أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - رؤية موضوعية للإسلام والمسلمين وعلاقتهم بالتخلف-لماذا نحن متخلفون .















المزيد.....


رؤية موضوعية للإسلام والمسلمين وعلاقتهم بالتخلف-لماذا نحن متخلفون .


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 3967 - 2013 / 1 / 9 - 14:15
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


رؤية موضوعية للإسلام والمسلمين وعلاقتهم بالتخلف - لماذا نحن متخلفون (11)

هناك رؤية مغلوطة ومغالطة لدى الغرب وشرائح من المثقفين العرب فى تحليل الإسلام وواقع المسلمين بكافة أطيافهم وصولاً للفرق الأصولية والجهادية لنجد الكثير من الكتابات تمزج بين المسلمين والتخلف والرجعية وترتفع أسقف النقد فتنال الإسلام بشراسة بإعتباره دين داعى وراعى للعنف والقتل والكراهية إضافة لإستبداده وسحقه للمرأة والآخر ليؤصل هذا فى المسلمين فينالوا حظهم كمتخلفين وهمج كونهم يتبعون الإسلام , وليحظى الأصوليون بالنصيب الأوفر من اللعن كونهم يمثلون الهمجية والتتار الجدد .

هذه الرؤية تنظر للإسلام وحال المسلمين بنظرة سطحية فوقية ترصد مشهد فتعممه ولا تحلله لذا هى رؤية لا تخلو من القسوة والإختزال والمؤسف أن تجد أقلام فى بلادنا والغرب تسوق لهذه النظرة الشمولية لترمى وراء ظهرها سواء جهلاً أو عمداً منهجية تحليل الظرف الموضوعى لنحصد فى النهاية حالة من النفور والإستقطاب والتناحر سببها الرئيسى هو غياب بوصلة الفهم الموضوعى وإستدعاء تحليلات طفولية ساذجة تعزى التخلف للإسلام لتمرر أن التقدم والحضارة مخاصم لها وملاصق لأيدلوجيات أخرى كالمسيحية مثلا .

من يلعنون الإسلام والمسلمون والأصوليون لا يمتلكون بالفعل إلا السطحية التى تصل فى بعض الأحيان للقسوة والتجنى فنقدهم للإسلام هو بعدسة واقع ذو مفردات حضارية لتكون النتيجة فى غير صالح الإسلام أو أى منظومة دينية أو فكرية أخرى يتم التعاطى معها بنظارة قيم ومعايير الواقع , فهذا يعنى إغفال أن الدين تاريخ وهوية جماعة بشرية عاشت فى ظرف زمانى مكانى محدد حاملة على أكتافها منهجية وسلوكية إنسان ذلك الزمان بمحدودية معارفه وثقافته ووعيه .
من الغباء أن ننقد التاريخ فهو تاريخ وماضى فى النهاية غير قابل للنقد أو التقييم بمسطرة نقدية معاصرة بل لو أردنا تقييمه فليكن بنماذج معاصرة فى زمانه ولكن ماذا يعنى التقييم هنا فأصحابه غير متواجدون .!
فى الحقيقة يشفع لناقدي الإسلام أن المسلمين يجبرونهم على الخوض فى التراث لإصرارهم على تثبيت المشهد التاريخى الإسلامى وإسقاط كافة حمولته القديمة بنفس حزمة المواقف والسلوكيات والحلول والنهج على واقع معاش فلا يعتنون بأنه تاريخ يحمل ظرفه الموضوعي الخاص به ليصل بهم الحال إلى إستدعاءه بل الإلحاح على حضوره وتفعيله , ومن هنا يُقحم الدين فى معركة لا يستطيع الصمود فيها بحكم عجز أدواته القديمة لينال حظه من التصادم مع الواقع فإما يعرقله أو يجمده أو يواريه.

