، بحيث يفكر العربي بلغته البسيطة التي يتحدثها في بيته، ويكتب بأخرى هي الفصحى التي وضعت قواعدها منذ قرون ما يقتضي منه جهدا إضافيا ..


ولكن، أمام هكذا حقائق و وقائع، كيف يمكننا ان نفهم الدعوة لدسترة اللغة الأمازيغية وفرضها في المعاملات الرسمية وفي مراحل التعليم المختلفة، وهي لغة لم تعط في الماضي ولا تعط حاليا أي معرفة أو علم يمكن ان يفيدنا في الانتقال نحو الأفضل ويشجعنا على الاقبال عليها؟
ما هو المبرر المنطقي الذي يمكن ان يدعونا لإثقال كواهل أبنائنا بمادة لغوية لا تفيدهم في تحصيل اي علم؟
ماذا يمكن أن يحقق الليبي من تعلمه لهذه اللغة، باستثناء من يريد التخصص فيها والتنقيب عن آثارها وتراثها؟

نعم نؤكد على الهوية الأمازيغية كجزء من المكون العام لهوية ليبيا الثقافية التي طالما حاول النظام السابق طمسها.. ونعم للاهتمام بهذه اللغة وإفساح المجال أمام الراغبين في تعلمها والبحث في تراثها .. نعم لإعطاء الثقافة والتاريخ الأمازيغيين المزيد من الاهتمام وإدراجهما ضمن مناهج التعليم، وتصحيح كل الأخطاء التي شابت مناهج التعليم فيما يتعلق بالأمازيغ وثقافتهم ودورهم في بناء وإثراء الثقافة والحضارة العربية..

ولكن حقيقة ومع التأكيد على إحترامي وتقديري لإخوتنا الأمازيغ ولغتهم، والذين عشنا معهم ولا زلنا نعيش معهم وسنبقى نعيش معهم، لا يمكننا أن نفهم الدعوة لدسترة اللغة الأمازيغية إلا على أنها دعوة لدسترة التخلف، وفرض النكوص الى الماضي على هذا الجزء من مجتمعنا الذي يعز علينا أن نراه متقوقعا على ماضيه رافضا لواقعه الذي يتطلب منه الانفتاح على العالم وتجنيد كل طاقاته نحو الافضل مع الاحتفاظ بالخصوصية الثقافية وإغنائها كجزء أساسي من تراث ليبيا، والإقبال على العلم والمعارف في لغاتها الحية الفاعلة، بدل تبديد الوقت والجهد والطاقات والموارد في البحث عن بقايا ماض لا يقدم بل يؤخر ويعرقل مسيرتنا نحو التقدم والرقي..



#محمد_عبعوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ذكرى انتفاضة 17 فبراير دعوة لأخذ العبر
- عيد الحب على الطريقة الليبية
- عطالة العقول تسيل الدماء في تونس
- انتكاسة لحقوق المرأة في ليبيا
- لا للعدالة.. لا للدولة!!
- استلاب لغوي يغزو دوائر الحكومة الليبية
- هل يقع شيوخ الزيت في مصيدة الجرذان؟!!
- ليبيا من طاغية إلى طغاة.
- عندما يتحول القهر إلى مأثرة!!
- الربيع العربي يلد صنما
- مسكين أيها الخروف!!!
- حان موعد الثورة الثانية.. ايها الليبيون هبوا..
- شرعنة انتقائية لتشكيلات خارج الشرعية
- نص.. قراءة في لوحة -بوهيمية- للرسام ويليام بوغيرو
- أين سلطة الدولة مما يجري في ليبيا؟
- اللحظات الأخير لرحيل طاغية..
- تسويغ الفساد ثقافة شعبية
- فزاعة فضائية بمواصفات قذافية..
- ذكرى الاولى لتحرير طرابلس.. فرح يخالطه الحزن
- حتى لا تدنس الثورة السورية..


المزيد.....




- طبيب فلسطيني: وفاة -الطفلة المعجزة- بعد 4 أيام من ولادتها وأ ...
- تعرض لحادث سير.. نقل الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى ال ...
- رئيسي: علاقاتنا مع إفريقيا هدفها التنمية
- زيلينسكي يقيل قائد قوات الدعم الأوكرانية
- جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة الجعف ...
- طفل شبرا الخيمة.. جريمة قتل وانتزاع أحشاء طفل تهز مصر، هل كا ...
- وفد مصري في إسرائيل لمناقشة -طرح جديد- للهدنة في غزة
- هل ينجح الوفد المصري بالتوصل إلى هدنة لوقف النار في غزة؟
- في مؤشر على اجتياح رفح.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - محمد عبعوب - دسترة التخلف!!