أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - دعْ الإنسانَ حراً














المزيد.....

دعْ الإنسانَ حراً


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3940 - 2012 / 12 / 13 - 08:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



يتصور بعض المتشددين دينياً أن التحديثيين يؤيدون نشر الموبقات والإدمان والدعارة وغيرها من الكبائر، ولهذا يستميتون قتالاً ضدهم.
إنهم لا يتصورون أبداً أن هذه الأعمال كريهة وتُقاوم من قبل هؤلاء المؤيديون للحداثة.
يتصورون التحديث بأنه فتح البوابات لهذا السيل العرم من الشر وانه القبول بهتك الأعراض ونشر المحرمات!
إن التحديثيين الحقيقيين المناضلين لشعوب عربية وإسلامية حرة متقدمة هم بخلاف ذلك تماماً.
ولهذا تغدو للمحافظين الشعائرَ فيصلاً بين الحق والباطل.
ولهذا تغدو أسهل الحلول لهم هي المنع والبتر والقضاء الشكلي على الموبقات والآثام!
الكائن الإنساني لديهم عجينة صناعية يتم هرسها منذ الطفولة بالعصا والأوامر فإن لم تفلح فبالزنزانات فإن لم ترض الشعوب فبالأحكام العرفية والدساتير المفصلة حسب العصا، وإن لم ترض فبعزلها عن العالم ووضعها في قمقم، ولهذا يقولون أحسن الدواء هو الكي.
العصف بالموبقات هنا مثل عصف عصابات بول بوت بالعناصر الرأسمالية الشريرة، وكانت قد تبعت في ذلك جبابرةً أنزلوا الجيوشَ لسحق العناصر الرأسمالية الاستغلالية ومحوها من الجنان حتى لو تضاءل البشر من على وجه البسيطة!
وكان في التراث العربي الإسلامي كثيرون من امتشقوا السلاحَ لبتر الخطايا وسحق أصحاب الرذيلة، وكان الخوارجُ والعتاة يرهفون الأسماع لكي يئدوا أي نغمةٍ طربية تخرجُ من وراء جدران بيت، ويقطعوا حناجر من يحتفل ويمرح!
ولكنهم أين ذهبوا؟
التحديثيون الإسلاميون العرب الأوائل كانوا يصنعون المعرفةَ ويعادون الشر والفساد والموبقات، فلا تناقض بين الاثنين بل هما متكاملان لا ينفصمان.
فالرذائلُ تأتي من الفقر والجهل، وحين يفصل الديني المحافظ النصوصي بين تنامي الخير والفضيلة وبين عدم انتشار الغنى والثقافة بين الفقراء والعاملين، يعلق دعوته في فراغٍ لا تتمسكُ بشيءٍ ولا تقفُ على قاعدة صلبة.
وكأن الخيرَ حسب خطاباته الدائمة في الفراغ الاجتماعي تأتي من الكلام، وكلما أكثر من الكلام أمطرتْ السماءُ فضيلةً!
وكأنه لا صلةَ بين الأجور المنخفضة والمساكن الرثة والأولاد الهائمين على وجهوهم بين الخرائب والإبر، وبين الفضائل المبتغاة الممتنعة عليهم.
وكأنه لا صلةَ بين يُولدون وفي أفواههم ملاعق من ذهبٍ وهذا الموتُ السريري البيروقراطي وهذا الرفاه الباذخ المُفسد للعقول ولزوال الإراداتِ والمواهب والبحث عن المتع الشريرة!
وكأن الخيرَ يمكن غرسه عبر شاشات التلفاز ومكبرات الخطب، وإنه يمكن إجبار هذا الكائن البشري الحر على أن يتبع روشتةً صادرةً من صيدلية واحدة متنفذة، وأن يَدهس نوازعه الشريرة ويقتل مشاعره وأهواءه المختلفة بالأوامر الصادرة من مركز كلي متحكم.