نعت المسلمين بالتخلف والهمجية كونهم يتبعون الإسلام فيه شئ من التجنى الشديد لفهم سببية التخلف وفقدان بوصلة التحليل الموضوعى فالذى ينعت المسلمين بالتخلف هو يرصد حالة كما هى أو يصورها بكاميرا ليرى فى الصورة مسلم وفى الخلفية إسلام فلا يمعن فى أبعاد الصورة الداخلية , ومن هنا يلزم رؤية موضوعية تحليلية عن علاقة الإسلام والمسلمين بالتخلف وهل سلوك ووضعية المسلم هى نتاج طبيعى للإسلام لا يستطيع الفكاك منها أم وضعية إجتماعية متدهورة تجتر من الإسلام .

لا يوجد فى الوجود شئ إسمه فكرة تخلق سلوك إنسانى بل الفكرة تتخلق لتأتى فى خدمة حاجات ورغبات تسبق الفكرة وتطلبها ,بمعنى أن الأصل لدى الإنسان الحاجة وإلإشباع ليكون موقفه من الأشياء هو إسقاط الإنطباعات والإحساس وفق ما تقدمه من حاجة ومن هنا تتشكل الرؤية المفترضة التى تلبى رغباته وتعبر عما فى داخله من إحتياجات ورغبات نفسية تتبلور فى فكرة تلبي حاجاته لتتراكم الأفكار فى منظومات مركبة ومعقدة خالقة الأسطورة والدين والمعتقد كتعبيرات عن إحتياجات خاصة عميقة ,ومن هنا نستطيع ان ندرك لماذا ينجذب الإنسان للدين والعملية الإيمانية فهى تقدم له حلول لإحتياجاته العميقة إختزلها وصاغها الجد الأول فى قصة وأسطورة وآية .

الإنسان هو خالق القيمة والمعنى فلا يوجد معنى للإشياء خارج الإنسان أى أن الأشياء مهما بدت لنا ذات وجود مستقل فهى لا تحمل فى ذاتها معنى وقيمة بل الإنسان منح القيمة للأشياء نتيجة انها تفى حاجة إرتبطت بها فولدت إنطباع , فلا مقدس إلا إذا أردناه مقدساً , فالكتب المقدسة موجودات من ورق والمعابد بنايات من حجارة لا يختلفا عن أى كتب وبنايات من حيث الشكل ولكنهما إستمدتا قداستهما ومعناهما من كوننا وضعنا لهما معانى حققت حاجات ورغبات نفسية متوهمة .

الإنسان يستقبل صور فكرية عديدة متباينة ومختلفة وليس معنى ذلك أن أى فكرة عابرة سيستلم لها ويتبناها فهذا لن يحدث بل ينتقى الفكرة التى تتلائم مع حاجاته النفسية الظاهر منها والعميق فيتبنى الفكرة التى تحقق له الإشباع الداخلى والتوازن النفسى لذا نجد التباين الواضح بين المسلمين فشرائح عريضة تتبنى المفاهيم المعتدلة المتسامحة وتستدعى النصوص التى تؤصلها وآخرين يستدعون النصوص العنيفة التى تمثل توجههم .. الشريحة الأولى مرت عيونها على كل التراث سواء كان نصا أو مشاهد تاريخية حاوية للعنف والتسلط ولكن إنصرفت عنها لتتبنى ( وجادلهم بالتى هى أحسن ,ولست عليهم بمسيطر .ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر , ولتجدن اكثر مودة للذين آمنوا) وغيرها من المفردات الداعية للحسنى والترفق والمودة , بينما هناك شرائح أخرى يستهويها آيات قتال الكفار والمشركين والحدة والغلاظة فى التعامل معهم سواء قولاً او فعلاً ليتبناها وينصرف عن النهج الذى اتبعه الأول .. يقولون الإسلام حمال أوجه فالشئ وضده يتواجدا فى ثناياه , ولكن لم نجيب لماذا إلتزم مسلم بالجانب المسالم المتسامح وإختار غيره الجانب التصادمى العنيف .!

من الغباء تصور أن النص يشكل تأثير ساحر على الإنسان فالنص حروف على ورق أو مقولات شفويه ذات تردد صوتى لكن الإنسان هو من يمنحها المعنى والقيمة ليصل لحالة تهيئة نفسيه لإستقبال النص , لتستدعى ذاكرتى مشهد تقديمى واجب العزاء وسط جمع من المسلمين البسطاء لأجد الشيخ يتلو آيات من القرآن بصوت غير واضح إستصعبت سماعه بدقة لسوء تلاوة الشيخ وحالة الميكروفون معاً علاوة على إدراكى أن الآيات تحمل صعوبة بلاغية فى الفهم لأجد البسطاء يستجيبون للمطيباتى المرافق للشيخ والتى تنحصر وظيفته فى إستحسان صوت الشيخ والآيات التى تتلى ليقول "الله يفتح عليك ياشيخنا " فتنتقل الإستجابة إلى الحاضرين لنجد من يهز رأسه إعجاباً وورعاً !! .. كما تستدعى الذاكرة صلوات أقباط مصر فى الكنائس وحرص الكنيسة على احتواء القداس على فقرات كاملة باللغة القبطية لتجد من يرددها وهو فى حالة تقوى وإرتياحية بالرغم أنه لا يعى معنى كلمة واحدة منها .!! -ما أريد قوله أن العملية الإيمانية تأتى من رغبة المتلقى فى قبولها بغض النظر عن محتواها وشكل تقديمها فهو يهيؤ نفسه لإستقبالها كحالة يسقط فيها إحساسه لذا لن نجد تلك الأحاسيس التى تنتاب المسلم عندما يسمع آيات من الإنجيل وبالمثل بالنسبة للمسيحى الذى يسمع آيات تتلى من القرآن ..أى أن الإنسان يسقط مشاعره على الفكرة نتيجة إشارة داخلية أن هذا حسن سيجلب الأمان والسلام .
يعنى هذا أن الفكرة المتمثلة فى كلمات ليست بذات سحر كما يعتقد المسلمون والمسيحيون بأن سماع تلاوة القرآن أو الإنجيل ستُجلب راحة فى النفوس بل لأنه إستدعى حينها أحاسيس لترافق السماع .. نرجع لسؤالنا وتعجبنا عن وجود من ينتقى آيات من القرآن لتكون نهج حياته بينما ينتقى مسلم متطرف آيات أخرى وكيف إستطاع كل واحد منهما أن يلغى آيات ويتجاوزها .

ليس المسلم وحده هو من ينتقى آيات ويعتبرها نهجه لينصرف عن أخرى , فاليهود يحملون تراث ملئ بالعنصرية القميئة والمذابح والوحشية الفجة ورغماً عن ذلك ستجد شرائح عريضة من اليهود ليس لديهم الرغبة فى الإقتداء بالشريعة ونهج تراثهم العنصرى بينما تجد شرائح أخرى تتشبع بهذا النهج وتُعِليه , والمسيحيون بالمثل ستجدهم يعبرون كل التراث العبرانى البشع وكأنهم يقرأون قصص ألف ليلة وليلة .. هنا الإنسان يختار النص والنهج الذى يروق له فمن اتيح له مفردات تبحث عن المودة والمحبة والسلام اعتمدها كدين وكذلك الذى يحمل فى أحشاءه حالة من الغضب والعنف سينتقى النصوص التى تحقق إشباعه لتنفيس رغباته العنيفة بإرتياحية وراحة ضمير .

الأوربيون عندما إنصرفوا عن المسيحية والكنيسة لم يأتى هذا الأمر فجأة ليحل عليهم عقل ناقد كانوا يفتقدونه ولكن لميلاد ثقافة جديدة تواكبت مع ظرف موضوعى مغاير ليجد الأوربيين أن منظومة الدين والسلطة الكنسية تتعارض معها ليتولد بعدها نقد للفكر اللاهوتى , وهذا يعنى ان احتياجات البشر ورغباتهم هى التى تنتقى الرؤى الدينية او تنصرف عنها فلا سحر للنص بل البشر هم من يمنحوه السحر عندما يلبى احتياجاتهم وينزعون عنه هذا السحر عندما تكون هناك إشباعات فى دروب أخرى فيصبح الإنسان متناغم مع الثقافة والفكرة طالما تعبر عنه وتحقق رغباته واحتياجاته .