وهذا محال، فالحريةُ الفردية هي هواء البشر حتى لو أطبقتْ القيودُ على أجسادهم وأرواحهم، ولكن الحرية تتحول خراباً مع غياب الثقافة وعدم تغيير حال المجتمع الفقير المعدم الذي يتفجر بظرفه وينحرف نحو الكثير من المشكلات، كما أن الحرية موجودة بقوة في المجتمع الغني المادي لكن الذي يتلاعب بالأموال ولا يمتلك خططاً اجتماعية لتطوير غناه الروحي.
التحديثيون من يصارع الجانبين وتوجيه الأحول نحو الرفاه المادي والروحي، وهذه لا تأتي بدون معرفة جذور المشكلات و(الخطايا)وأسباب الانحرافات، والطبيب النفسي يصغي للمريض للوصول إلى جذور مرضه، فلماذا لا يعرف المربي الروحي المشكلات الغائرة وراء الأدمان والشرور؟ بل أن يصير جزءًا من كتائب المناضلين لتغيير الأكواخ والمستشفيات البيروقراطية الخاسرة غير المعالجة أو المستشفيات الباذحة المعالجة الاستغلالية، والمدارس التي لا تدرس وتربي والمصانع التي تسرح العمال؟
إن التيارات السياسية والفكرية يمكن أن تلعب أدواراً مساندةً لبعضها البعض في التحويل الاجتماعي، فالمدنُ تُختطفُ شيئاً فشيئاً، فنحن جزءٌ تابع في العالم، ولسنا في كوكبٍ خاص مستقل، ومن دون تعاون التيارات الدينية العقلانية والتحديثية وعملها معاً ضد ظاهرات الاستبداد والفساد والشر تتجه الظروف والأحداث للمزيد من الكوارث والموبقات!
إن مقاومةَ المحافظين للتحديث والديمقراطية والحرية هو بخلافِ أهدافهم زيادةٌ للشرورِ وتكسيرٌ لإراداتِ العقول للوقوف ضد طوفان الغرب بجانبهِ السلبي ولعدم الاستفادة من جانبه الايجابي، وترك الشباب بلا سلاح يواجهون به الاغترابَ والادمان والتسطيح والتخريب والعهر وتضييعَ ثروات الأسرِ والأمةِ في ملذاتٍ فارغة وأهواء عابرة وأمراض متجذرة!
دعْ الإنسانَ حراً ومسئولاً عن حريته ودعْ الحياة حرة وقاوم الشرور.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المنضمون إلى التقليديين
- الطائفيون والهياكلُ السياسية
- مرحلةٌ جديدةُ للريفيين
- الأساسُ الفكري للانشقاق
- الوحدة الأوروبية نموذجا للخليج
- لعبةُ الكراسي الاجتماعية
- الطليعيون والتحول إلى الطائفية
- ثقافة النهضة والتوحيد
- الأمم الكبرى الشرقية والديمقراطية
- ما هوية الأمة؟
- روسيا الاتحادية وتحولاتها السياسية (2-2)
- روسيا الاتحادية وتحولاتُها السياسية (1-2)
- تذبذبُ الإخوان
- مراعاةُ قوانين التطور التاريخية
- وجها النظام التقليدي
- قلقُ الأردن الجغرافي السياسي (2-2)
- قلقُ الأردن الجغرافي السياسي
- الأصلُ المأزومُ والنسخُ الفاشلة
- تطور التحديث في السعودية (3-3)
- تطورُ التحديثِ في السعودية (2)


المزيد.....




- نقل الغنائم العسكرية الغربية إلى موسكو لإظهارها أثناء المعرض ...
- أمنستي: إسرائيل تنتهك القانون الدولي
- الضفة الغربية.. مزيد من القتل والاقتحام
- غالانت يتحدث عن نجاحات -مثيرة- للجيش الإسرائيلي في مواجهة حز ...
- -حزب الله- يعلن تنفيذ 5 عمليات نوعية ضد الجيش الإسرائيلي
- قطاع غزة.. مئات الجثث تحت الأنقاض
- ألاسكا.. طيار يبلغ عن حريق على متن طائرة كانت تحمل وقودا قب ...
- حزب الله: قصفنا مواقع بالمنطقة الحدودية
- إعلام كرواتي: يجب على أوكرانيا أن تستعد للأسوأ
- سوريا.. مرسوم بإحداث وزارة إعلام جديدة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - دعْ الإنسانَ حراً