يمكن أن نسوق الكثير من الأمثلة التى تثبت أن الإنسان هو الذى يحدد المنظومة الفكرية التى يتبناها وفقاً لإحتياجاته الخاصة ووعيه بها ليحققها . فنجد مسلمى مصر فى خمسينيات القرن الماضى ليسوا كحال مسلمى اليوم من حيث الدروشة والتدين المتزمت الأجوف لنقول بأن الظرف الموضوعى والأمل فى تحقيق حاجات نفسية محددة وجدت طريقها فى صيغة إجتماعية جديدة حينها تحقق توازانات معينة وعندما انهارت بعد ذلك فى تحقيق أحلامه وآماله بحث عن منظومة أخرى تعبر إحباطاته فكان الدين الملاذ لنلاحظ أن ظاهرة التدين والتشرنق بدأت فى الظهور والإنتعاش لدى المسلمين والأقباط بعد هزيمة يونيو 67.

نتصور أن المتطرفين والإرهابيين هم إناس لديهم إيمان يحدوه الشطط والغلو والنظرة الضيقة ولكن هذه الرؤية خاطئة ومختلة فنحن قيمنا المشهد والصورة كما هى ولم ندقق فى ملامح وأعماق الصورة فلا يوجد هذا الهراء الذى يسمونه هيمنة الفكرة على الإنسان سواء فكرة دينية أو وضعية .. ولا يوجد هذا الهراء الذى يسمونه إنسان متدين بل قل إنسان لديه حاجات وحالة نفسية مأزومة وجدت ضالتها فى شكل دينى أو نظرية فكرية تحققها فتشبث بها .. لذا يكون المتطرف والإرهابى هو إنسان إستعان بالفكرة لأنها جاءت على هواه وتناغمت مع أعماقه النفسية التواقة لممارسة دور القوة والعنف حتى ولو إكتفت بعنف القول والسلوك - النص الدينى يسعف المتطرف ان ينهل منه ليمارس دور القوى وفرض هيمنته على الآخر ,فلا يكون سلوكه المتشنج تجاه محيطيه من المؤمنين لأن ايمانهم ضعيف ومشوه فهذا هراء بل لفرض قوته عليهم , ولا يكون موقفه المتعسف والقاسى تجاه الآخر والمرأة لأن تعاليم الدين تطرح ذلك بقوة فهذا هو الهراء بعينه فلا وجود لقوة نص أو فكرة إلا إذا كان فى الداخل رغبة تريد ان تتحقق وما النص إلا مظلة نفسية لتبرير الحاجة وإصباغ إرتياحية ولذة فى تحقيقها .

كل التطرف والتعصب والعنف الذى نناله من المتطرفين ليس لكونهم ضيقى الأفق ,وليس لتفسيرات مغلوطة للنص بل على العكس نجد النصوص واضحة المعانى والدلالات فى الدعوة للعنف والقتال فهم لم يبتدعوا نصوص ومفاهيم مغايرة ولكن نفس هذه النصوص العنيفة تقع تحت عيون مسلمين آخرين ولكن لا تمارس فعلها فى الإهتمام والتبنى لأن الإنسان ببساطة شديدة يسقط رغباته لينتقى النصوص وفقا لما يحتاجه , فأنا فى غير حاجة أن اثبت قوتى أو أسقط غضبى على الآخرين لذا سأعزل فتيل هذا النص وأنصرف عنه .
اعتبر النظرة التى يسوقها البعض عن ان المسلمين همج كون ان التراث يحمل حمولة من النصوص العنيفة شكلت وجدان المسلم لتجعله عنيفاً رافضاً للآخر هى رؤية خاطئة فلماذا لا نحظى على هذا السلوك من اليهود والمسيحيين الذي يحتوى تراثهم على حمولة هائلة من الذبح والهمجية المفرطة .. بالطبع التراث يؤثر بإستمرارية وجوده وتشكيله للوجدان ورسم ملامح وآفاق سلوكية وفكرية للمجتمع ولكن الامور تتم داخل ظرف موضوعى فى الأساس أى أن الفكرة والنهج تتشكل على أرضية الواقع لتشكل الواقع لتساهم فى خلق حضانة للسلوك .. طالما السلوك هو نتاج ظرف وواقع موضوعى .

يكون التطرف هو تعبير عن رغباتنا المتوحشة والعنيفة والمستبدة ورغبتنا فى الهيمنة والسطوة ممزوجاً بإحباطات هائلة وغضب يريد أن يجد سبيله للخروج أى أن نزعاتنا الداخلية هى التى تسوقنا للبحث عن النص الذى يحقق رغباتنا نحو السيادة والسطوة والإستبداد ليكون قبولنا لها شئ طبيعى فكما ذكرنا أن الأشياء تأخذ معناها من الإنسان وليس من ذاتها فالكلمات والحروف ليس لها اى معنى بدون العقل الواعى الذى يقرأها ويسقط عليها إنطباعاته واحتياجاته النفسية .

إيجاد مرمى لإطلاق النار .
يسألون لماذا نجد المسلمين هم المتفردون بين شعوب العالم التى تجد شرائح منهم فى حالة عداء وكراهيةللآخر كونه كافراً أو من أصحاب الأديان الأخرى لتستوى المسيحية واليهودية مع الهندوسية بل تحتدم نيران الكراهية والنبذ لنجده ماثلاً بين المذاهب الإسلامية ذاتها أو ضد أى رؤية متجددة للإسلام فنرى عداء وكراهية سنية شيعية غريبة ومتأججة , وموقف حاد مناهض لعلماء مسلمين أرادوا ان يخلقوا صيغة مصالحة مع العالم .. ومما يثير علامات الإستفهام أن وجود هذه المواقف العدائية لم تتكون نتيجة إتصال او إحتكاك مع الآخر فترى شماتة وفرح فى سماع أخبار عن مصائب الآخرين كونهم غير مسلمين .!
أرى الأمور تتحرك فى إطار البحث عن مرمى لإطلاق النار بمعنى أن المسلم يعانى فى بلاده من حالة تهمييش وإجحاف تجعله يحمل فى داخله درجة عالية من الإحباط والغضب والعنف تبحث عن التنفيس فيسلك بطريقته البدائية فى التعاطى معها ليفتش عن العنصر القابل لصب جام غضبه ولعناته عليه بدون ان يخسر أو يتصادم مع تراثه ومجتمعه فيلقى بعجزه وكراهيته على الآخر للبحث عن توازنه وتفريغ شحنة الغضب والإحباط الداخلى .. هذا شبيه بالمسلم الذى يضرب زوجته فهو يصب غضبه وتهمييشه فى الحياة على المرأة ككيان ضعيف سيتحمله بدون خسائر فهو هنا لا يختلف عن الأمريكى الذى يعتدى بالضرب على زوجته ولكن الفارق أن المسلم يضرب زوجته ولديه نص يمنحه المشروعية واللذة والإرتياحية لنقول انه إستثمر النص فى تحقيق عنفه , ولابد أن نفطن أن النص متواجد دوماً ولكن ليس معنى ذلك أن كل مسلم سيكون سبيله فى التعامل مع المرأة هو الضرب فمن تشرب قسطا من التحضر سيرى هذا العمل همجياً ولكن لن يجرؤ ان يُدين النص فسيتغاضى عنه ويعبره وهذا يثبت أن الإنسان ينجذب للنص الذى يحقق رغبات ومكنونات داخليه لديه .

نحن عندما نحاول دراسة سبب تخلفنا لا يجب البحث عن أى شماعة نلقى عليها فشلنا لأن فقد البوصلة تزيد الأمور تعقيدا فالدكتور سيد القمنى فى مقاله المنشور بالحوار 8-1 يرجع سبب تخلف المسلمين لهيمنة الشيوخ على واقع الحياة وهو هنا يرصد الظاهرة من خلال الصورة ولا يفسر لماذا يحظون على الحضور , كما لم يذكر لنا لماذا لم يكن هؤلاء الشيوخ حاضرون بفاعلية منذ خمسين عاما مضت فهل تلبستهم القوة والجاذبية فجأة الآن وإفتقدوها فى الماضى , وكيف يفسر القمنى أن رجال الكهنوت فى أوربا بالعصور الوسطى حظوا على مكانة لا يحلم بها شيوخنا المسلمين .. وماذا عن ظاهرة الشيخ محمد عبده فهل نعتبر ظهور الشيخ ومنهجه المتطور نتاج عبقريته أم أن الظرف الموضوعى الحداثى خلق البيئة الحاضنة لإستقبال الشيخ محمد عبده وإشاعة منهجه .
الحضور الإسلامى الآن ونيل الإسلاميين المتطرفين الحظوة ليس كون نهجهم صالح أو ذو تأثير خاص أو الشعب يبحث عن منابع دينه وكل هذا الهراء الذى يتم ترويجه بل نتاج إفلاس الساحة الثقافية الفكرية عن تقديم بديل حضارى يستوعب إحباطات الشعوب فى بحثها عن منقذ و حالة توازن.
إننا نغفل فى معمعة وأتون التخلف ماهو الدين ولماذا جاء ولماذا حظى على تلك المكانة فى التاريخ الإنسانى فهو يقدم حلول نفسية تعين البسطاء والمهمشين على الحياة وسط صراعات لا يتحملوها ولا يدركون سبل الخروج منها , ولكن متى إمتلكوا الوسائل لإيفاء حاجاتهم بصورة بديلة مقنعة فسيلقون بالدين ورجاله خارجا كحال أوربا , لذا فحال المسلمين هو الترنح والبحث عن طوق نجاة أو بالأحرى مازالوا يهرولون نحو الأفيون لعدم وجود بدائل أخرى.

هناك إشكالية وحلقة جهنمية يواجهها المسلم كالمستجيـــر من الرمضـاء بالنـار لتتشكل دائرة مغلقة وإنسداد فى الشرايين فإحباطاته نتيجة جهله وعدم وجود بديل إبداعى وثقافى يُعبر بها عن ذاته يجعله يرتمى اكثر فى ثقافته ومفرداتها ليجتر منها ومن هنا يعيد انتاج المشكلة فهو أسير المتاح لديه من مفردات منغلقة فلا توجد لديه حلول اخرى يمكن اللجوء إليها لذا نجد من تشربوا قسطاً من مفردات حضارة وثقافة مغايرة يتجهون إليها عند وقوعهم فى إشكالية فتكون لديهم الفكرة التى تعبر عن رغبتهم فى التوازن وسط صراعات الواقع أما من يفتقدون أى حلول سيسبحون فى نفس البركة لتخرج الحلول منها , لذا يجب اتاحة منافذ مفتوحة للتأثير حتى لا يضطر البسطاء والمهمشين الإجترار من ذات المعين .

إشكالية الإسلام والمسلمين هى بقاء هيمنة الثقافة الإسلامية متفردة متشرنقة فى ذاتها رافضة لأى حضور لثقافة مغايرة بل مستقصية بعنف وتحفز لأى تواجد ثقافى آخر لنقول أن الجُرم الذى قام به رعاة الثقافة الإسلامية أنهم أخصوا الأمة عن إنتاج وإستقبال أى فكر مغاير لتتم عملية حصار وسحق لأى ثقافة وتجربة إنسانية مما عزل الإنسان وشرنقه داخل شرنقة صلبة ولكن لا يمكن إعتبار الإسلام حالة متفردة , فالمؤسسة المسيحية فى اوربا كانت شديدة التعنت والإنغلاق ورغماً عن ذلك تحرر الأوربيون بقوة ظرف موضوعى مغاير رافقه بشكل جدلى ميلاد ثقافة مغايرة .

ببساطة شديدة لا يمكن اعتبار الإسلام هو التخلف بل تمظر لتخلفنا ولا نعتبر المسلمين همج ومتخلفين كونهم مسلمين بل لأنهم ضحايا وأصحاب حظوظ بائسة من الجغرافيا فلم يحظوا على حلول متعددة للخروج من إشكالياتهم النفسية والحياتية سوى التمرغ فى التراث الدينى فهم لا يمتلكون بديل حضارى يستطيعون الإتكاء عليه والتعاطى معهم ومن هنا تكون مسئولية النخب المثقفة طرح وتأصيل مفاهيم العصر وسيساعدها فى ذلك منظومة الحداثة الطاغية الداعية لحرية الإنسان ولكن سيعرقلها من الجهة الأخرى تخلف وسائل الإنتاج التى تحتاج المزيد من التطوير فهى الكفيلة وحدها بخلق ثقافة طاغية تجرف المفردات الثقافية القديمة بدون معاناة وجهد مفرط ولكن متى تواجدت.

لا يوجد شئ مقدس يشكل وعى وفهم واحساس الإنسان بل وعى الإنسان يخلق المقدس فيحترم الفكرة الحاضنة حتى ولو كانت وضعية طالما تفى حاجاته النفسية ليمنحها القداسة والتبجيل ليمنح فى الطريق كل مفرداتها من مؤسسات و شيوخ وكهنوت وأحزاب مكانة وتقدير ومن هنا لا نعتبر الإسلام شئ بذاته قادر على الهيمنة والتأثير والتوجيه بل هو رغبة المسلم للإنسياق لهذا الحل طالما يفى بإحتياجاته النفسية فى ظل غياب بديل فكرى يمنحه حلول حقيقية لمعاناته .
لا يوجد شئ قدرى ليبقى حال المسلمين بما عليه من تخلف كأن هذا هو مصيرهم النهائى .. إمنحوا المسلمون بديل ثقافى قوى وحقيقى يتغلغل ليصل لجيناتهم .. قدموا حلول لمشاكل نفسية وحياتية تمنحهم توازن نفسى وحينها لن يكون هناك تخلف .

دمتم بخير .
- "من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " - حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كافر من يرفض الشريعة-تديين السياسة أم تسييس الدين .
- الظن والوهم الذى أصبح وجوداً-خربشة عقل على جدران الخرافة وال ...
- أسباب التنزيل-إرادات إلهية أم مواءمات بشرية-الأديان بشرية ال ...
- إنهم يحرثون الأرض للتخلف- لماذا نحن متخلفون .
- الزيف واللامصداقية كنتاج ثقافة الخوف- لماذا نحن متخلفون.
- وسقطت ورقة التوت أمام قصر الإتحادية- الإسلاميون والديمقراطية ...
- حتمية إنحسار الإسلام السياسى الإجتماعى الثقافى-رؤية إستشرافي ...
- فى رحاب الشريعة - لماذا نحن متخلفون
- إنهم يزرعون الكراهية والتوجس والعداء -الدين عندما ينتهك إنسا ...
- هى حظوظ من الجغرافيا والتاريخ-لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون .
- قضية للمناقشة .!!
- لماذا نحن هكذا ؟!-الدين عندما ينتهك إنسانيتنا .
- مقولات كبيرة ولكن تنسف نفسها -خربشة عقل على جدران الخرافة وا ...
- الله والذبائح والأضاحى-الأديان بشرية الهوى والهوية.
- أسئلة على المحك -لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون .
- لماذا إله واحد ؟!- نحن نخلق آلهتنا.
- دعوة للخربشة - خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم.
- حضارة عفنه .!!
- سادية إله أم بشر ساديون- نحن نخلق آلهتنا.
- حول الفيلم المُسئ .


المزيد.....




- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - رؤية موضوعية للإسلام والمسلمين وعلاقتهم بالتخلف-لماذا نحن متخلفون .